
كيف تتغلب المدرسة على العقبة الأولى أمام بناء المجتمع؟
لماذا تعزز مناهج اليوم النزعات الفردية وفرار الأدمغة؟
السيد عباس نورالدين
بالنسبة لأي مجتمع في العالم، لا يوجد ما هو أسوأ من تضييع الطاقات الشابة الخلاقة والفعالة التي يحتاج إليها للتقدم والازدهار وحتى البقاء.. شباب اليوم هم مدراء البلد والمسؤولون عن تقرير مصيره، والفارق الزمني الذي يفصل بينهما لا شيء مقارنة بعمر الأوطان؛ لهذا، فإنّ أي مجتمع سرعان ما سيلحظ الخسارة الكبرى من تضييع الطاقات الشابة.
المعوّل الأول على منع حصول هذه الكارثة هو المدرسة التي يُفترض أن ترسخ في طلابها تلك القيم التي تحفظ الانتماء والشعور بالمسؤولية تجاه الأوطان؛ ويمكن بسهولة معرفة مدى نجاح المدارس المحلية في هذه المهمة الحساسة بإجراء بعض استطلاعات الرأي لطلاب المرحلة الثانوية.
لا يتمثل فشل المدرسة في هذا المجال بهجرة الأدمغة فحسب، فهناك مظهرٌ آخر للفشل (وإن كان مقنّعًا)، وهو لا يقل خطرًا، يتجلى في غلبة النزعة الفردية وتغليب المصلحة الشخصية على المصالح العامة. فحين يكون الهم الأول للطالب أن يحصل على وظيفة مستقرة ومعيشة ثابتة في وطنه الذي يعاني من وطأة الضياع والخضوع للقوى الخارجية، فمن المتوقع أن يتحول هذا الطالب إلى دائرة العمالة الخفية لتلك القوى التي تمتلك في وطنه من المؤسسات والأجهزة والشركات والمصالح ما يتفوق ويتغلب على أي حركة تحررية استقلالية في مجتمعه.
فإن تجاوزنا التسيّب الحاصل والعبثية الظاهرة في مجال التخصصات الجامعية، والتي لا تنبع من أي تخطيط استراتيجي لمستقبل البلد؛ فسوف نجد النظرة الضيقة المسيطرة على معظم شباب اليوم تجاه المخاطر التي تهدد وطنهم والمسؤوليات التي ينبغي أن يتحملوها لمواجهتها. فهل استطاعت مدارسنا أن تضع مثل هذه القضية في صلب مناهجها التعليمية، أم أنّها تنتظر أن تأتي اليد الخفية لتصنع الوعي والبصيرة والرؤية في شباب هم أبعد ما يكونوا عن التعمّق الفكري والتفكير الصحيح في القضايا الكبرى؟!
لأجل ذلك، تحتاج المدرسة للتعامل مع ثلاثة أنواع من المشكلات الحادة:
أوّلها، قضية هجرة الأدمغة وفرارها من أوطانها.
وثانيها، العبثية والعشوائية في اختيار مجالات العمل والإنتاج.
وثالثها، فقدان الرؤية الصحيحة لكيفية المشاركة الفاعلة في بناء الوطن على ضوء متطلبات العصر وتحدياته.
ولكلٍّ من هذه التحديات الثلاثة تفاصيل مهمة تسلط الضوء على معضلات حقيقية نواجهها في مجال ترسيخ القيم الدينية التي نؤمن بها؛ وما لم نتعامل مع هذه المشكلات بالعمق المطلوب لا أتصور بأنّنا سنُوفق في حلّها، وهنا بيت القصيد.
بدايةً ينبغي أن نحدد تلك الأفكار والمبادئ التي تحقق النصر في المجالين الفكري والنفسي على كل الإغراءات التي تنبع من سحر الحياة الغربية ومنظومتها المزخرفة ومن النزعة الأنانية التي تتغذى باستمرار من الأدبيات الواسعة المطروحة في المناهج المدرسية والبيئة السطحية.
