
أفضل معيار للإخلاص
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب كيف أصبح مخلصًا
جاء في الحديث القدسي: "الْإِخْلَاصُ سِرٌّ مِنْ أَسْرَارِي اسْتَوْدَعْتُهُ قَلْبَ مَنْ أَحْبَبْتُ مِنْ عِبَادِي".
المؤمن الساذج لا يعرف الله كما ينبغي ولا يخاف مقامه، لذلك فإنه قد يرتكب الكثير من الأخطاء بحق ربه. ومن جملة هذه الأخطاء الاستخفاف بشأن الله عن غير قصد، رغم فداحة هذا الخطأ؛ ومنها عدم الإخلاص له في التوجه والغاية والعمل. وحين يتبلور الإيمان ويتألق في قلب الإنسان يصبح الإخلاص أهم قضية في حياته على الإطلاق. فأي شيء لن يكون له قيمة إذا خلا من الإخلاص، ولو كان أعظم شيء في العالم أو بنظر الناس. وأي شيء سيكون له قيمة مطلقة تعادل الجنة وما فيها إذا نبع من الإخلاص ولو كان عملًا يسيرًا.
هكذا يبني المؤمن حياته ويشق طريقه للوصول إلى الإخلاص بعد أن يكتشف الفارق الكبير بين الرغبة والفكرة وبين التوجه وحقيقة النية. وإذ به أمام جهاد مرير قد يتطلب العمر كله بما فيه من فتن وبلاءات وتحديات واستحقاقات. وما أكثر ما سيجد هذا المؤمن نفسه أمام امتحان التضحية بكل غال ونفيس من أجل الإخلاص. لا بل ربما يجد أن الإخلاص يتطلب التضحية بنفسه لا بجسده فحسب. ولهذا قيل إن عمق جوهر الإخلاص في فناء النفس وزوال الأنا، أي في نفي الأنانية والإنية.
ولما كان الإخلاص أمرًا إلهيًّا وشأنًا ربانيًّا، فتحديده لا يكون باعتبار المعتبرين ولا نواياهم ورؤاهم. وعليه وجب أن نعرف حقيقته من مصدره.. فما الذي أراده الله من إخلاصنا، وكيف نكون مخلصين لله حقًّا؟
ولأن الإخلاص هو كمال التوحيد، فلا يُعرف إلا به، ولأن التوحيد حقيقة تحكي عن تفرد الحق المتعال بالوجود والكمال والتأثير، فإنّ الإخلاص يعني ابتناء النفس وكل ما يكون تحت حيطة اختيارها على التوحيد. فإذا كان تحقق الإخلاص في النفس يمر بفعل العبد الإرادي والاختياري، وجب أن يتماهى كل ما يختاره مع تلك الحقيقة التوحيدية وينسجم معها.. ففي نطاق الوجود لا ينبغي أن يكون وجود العبد مغايرًا لوجود الحق، وفي الكمال يُفترض أن يكون متحققًا بالكمال الإلهي فيتصف بصفات الحق وأسمائه، وفي الفعل يجب أن يقيم جميع أفعاله على أن تكون أفعال الله، وهذا ما لا يتحقق إلا في ظل ذوبان الأنا والصفة والفعل في إرادة الله.
ففي عالم الأفعال الذي هو أول ما يبتدئ به العبد رحلة الإخلاص، عليه أن يسعى لكيلا يصدر منه أي فعل إلا إذا كان مرادًا لله. وبهذه الطريقة يمكن أن يشهد حقيقة لا مؤثر في الوجود إلا الله. فالعبد لا ينشئ لكنه يشهد. وكرامته العظمى في الشهادة. والإخلاص هو سبيل الإنسان لشهود حقائق التوحيد، لأنه شاء أو أبى هو عبد داخر لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا، ولن يشاء إلا ما شاء الله. فلا أحد يمكن أن ينازع الحق في الوجود أو الكمال أو الإرادة والفعل.
إنّ الدعوة إلى الإخلاص العملي هي لأجل الخلاص من المنازعة التي هي عين الشرك. فما دام العبد يرى نفسه مؤثرًا، لا يمكن أن يشهد حقيقة لا مؤثر في الوجود إلا الله. واستقلال العبد بأفعاله باعتبارها صادرة من نفسه، هو الذي يجعله ندًّا لله فيرى نفسه شريكًا له.
رحلة الإخلاص هذه واجهت منذ البداية عقبتين أساسيتين:
الأولى، تحديد ما يريده الله تعالى.
والثانية، القدرة على تطبيق ما يريده الله وتنفيذه.
ولأن مجال العمل الصالح أوسع من تحديدات الشريعة كما يبدو للوهلة الأولى، فإن مساحة الأهواء سوف تتسع كثيرًا بحيث يصعب التأكد مما يريده الله في هذه المجالات.
صحيح أن هناك أحكامًا واضحة وتفصيلية فيما يتعلق بالصلاة والصيام والحج والزكاة وغيرها من الفرائض، لكن مجال أعمال البر أوسع من ذلك بكثير؛ خصوصًا حين نتجه نحو الأعمال الاجتماعية والسياسية والعسكرية، حيث قد تختلط فيها الأهواء بالمبادئ بصورة تعمى على أشد الناس ذكاء! وكل عاقلٍ مجرِّب سالك طريق الإيمان يعلم كم إنّ الصراط هنا دقيق دقة الشعر، وحاد حدة السيف. وحين تختفي المراقبة وتزول المحاسبة، يتسع مجال الأهواء في أكثر الميادين قداسة مثل ميدان الجهاد في سبيل الله وأنواع البر.
