
حين تستغني المرأة
الكاتب والخبير بالشؤون الأسرية
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب الزواج في مدرسة الإيمان
ما نشهده اليوم من تصاعد ملحوظ في حالات الطلاق العلني والعاطفي بين الأزواج بعد مرور عقود على الزواج يمكن أن يشكل ظاهرة جديرة بالدراسة. فمن الطبيعي والمتوقع لأي زواج يحصل على عجل أن ينتهي على عجل. الزيجات التي تنعقد على أساس النزوة والإعجاب الظاهري واعتبارات الشكل وأمثاله من المتوقع أن تكون هشة لا تصمد أمام استحقاقات الحياة الزوجية ومتطلباتها..
إنّ الزواج مؤسسة تتطلب لنجاحها وبقائها الكثير من التفاهم والانسجام والعمل والتضحية والالتزام. لكن لماذا بتنا اليوم نشهد هذا العدد الملحوظ لزيجات قديمة تنتهي وتتفكك معها الأسر؟ ألم يكن يُفترض أن تكون هذه السنوات الطويلة فرصة كافية لتحقيق التفاهم والانسجام؟ أو بالحد الأدنى امتلاك الطرفين القدرات والمهارات الكافية لتجاوز السلبيات والتغلب على الاختلافات؟ فلماذا يقرر الزوجان أو أحدهما فجأة أن يضع حدًا لزواج سرعان ما يتبين أنه كان مسيرة من المعاناة؟!
سوف أشير الآن إلى بعض العوامل المؤثرة هنا، وذلك من زاوية المرأة خصوصًا، نظرًا لما تتعرض له المرأة اليوم من تحولات كبرى على مستوى إدراكها لهويتها ودورها وما يجري على شخصيتها. فلا شك بأنّ هذه التحولات الاجتماعية السياسية الثقافية التي تعصف بالجنس البشري قد نالت من المرأة نيلًا عظيمًا، وكان على رأس هذه التحولات ما يرتبط بدورها الاقتصادي.
يمكن القول بأنّ المرأة كانت وعلى مدى القرون تعيش حالة من الثبات، أدت إلى تحديد أدوارها داخل المجتمع بصورة يصعب المجادلة فيها أو مناقشتها بمعزل عما إذا كانت تلك الأدوار والموقعية عادلة أو لا.. ما كان يُتصور للنساء في تلك الأزمنة أن يلعبن دورًا خارج إطار الأسرة، لأن اقتصاد الأغلبية الساحقة من البشر كان يتحدد داخل الأسرة نفسها. هذا ما درجت عليه المجتمعات الزراعية التي كانت تشكل الأغلبية الساحقة من سكان العالم على مدى آلاف السنين.. ومن طبيعة العمل الزراعي أن يكون أسريًا يشارك فيه أفراد الأسرة بصورة متساوية نوعًا ما، ويصعب معه تحقيق أي نوع من الاستقلالية والتميز الاقتصادي لأي فرد على حدة.
لا شك بأن الوضع الاقتصادي ينعكس كثيرًا على نظرة الإنسان لنفسه، إذا كان الاقتصاد أو الوضع المادي هو المحدد الأول لهوية الإنسان داخل الثقافة العامة؛ فالأدوار والأعمال المشتركة المتشابهة غالبًا ما تنعكس بصورة المساواة على صعيد الهوية والشخصية. إنّ التساوي في العمل غالبًا ما يجعل الجميع متساوين بالمصير أو متشابهين بالهوية إلى حدٍّ كبير.
ومع نهاية العصر الزراعي على يد الثورة الصناعية، ووصول العصر الصناعي إلى ذروته أبان الحرب العالمية الثانية والحاجة الماسة للعمالة في المصانع المختلفة ـ وخصوصّا مصانع السلاح ـ تم استدراج النساء على نطاقٍ واسع إلى ميادين العمل المستقل عن الأسرة، ممّا أدى إلى بدء مرحلة جديدة من تشكيل هوية نسائية خاصة بعيدة نسبيًا عن الأسرة والانصهار فيها.
ثم تفاقم هذا الوضع مع التحولات الاقتصادية التي شهدت تهاوي الاقتصاد الأسري والتحولات التعليمية التي قدمت للمرأة المزيد من فرص العمل، لينجر ذلك إلى أكبر ظاهرة عرفتها البشرية على مستوى عمالة النساء واستقلالهن عن الأسرة. وهكذا بات بإمكان الأغلبية الساحقة من النساء تحقيق مستوى مهم من الاستقلال الاقتصادي، منحهن إمكانات ملفتة للتفاوض والتعامل مع الزواج من موقع أكثر قوة، وفرض شروطًا لم يكنّ قادرات عليها في العصور الماضية، وحفظ هذه الاستقلالية المادية على مدى الحياة.
ما كان يلحم الزيجات في العصور الفائتة عوامل عدة يلعب شكل الاقتصاد فيها دورًا ملفتًا، فالحاجة إلى الآخر ماديًا ومعيشيًا غالبًا ما يجعلنا نحن البشر مستعدين لتقبل الاختلافات وتقديم التنازلات.. ولا شك بأنّ هناك عوامل أخرى تزيد من لحمة الزواج وتوثق عراه، مثل الحاجات العاطفية والنفسية التي تصبح الهاجس الأكبر مع الاقتدار المعيشي. بيدَ أنّ هذه الحاجات إن لم تتأمن بالشكل المتوقع، وكان الاستقلال الاقتصادي متحققًا للطرفين إلى حدٍّ ما، يُتوقّع للأواصر التي تربط بين الزوجين أن تضعف وتهِن في مثل هذا الوضع، إلى أن يصبح الزواج نفسه عبئًا ثقيلًا يُراد التحرر منه. وحين تصبح تكاليف الانفصال معقولة على المستوى الاجتماعي تكتمل أجزاء علة الطلاق.
هذا ما يفسّر تصاعد حالات الطلاق بين المتزوجين ممّن بلغوا الأربعين والخمسين؛ يشجع عليه عدم الالتفات إلى الآثار الوخيمة للطلاق على مستوى تفكك الأسرة وخصوصًا عند من لا تعتبر نفسها مسؤولة عن حفظ كيانها.
إنّ مجتمعنا اليوم يشهد استخفافًا ملحوظًا بأهمية الأسرة كمؤسسة يُعد الحفاظ عليها مسؤولية كبرى، وتعتبر أولويتها مهمة كبرى وسط صراعٍ نحتاج فيه إلى كل أشكال التكاتف والتلاحم للبقاء والانتصار.
رغم أنّ للطلاق في أي مرحلة عمرية أسبابًا أخرى وجيهة ومحقة، لكن الإشارة إلى مدى تأثير الشعور بالاستقلالية الاقتصادية على روحيتنا وتصوراتنا يساعد كثيرًا كل من يسعى لأن لا يكون ألعوبة بيد الشيطان وهو يؤمن بأنّ جزءًا مهمًا من هذه الحياة يرتبط بالانتصار على الأهواء والنفس الأمارة.

