
لا تلوموا من لا يبكي في عاشوراء... حتى؟
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب لماذا استشهد الحسين سبط الرسول
قبل أن نلوم من لا يبكي على الإمام الحسين عليه السلام في مجالس عزائه، يجب أن نتعرف إلى العوامل التي تحبس البكاء وتمنعه. ولا يمكن لنا أن نعرف ذلك إلا إذا عرفنا ما هي الأسباب التي تطلق حالة التأثر العاطفي الشديد هذه.
لا يوجد عاقل واحد في هذا العالم يمكن أن ينكر على الإنسان بكاءه. فالبكاء جزء أساسي من إنسانيتنا وكوننا بشرًا أسوياء. أجل، قد يحصل النقاش حول بعض الموجبات التي لا يؤمن بها البعض، أو الجدال حول ضرورة السيطرة على البكاء وضبطه.. إذا لم يكن الإنسان قادرًا على البكاء أبدًا وفي مطلق الأحوال، فلا شك بأنه يعاني من خلل تكويني يضعه في زمرة الأنعام (يدعي البعض أنّ الأنعام تبكي أيضًا!).
الذين ينكرون أو يستنكرون البكاء على مصاب سبط النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، هم في الغالب لا يعرفون حجم هذه المصيبة، أو قد يغلب عليهم جانب من هذه القضية، يرتبط بالمصير الذي آل إليه الحسين الشهيد وأصحابه. فتراهم كلما استحضروا المصيبة غلبت عليهم فكرة الحال التي كان عليها الإمام بعد شهادته في كربلاء، والحال التي هو عليها الآن. ولأن هذا الحال والمقام عظيم وجميل وفي غاية الروعة والنعمة، فإنهم يفرحون ويبتهجون ولا يجد الحزن إلى قلوبهم سبيلًا. عند هؤلاء تكون هذه الصورة حاضرة إلى الدرجة التي تمنع مجرد التفكير والتأمل في الفاجعة. ولأنهم قد اتخذوا موقفًا مسبقًا تجاه مجالس العزاء، فإن هذا الموقف لن يساعدهم على التوغل مع القارئ ومجلسه والمشاهد التي يعرضها والتي يتفتت الصخر من فجاعتها. شاهدنا أناسًا تربوا على مثل هذه الأفكار وانغرست في تكوينهم النفسي بحيث صار النعي والندب والعزاء بمثابة الصوت النشاز الذي يكرهون سماعه وينفرون منه من قبل أن يتسنى لهم حتى الإصغاء إلى كلامه.
بالنسبة لمن عرف ما في البكاء على الحسين الشهيد من ثواب وأجر وأثر، يعد هذا حرمانًا كبيرًا ومدعاة للأسف الشديد.
إنّ بعض موانع البكاء ترجع إلى نقص فادح في معرفة مقدمات أساسية تتعلق بالفاجعة وبالنهضة الحسينية أو صعوبة استحضارها. فما من إنسان في العالم عرف موقعية الإمام الحسين عليه السلام في دائرة الوجود ثم يسمع ما جرى عليه في كربلاء، إلا وسوف يلف قلبه حزن كبير لا مثيل له في أحزان العالم؛ تنهمر له الدموع حسرات، وتفيض له العيون ألمًا.. فأنّى للإنسان الواقعي؛ الذي ارتبط بأحداث العالم ووقائعه وما فيه من فجائع ومصائب ونقص وحرمان وكوارث وظلم وفساد يملأ أركانه، أن لا يستغرق في مثل هذا الحزن حين يعلم بأن كل ما يجري إنما كان بسبب إقصاء هذا الإمام وأبنائه المعصومين عن ساحة الحياة البشرية. ففي لحظة واحدة ستجتمع كل مصائب العالم وأحزانه في قلبه، لتفجّر عمق كيانه بحزنٍ عاشورائي لا مثيل له.
إنّ معرفتنا بما يمثله الحسين الشهيد في عالم الوجود يرتبط بفهم الإسلام ومعرفة قيمة الرسالة وإنجازاتها وأهميتها ودورها في تحديد مصيرنا كما قال تعالى: {وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها}.[1] فقط القاسية قلوبهم من ذكر الله هم الذين يعجزون عن تبيّن هذه العظمة وهذه القيمة في حياتهم. والذين يجهلون مثل هذه الحقائق والوقائع ولم يقدروا على معايشتها في حياتهم، ومعاينة بعض فوائدها التي لا تُحصى في وجودهم، لن يدركوا قيمة الإمام الحسين وسوف يمنعهم جهلهم هذا من التفاعل مع ذكر مصابه.. تصور لو أنك دخلت فجأة إلى مجلس عزاء ميت لا تعرفه ولا تعرف أي واحد من أقاربه ومعارفه، فهل ستبكي على نعيه أو تتأثر وأنت تجهل فضائله وإنجازاته وعظمة شخصيته؟!
أما بالنسبة لمجالس العزاء فبعضها لا يبدو مساعدًا على البكاء، وذلك حين يخالف المنطق الذي نفسر به الوقائع، فيعجز عن هداية المشاعر نحو البكاء المنشود. فلا شك بأن هم القارئ الأكبر يكون متوجهًا إلى إبكاء الحاضرين، لكنه قد يصدمهم حين يروي شيئًا يشغل عقولهم بالتفكر في مدى صوابيته وواقعيته وإمكانيته. بالنسبة لمن يفكر بمنطق، فإن أي مخالفة ومعارضة له ستكون عاملًا مانعًا من بعث الشعور. مثلما يحدث في أفلام السينما حين يبالغ المخرج في مشاهد لا يمكن أن تتحقق على أرض الواقع، فينقلب المشهد من مشهدٍ مؤثرٍ إلى مشهدٍ يبعث على الضحك.
في الزمن الأول، لم يكن المخرجون يعتنون بعدد الرصاصات التي يطلقها المسدس، فنجد البطل يقتل بمخزن واحد ثلاثين شخصًا تعويلًا منه على أن المشاهدين لا يعرفون شيئًا عن سعة مخازن الأسلحة المختلفة. لكنّ مشاهدي اليوم قد أصبحوا مطلعين ولا يمكن خداعهم بهذه البساطة.
الأمر نفسه ينطبق على ما يمكن أن نعبر عنه بالتراكم الشعوري. فحالة البكاء الأصيل لا يمكن أن تحدث فجأة ودون مقدمات. سواء كانت هذه المقدمات حاصلة في قاع النفس أو لا. فإذا أراد قارئ العزاء أن يوصل مستمعيه إلى هذه الحالة الشعورية، يجب أن يراعي الانتقال عبر هذه المقدمات بصورة منطقية والتي ستتراكم عندئذ لتفجر حالة البكاء، وأي انتقال من مقدمة إلى أخرى لا يراعي الترابط المنطقي بينهما، سيكون بمثابة الضربة التي تنزل على المشاعر فتكبتها بدل أن تبعثها. وكثيرًا ما يفشل القراء في هذا الفن، فلا يقدرون على تحقيق مبتغاهم من العزاء.
لا نشك بأن لمجالس العزاء أجواءها الروحية التي يرتبط قسم منها بعالم الغيب. لكن استحضار هذا الغيب وحضوره فيها يرتبط ايضًا بالقارئ وبالحضور ولو بفرد واحد منهم. فحين نجتمع ويحضر الإخلاص بيننا فمن المتوقع أن تمتد يد الغيب إلى قلوبنا لتحركها وتستولي عليها حالة القبض. فالله تعالى هو الباسط وهو القابض. سبحانه وتعالى عما يصفون.
[1]. سورة آل عمران (3)، الآية 103.

