
الصين القوة العالمية الجديدة.. هل يجب أن نخاف؟
الكاتب والمفكر السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب أي مجتمع نريد
تعاني شعوب العالم من هيمنة القوى الكبرى وتحكّمها بمصائرها وسيطرتها على ثرواتها. شعوبنا المسلمة قد ذاقت الأمرّين من هذه الهيمنة، وخصوصًا الأمريكية منها المندفعة بجنون العظمة وروح الاستكبار والتبشير. ومن الطبيعي والحال هذه، أن تتوق هذه الشعوب إلى صعود أي قوة أخرى يمكن أن تقف في وجه التسلّط الأمريكي وتنافسها. وبحسب قوانين المجتمعات وسننها، يمكن أن يكون التنافس بين القوى الكبرى سببًا لانشغالها عن الشعوب المستضعفة، أو عاملًا لمصلحة هذه الشعوب في معركة الجذب والاسترضاء.
تقوم الصين اليوم بمئات المشاريع الإنمائية في مختلف بلاد العالم من أجل الحد من هيمنة أمريكا وتفرّدها. لكنّ الصين، وكأي قوة دنيوية، تعطي الأولوية في سياستها لقانونٍ واحد، وهو قانون تأمين المصلحة الذاتية فوق كل اعتبار. وفي هذه الشرعة لن يكون هناك شيء اسمه العمل الخيري البحت.
إنّ التنافس المحموم بين القوى الأرضية في العالم يجري وفق قانون البقاء للأقوى، و "إن لم تكن ذئبًا أكلتك الذئاب". الصين لم تعلن عن رفضها وإدانتها لهذا القانون رغم أنّها عانت منه طويلًا، بل يمكن القول إنّها لن تحيد عنه بينما تتجه نحو المزيد من القوة.
فما الذي يمكن أن يميّز الصين عن أمريكا فيما إذا أصبحت القوة العالمية الأولى، وتمكنت من بسط نفوذها في كل أرجاء العالم، ومنها منطقتنا المسلمة؟ وبعبارة أخرى، هل ستكون الصين أهون الشرين بحيث ندعو الله أن يمدها بالقدرة للتفوق على أمريكا والتخفيف من سطوتها، أو أننا سنشهد على يديها أيامًا تجعلنا نترحّم على أمريكا؟
بالتأكيد نحن لسنا أمام خيارين لا ثالث لهما؛ لكنّنا سنناقش مسألة صعود الصين الحتمي الذي لم يعرف التوقف منذ دخولها في النادي النووي في منتصف القرن الماضي.
لم تكن الهيمنة العسكرية والاقتصادية الأمريكية أسوأ ما في هذه القوة المتغطرسة، فدعم إسرائيل وتبنيها بالكامل يُعتبر مظهرًا واضحًا لصراعٍ حضاري ثقافي ديني كبير، يشن حروبه المستمرة على ديننا الإسلامي وعلى كياننا كأمة واحدة. صحيح أن أمريكا ومنذ وراثتها للاستعمارين البريطاني والفرنسي في المنطقة، أثبتت أنها لا تختلف عنهما في عمليات النهب والسلب والسيطرة؛ لكن ما ظهر وسط ذلك هو أن أمريكا كانت تطبق أجندة من نوع آخر أيضًا، تهدف إلى سلب الهوية وتدمير الدين والقضاء على قيمه. ولم يكن هذا الأمر ليخفى على أي عارف بشؤون السياسة ومشاريعها. فحين تكتشف الدولة المستعمرة عنصر القوة الأول في الشعوب التي تستعمرها، من الطبيعي أن تعمد إلى القضاء عليه وإزالته من الوجود. ما حصل هو أن اكتشاف أمريكا لقوة الإسلام ونوعيته قد تعزز كثيرًا داخل أروقة البيت الأبيض ومؤسسات الدولة، بعد انتصار الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني.
إنّ القضاء على كيان الأمة المسلمة وتفتيته وتحويله إلى قوميات متباعدة ودول مبعثرة، كان الهدف الأول من وراء إقامة الكيان الصهيوني في قلب العالم المسلم. لكن المفارقة هنا هي أن الدول الاستعمارية كانت مدركة لقوة الإسلام قبل المسلمين أنفسهم. ربما كان بعث الصحوة الإسلامية وسط الأمة يتطلب مثل هذا الهجوم النوعي. ولا يبدو أن الصين تحمل مثل هذه العقيدة تجاه المسلمين، لكنها كقوة عالمية صاعدة ستدرك ذلك عاجلًا أو آجلًا، وستعلم بأنّها لن تتمكن من إحكام سيطرتها ـ إن هي أرادت ذلك ـ دون الحؤول أمام تشكل الأمة الإسلامية الواحدة. وهكذا ستعود الكرة على الإسلام من جديد، ولكن هذه المرة من قوة جديدة لا يبدو أنها تمتلك ما وجد في الغرب من العناصر الثقافية والخبرات الطويلة.
إنّ قوة أمريكا (والغرب عمومًا) في المواجهة الكبرى ـ التي كانت أرض فلسطين أهم ساحاتها ـ لم تكن تكمن في العسكر والاقتصاد، وإنما في الثقافة والفكر وأدواتهما؛ وتفكك المقاومة الفلسطينية منذ بدايات تشكلها يرجع إلى هذا العنصر بالذات. نتذكر كيف كانت مجموعة مهمة من النخب الفلسطينية أبان احتدام الصراع لا ترى في أمريكا عدوًّا بل شريكًا في السلام المزعوم! فلو أنّ المقاومة الفلسطينية تماسكت وحفظت وحدتها لما استطاعت الجيوش الإسرائيلية أن تتقدم شبرًا واحدًا في أرض الجنوب عشية الاجتياح. هذا ما أثبتته المقاومة الإسلامية فيما بعد.
إنّ الاعتراف بالهزيمة الثقافية أمر صعب، ولذلك لا نجد ثقافته رائجة وسط الأمة، فالتنكر لهذا الأمر والتعالي عليه زاد الأوضاع وخامة. كما إنّ الإصرار على نوع واحد من المواجهة والنضال يطيل أمد المعركة كثيرًا.
نحن أمام صين صاعدة سرعان ما ستجد لنفسها مناطق نفوذ في عالمنا المسلم؛ خصوصًا إذا تسارع انهيار الاقتصاد الأمريكي. لكن هل سيكون الخطر الثقافي لهذه القوة العالمية على المسلمين بالمستوى الذي كان عليه خطر أمريكا والغرب؟
هل تمتلك الصين تلك الثقافة التي تتكرر معها القصة، حيث يكون المسلمون منبهرين وتابعين، أو إنّها ورغم معجزتها الاقتصادية لن تقدر على الترويج لنفسها بسبب عوامل اللغة والديانة وغيرها؟
لن تتمكن الصين من فرض نفسها بقوة السلاح مهما تعاظمت قوتها، لأن عالمنا قد تغير كثيرًا ولن يقبل بعودة عصر الاستعمار القديم.. أي قوة تريد أن تهيمن اليوم تحتاج بالإضافة إلى العسكر، إلى عناصر أخرى هما الاقتصاد والثقافة. والاقتصاد القوي والتكنولوجيا المتقدمة لن يكونا وسيلة للهيمنة والنفوذ ما لم يقوما على ثقافة متميزة. فهل تمتلك الصين ما تحتاج إليه القوة العظمى العالمية؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام ويتكشف عنه التفاعل المقبل الذي سيمثل فرصة فريدة للمسلمين إن هم استطاعوا اغتنامها. آن الأوان للتفكير الجاد بشأن التعامل الاستراتيجي مع الصين القادمة.