لأجل ذلك يُحرم الكثير من العاملين في مثل هذه الميادين من ثمار الإخلاص ونتائجه التي يُفترض أن تكون عظيمة وسريعة وملفتة. ولأجل ذلك احتجنا إلى معايير تعيننا على التخلص من أهوائنا في مثل هذه الفرص الكبيرة. وكان المعيار الجلي الذي جعله الله برهانًا ساطعًا لمن أراده بصدق، رغم أنه في غاية الإبهام والخفاء على من لم يكن الحق دليله؛ هو معيار الإصابة كما قال تعالى في بيان السر الأول في خلق الناس: {وَهُوَ الَّذي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ في سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا}،[1] وقد بين الإمام الصادق(ع) أنّ العمل الأحسن هو الأصوب.[2]
فلو انعطفت كل الجهود الفكرية والتخطيطية باتجاه الإصابة عند العاملين في هذه الميادين (التي تُعد فرصة عظيمة لنفي الأنانية وفناء الأنا)، لتكشّف الكثير من الأعمال العظيمة التي يُفترض القيام بها، ولاتّسعت ميادين الجهاد والأعمال الصالحة بصورة غير مسبوقة. فهذا الانسداد الذي تعيشه ساحات العمل في كل مكان إنما يرجع بالدرجة الأولى إلى فقدان هذا المعيار الأوّلي. فنحن نؤمن بأن في كل مشروع أو ميدان أو ساحة عمل، هناك شيء محدد يريده الله دون سواه؛ وإنما يتسع المجال للأهواء تحت عناوين الصلاحيات والولاية والاجتهاد حين نعجز عن اكتشاف هذا الشيء المحدد. وبذلك لن نحقق الإصابة أبدًا.
تُقام المشاريع المختلفة في كافة مجالات الحياة الاجتماعية، لكن أكثرها يعاني أو يفشل أو يتخبط؛ في حين أن من أهم معايير النجاح اتّساع النطاق وانطلاق الطاقات وبعث الهمم والرضا الوظيفي والاندفاع والحماس والإبداع والانجاز المتراكم وتآلف القلوب، وهي أمور يشتاق إليها المهتمون والمسؤولون الحريصون أينما ذهبتَ.
إنّ فساد العمل ينبع من عدم إصابة المطلوب. والله تعالى لا يُصلح عمل المفسدين.[3] فمهما كانت النوايا مخلصة بحسب الظاهر، إن لم تصب المطلوب، فلن يكون نتاجها سوى الفساد الذي يظهر بصورة الأخطاء والفشل والانسداد. ولو جرت سنّة الله في إصلاح أعمال المفسدين لما بقي في العالم أي حكمة أو قانون يُهتدى به. فكل النتائج السلبية للأعمال ليست سوى تنبيه إلى ما ينبغي عمله، بدل الإمعان في العمل نفسه.
يتطلب الاهتداء إلى العمل المطلوب (أي الإصابة) ما هو أكثر من القدرات الموجودة عند البشر. أجل، إن لم يكن هناك هداية إلهية خاصة، فلا ينبغي أن نتوقع إدراك الكثير من الأعمال التي ترجع في الواقع إلى منظومة مترابطة جدًّا. فكل عمل مطلوب يرتبط بمجموعة كبيرة من الأعمال المطلوبة. والأمر أشبه بهندسة شاملة لواقع كبير يفوق تصوره واستيعابه القدرات الذهنية العادية، وحتى قدرات الأذكياء. ولأجل ذلك، فإن اكتشاف العمل المطلوب لا يكون إلا بتأييد من الله عز وجل. وهذا التأييد غير ممكن إلا إذا كان الشخص العامل المسؤول مرضيًّا عند الله. ولكي يكون مرضيًّا يجب أن يكون في الموقع الذي يريده الله. ولا يكون كذلك إلا من أعرض عن المناصب والرئاسات وتنزه عن حب الجاه، وأتت إليه الرئاسة ذليلة. وما دام التكالب على المناصب والاندفاع نحوها والسعي إليها والتفاخر بها سائدًا، فلا ينبغي أن نتوقع أيضًا أن يصل من يريده الله إلى أي منصب أو موقع إداري.
إن إصلاح الأمر كله يعتمد أولًا على صلاح نظام الولايات وفق مبدأ العدالة، ووضع كل شخص موضعه، والرجل المناسب في المكان المناسب، وإقامته على منظومة قيمية أخلاقية رفيعة تنبذ كل أشكال الرئاسات الدنيوية، لكيلا يتسنم المناصب سوى من يُفرض عليه ذلك بالكره والتكليف والترجي. حينها تتنزل التأييدات الإلهية ويُعان كل مسؤول على مسؤوليته فيهتدي الجميع إلى هندسة الأعمال الشاملة، وتحصل الإصابة.
[1]. سورة هود، الآية 7.
[2]. عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: "{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}، قَالَ: لَيْسَ يَعْنِي أَكْثَرَ عَمَلًا وَلَكِنْ أَصْوَبَكُمْ عَمَلًا وَإِنَّمَا الْإِصَابَةُ خَشْيَةُ اللَّهِ وَالنِّيَّةُ الصَّادِقَة".
[3]. إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدين. [يونس، 81]