الزواج في مدرسة الإيمان
ما هو الحب؟ وما هو الزواج؟ وهل الحب شرط لنجاح الزواج؟ هذا ما يجيب عنه هذا الكتاب بالإضافة إلى العديد من الأسئلة الأخرى التي تفرضها الحياة في عصر الإنترنت. فلننظر إلى الزواج قبل اشتعال نيران العشق وقبل انطفاء شعلة الحب. الزواج في مدرسة الإيمان الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب:17*17غلاف ورقي: 264 صفحةالطبعة الأولى، 2016مللحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

القوّة الحقيقيّة للمرأة (للنساء فقط)
المرأة القويّة ذخرٌ وكرامة للمجتمع. وكل من يسعى لإضعافها فإنّه يعمل على إضعاف المجتمع نفسه بذكوره وإناثه. القوّة للمرأة حصانة وصيانة، والمرأة الضعيفة عُرضة لكلّ أشكال الأخطاء. لكن أين تكمن القوّة الحقيقيّة للمرأة؟ وكيف يمكنها أن تحصل عليها؟

أعظم امتحانات النساء... لماذا يجب على كل فتاة أن تفكّر مليًّا قبل الزواج؟
حين نتحدّث عن البلاءات التي تمر بها أي أُنثى في هذا العالم، فهذا لا يعني أنّ الذكور مستثنون منها أو أنّهم قد عبروها بنجاح. لكن لا شك بأنّ هناك أنواعًا من الامتحانات الإلهية ترتبط بطبيعة التكوين النفسيّ والاجتماعيّ لشريحة محدّدة من الناس. وإنّما تنشأ هذه الفتن والاختبارات من الظروف الاجتماعية التي تحيط بهؤلاء، نظرًا للثقافة والتربية السائدة في بيئتهم.

تجنيس المرأة أو تنجيسها؟ أي فاجعة يرتكبها الغرب بحق الأنوثة
تحت عنوان تمكين المرأة وتقويتها، يشهد عصرنا أوسع عمليات تفعيل القوة الجنسية للمرأة، مستغلًّا الاحتياج الشديد لهذه السلعة من قبل الرجال؛ وهذه العملية، كغيرها من المساعي الغربية الطائشة، كانت وستتحول إلى أهم سبب لإضعاف المرأة واستعبادها واستغلالها، بصورة لم يسبق لها مثيل. وكل من تأمل في أي مجتمع جعل الجنس محورًا والمرأة مصدره، علم أنّ هذا لن يؤدي إلا إلى إضعاف الأمرين معاً!

فينيق يخرج من بين الركام... القوّة العظيمة الآتية لنساء مجتمعنا!
يشهد مجتمعنا ما يشبه الثورة الهادرة على صعيد انبعاث دور المرأة وازدياد مشاركتها في مختلف مجالات الحياة. تسجّل النساء معدّلات مرتفعة ملفتة على صعيد الدراسات العليا وتحصيل العلوم المختلفة. وفي ظلّ الاقتصاد القائم على العلم، المتوقّع أن يجلب ذلك الكثير من القوّة المضافة والإمكانات المتزايدة.. إلا إنّ هذا كلّه لا شيء إذا ما قورن بالشعور العارم الذي بات يسيطر على قطاعات واسعة من نساء مجتمعنا على صعيد الرغبة بالتحرّر وتحقيق الذات بعيدًا عن سلطة الرجل وهيمنة الذكور.

متى تُخفق المرأة؟
حين يغفل أي مسلم عن المهمّة الأولى لدينه، فلا يُتوقّع أن يدرك روح الإسلام في حياته. ولهذا، فإنّ استحضار الموضوع التربويّ في الإسلام والشّعور الدائم بوجود هدفٍ تكميليّ من وراء جميع أحكامه وفرائضه يمّثل الفرصة الكبرى لكلّ مسلم يريد أن يعيش روح الإسلام.

الزواج من نساء اليوم!
أي الثقافتين تختار: تلك التي تدعو إلى إطلاق العنان للمرأة لتثبت ذاتها وتبلغ الآفاق! أم تلك التي تدعو إلى التزام المنزل وطاعة الزوج والخضوع له! أم يوجد طريق ثالث؟
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...