ومن ثم نحتاج إلى تطوير أساليب التعليم بالطرق التي تظهر التفوق الواضح للفكر والرؤية والعقيدة الإسلامية، التي تجعل الإنسان ينظر بمسؤولية كبرى تجاه مجتمعه والعالم كله.
فمجرد طرح الأفكار العميقة لا يكفي، بل يجب أن نتأكد من أنّ مناهجنا قادرة على جعل هذه الأفكار حاضرة في كل القضايا التي تواجه الطالب أثناء تفكيره وتخطيطه لمستقبله.وهذا ما يستلزم العمل المتواصل ومنذ المراحل الدراسية الأولى على انخراط التلميذ بما يمكن أن يساهم في فهمه لأهمية الوطن والانتماء ودوره في تحديد مصيره وانخراطه في العمل الجاد الذي يقوم به المخلصون المجاهدون في مجال الدفاع عن الوطن وتحقيق ازدهاره.
وببيانٍ آخر، يجب أن تصبح قضية الوطن محور العملية التعليمية كلها؛ بحيث تكون التنمية اللغوية جزءًا من الدفاع عن ثقافته، مثلما أنّ دراسة العلوم التطبيقية مقدمة لتطوير صناعاته واقتصاده. فما يدرسه الطالب يشكل مساهمة في هذه الخطة العامة، ويجب أن يرى نتائج وثمار ما يكدح في دراسته وتعلمه على مستوى هذه العملية. فعلى سبيل المثال، يجب أن تشارك المدارس كلها في التخطيط والتطوير المرتبط بالمشاريع الكبرى للبلد، بدءًا من مرحلة التعرّف وحتى مرحلة تقديم الاقتراحات التي يجب أخذها من قبل المدراء الحاليين مأخذ الجد.
حين يرى الطالب نتائج إسهاماته على مستوى بعض المشاريع السياحية المفيدة، أو ينخرط في فهم مشروع الليطاني الكبير ومتطلبات إكماله، ويتعرف بعمق وعلى الأرض إلى نتائج إنجازه، فسوف يجد نفسه متجهًا وبشكل تلقائي إلى التخصص في هذه المجالات التي يحتاج إليها الوطن.
كثيرة هي المشاريع المطلوبة أو التي لم تكتمل والتي توقفت أو جمدت بسبب ندرة الطاقات اللازمة؛ وإذا كان مثل هذا الكلام موجهًا إلى الجامعات المحلية وداعيًا لها لتكون صلة وصل بين المجتمع والمؤسسات، فما الذي ستحققه هذه الجامعات وهي ترى النزيف الحاصل في الطاقات الشابة التي تفر بنسبة كبيرة إلى خارج البلاد؟!
المدرسة الملتزمة تجاه الوطن هي التي تجعل بناء الوطن محور كل المناهج الدراسية ولا تنتظر أن يستنتج الطالب من بعض المحاور المقرّة مثل هذا الانتماء.
مدرسة المستقبل هي التي تكون المؤسسة التي ينتسب إليها التلميذ تحت عنوان مؤسسة بناء الوطن بدل عنوان المدرسة السجن. وطلاب مدارس المستقبل هم الذين يذهبون إلى هذه المؤسسات من أجل المشاركة في هذه المشاريع الكبرى والتي تجعل التعلّم مقدمة ضرورية لتحقيقها.
أبناء المدارس الملتزمة يغادرون بيوتهم صباحًا لأجل التباحث مع العقول النيرة من مختلف المجالات بشأن كيفية إنقاذ الوطن والدفاع عنه وحماية المجتمع والتقدّم به ليكون خير أمة أُخرجت للناس.