إشراقات الروح
لقاء الله هو الغاية القصوى من حركة الكائنات. لقاء الله هو الوجه الأبرز للمعاد الذي يعني العود إلى المبدأ. لقاء الله هو الحقيقة الكبرى التي ستتجلّى يوم القيامة.لقاء الله هو الهدف الأسمى لسير السالكين ورحلة العابدين ووجود المسلمين.فكيف سيكون هذا اللقاء؟ وكيف ينبغي أن نستعد له؟ إشراقات الروح الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 160 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-036-1 السعر: 10$

كيف أصبح مخلصًا؟
لو تأمّلت في نفسك وفي حياة غيرك لعلمت أنّ كلّ إنسان يريد الوصول إلى غايةٍ ما ويسعى نحوها؛ والخيار المطروح أمامنا هو في تحديد طريق السفر وغايته وسرعة السير والترحال. على صفحات هذا الكتاب سنحدثك عن رحلة هي أجمل وأعظم رحلة يمكن أن تقوم بها في حياتك؛ إنّها رحلة تعبر بك كل المحطات الجميلة التي تملأ حياتك سرورًا وحبورًا؛ إنّها الرحلة التي تفسّر لك كل شيء، فتجعل كلّ شيء واضحًا ساطعًا؛ إنّها رحلة الإخلاص. كيف أصبح مخلصًا؟ الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 152 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

