
أيها أهم: المصالح الاقتصادية أم الكرامة الوطنية؟
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب أي مجتمع نريد؟
يوجد نوعان من العمالة للأجنبي. عمالة منحطة ينتظر فيها العميل أوامر سيده الخارجي لينفّذها تجسسًا أو تخريبًا؛ وعمالة يطبّق فيها العميل برامج أسياده الخارجيين بكامل الرضا والطواعية والاعتقاد، وهي أشد انحطاطًا وخبثًا.
حين يرتبط ابن البلد بالأجنبي ضمن شبكة واسعة من المصالح التي يشرك فيها عددًا كبيرًا من أقاربه وأبناء طائفته، تصير الوطنية في الحفاظ على هذه المصالح، أو يموت الوطن!
مشكلة هذا النوع من العمالة أنّ مؤيديها كثر، ربما يصبحون في بلد طائفي أكثرية في الطائفة. هنا سيكون للأجنبي شراكة في الوطن لا مثيل لها. لا يحتاج إلى سفير عبقري ليدير مشاريعه فيه، فعباقرة الطائفة جاهزون وذوو خبرة عريقة.
الذي يطالع أحوال الزعماء في لبنان، يجد العديد من أمثال هؤلاء الذين يكون انتماؤهم للخارج أكثر من انتمائهم للوطن. وهنا تضيع السيادة مهما حاولنا أن نحفظها.
سيادة الأوطان مدينة في قسم كبير منها للمشاعر الوطنية والقومية التي ترى الهوية الأصلية في الانتماء إلى الوطن نفسه. ماذا تفعل بأولئك الذين بيوتهم وقصورهم وأولادهم وأموالهم ومشاريعهم الاقتصادية المهمة في الخارج؟ هل يصح أن توليهم المناصب الحساسة؟ هل يوجد بلد في العالم يريد حفظ سيادته وكرامته الوطنية ويقبل بهذا النوع من الحكام والمسؤولين؟ في لبنان استولى أمثال هؤلاء على معظم مقاليد الحكم.
لكي نحفظ بعض السيادة نحتاج إلى ذلك الشعور القومي القوي. وللحصول عليه يجب أن نمنع وصول العملاء ـ على أنواعهم ـ إلى المناصب المهمة. يجب العمل على وضع تشريعات حقيقية في هذا المجال. منها ألّا يكون المسؤول حاملًا لجنسية أخرى. ومنها وهو الأهم، ألّا تربطه أي مشاريع بالخارج وخصوصًا الاقتصادية. ومنها ألّا يكون أفراد أسرته يقطنون البلاد التي يمكن أن تمارس الضغوط على بلدنا.
ربما سنحذف عددًا كبيرًا من المسؤولين بهذه الطريقة. لكن حفظ السيادة أولى وأهم.
إنّ ضعف الشعور بالكرامة الوطنية والعهر الذي نشاهده من بعض الزعماء بخصوص تغليب المصالح الاقتصادية على السيادة والكرامة يرجع بالتحديد إلى هذا النوع من العمالة. نظن للوهلة الأولى أنّ هؤلاء كثر. لكن الشرفاء والمحرومين وغير المنتفعين أكثرية.
إذا أردنا تطبيق مشاريع وطنية قوية نحتاج إلى العمل الجاد والذكي والمبدع على ترسيخ روح السيادة والكرامة. فُقد الكثير منها طيلة هذه العقود؛ لكن قوة الفكرة وعظمة المبدأ تمنحنا الكثير من القدرة والتأثير. يجب محاصرة كل من تسوّل له نفسه الاعتداء على كرامة الوطن والتقليل من شأنه، حتى لو كان بحجة الأزمة الاقتصادية.
للذين يريدون بيع الوطن بحفنة من الدولارات يجب أن نقول اخسؤوا فيها ولا تكلمون. وللمفارقة قد يستعمل هؤلاء مفردات السيادة والكرامة حين تنسجم مع مصالحهم. المعركة الفكرية هي الأشد وطئًا في هذا البلد الذي مزقته الطائفية البغضاء.

على طريق بناء المجتمع التقدمي
المجتمع التقدّمي هو المجتمع الذي يتحرّك أبناؤه نحو قمم المجد والفضيلة والكمال.المجتمع التقدمي هو التعبير الأمثل عن استجابة الناس لدعوة الأنبياء الذين أرادوا أن يخرجوا البشرية من مستنقع الرذيلة والحيوانية والعبثية لإيصالها إلى أعلى مراتب الإنسانية والنور..فما هي سبل إقامة هذا المجتمع؟وما هي العقبات التي تقف في طريق تحقّقه؟ على طريق بناء المجتمع التقدّمي الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14.5*21عدد الصفحات: 376الطبعة الأولى، 2019Isbn: 978-614-474-081-1السعر: 14$
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...