
ظاهرة اللغة كقضية في التعليم
ما الذي يعرفه خريجو المناهج الحالية؟
السيد عباس نورالدين
إنّ اللغة كظاهرة كونية كانت ولا تزال تُعد أهم عنصر لقوة البشر؛ فلولا اللغة لما استطاع الإنسان أن يبلغ ما بلغه من شأن على مستوى الحضارة والعمران والفكر وحتى المعنويات؛ بيد أنّ العلاقة بين اللغة وهذه الإنجازات الكبرى لا تظهر بأي نحوٍ من الأنحاء في المناهج التعليمية الشائعة؛ بل نجد عملًا ممنهجًا يؤدي إلى طمسها بشتى السبل، والتي يصل بعضها الى درجة التآمر!
تأمّل في مخرجات التعليم الحالي وادرس واقع اللغة في فكر طلاب المرحلة النهائية، فإنّك لن تجد أثرًا لهذه الحقيقة. فمناهج اليوم تعمل بطريقة لا تبعث الوعي الذاتي تجاه ظاهرة اللغة. ونقصد بهذا الوعي تمكن التلميذ من تقييم نفسه وقدراته وأحواله من زاوية اللغة.
لقد جاء في بعض الأحاديث الشريفة أنّ رسول الله كان يقول يأتيني الرجل فيعجبني حتى إذا تكلم سقط من عيني. فهل يدرك تلامذة اليوم أنّ اللغة عنصر مقوّم ومحدد لمرتبتهم الوجودية؟ بل هل يعرف هؤلاء الخرّيجون المعنى الدقيق للمصطلح الأخير، ناهيك عن إدراك دور اللغة في تحديده؟
لقد ذُكر أنّ قيمة الإنسان باللسان، وأنّه كلما ازداد معرفة بالألسن واللغات ازدادت إنسانيته. فما هي المعايير والاعتبارات المرتبطة بقوة اللغة؟ وهل يوجد درجات في قوة اللغة؟ وهل هناك لغة أقوى من لغة؟ والأهم هنا ما هي المرتبة الأعلى من اللغة الأقوى؟ فما هي القوة التي تمنحها اللغة للإنسان؟ وكيف تتجلى هذه القوة في مهارات البيان؟
إن لم تقدر مناهج اليوم على تحقيق الوعي المطلوب تجاه هذه القضية، فكأنّها لم تفعل شيئًا. فكيف إذا كانت تعمل عكس ذلك، على الأقل فيما يتعلق باللغة التي نعتقد بأنّها الأرقى، والتي تحمل في طياتها اللغة الأقوى!
في كل لغة هناك درجات للقوة؛ وهذه مسألة لا أتصور وجود دراسات حالية متاحة يمكن الاستفادة منها لبيانها بصورة علمية دقيقة؛ لكن كل من يطالع أدبيات أي لغة، قد يدرك ما فيها من درجات القدرة؛ هذه القدرة التي تتمثل في التأثير على الآخر ـ والذي يفوق السحر (إن من البيان لسحرا، حديث شريف) ـ وفي سرعة فهم الحقائق والوصول إليها.
لهذا، ينبغي أن يكون تعليم اللغة متوجهًا إلى صناعة المؤثرية وتقوية مهاراتها بصورة واعية، بحيث يعلم التلميذ وكأنّه يشاهد بوضوح ذاك السلّم اللغوي الذي ينبغي أن يرتقيه؛ وبارتقائه يتصاعد في التأثير على الآخرين. ولعل الأهم من هذا أن يصل إلى درجة الوعي التام بدور اللغة في الاتّصال الفكري الذهني مع أهل العلم وتراثهم وآثارهم التي احتوت على الحقائق والأفكار في قوالب اللغة المختلفة.
إنّ اختزال أهم العلوم المعاصرة بالرموز الرياضية، واعتبار هذه العلوم صانعة القوة والحضارة، جعل الكثير من المتعلمين غافلين عن دور اللغة في تسهيل فهم الحقائق الكونية، حتى تلك التي ترتبط بهذه العلوم نفسها.
وحين نأتي إلى اللغة العربية، سنكتشف وجود مجموعة مهمة من العناصر والمميزات التي تجعلها حاضنة لأعلى مستوى من القدرة (اللغة الأرقى)، وذلك لأنّها اللغة الأقل تحريفًا من بين جميع لغات العالم، ولأنّها حفظت الكثير من التراث غير المحرّف، ولأنّها تحتوي على تراث معرفي قلّ نظيره؛ ولأنّها لغة كلام الله المجيد حين تنزّل في قالب القرآن، هذا الكتاب الذي حوى جميع حقائق الوجود في مقامه المكنون وعالم اللوح المحفوظ! فلو اقتنع المتعلّم أنّ طريق الوصول إلى تلك الحقائق الكبرى يمر عبر اللغة، وأنّ لهذه اللغة نظامها الأرقى الذي يجب أن يسعى لاكتشافه وإتقانه، لعرف أنّه أمام فرصة استثنائية للارتقاء في مدارج القدرة اللامتناهية.
إنّ مناهج اللغة العربية الحالية، وهي تعمل على جعل دراستها وتدريسها من أكثر التجارب ملالةً وضنكًا، إنّما تعمل على سلب المتعلمين أهم عوامل الاقتدار الذاتي. وكثيرًا ما يساورني الشك بأنّ هذا الأمر متعمد ومقصود، وإن لم يكن كذلك، فهو ينبع من ذهنية ترى الغالب على اللغة العربية كل ما يتصل بالتاريخ السحيق والأمجاد الغابرة التي لا عودة إليها؛ وكأنّ الطالب يدرس لغة ميتة لن يحتاج إليها، إلا إذا أراد التخصص في تراث الماضين، تمامًا كمن يدرس اللغة اللاتينية!
إنّ إشغال التلميذ باكتشاف عناصر الفصاحة والبلاغة والبيان والإعراب وقواعد النحو، على حساب الجمال والسلاسة والإتقان والعفوية، لا يزيد دراسة اللغة إلا تعقيدًا؛ في حين أنّ السر الأكبر في اكتساب اللغة وإتقانها يكمن في عفوية تلقيها وعدم اعتبارها علمًا خاصًّا، فهي سارية في كل مجالات الفكر الإنساني ولا ينبغي تدريسها كمادة مستقلة. وبدل أن يكون هناك حصص أسبوعية للغة ينبغي أن يكون هناك قضايا يتم عرضها بوسيلة اللغة ومنها ولا شك قضية اللغة نفسها!
إنّ الخلل الأكبر في مناهج اليوم يتمثل في إعطاء اللغة حصصًا إلى جانب حصص التاريخ والجغرافيا والعلوم والتربية؛ أوليست كل هذه المعارف معروضة في قالب اللغة؟! فما الذي نريد إيصاله إلى ذهن الطالب، أنّ اللغة هي محل مناقشة القضايا السخيفة والسطحية!؟ أو أنّها محل تحليل أمور لا يُعرف مدى ارتباطها بحياته؟
الإعراب الذي ينبغي أن يكون تعبيرًا عن الفهم، أصبح علمًا يستخدم كل أشكال التعقيد والتعمق غير المفيد. فكيف لا يدرك الذي يتقن اللغة أنّ هذا فاعل وذاك مفعول به وهذا حال وذاك تمييز؟ فلماذا نجعل من الإعراب وسيلة لقتل الإعراب؟
إنّ المناهج الناجحة هي التي تري الطالب في بداياته ما ينبغي أن يتجه إليه في نهاياته، حيث العالم العجيب المعجز للغة التي لو اكتشفها لأصبح أقوى إنسان على وجه الأرض.