معراج السالكين
كتاب في السير والسلوك والتوحيد والمعارف العقائدية ومنهج محكم في تهذيب النفوس وباب مهم للدخول إلى عالم العرفان الأصيل يتضمن من المعارف ما يضفي عليه صفة الموسوعية رغم صغر حجمه. يمثل منهاجًا دراسيًّا يكاد يصل إلى حد الاكتفاء الذاتي. فإذا فُهم جيّدًا يصنع الشخصية الإسلامية الواعية العميقة والشاملة الوثيقة.. إنّه باختصار لب مدرسة الإمام وروح نهجه الذي نبحث عنه في عشرات الكتب الأخرى. معراج السالكين الكاتب: الإمام الخميني إعداد: مركز باء للدراسات حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي وكرتوني: 400 صفحة الطبعة الأولى، 2009مالسعر (للغلاف الورقي): 8$السعر (للغلاف الكرتوني): 9$

سفر إلى الملكوت
المبادئ الأساسيّة لبناء حياة معنويّة رائعة.كتاب يتحدّى تفكيرنا ويحثّنا على إعادة النظر بما كنا نعتبره من المسلّمات أو الأمور التي لا تحتاج إلى تعمّق وتدبّر. سفر إلى الملكوت الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 406 صفحاتالطبعة الرابعة، 2017مالسعر: 10$ تعرّف أكثر إلى الكتاب من خلال الكاتب يمكنكم شراء الكتاب عبر موقع جملون على الرابط التالي:

عشر قواعد لحياة روحية عظيمة
عشر قواعد أساسيّة تدلّنا على كيفية الوصول إلى حياة روحانية صاخبة فوّارة طيّبة مفعمة بالنشاط والاندفاع. 10 قواعد لحياة روحية عظيمة الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 160 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 7.5$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

ابحث عن الإخلاص في شيء خاص
للذين يبحثون عن أسرع طريق للإخلاص أقول لهم مثل هذا الطريق موجود. للذين يبحثون عن أسرع طريق للإخلاص أقول لهم مثل هذا الطريق موجود.

ما هي الخطيئة الكبرى؟ في ليلة الغفران ما الذي يمنع التوبة؟
قد تعجب إذا سمعت أنّ هناك سيّئة واحدة تكفي لدخول الإنسان إلى جهنّم وبئس المصير، وأنّ هناك حسنة واحدة كافية لبلوغ الجنّة والرضوان. وهذا يعني أنّه لو قام الإنسان بكلّ أعمال البر ولم يتخلّص من تلك السيّئة، فكأنّه لم يفعل شيئًا؛ وأنّه إذا ارتكب ذنوب الثقلين وأتى بتلك الحسنة، فإنّ الله تعالى سيغفر له ويرحمه!

المقالة الثالثة، الباب الثالث، الفصل الثالث: في بيان بعض مراتب الإخلاص
الدرس 58 من دروس في سلسلة شرح دروس الأربعون حديثا

المقالة الثالثة، الباب الثالث، الفصل الثاني: في الإخلاص
الدرس 57 من سلسلة دروس في شرح كتاب معراج السالكين (الآداب المعنوية للصلاة)

المقالة الثالثة، الباب الثالث، الفصل الخامس: في ذكر بعض درجات الإخلاص
الدرس 61 من سلسلة دروس في شرح كتاب معراج السالكين (الآداب المعنوية للصلاة للإمام الخميني قده)

الصوم الهادف 4.. تحقيق الإخلاص
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز:{وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين، ألا لله الدين الخالص}.الإخلاص لله سبحانه وتعالى هو شرطٌ أساسي لقبول الأعمال وللقرب منه تعالى، فلا يُتقرّب إلى الله إلا بالاخلاص له، قال الله عز وجل في حديثٍ قدسي: "لا أقبل إلا ما كان لي خالصًا".وقد ورد في الحديث: "الصوم لي". بالتأكيد، كل العبادات هي لله سبحانه وتعالى، لكن كأن هذا الحديث يريد أن يقول لنا أنّنا بالصيام نستطيع بسهولة أن نستشعر حضور الله عز وجل والتوجه إليه وطلبه. فكيف ذلك؟
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...