على طريق بناء المجتمع التقدمي
المجتمع التقدّمي هو المجتمع الذي يتحرّك أبناؤه نحو قمم المجد والفضيلة والكمال.المجتمع التقدمي هو التعبير الأمثل عن استجابة الناس لدعوة الأنبياء الذين أرادوا أن يخرجوا البشرية من مستنقع الرذيلة والحيوانية والعبثية لإيصالها إلى أعلى مراتب الإنسانية والنور..فما هي سبل إقامة هذا المجتمع؟وما هي العقبات التي تقف في طريق تحقّقه؟ على طريق بناء المجتمع التقدّمي الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14.5*21عدد الصفحات: 376الطبعة الأولى، 2019Isbn: 978-614-474-081-1السعر: 14$

لماذا ستهزم أمريكا مرة أخرى
بكل بساطة لأنّها تُهزم دائمًا! لكنّ اعتياد أمريكا على الهزائم ليس هو السبب وراء ذلك؛ بل لأنّها دولة قامت على أسس لا يمكن أن تحقق النجاح أبدًا. أعلم جيدًا أنّ هناك من سيحمل لائحة طويلة من الانتصارات الأمريكية المزعومة ويرميها بوجوهنا، ليثبت أنّ هذه الدولة لها تاريخ عريق من الانتصارات بدءًا من الحرب الإسبانية ووصولًا إلى حرب العراق وإسقاط صدام مرورًا بالحرب العالمية الثانية المدوّية. لكن هذه الانتصارات لم تكن يومًا بسبب قوّة أمريكا بقدر ما كانت بسبب ضعف الطرف الآخر وخوائه.

لماذا لا يمكن إصلاح أمريكا؟
حين نقول إنّ أمريكا دولة لا يمكنها إلا أن تفعل الشر، فذلك إنّما يعود إلى طبيعة نظامها السياسي الذي قام على استخراج كل شر ممكن من البشر! نتساءل أنّه ورغم تداول السلطة المستمر ـ وما يعنيه ذلك من إضعاف مفترض للعلاقة بين السلطة والمصلحة الشخصية ـ لماذا لا تنتج أمريكا رئيسًا واحدًا يمكن أن يخالف السياسات القائمة على التسلط والهيمنة على الشعوب؟

هزيمة أمريكا الآتية في لبنان
شهد تاريخ لبنان الحديث تدخلات أمريكية متنوعة، لكن معظم هذه التدخلات، أو كلّها، كانت تحدث عبر الوكلاء (الاجتياحات والحروب الإسرائيلية مثلًا)، أو لا تلامس حياة اللبنانيين بالصورة التي تحدث اليوم عبر شيء اسمه الاقتصاد والمعيشة.