المدرسة الإسلامية
يعرض لأخطر المشاكل وأهم القضايا حول أوضاع المدارس الحالية، التي تبنت المناهج الغربية، وذلك بالطبع بحثًا عن المدرسة المطلوبة التي تنسجم مع حاجات المجتمع وثقافته. كل ذلك من أجل بعث حركة فكرية جادة بين المهتمين بالتعليم عن طريق بناء الرؤية الشاملة للتربية التعليمية في الإسلام. المدرسة الإسلاميّة الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 232 صفحةالطبعة الأولى، 2014مالسعر: 10$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

ثورة التربية والتعليم
يتطرّق الكتاب الرابع في سلسلة الأطروحة التربوية التعليمية التي يقدمها السيد عباس نورالدين إلى أهم القضايا التي تواجه أي ثورة حقيقية تريد إعادة إنتاج التربية التعليمية وفق استحقاقات العصر ومتطلّبات الزمان وبما يتناسب مع التحدّيات التي يعيشها مجتمعنا.الثورة التي يدعو إليها الكاتب تطال جميع مفاصل التربية التعليمية من رؤى ومناهج وقيم وحتى تلك التفاصيل التي تعني كل عامل أو مهتم بهذا المجال المصيري. ثورة التربية والتعليم الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 216 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-033-0 السعر: 12$

