
كيف نحمي أبناءنا من كارثة الاختيار السيّئ للشريك؟
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب إشراقات الروح
معظم الآباء والأمهات يواجهون ذلك الموقف العجيب من أبنائهم، حين لا يبقى للمنطق أي صوت مسموع. الأبناء مصرون على خيارات يراها الآباء خاطئة ومضرة، ومع ذلك لا ينفع الوعظ والإرشاد والنصيحة. فماذا لو كان الأمر مرتبطًا باختيار شريك لحياتهم؟ الكارثة وشيكة لأن مثل هذه الخيارات تجلب معها الكثير من الآلام والمصائب، أو هكذا يتوهم الآباء!
إن استطعنا أن نميز بين ما يكون كارثة حقيقية وما لا يكون، يمكن لمنطقنا أن يصبح مسموعًا. غالبًا ما يعجز الآباء عن تبيين وجه الكارثة في هذا الاختيار أو ذاك. هذا ما يضعف موقفهم كثيرًا. لا أتحدث هنا عن الآباء المتسلطين الذين يستخدمون التهديد والوعيد بدل المنطق. لكن إن لم نتمكن من بيان الأسباب التي ستؤدي إلى الكارثة حقًا، فلا ينبغي أن نتوقع من أبنائنا أن يهتموا بما نقول. في البداية يجب أن نعرف ما هي الكارثة الواقعية؟ أهي كلام الناس ونظرة المجتمع؟ أم حصول المشاكل الزوجية والاختلافات؟ أم الطلاق والانفصال؟ أم هي شيء آخر؟
حين نواجه أبناءنا بمقولات مثل: "ماذا سيقول الناس عنكم؟"، أو "كيف سينظر الناس إليكم؟"؛ فإنها لن تجدي نفعًا مع من أنشأناهم على القيم والمثل الرفيعة. كيف ستتقبل ابنتك مثل هذا الكلام وقد تربت في حضن رجل مقاوم ومناضل؟! وكيف سينصت ولدك إلى هذا التخويف وهو يؤمن بأن أكثر الناس في ضلال؟! إن كنا نريد لمنطقنا أن يسود يجب أن يقوم على أسس سليمة.
لا شك بأن أدنى ما يصيب الأبناء يؤلم الآباء، لكن بعض المصائب والشدائد ليست بالأمر السيئ. جزء من الحياة هو أن يواجه أولادنا المشاكل والصعاب. المهم أن تبقى شبكة الأمان حاضرة، لكي تسهّل عليهم أخذ القرار المناسب في اللحظة الحرجة.. غالبًا ما يلجأ الشباب إلى قرارات خاطئة بسبب اليأس أو انعدام الأمل أمامهم. أكثر ما يحتاج إليه أولادنا هو أن يجدوا الداعم والناصح في اللحظة المناسبة. لهذا، فإن حصول بعض الأخطاء ليس بالأمر الجلل. ما نحتاج إليه قبل أي شيء هو أن نخفف قدر الإمكان من الخطأ والضرر. النداء بالويل والثبور ليس هو الحل.
الكارثة الكبرى تكمن في خسارة أبنائنا لدينهم؛ أي في ارتباطهم بمن يمكن أن يسوقهم إلى وادي الضلالة العمياء. ولهذه الكارثة مراتب. لكن تركيزنا على هذا النوع من المصائب ككوارث حقيقية مقابل تلك الخسائر الدنيوية التي هي ليست بشيء، يجعلنا وأبناءنا على بصيرة. إن كنا قد أنشأنا أبناءنا على الفضائل والقيم الدينية السامية، فمن المتوقع أن يكونوا حساسين تجاه أي شيء يمكن أن يتعرض لها. حينها لن يحتاجوا إلا إلى خبرتنا التي تساعدهم على اكتشاف ما يخفى عليهم. الاكتشاف وليس التحذير. وهذا ما يتطلب مهارة خاصة في المساعدة.
لنفترض أنك ترى من يتقدم لابنتك شخصًا مستخفًا ببعض أحكام الدين. يجب أن تساعد ابنتك على اكتشاف هذه الخصلة بنفسها. هذا ما يساهم في إنضاج شخصيتها أيضًا. وفي حال العجز، احفظ خط الرجعة لها. قد تكتشف ذلك بعد عقد القران ولكنها ستخاف من الاعتراف بذلك والتراجع لأنك لم تترك لها مجالًا. صحيح أن الأمر مكلف جدًا، لكنه أفضل من أن تبقى في ظل من لن يعينها على دينها.
وباختصار، أهم وأولى ما نقدمه لأبنائنا وهم يسلكون دروب الحياة الوعرة هو الدعم والحضن. ويجب أن يشعروا بذلك بقوة. بل يجب التعبير عنه بوضوح. إنّ اعتقاد أولادنا بأننا سنتحملهم ونستقبلهم مهما حصل، هو نصف النور الذي يضيء لهم الدرب، إن لم يكن أكثر.
غالبًا ما يعجز الأبناء عن رؤية الحقيقة المستكنة في كلام الآباء، لأن كلامهم يكون محفوفًا بالانتقاص منهم وعدم تفهم حاجاتهم ورؤيتهم للأمور؛ والأسوأ أن يكون هذا الكلام خاليًا من التعبير عن المحبة والحرص.
يوجد ثلاث مراحل أساسية في رحلة ارتباط أبنائنا بشركاء حياتهم:
المرحلة الأولى قد تكون عبارة عن الإعجاب والميل العاطفي الذي يصل عند البعض إلى درجة العشق. والمرحلة الثانية هي الارتباط الرسمي من خلال عقد القران تمهيدًا للمرحلة الثالثة وهي الانتقال إلى بيت الزوجية.
وفي المرحلة الأخيرة هناك مسيرة لا تنتهي بإنجاب أول ولد.
لكنّ التأمل في هذه المراحل يرينا أي نوع من الكوارث يمكن أن تحل بهم إن هم اخطأوا الاختيار. ولا يمكن مقارنة كارثة الطلاق بعد إنجاب عدة أولاد بكارثة الانفصال بعد بضعة أشهر من التعلق العاطفي.
إنّ وجود شبكة الأمان والدعم من قبل الآباء في المرحلة الأولى يساعد الأبناء على استكشاف شخصية الطرف الآخر أكثر. وبدل التهويل وكأن الكارثة الكبرى قد وقعت، يجب أن نحدد لهم ما يمكن أن يصيبهم إن هم اكتشفوا الخطأ في المرحلة الأولى. بعض الآباء ولمجرد أن يروا أبناءهم مرتبطين عاطفيًا ينادون بالويل والثبور وكأن ابنتهم قد انجبت عدة أولاد!
إنّ إفهام الأولاد بحجم الكارثة في المرحلة الأولى يساعدهم على إدراك نصيحتنا بشأن الطرف الآخر. ما نراه فيه من نقائص وعيوب يمكن أن يُرى عندئذ بصورة أفضل. مزج نصيحتنا بالمخاوف الزائدة وكأن الزواج قد حصل لا يساعد أبدًا. يمكن أن تقول لابنك أنّه قد ينفطر قلبك جراء فشل هذه العلاقة، لكن الأمر ليس وكأنك تطلق بعد الزواج.. تحديد حجم الكارثة بدقة هو أفضل معين هنا.
حين يشعر أبناؤنا بهذا الأمان تتفتح بصيرتهم أكثر. وفوق ذلك، فإنهم سيدركون مدى حرصنا وحبنا الذي يحتاجون إليه، مثل حاجتهم إلى المنطق. ما أصعب أن يرى الأبناء القسوة وعدم التفهم والاهتمام من آبائهم حين يريدون أن يختبروا إحدى أهم تجارب الحياة.
لا نريد لأبنائنا أن يعانوا أبدًا، لكن المعاناة قد تكون جزءًا من مسيرة حياتهم، حين نكون قد عجزنا عن تزويدهم بالحكمة الكافية لرؤية الأمور كما هي. ما نحتاج إليه هنا هو أن نكون بجانبهم للتخفيف من حجم الكارثة قدر الإمكان.