لماذا استشهد الحسين سبط الرسول؟
حقائق مذهلة حول عاشوراء..ما الذي ميّز نهضة الإمام الحسين(ع) عن غيره من الأئمة(ع) رغم أنّ هدفهم واحد وقضيّتهم واحدة؟لماذا كل هذا التأكيد على زيارة الإمام الحسين(ع) في جميع المناسبات، وهذا الثواب العظيم للبكاء عليه؟ماذا يعني شعار: "كل يوم عاشوراء، كلّ أرضٍ كربلاء"؟ وكيف يمكن أن نطبّق هذا الشعار في حياتنا، فنتصل بعاشوراء ونكون حسينيّين؟ما الجديد الذي يقدّمه لنا هذا الكتاب؟ لماذا استشهد الحسين(ع) سبط الرسول(ص)؟ الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 136 صفحةالطبعة الأولى، 2018م السعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي: القرّاء ككل شيء جميل يمضي تاركًا فينا أثرًا، كان هذا الكتاب..ترددت قبل قرأتي لهذا الكتاب فعلى غلافه الخلفي دُوّن أنه "للشباب من 14 إلى 18 "ولكل من فاتته فرصة الشباب"، فقلت في نفسي أصبح عمري 23 عامًا لقد أصبحت كبيرا على هذا الكتاب، ولكنّي قرأته بعد تشجيع أحد الأصدقاء وأدركت حينها أنّي ممن فاتته فرصة الشباب، وأدركت أني لا أعرف شيئا عن جوهر عاشوراء ومعانيها العميقة. ولعل أكثر فكرة رسخت في عقلي هي المقطع الأخير عن إتخاذ الموقف المناسب في الوقت المناسب وضرورة عدم الإبتعاد عن قضايا الحياة الكبرى وعدم التلكؤ أو التقاعس. ع. مكّي

هل صحيح أن الإمام الحسين (ع) جزع في كربلاء وتوسل أعداءه؟
من جانب يقولون لنا الإمام الحسين توسل للماء من العدو ورمى بنفسه على الأرض باكيا! و من جانب آخر يقولون لنا نفس القراء، كان الحسين يظهر أمام العدو بمظهر الشجاع الذي لا يبالي "ما رأيت مكسوًر قط قد قُتل ولده وأهل بيته أربط جأشًا ولا أقوى جنانًا من الحسين عليه السلام". سؤالي هو: لم يضيعونا هكذا؟

