ذكور عجولون.. حين يُطلب الجنس قبل الأوان

السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب شركاء الحياة

تقول: "أنا فتاة معروفة بحسني وجمالي، تقدم لي الكثيرون، لكنّهم كانوا يطلبون المقاربة الجنسية بعد عدة أيام من التعارف والتواصل. كان الأمر يجعلني أشعر بالاشمئزاز واقطع تواصلي معهم مباشرة.. أعمل لهم بلوك في كل صفحات التواصل الاجتماعي".

يحدث أحيانًا أن يطلب الرجل أثناء مرحلة التعارف فسح المجال للتقارب الجنسي مع الفتاة التي ينوي الزواج منها. وقد يؤدي ذلك إلى عواقب وخيمة على العلاقة وينهيها قبل بلوغها الثمرة المطلوبة وهي الزواج نفسه!

يوجد عوامل عدة قد تدفع الرجل نحو هذه الخطوة.. إن استثنينا المخادع اللعوب، يظن العديد من الشباب أنّ هذا التقارب الجنسي يمكن أن يُطمئنهم تجاه نجاح الزواج في المستقبل: فالتصرّف أو الأداء الجنسي (وليس الأفكار المتعلقة به) هو الذي يحكي عن طبيعة شخصية المرأة في الزواج.

هناك من يتصور أن هذه المرحلة هي فرصة لتجربة حلوة قد تثبت لهم أنّ زواجهم سيكون حلوًا أيضًا. بتصورهم، إنّ هذه التجربة ستكشف عن جانبٍ مهم من شخصيتهم، لم يتمكنوا من اختباره من قبل.

الحاجة الشديدة والجاذبية القوية أمر لا يمكن إنكاره، مع إغراء الشريعة بإمكانية حصول تقارب حلال في بعض الحالات.
الدوافع السليمة متعددة سواء كانت غريزية أو نفسية أو حتى عقلائية. لكن الاستعجال وطلب الثمرة قبل أوانها يمكن أن يحرمنا من الثمرة نفسها.

بسبب الجهل بشأن عوامل تحقق الرضا والمتعة في العلاقة الجنسية، لا نلتفت إلى أن هناك مقدمات نفسية مهمة عند الإناث، حصولها ضروري لإقبالهن أو تفاعلهن المطلوب فيها. الرجل في أعماق نفسه لا يريد مقاربة جسد، فهو يريد إقبال روح تتفاعل معه بانسجام تام وبالإعراب والمتربة. كما وعد الله تعالى أهل الجنة بأن يكون لهم العُرُب الأتراب الصريحات الواضحات الخاضعات.

إنّ غلبة الوهم في تصور العلاقة الجنسية على أنها مقاربة بين جسدين أو عضوين، سيغطّي على حقيقة ما نطلبه من هذه العلاقة الممتعة. وهكذا ينسى هؤلاء العجولون أن المرأة لن تبذل أجمل ما عندها، إن لم تشعر بالأمان والطمأنينة والحب والود والاستقرار (الذي يُفترض أن يتحقق بالزواج).

قد تدفعها شدة حاجتها للزواج إلى القبول بهذا العرض المستعجل، وتمشي مع الخطيب وتسايره في نوع من المقاربة الجنسية. لكن عدم توفر الشروط المذكورة والمقدمات اللازمة، لن يُظهر طاقتها وإمكاناتها في هذا المجال، أو قد يُظهرها بطريقة معكوسة أيضًا.

 وهكذا يخرج هذا الشاب العجول بفكرة أو نظرة خاطئة عن الطبيعة الجنسية لزوجته المرتقبة. وقد يدفعه ذلك إلى الانسحاب من الزواج أيضًا. ومن هو الخاسر؟ الاثنان معًا.

إنّ تساهل الرجال بشأن أهمية تحقق الانسجام التام وثمرته العاطفية لنجاح الحياة الجنسية، يجعلهم غير ملتفتين إلى عظمة الحب ودوره الكبير في تحقيق المتعة المطلوبة من التقارب بكل أشكاله. هذا التساهل قد ينشأ من ضعف الذكاء العاطفي والجهل الكبير بشأن الحب نفسه. فمن الذي يثقف الشباب على الحب في هذا الزمن؟!