روح التربية
الإنسان لا يأتي إلى الدنيا فاسدًا. في البداية يأتي إلى الدنيا بفطرة جيّدة وهي الفطرة الإلهية "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَة"، وهذه هي الفطرة الإنسانية فطرة الصراط المستقيم والإسلام والتوحيد. أنواع التربية هي التي تفتح هذه الفطرة أو تسد الطريق على الفطرة. التربية هي التي يمكن أن توصل المجتمع إلى كماله المنشود، وهي التي تجعل البلاد إنسانية نموذجية كما يريدها الإسلام روح التربية الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 192 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

المدرسة النموذجية
إنّ القوّة الأساسيّة للمدرسة النموذجيّة تكمن في برامجها ومناهجها التي تتميّز بقدرتها على تقديم المعارف والمهارات بأحدث الطرق وأسهلها، وتعتصر كل التراث العظيم للبشريّة وتتّصل بكامل التّراث الاسلامي وتقدّمه لطلّابها عبر السنوات الدراسيّة كأحد أعظم الكنوز المعرفيّة. وهكذا يتخرّج طلّابنا وهم متّصلون بهذا البحر العظيم لكلّ الإنجازات الحضاريّة في العالم كلّه ويمتلكون القدرة التحليليّة اللازمة لتمييز الخير من الشرّ في جميع أنحائه. المدرسة النموذجيّة الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 140 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

المدرسة الإسلامية
يعرض لأخطر المشاكل وأهم القضايا حول أوضاع المدارس الحالية، التي تبنت المناهج الغربية، وذلك بالطبع بحثًا عن المدرسة المطلوبة التي تنسجم مع حاجات المجتمع وثقافته. كل ذلك من أجل بعث حركة فكرية جادة بين المهتمين بالتعليم عن طريق بناء الرؤية الشاملة للتربية التعليمية في الإسلام. المدرسة الإسلاميّة الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 232 صفحةالطبعة الأولى، 2014مالسعر: 10$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

ثورة التربية والتعليم
يتطرّق الكتاب الرابع في سلسلة الأطروحة التربوية التعليمية التي يقدمها السيد عباس نورالدين إلى أهم القضايا التي تواجه أي ثورة حقيقية تريد إعادة إنتاج التربية التعليمية وفق استحقاقات العصر ومتطلّبات الزمان وبما يتناسب مع التحدّيات التي يعيشها مجتمعنا.الثورة التي يدعو إليها الكاتب تطال جميع مفاصل التربية التعليمية من رؤى ومناهج وقيم وحتى تلك التفاصيل التي تعني كل عامل أو مهتم بهذا المجال المصيري. ثورة التربية والتعليم الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 216 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-033-0 السعر: 12$

روح المجتمع
كتابٌ يُعدّ موسوعة شاملة ومرجعًا مهمًّا جدًّا يمتاز بالعمق والأصالة لكلّ من يحمل همّ تغيير المجتمع والسير به قدمًا نحو التكامل، يحدد للقارئ الأطر والأهداف والسياسات والمسؤوليات والأولويّات والغايات المرحليّة والنهائيّة في كلّ مجال من المجالات التي يمكن أن تشكّل عنصرًا فعّالًا في حركة التغيير، على ضوء كلمات قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم روح المجتمع الكاتب: الإمام الخامنئي/ السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*25غلاف كرتوني: 932 صفحةالطبعة الأولى، 2017م ISBN: 978-614-474-020-0 سعر النسخة الملوّنة: 100$سعر النسخة (أبيض وأسود): 34$ للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراءه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

كيف نجعل المدرسة مرحلة إعدادية للحياة؟ تعديل أنظمة التقويم أولًا
يُقال إنّ أفضل وضعية للمدرسة في بيئتها ومناهجها وطرق تعليمها وحتى الموضوعات التي تطرحها هي أن تكون إعدادًا للحياة الواقعية أي نموذجًا مصغَّرًا عنها، هكذا نعدّ أبناءنا في المدرسة للتعامل مع الحياة بحكمة ومهارة وقدرة. إلا إن الحياة الواقعية، مليئة بالفرص وتمنح الإنسان إمكانية الإصلاح دائمًا ولا تضع حدًّا لتكامل الإنسان وعطائه وارتقائه، وهذا ما ينبغي أن يعيشه التلميذ في المدرسة

المدرسة الواقعية.. كيف ستكون مدرسة المستقبل
حين يكون المجتمع حرًّا ويمتلك أبناؤه الوعي الكافي لتقرير مصيرهم، هكذا ستكون المدرسة.إنّ أفضل إطار تنظيمي للمدرسة يتمثل في الأبعاد القيمية التي تضمن نموًّا حقيقيًّا وسريعًا للشخصية؛ وذلك بأن تكون المدرسة نموذجًا مثاليًّا للعالم الذي يُفترض أن يعيش فيه الإنسان لكي يتكامل ويحقق أفضل وأعلى مستوى من التفاعل مع عناصره ومكوّناته.