الزواج في مدرسة الإيمان
ما هو الحب؟ وما هو الزواج؟ وهل الحب شرط لنجاح الزواج؟ هذا ما يجيب عنه هذا الكتاب بالإضافة إلى العديد من الأسئلة الأخرى التي تفرضها الحياة في عصر الإنترنت. فلننظر إلى الزواج قبل اشتعال نيران العشق وقبل انطفاء شعلة الحب. الزواج في مدرسة الإيمان الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب:17*17غلاف ورقي: 264 صفحةالطبعة الأولى، 2016مللحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

ما مدى أهمية التوافق الفكري كمعيار لاختيار الشريك
بعض الشباب يضع التوافق الفكري شرطًا أساسيًّا ضمن معايير انتخاب الزوجة. وفي ظل هذا الشرط تسخف لديه اهتمامات الفتيات ويجد صعوبة في إيجاد الفتاة التي يتحقق فيها هذا الشرط إلى جانب شروط أخرى، برأيكم ما هي أهمية التوافق الفكري في الساحة الزوجية، وما هي تراتبية هذا الشرط ضمن سلسلة معايير اختيار الزوج والزوجة؟

أي شريك سيتقبل أن يصارحه شريكه بأنّ قلبه مال إلى غيره؟
تحدثتم كثيرًا عن أهمية المصارحة بين الزوجين، وأنّه ينبغي أن تنشأ بين الزوجين منذ البداية. ولكن لنكن واقعيين: أي امرأة تقبل بأن يقول لها زوجها بأني معجب بفلانة، أو أن قلبه يميل لفلانة، أو أنّه سيقدم على الزواج الثاني أو المنقطع. وأي رجل سيقبل أن تصارحه زوجته بأن قلبها مال إلى غيره

كيف يمكن أن نعين الشريك إذا كان يعاني من النقص العاطفي؟
كيف يمكن للزوجة أن تعين زوجها إذا كان قد عانى من الحرمان العاطفي في طفولته وهو الآن يفتقد للذكاء العاطفي؟

حين يكون الشريك مستعدًّا للعطاء، ولكن شريكه لا يستقبل عطاءه
ذكرتم أن على الزوجة أو الزوج أن يركزا على إسعاد الآخر في العلاقة الجنسية وهكذا يسعد الجميع، ولكن أحيانًا يكون أحد الشريكين مستعدًّا للعطاء ولكن لا يكون الشريك الآخر مستعدًا لاستقبال هذا العطاء، فماذا يمكن أن يكون الحل ها هنا؟
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...