
الوجه الأخطر للإنترنت
لماذا نرى مستقبل البشرية في خطر
السيد عباس نورالدين
الشبكة العالمية (الإنترنت) نتاج طبيعي للمسار التقني الذي سلكه الغرب منذ عدة قرون. وأيّ متابع لهذا المسار يدرك جيّدًا كيف وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه اليوم. فلا مؤامرات محاكة ولا خططًا سرّيّة للسيطرة على العالم والتحكّم بالبشر تقف وراء هذه الإنترنت التي نستخدمها اليوم؛ وإنّما هي مجالات وميادين تُفتتح وتتوسّع في مختبرات علمية ومراكز بحثية؛ فيسبق فيها من كان مستعدًّا وينتصر ويتغلب من كان مهيّئًا.
الإنترنت قدرة عظيمة، نعلم عنها القليل، رغم أنّنا عايشنا بدايتها؛ أو هكذا يبدو الأمر لنا.. لكن جهلنا بالكثير مما يرتبط بهذه التكنولوجيا، يرجع بالدرجة الأولى إلى الظن بأنّنا نعرف قصة نشوئها وتشكّلها وتطوّرها. فالإنترنت قبل أن تكون وسيلة تقنية صرفة، هي ابنة بيئة خاصة نجهل الكثير عنها.. ولهذا، أُخذنا على حين غرة في كل ما يتعلق بها.
إنّها بيئة الغرب المتشكّلة من رؤية كونية ونظرة للحياة والآخر، وأنظمة للسياسة، واستعمالات للتكنولوجيا وتراث أكاديمي وسيانسي واسع وعريق..
ما هي هذه القدرة الكامنة في الإنترنت؟ وإلى أين يمكن أن تؤدي؟
سؤالان أساسيّان، أصبح من الضروري والواجب التعرّف إلى الأجوبة والتفسيرات الدقيقة المرتبطة بهما؛ هذا في حال أردنا أن ننجو من هذا الوحش المستقبلي الذي يهدّدنا ويتهدّد ثقافتنا بالفناء.. أجل، فجزء مهم من هذه القدرة يرتبط ببناء الوعي العام، وبتشكيل ما يمكن أن نعبّر عنه بالجبهة الشعبية الشاملة. ولا يكفي للنجاح والبقاء في هذه المواجهة الجديدة تشكيل طبقة من النخبة الواعية (رغم أنّها غير موجودة حتى في الحدّ الأدنى).
الاستعمالات الواسعة الجديدة للإنترنت والتي فاجأت المتشرّعين الإسلاميين، تشبه إلى حدّ كبير ما حصل مع هذه الشريحة حين غزتنا أجهزة الراديو والتلفاز قبل حوالي سبعين سنة. فما كان بحوزتنا من فقه أكبر وأصغر لم يجعلنا قادرين على مواكبة هذا الغزو بالطريقة التي تمنع أن يتحوّل إلى وسيلة لتهديم ثقافتنا وقيمنا والتحكم بمصيرنا، فضلًا عن أن نكون قادرين على نشر قيمنا ومبادئنا.. غاية الأمر أنّ ما لدى الإنترنت اليوم، وما سيكون لها في الغد من قدرة ثقافية معنوية تحكّمية يفوق ما امتلكه التلفاز بأضعاف كثيرة.. لكن للأسف فنحن ما زلنا نحن إلى حدٍّ كبير، حيث نستمر في مقاربة قضايا الحياة بتلك الأدوات والوسائل المعرفية التي كانت تُستخدم للتعامل مع قضايا الحياة التي ترجع إلى عصور ما قبل التكنولوجيا والعولمة.
إنّ فهم القدرة المتولّدة من الشبكة العالمية لا يمكن أن يحصل من خلال مشاهدة الآثار الناجمة عن استعمالها على صعيد الشباب والأطفال وفي مقطع زماني محدّد. لأنّ الإنترنت ولدت لتكون ـ شئنا أم أبينا ـ أقوى وسيلة شهدها العالم على صعيد التحكّم بحياة الإنسان ومصيره من المهد إلى اللحد.
الانفعال الحاصل من مشاهدة الآثار السلوكية الهدّامة جرّاء التواصل الاجتماعي المفتوح، وما يحمله من إمكانات على صعيد تفعيل الشهوات، ليس طريقًا مناسبًا لفهم حقيقة الإنترنت ولا الإجابة عن السؤالين المذكورين.
نحن نقدّر الحساسية الفائقة والتاريخية (التي ترجع إلى ما قبل الإسلام) تجاه قضية العرض والجنس والعلاقات، لكن غياب الحساسية المطلوبة تجاه قضية الحرّيّة (التي هي أخطر بكثير) يفقدنا الأداة اللازمة أو يبعدنا عن الطريق الصحيح لمقاربة قضية الإنترنت وفهم تبعاتها وإمكاناتها كما ينبغي.
لقد دفعت الحساسية الأولى حكومات ودولًا عديدة لبذل جهود جبّارة على مستوى صدّ المواقع الإباحية وأمثالها؛ ربما لما رأتها العقليات الحاكمة فيها من آثار مباشرة على مستوى الشباب والأطفال. لكنّها يبدو أنّها غفلت عن عنصر أساسي في الشبكة العالمية، وهو الذي يرتبط بمستقبل حرّيّة الإنسان كمخلوق ينبغي أن يحدّد مصيره الجميل ويتّجه نحوه بوعي تام وإرادة مطلقة، ومعه الحكومات التي يفترض أن تحقّق أعلى درجات الاستقلال السياسي والاقتصادي والأمني أيضًا.