صناعة عالم الدين في المدرسة
بإمكان المدرسة أن تحقّق المعاجز ضمن الإمكانات المتاحةيدرك المتخصّصون في مجال العلوم الدينية أنّ تحصيل مستويات عالية من المعرفة والتخصّص والمهارات التعليمية أمرٌ ممكنٌ بسنواتٍ قليلة، وحتى دون شرط إنهاء المرحلة الثانوية. وفي الوقت نفسه لا يشك خبير متضلّع بما في هذه المعارف من تأثيرٍ عميق على مستوى صقل الشخصية وتقويتها وتوازنها؛ الأمر الذي نفتقد إليه كثيرًا في مدارس اليوم حيث العجز والانفكاك بين العلوم والتربية.

كيف تصنع المناهج هم تهذيب النفس؟ إطلالة معمقة على دور المدرسة في التربية
يمكن للتعليم المدرسي أن يساهم مساهمة كبرى في توجيه المتعلم نحو أحد أكبر قضايا الحياة وأهمها وأكثرها تأثيرًا على حياته ومصيره، ألا وهي قضية تهذيب النفس والسير التكاملي إلى الله. ولا نقصد من التعليم المدرسي تلك البيئة الفيزيائية المتعارفة، التي يمكن أن تكون معارضة تمامًا لهذا النوع من التربية والتأثير، وإنّما المقصود هو المناهج التعليمية التي يمكن صياغتها وتطويرها بحيث تصبح قادرة على جعل قضية التكامل المعنوي الجوهري همًّا واهتمامًا أساسيًّا، يعيشه المتعلم ويمارسه في هذه المرحلة العمرية الحساسة.

دور المدرسة في تقوية الفطرة
لكي يتحرّك الإنسان على طريق الكمال، يحتاج إلى عاملين أساسيين؛ الأول تشخيص الكمال الواقعي، والثاني الاندفاع نحوه. وقد تكفّل الله تعالى بتأمين هذين العاملين حين نفخ في الإنسان من روحه. فتشعّب هذا الروح إلى هاتين القوتين المسمّاتين بالعقل والفطرة.

المدرسة المثاليّة ... وأهم مخرجاتها
هناك عدّة أمور تحتّم علينا تطوير مدارسنا، بدءًا من الشكل والبناء، وانتهاءً بالمناهج، مرورًا بالبيئة والأساليب والإدارة. وأحد أهم هذه الأمور هي التحدّيات المفروضة علينا، والتي لم نبدأ يومًا بمواكبتها ومواجهتها بواسطة التعليم العام وفي جبهة البيئة المدرسيّة.

حين يصبح العلم كلّ شيء: ما هو دور المدرسة في تزكية النّفوس؟
حين يُطرح موضوع تزكية النّفس وتهذيبها، فلا شك أنّنا سنكون أمام قضيّة عمليّة. فالتزكية فعل والتّهذيب عمل، ولهذا قيل أنّ تهذيب النّفس لا يمكن أن يتحقّق من دون مجاهدة وسلوك.

تعرّف إلى: مؤلّفاتنا في التربية والتعليم
المدرسة النموذجيّة، المدرسة الإسلامية، التربية الروحيّة

المحور الأوّل للنّظام التعليميّ السّليم
من أهم القضايا التي تشغل بال أهل التربية والتعليم هي قضيّة العلم. لذا من أراد أن ينبي رؤية واضحة في التربية والتعليم يحتاج إلى تحديد موقفه من العلم.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...