
عن المؤسسات الطاردة
فلنبحث عن السبب الأول لانحراف الشباب
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب أي مجتمع نريد
المؤسسة التي يُفترض أن تكون إدارة ذكية للطاقات البشرية، يمكن أن تكون طاردة للطاقات المبدعة والقوية. هنا يُقال إنّ المؤسسة تخالف فلسفة وجودها باعتبار أنّ المؤسسات قامت على اجتماع الطاقات وتمركزها في مشروعٍ واحد، يُفترض أن يؤدي إلى نتائج تفوق نتاج الأفراد متفرقين. أفشل المؤسسات هي التي يتم التفوّق عليها من قبل أشخاص يعملون منفردين.
أهم عنصر للطرد في أي مؤسسة يتمثل في تلك الثقافة السائدة فيها والتي تحكم توجهاتها وأطرها وسياساتها وتؤدي إلى ضمور الاهتمام بجذب الطاقات المبدعة إلى أقصى حد.
حين تكون المؤسسة خيرية تعمل لصالح المجتمع بأي مجال سياسي أو أمني أو تربوي أو اقتصادي، يُفترض أن تتبنّى ثقافة جذب الحد الأقصى من الطاقات حتى لو تطلّب ذلك تغييرًا في هيكلياتها. الرسالة التي تحملها المؤسسة الخيرية تتعارض مع طرد الطاقات وتنفيرها. تصبح كل أعمال الخير التي تقوم بها في مثل هذه الحالة ذات آثار عكسية. يتهم الناس مثل هذه المؤسسات بأنها تهدف إلى تحقيق منافع خاصة. طلب الخير للمجتمع لا يجتمع ولا ينسجم بتاتًا مع مثل هذه الرسالة المغلوطة.
في المقابل، لا يوجد عامل يؤدي إلى نفور الشباب من الدين مثل مشاهدتهم للمتدينين في تجربتهم الإدارية، وهم غير مكترثين لطاقاتهم واقتراحاتهم وإبداعاتهم. كل الكلام المعسول حول الدين والتدين يفقد قيمته عند الشباب حين يصدر من قيادات لا تعبأ بتشغيل طاقاتهم. في الشباب رغبةٌ واندفاع كبيران للمساهمة في حل مشاكل المجتمع ومساعدة الناس والقيام بأعمال الخير. يخطئ من يظن أن هم الشباب الأول هو الكسب المادي وتأمين العيش.
إذا لم نتمكن من ترسيخ ثقافة الحاجة إلى الطاقات في مؤسساتنا الخيرية التعليمية والصحية والاجتماعية والتعبوية والاقتصادية، فسوف تفقد هذه المؤسسات العنصر الأول لنجاحها أيضًا. المصيبة سوف تعم المؤسسة والمجتمع معًا، لأن روح المؤسسة الخيرية تُستمد من اتصالها العميق بهذا المجتمع.
هناك عوامل عدة تقف وراء ضعف هذه الثقافة وتراجعها؛ يمكن ارجاعها إلى الرأس الذي يدير مثل هذه المؤسسة، لكن لا ينبغي الاستهانة بالهيكليات الإدارية التي تجعل المدراء عاجزين عن استقطاب الطاقات وتشغيلها بصورة صحيحة أيضًا.
حين يرى المدراء أن عملهم طعمة لهم، يقتاتون من مناصبهم الجاه والمال والاعتبار، فسوف يسعون بكل قوتهم وسلطتهم لفرض صورة تفوّقهم وكونهم الأفضل والأذكى والأقدر على جميع العاملين. ومثل هذه الذهنية تتعارض تمامًا مع ثقافة الإبداع كأولوية في العمل، لأن الإبداع سيمثل تحديًا مستمرًا لتلك الصورة المزعومة. وهو أمر لن يتحمله أمثال هؤلاء المدراء أبدًا.
الهيكليات الإدارية الضيقة تجعل إدخال عناصر جديدة مبدعة أمرًا صعبًا جدًا، لأن الإبداع يتطلب مرونة عالية في الإدارة. لا يُعرف المبدعون ولا يتم اكتشافهم في الأغلب إلا بفضل هذه المرونة الإدارية التي تسمح بهامش واسع من التجارب الجديدة.
التصور السائد بأن مشكلة الإنتاجية ترجع إلى ضعف الإمكانات وقلة الميزانيات يغفل عن حقيقة كبرى وهي أن الطاقات البشرية تأتي أولًا وهي التي تفتح أبواب الإمكانات. الحديث الشريف الذي ينصح الرجال بالزواج إن أرادوا يسرًا في العيش ووفرة حيث يقول: "تزوجوا النساء فإنهنّ يأتين بالمال"، [مكارم الأخلاق، ص196]، إنّما يدل على قيمة العنصر البشري في التوسّع الاقتصادي، خلافًا لما هو سائد بأنّ تزوج النساء مجلبة للفقر والضيق.
لا مبرر وجيهًا عند مدراء وقادة المؤسسات الخيرية وغير الربحية لعدم الحرص والاهتمام باستقطاب الشباب المبدع والتائق للعمل والخدمة؛ كلها أوهام تسقط أمام رؤيتنا الدينية وحتى العقلائية التي نستنبطها من تجارب الآخرين. لكن علينا أن نرى زرافات الشباب تخرج من الدين كل حين ما لم نصلح هذه المؤسسات فيما يتعلق بهذا العنصر المحوري. كم هو واهم وبعيد عن الواقع من يفتش عن أسباب هذه الانحرافات الشبابية بعيدًا عن أداء المؤسسات التي يتطلّع إليها الشباب بعين الأمل.
يبدأ اليأس والإحباط والملل والبطالة والأفكار الشيطانية والميول السيّئة عند الشباب، حين لا يجدون مجالًا لصرف طاقاتهم وتفعيلها. ويُصاب المبدعون منهم من أصحاب الأفكار والطموحات الكبرى بالمقتل، حين يرون كبراء المجتمع غير عابئين بهم. إنّ سوء الظن ـ الذي يحمل معه كل التفسيرات الخاطئة للتجربة الجهادية للكبار، ويتأكد مع ضعف التواصل وانقطاعه ـ إنما يبدأ من عدم إقبال الكبار على الشباب بالثقة والإيمان بطاقاتهم ودوافعهم.
لا يتحمل الشباب عدم اهتمام الكبار بهم مهما قدّموا من أعذار، وتعجز عقولهم عن إدراك أسباب ضعف النظام وتعقيداته. ولا يمكن للقيّمين على الأعمال أن يفرضوا عليهم هذا المستوى من الوعي. حين أوصانا الدين بصلاة الجماعة فرض على الإمام أن يصلي صلاة أضعف المأمومين، وحذّرنا من أن نكون فتّانين في صلاتنا، كأن نطيل فيها إلى الدرجة التي تنفر المبتدئين. إنّ مسؤولية الحفاظ على دين الشباب تقع على عاتق أولئك الذين شاء القدر أن يبتليهم بالمناصب والمسؤوليات.