لماذا رفض الإمام الحسين (ع) تزويج ابنته؟
من نفحات العارف الرباني آية اللّه الكربلائي السيّد أحمد النجفي دام ظلّه: يعجزُ لسانُ الوجودِ عن مدحِ موجودةٍ كالسيدة سَكينة عليها السلام. في أحد الأيام، تقدمت جماعة من الناس لخطبتها، إلا أن الحسين عليه السلام أجابهم بالقول: "...وأما سَكينة، فغالب عليها الاستغراق مع الله تعالى فلا تصلح لرجل"، أي أنها ليست تلك الموجودة التي يمكن لها أن تتزوج في عالم الطبيعة. قالوا: مولانا، إنها بالغة وعاقلة وهي سيدة يمكن الاعتماد عليها، فكيف لا يكون عندها استعداد للزواج؟ قال عليه السلام: لأنه "غالب عليها الاستغراق مع الله تعالى"، فلا تستطيع النزول إلى هذا العالم والعيش مع الناس.

لماذا ودّع الإمام الحسين (ع) أمه وأخيه؟
لماذا قام الإمام الحسين (ع) بتوديع أمه وأخيه قبل خروجه من المدينة وهو قد علم أن لقاءه بهم أصبح قريبًا؟

كيف نجعل قضية الحسين (ع) حاضرة في حياة الطفل منذ حداثته؟
كيف يمكننا أن نربي الطفل بحيث تكون واقعة عاشوراء وقيمها والارتباط بالإمام الحسين حاضرًا في حياته منذ حداثته وبالشكل الصحيح؟ بمعنى آخر كيف نجعل هذه القضية قضية أساسية في حياة الطفل منذ حداثته؟

أيهما الأولى: شرب العباس للماء والذب عن الإمام الحسين وحرمه أم إيثار أخيه على نفسه
يُقال أن العباس رمى الماء بعدما اغترفه ورفض أن يشرب قبل الإمام الحسين(ع)، ومن ثم يذكرون أنّه لو شرب الماء لما هزمه الأعداء، ألم يكن الأولى شرب الماء والذب عن الإمام الحسين ع وحرمه؟ هل هذا محل إيثار؟

لماذا نبكي على الإمام الحسين(ع) إذا كان في أعلى عليين؟
لماذا نبكي على الإمام الحسين وأهله وأصحابه وما جرى في كربلاء من قتل وظلم من أكثر من 1400 عام وهم الآن في أعلى عليين ومقامهم في أعلى مراتب الجنان؟

ما رأيكم بكتاب الملحمة الحسينية؟
ما رأيكم بكتاب الملحمة الحسينية للشهيد مطهري من يشكك بأنّه له، ويقول أنّ الإمام لم يوصِ بقراءة هذا الكتاب تحديدًا، وأنّ فيه مسائل ليست صحيحة؟

الإمام الحسين(ع) هو الفادي الأكبر
كيف نستقبل هذا الفداء؟ وكيف نحافظ عليه؟

الحسين يعبّد طريق الكمال
من الطبيعي جدًّا أن يتساءل كلّ عاقلٍ حول ما جرى في عاشوراء، ويطرح الأسئلة الكثيرة، والمحرجة أو الذكية؛ وكيف لا يكون ذلك، وهذه القضيّة تُعتبر من أعمق القضايا وأكثرها حيرةً للإنسان. فمن الطبيعي أن يتساءل الإنسان كيف أنّ الله سبحانه وتعالى يسمح لشخصٍ بهذا المستوى وبهذا المقام أن يُقتل أو يُفعل به ما فُعل به في كربلاء. إنّ هول الفاجعة في عاشوراء هو أكبر ممّا يتخيّله أو يتحمّله إنسان، فما من قبح ما أو جرم أو فظاعة إلا وحدثت في مجريات هذه الحادثة الكبرى، فمن الطبيعي أن يطرح البعض أسئلة حول مدى صحّة ما جرى، ومدى دقّته وأمثال ذلك. إلا أنّ هذا ليس مدخلًا يساعد الإنسان على الوصول إلى الإجابات المطلوبة والصحيحة عن هذه الأسئلة. فهناك مقدّمة أساسية ينبغي أن تكون واضحةً أمامنا، وبعد ذلك يصبح الوصول إلى إجابات هذه الأسئلة ميسرًا، والأجمل من ذلك هو أنّ هذه الإجابات ستكون ملهمة جدًا وعاملًا مهمًّا في زيادة وعينا وفهمنا للحياة والوجود والمصير، خصوصًا على المستوى الاجتماعي والمسؤوليات الإلهية؛ وهذا المدخل هو أنّه ما معنى وجود الإنسان الكامل أو الولي الأعظم أو خليفة الله على الأرض؟
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...