المدرسة النموذجية
إنّ القوّة الأساسيّة للمدرسة النموذجيّة تكمن في برامجها ومناهجها التي تتميّز بقدرتها على تقديم المعارف والمهارات بأحدث الطرق وأسهلها، وتعتصر كل التراث العظيم للبشريّة وتتّصل بكامل التّراث الاسلامي وتقدّمه لطلّابها عبر السنوات الدراسيّة كأحد أعظم الكنوز المعرفيّة. وهكذا يتخرّج طلّابنا وهم متّصلون بهذا البحر العظيم لكلّ الإنجازات الحضاريّة في العالم كلّه ويمتلكون القدرة التحليليّة اللازمة لتمييز الخير من الشرّ في جميع أنحائه. المدرسة النموذجيّة الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 140 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

روح التربية
الإنسان لا يأتي إلى الدنيا فاسدًا. في البداية يأتي إلى الدنيا بفطرة جيّدة وهي الفطرة الإلهية "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَة"، وهذه هي الفطرة الإنسانية فطرة الصراط المستقيم والإسلام والتوحيد. أنواع التربية هي التي تفتح هذه الفطرة أو تسد الطريق على الفطرة. التربية هي التي يمكن أن توصل المجتمع إلى كماله المنشود، وهي التي تجعل البلاد إنسانية نموذجية كما يريدها الإسلام روح التربية الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 192 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

صناعة الجيل المتفوق يبدأ من اللغة.. ما هو تأثير اللغة العربية في صراع الأمم
من القضايا المهمة التي ينبغي أن تُطرح في موضوع التعليم والمدرسة والمناهج التعليمية صناعة الإنسان المتفوّق، لأنّ هناك صراعًا خارجيًّا حتميًّا يجري بين الأمم؛ حتى لو رفضنا هذا الصراع، فإنّه آتينا لا محالة. من القضايا المهمة التي ينبغي أن تُطرح في موضوع التعليم والمدرسة والمناهج التعليمية صناعة الإنسان المتفوّق، لأنّ هناك صراعًا خارجيًّا حتميًّا يجري بين الأمم؛ حتى لو رفضنا هذا الصراع، فإنّه آتينا لا محالة

تعالوا نقضي على الأمّية اللغويّة... لماذا يجب تطوير برامج تعليم اللغة العربية؟
إنّ مطالعة سريعة لمستوى اللغة العربيّة في خرّيجي المدارس الثانويّة يدلّ على مشكلة حقيقيّة، تتفاقم آثارها لتطفو على سطح الشخصية في جميع مجالات الحياة. وإذا كان ثمّة اتّفاق حول دور اللغة في بناء الفرد وأهمّيتها في حفظ ثقافة المجتمع، فإنّ الخطوة الأولى على طريق المعالجة تكمن في تحديد المستوى المطلوب لتحقيق هذه الأهداف الإسلامية.

4 أصول أساسية لتعلّم اللغة.. كيف نجعل أبناءنا يمتلكون مهارات لغويّة عالية؟
حتّى في عصر التكنولوجيا والحواسيب الفائقة السّرعة، ما زالت اللغة تشكّل قدرة أساسيّة لا بديل لها. وقد يدهشك مدى ما يمكن أن يبلغه الإنسان من تأثير ومن قدرة اقتصاديّة واجتماعيّة ومعنويّة فيما إذا كان بارعًا في استخدام الكلمات!

المدرسة النموذجية: كيف ستكون المدرسة في المستقبل
إنّ القوّة الأساسيّة للمدرسة النموذجيّة تكمن في برامجها ومناهجها التي تتميّز بقدرتها على تقديم المعارف والمهارات بأحدث الطرق وأسهلها، وتعتصر كل التراث العظيم للبشريّة وتتّصل بكامل التّراث الاسلامي وتقدّمه لطلّابها عبر السنوات الدراسيّة كأحد أعظم الكنوز المعرفيّة. وهكذا يتخرّج طلّابنا وهم متّصلون بهذا البحر العظيم لكلّ الإنجازات الحضاريّة في العالم كلّه ويمتلكون القدرة التحليليّة اللازمة لتمييز الخير من الشرّ في جميع أنحائه.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...