لماذا نخاف من أمريكا؟ ماذا عن حسن منهاج واللغة الإنكليزية
إنّ ما يهدد النظام الإسلامي في إيران ـ التي تُعد أهم قوة معارضة لأمريكا في العالم ـ ليس ما يمكن أن ينجم عن حربٍ عسكرية مع أمريكا أو حتى عن حصارٍ اقتصادي لا سابقة له، وإنّما هو تلك الشريحة من الشباب الإيراني، التي تتزايد باستمرار، وتنشأ على الاعتقاد بجمالية نمط العيش الأمريكي، فلا ترى بعدها من مشكلة في إقامة علاقات ودية مع هذه الدولة، التي لم تترك وسيلة للقضاء على ذلك النظام إلا واستخدمتها.ولكن، لماذا لم يتم حسم أمر هذه الشريحة لحدّ الآن رغم كل ما جرى؟ ولماذا تطل هذه الفئة برأسها من حينٍ إلى آخر وتهدد بقاء النظام؟ هل تتصورون أنّ قلق قادة النظام الإيراني من أحداث الشغب الأخيرة كان ناشئًا من تلك الجماعات التخريبية التي لم يبلغ تعداد أفرادها سوى بضعة آلاف؟ وهل يمكن لهذه النسبة الضئيلة من المشاغبين، الذين لا يمتلكون وسائل إعلام ودعاية داخلية، أن تسقط نظامًا قام على مئات آلاف الشهداء، وما لا يُحصى من الجرحى، وتضحيات ونضالات لا يعلم حجمها إلا الله؟

هل تريد أمريكا لبنان ديمقراطي؟
❓❓إذا سألنا: ما هو الحاكم على السياسات الأمريكية في العالم كله منذ أن أُنشئت وإلى يومنا هذا؟ 👈يوجد شيء معروف اسمه المصالح القومية أو الاستراتيجية، هذه هي القاعدة الأساسية التي ينظرون من خلالها إلى الديمقراطية والدكتاتورية والأنظمة والفساد والصراعات في العالم. أمريكا بُنيت على أساس المصلحة. طالما أن مصلحتهم تكمن في هذه القضية فإنّهم يدفعون باتجاهها، والديمقراطية هي من هذا القبيل. لذلك تجدون أن أمريكا أكثر نظام في العالم ادّعى أنّه مدافع عن الديمقراطية وحامٍ لها، وأكثر نظام قام بإسقاط ديمقراطيات حقيقية في العالم، أي عمل على إسقاط أنظمة وأحزاب وتيارات وصلت إلى السلطة بطريقة ديمقراطية؛ تارة عن طريق التدخل المباشر من خلال الانقلابات العسكرية كما حدث في بوليفيا، وأخرى من خلال مؤامرات، وأحيانًا من خلال تحريك الشارع وهذا الأكثر شيوعًا حاليًا. 🔦النظام مهما كان فاسدًا، إذا كان ناشئًا من عملية ديمقراطية فهذه العملية الديمقراطية هي أساس الإصلاح. فلو أردتم القضاء على الديمقراطية من أجل أن تصلحوا ستأتون بنظام أفسد من الأول. ⚠️التفتوا الديمقراطية هي الحد الأدنى، أنا لا أقول أن الديمقراطية هي أفضل نظام في العالم، ولكن حين يشارك الناس في الانتخابات، فمعنى ذلك يوجد إمكانية لأن يرتقوا بمشاركتهم السياسية للقضاء على الفساد. ⚠️يا حراك... حين نسألكم كيف ستديرون النظام تحت أي عقلية، وتقولون "كلن يعني كلن"، أي إسقاط الجميع، فماذا يعني ذلك؟ أنتم بذلك تقولون لا نريد ديمقراطية، وسنبقى نحرق دواليب ونقفل الطرقات حتى تهرب الأكثرية من البلد أو لا يعود لها مشاركة، هذه لا تُسمى ديمقراطية. 👈إذا أردنا أن نحقق إصلاحًا حقيقيًّا في أي بلد، ينبغي أن نعلم أن هناك قاعدة أساسية للإصلاح هي أن يكون هناك أكثرية واسعة تشارك في هذا الحراك. لذا نقول نحن الذين ننادي بإسقاط الفساد والنظام الطائفي، تعالوا لنتناقش معًا بأبسط مفردات الديمقراطية أو العمل السياسي الصحيح، ونتحدث عن هذا الأصل: كيف نعمل معًا لنأتي بحكومات صحيحة!

هل ستنجح أمريكا في فرض سياستها على العالم؟
الدرس الثاني عشر من الدورة الأولى في "أصول ومبادئ الوعي السياسي".
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...