
درب الشقاء ليس حتميًا
حين نجد أقدارنا تسوقنا الى التعاسة!
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب 10 قواعد لحياة روحية عظيمة
قد يبدو أنّ الناس في العالم منقسمون الى ثلاث فئات. الفئة الأولى هم السعداء، والفئة الثانية هم التعساء الذين يعيشون حياة الشقاء المستمر، أما الفئة الثالثة فهي التي تتردد بين السعادة والشقاء. ويبدو أيضًا أن الفئة الثالثة هي الأوسع انتشارًا. فنادرًا ما نجد من يعتبر أن حياته كلها عبارة عن سعادة مستمرة. لكن الذين يذوقون مرارة الشقاء دومًا ليسوا قلة.
السعادة الشاملة التي لا تُبقي أي محل للتعاسة ليست بالأمر السهل في عالم الدنيا. نحتاج إلى دراسة عميقة لهذه القضية. سكان أيسلندا الذين اعتُبروا لعقود أسعد سكان الأرض وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها وقد فقدوا كل شيء تقريبًا. انهار اقتصادهم بفعل جشع وسياسات حكّامهم الغبية.
نحتاج أيضًا إلى فهم أعمق للسعادة. لكن ما يعنينا هنا هو الفئة الثانية التي نرى أفرادها وكأنهم لم ولن يروا وجه السعادة أبدًا. هل يمكن أن يُحكم على بعض الناس بالشقاء الدائم في هذه الدنيا مهما فعلوا؟ أو أنّ درب الشقاء طريق نختاره بملء إرادتنا؟
أخطر ما في أدبيات فلسفة العبثية اليوم هو تصوير الحياة على أنّها مجرد شقاء قد تتخلله لحظات من الفرح العابر، والذي قد لا يكون إلا في الغيبة والذهول عن الحياة (وهو ما تقترحه فلسفة الخمرة والمخدرات هنا). فبحسب هذه الفلسفة، ما دام الإنسان صاحيًا لن يكون إلا شقيًا؛ الأمر الذي يحصل للمحرومين والأثرياء في هذا العالم على السواء. أما بالنسبة للمحرومين فشقاؤهم ينبع من عدم حصولهم على المشتهيات التي يرونها رمزًا للسعادة؛ وأما بالنسبة للأثرياء، فيكمن شقاؤهم في فقدانهم للشهية جراء الحصول على كل شيء. يُقال هنا إنّ السعي للوصول إلى الأشياء التي نحب هو الذي يمنحنا الشعور بالسعادة. السعادة بالنسبة لهؤلاء عبارة عن ذلك الأمل بالحصول على ما تشتهيه الأنفس.
هل يوجد في هذا العالم أشخاص لا يتذكرون يومًا واحدًا من الفرح والسعادة في حياتهم؟ وهل يمكن أن نتوقع لهؤلاء شقاءً لا ينتهي إلا بموتهم؟
يبدو أنّ الواقع كذلك، وأمثال هؤلاء ليسوا قلّة. هناك ملايين البشر الذين يكدحون ليل نهار عسى أن يدركوا مأمولهم، ولكن دون جدوى. ووسط ذلك يخسرون ما يمكن أن يعينهم على الكدح أيضًا؛ شقاء وفقر وحرمان ومرض وخسارات ومشاكل مستمرة وأزمات وصراعات عائلية مزمنة.
نعم، يوجد أمثال هؤلاء في هذا العالم. وبعضهم لن يجد مخرجًا مما هو فيه حتى يغمض عينيه عن هذه الدنيا! لكن ذلك كله يرجع إلى الاختيار الحر للإنسان نفسه. وأخطر ما يمكن أن يصيب هذا الإنسان ـ وهو أمر عجيب جدًا ـ هو أن يصل إلى مرحلة يكون فيها كأنه لن يستلذ إلا بعذابه وشقائه. وهذا لا يكون إلا بعد أن يظن بأن طريق الشقاء أمرٌ حتمي لا بد من سلوكه. وكل ذلك يبدأ حين لا يعرف الإنسان ما هو طريق السعادة.
بعض الشقاء لا يكون في الحرمان، بل في الكدح والعناء المتواصل الذي لا يترك مجالًا للتمتع بما يبقى لنا من رمق. كالذي يصل به الجهد إلى حيث لا يقدر على النوم من شدة الألم، لا لعدم وجود وقت كاف للنوم.