كيف أجعل مجتمعي قويًا؟
في ظل هذا المجتمع المنيع يتمكن الشاب المسلم من الحفاظ على قيم دينه الذي أنزله الله ليكون أعظم هدية لكل مجتمعات العالم وشعوبه التي تتوق إلى الانعتاق من قيود الظلم والضياع. فما هي مكونات المجتمع القوي، وكيف يمكن للشباب أن يجهّزوا أنفسهم ليشاركوا في أجمل الأعمال وأكثرها تشويقًا. كيف أجعل مجتمعي قويًّا؟ الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 112 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

روح المجتمع
كتابٌ يُعدّ موسوعة شاملة ومرجعًا مهمًّا جدًّا يمتاز بالعمق والأصالة لكلّ من يحمل همّ تغيير المجتمع والسير به قدمًا نحو التكامل، يحدد للقارئ الأطر والأهداف والسياسات والمسؤوليات والأولويّات والغايات المرحليّة والنهائيّة في كلّ مجال من المجالات التي يمكن أن تشكّل عنصرًا فعّالًا في حركة التغيير، على ضوء كلمات قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم روح المجتمع الكاتب: الإمام الخامنئي/ السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*25غلاف كرتوني: 932 صفحةالطبعة الأولى، 2017م ISBN: 978-614-474-020-0 سعر النسخة الملوّنة: 100$سعر النسخة (أبيض وأسود): 34$ للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراءه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

على طريق بناء المجتمع التقدمي
المجتمع التقدّمي هو المجتمع الذي يتحرّك أبناؤه نحو قمم المجد والفضيلة والكمال.المجتمع التقدمي هو التعبير الأمثل عن استجابة الناس لدعوة الأنبياء الذين أرادوا أن يخرجوا البشرية من مستنقع الرذيلة والحيوانية والعبثية لإيصالها إلى أعلى مراتب الإنسانية والنور..فما هي سبل إقامة هذا المجتمع؟وما هي العقبات التي تقف في طريق تحقّقه؟ على طريق بناء المجتمع التقدّمي الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14.5*21عدد الصفحات: 376الطبعة الأولى، 2019Isbn: 978-614-474-081-1السعر: 14$

لماذا تنحسر المؤسّسات الإسلامية التعليمية؟
نسمع عن مؤسّسات تعليميّة إسلامية تصل إلى مرحلة تضطر معها للتخلّص من معلمين ومعلمات، امتلك بعضهم خبرات سنين متمادية، لا يمكن تحصيلها بسهولة في أي معهد إعدادي.ومن جانبٍ آخر، لا أحد ينكر أنّ مجتمعنا مازال يعاني من نقصٍ حاد فيالخبرات التعليمية والعلم وتأمين التعليم المناسب. إنّ مشكلة التعليم سواء في مجال المهارات أو المعارف هي مشكلة متفاقمة، لأنّ معظم المدارس الحالية لا تؤمّن الحد الأدنى اللازم من التعليم المطلوب.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...