الذي يدرس الطب بحيث لا يتمكن من الحصول على أكثر من ساعتين أو ثلاثة للنوم، أو أي طالب آخر وهو يعاني ويضطر لتناول المنشطات ويكابد لكي ينجح في الامتحانات.. قد يبدو هؤلاء مجدون يسهرون الليالي لطلب المعالي. لكن الانهيار العصبي الذي قد يعقب ذلك لا يدل على أنهم سلكوا الطريق الصحيح. طلب العلم الذي يُفترض أن نسهر من أجله الليالي هو ما يرتبط بالعلم الممتع الذي استخف عنده بعض العظماء بلذات الملوك والأمراء.
أي طريق نسلكه إذا كان صحيحًا وسليمًا فلا بد أن يسمح لنا بالتمتع بالحياة وفرصها المختلفة إلا في حالات استثنائية محدودة من حيث الوقت والمدة. فوجود حياة عائلية صاخبة وعلاقات طيبة ورحلات دينية وأوقات للمطالعة وطلب العلم والتفكر والاستمتاع بالطبيعة وتحولاتها والكثير من نعم الحياة ومزاياها هي أمور لا بد أن تكون في حياة الإنسان. فيمكن أن نجعل من ذلك علامة على سلوكنا الطريق الصحيح. وفي المقابل، عدم وجود مثل هذه الأمور في حياتنا يدل على أننا نسلك درب الشقاء.
إنّ الجهد والعناء الفائقين والمعاناة من الحرمان أمور ينبغي أن تكون استثنائية في حياة الإنسان، وذلك بحسب ما نعرفه من نظام التدبير الإلهي. فكل أشكال المعاناة في الدنيا تكون مؤقتة ومحدودة. وما يجعلها دائمة ومستمرة ومزمنة ومهيمنة على حياتنا هو كيفية تعاملنا معها. والأخطر هنا هو ما يرتبط بكيفية تعاملنا مع قضية السعادة نفسها، أو ما يمكن أن نعبر عنه بالتمتع بفرص الحياة اللامحدودة.
المستضعفون الذين اضطروا إلى الشقاء في الدنيا، يسألهم الله تعالى يوم الحساب عن سبب عدم هجرتهم وتركهم للمكان الذي زاد من معاناتهم: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فيها}؟ هذا الكلام كفيل بأن يفهمنا بأننا غير مضطرين للتواجد في المكان الذي يسلبنا فرص السعادة. أول خطوة نحو السعادة قد تكون بالهجرة والانتقال إلى مكانٍ آخر. إنّ خوفنا من هذه الخطوة قد يؤدي إلى السقوط في وادي الشقاء دون رجعة. ولعل أكثر شقاء التعساء في هذا العالم يرجع إلى هذه النقطة بالتحديد. فرغم سعة الأرض، لم يدركوا ذلك لسوء ظنهم بالله. لو آمن جميع التعساء بهذه القاعدة وتحركوا على أساسها ربما لما بقي شقي واحد في هذا العالم.
إنّ إصرارنا على بعض المشتهيات دون غيرها قد يضع أقدامنا على هذا الطريق الموحش. شقاء العشاق الذي يستمر لسنوات ولا يزول إلا بالسكر مرده إلى إصرارهم على محبوب واحد. الوفاء لهذا المحبوب لا يعني أنه لا يوجد مجال لحب آخر. فلسفة العشق الغبية هذه ترتبط إلى حدّ كبير بصغر وعاء قلوبهم.
تأملت في حياة الأشقياء من الفئة الثانية فوجدت أنّ كل شقائهم يرجع إلى اختيارهم. لم أستطع أن أُشفق عليهم كما ينبغي. أردت أن أقول لهم إنّ السعادة المنشودة ليست بعيدة. السعادة بيد الله القريب الواسع المفيض المعطي الذي لا تزيده كثرة العطاء إلا جودًا وكرمًا والذي لا تفني خزائنه المسائل والطلبات.
مرة أخرى نكتشف أنّ الشقاء يرجع إلى الغفلة عن الله. لكنّ الشقاء درجات، وبعض درجاته قد يكون من نصيب المؤمنين أيضًا؛ لأنّ بعض المؤمنين لم يبلغوا مقام الثقة بأنّ الله قادر على جعل حياتهم كلها سعادة ويسر؛ سعادة تتغلب على كل حزن، وتيسير يوفقهم لبلوغ المطالب دون معاناة. إن كان هناك تعب أو كدح فسوف يكون ممتزجًا باللذة والبهجة والانشراح والحبور.
إنّ غفلتنا عن هذه الحقيقة قد تكون سببًا لأن نسلك طريقًا ما كان ينبغي أن نسلكه، حتى لو وصلنا إلى ما نريد.

فعّل طاقاتك الكامنة
ما يسعى اليه هذا الكتاب هو ان يكون دليلاً مرشداً للانطلاق في الآفاق الواسعة لمعرفة النفس وتفعيل قواها فعّل طاقاتك الكامنة الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 368 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

سفر إلى الملكوت
المبادئ الأساسيّة لبناء حياة معنويّة رائعة.كتاب يتحدّى تفكيرنا ويحثّنا على إعادة النظر بما كنا نعتبره من المسلّمات أو الأمور التي لا تحتاج إلى تعمّق وتدبّر. سفر إلى الملكوت الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 406 صفحاتالطبعة الرابعة، 2017مالسعر: 10$ تعرّف أكثر إلى الكتاب من خلال الكاتب يمكنكم شراء الكتاب عبر موقع جملون على الرابط التالي:

إشراقات الروح
لقاء الله هو الغاية القصوى من حركة الكائنات. لقاء الله هو الوجه الأبرز للمعاد الذي يعني العود إلى المبدأ. لقاء الله هو الحقيقة الكبرى التي ستتجلّى يوم القيامة.لقاء الله هو الهدف الأسمى لسير السالكين ورحلة العابدين ووجود المسلمين.فكيف سيكون هذا اللقاء؟ وكيف ينبغي أن نستعد له؟ إشراقات الروح الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 160 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-036-1 السعر: 10$

أعظم أسرار السعادة.. كيف تضمن لحياتك الاجتماعية سعادة دائمة؟
جعل الله تعالى السعادة في الطمأنينة والروح، وجعل الكون كلّه في خدمة هذه السعادة. فمن أدرك قوانين العالم، وعمل بها ضمن لنفسه هذه السعادة الأبدية.

قرأت لك: روح السعادة
إذا كنت تبحث عن كتاب مختصر حافل بالأحاديث الملهمة في شتى مجالات الحياة، فكتاب "روح السعادة" لمؤلفه الشيخ على يزدي الحائري هو من هذا القبيل، مع فرادة في تقسيم أبوابه بحسب ما ورد في الأحاديث من أعداد، من الواحد إلى الألف.

سر السعادة الزوجية
يقدّم الزواج الكثير من المتع والفوائد والثمار الطيبة. أكثر الذين يُقدِمون على الزواج يبتغون من ورائه مختلف أشكال السعادة واللذة والسرور. المبالغة في توقّعاتنا من الزواج أمرٌ سيئ، والتقليل من رغباتنا منه لا يقل سوءًا.

الصحة النفسية 21: أفضل طريق إلى السعادة
هل الإنسان طالب لكل سعادة؟ كيف يؤدي التوجه إلى السعادة بذاتها إلى شقاء الإنسان؟ وما هو أساس السعادة في الحياة؟
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...