إنّ أحد أوجه القدرة العظمى التي توفّرها الإنترنت هو ذاك الشيء الذي لا يتحقّق ولا يناله إلّا المستعدّون القادرون على استخدامه، وهو ما يمكن أن نعبّر عنه بالقدرة على استعمال المعلومات الهائلة التي تؤمّنها مناجم الإنترنت للأجهزة الحكومية الكبرى والشركات العابرة للقارات (أي في السياسة والاقتصاد).
حكوماتنا ودولنا لم تتأسّس على قاعدة الرأي العام واحترامه واستعماله؛ ومن كان منها شعبيًّا، فهو قليل الخبرة فيما يرتبط بهذه العملية الدقيقة. في حين أنّ هناك دولًا وشركات أصبحت ذات باع طويل في استخدام المعلومات الهائلة لتحقيق أهدافها وتنفيذ مخطّطاتها العالمية.
فنحن لسنا أمام قوى تمتلك الوسائل المتعدّدة للوصول إلى مناجم المعلومات الهائلة فحسب، بل نواجه تلك القوى التي يمكنها استعمال هذه المعلومات للتحكّم بالأفراد والحكومات والمجتمعات كما يحلو لها.
إنّ أقل ما يمكن أن يقال في هذا المجال أنّ هذه القدرة المزدوجة تزداد على مدى الأيام من حيث الإمكانات الهائلة المرتبطة بصناعة الرأي العام والخاص والتحكّم بحياة الناس وتوجيهها؛ كل ذلك يجري في غفلة تامة ورضى وسعادة.
والذين يمتلكون حساسية شديدة تجاه عملية التحكّم هذه، باتوا ينقسمون اليوم إلى فئتين؛ الأولى: ترفض ذلك باعتبار أنّه غير أخلاقي وغير إنساني. والثانية تعارضه لأنّها غير قادرة على الحصول عليه أو المنافسة فيه.
نحن نعتبر أنفسنا من الفئة الأولى، لأنّنا نؤمن بالإرادة الحرّة للإنسان ونرفض كل أشكال الاستعباد حتى الذي يكون برضى الطرفين. لكنّنا في الوقت نفسه نعتقد بأنّ على العالِم والحكيم مسؤولية توجيه هذه الإرادة الحرّة نحو الخير والسعادة الواقعية.. والذي يجعلنا مختلفين عن أولئك المتحكّمين هو أنّ ما نرفضه في الواقع ليس التوجيه نفسه، بل التوجيه نحو الغايات الشيطانية التي تؤدي إلى تدمير هذا الإنسان وسلبه إرادته في النهاية. ونرفض ذلك باعتبار أنّ جعل الإنسان خاضعًا ومنقادًا لشهواته هو الذي يفقده أعزّ ما في إنسانيته. في حين أنّ التوجيه نحو الكمال الواقعي والرقي الإنساني لا يزيد الإنسان إلّا وعيًا وتحكّمًا بإرادته وبصيرة وإدراكًا لسعة خياراته.
إنّ الحكومات المهيمنة والشركات الاقتصادية العملاقة تريد أن تتحكّم في خيارات الإنسان لتحقيق مصالحها ومآربها، لا لأجل ضمان سعادة الإنسان وخيره. فهذا هو جوهر الاختلاف.
لكنّنا نختلف عنهم أيضًا في أنّنا لم نؤسّس البيئة المناسبة لهذا التوجيه السليم.. فنحن لم ننتج من العلوم والمعارف ما يجعلنا قادرين على فهم هذه العملية من ألفها إلى يائها.. فمنذ متى كان همّنا واهتمامنا ينصبّ على توجيه الجماعات البشرية، حتى يكون لدينا من الدراسات والمعارف ما يجعلنا قادرين على القيام بهذه المسؤولية المهمة على أكمل وجه؟!
إنّ مقاربتنا التاريخية لتوجيه الناس والمجتمعات تحكي عن أمرين أساسيَّين. الأول هو أنّنا لم نؤمن يومًا بدور الدولة والقيادة المركزية في هذا الأمر الحساس، وإن كنّا كذلك بلحاظ الأسس العقائدية. والثاني هو أنّنا لم نتعامل مع هذه القضية الحساسة خارج إطار الفقه الأصغر المنحصر في الجوانب الفردية.. أمّا أعمالنا الخارجة عن نطاق هذا الفقه فقد كانت بمعظمها مقتبسة من الآخرين، أو لا تعدو كونها تنقيحات على نتاجاتهم.
فما هو الإنسان؟ وكيف يفكّر ويشعر ويحلم و..؟ وما هي حاجاته الأساسية؟ وأين يمكن تأمين هذه الحاجات وكيف؟
أسئلة كان يفترض أن تكون في صلب اهتمامات الموجّهين المرشدين الذين كان عليهم أن يستخرجوا معارفها ومعادلاتها من عمق التراث الديني الأصيل (الذي نعتقد بأنّه المكان الوحيد الذي يقدّم الإجابات الشافية).
لقد أسّس الآخرون تراثًا هائلًا في دراسات الإنسان، لكنّهم قاربوا ذلك من زاوية الإنسان الحيوان فقط؛ فرؤيتهم الكونية ونظرتهم الفلسفية للوجود والحياة لم ترَ سوى الحيوانية في هذا المخلوق الأرضي. وبتضافر جهودهم العلمية والعملية على مدى العصور أبدعوا في نسج الكثير من الأفكار والطروحات المرتبطة بتوجيه حيوانية الإنسان والتحكّم بمصيره، ربما من المهد إلى اللحد.
إنّنا نتعامل مع الإنترنت من موقع المنفعل الخائف الذي يحصر التهديدات في أطر ضيقة؛ وحتى حين نستشعر المخاطر الاجتماعية والسياسية ـ كما حصل في بعض البلدان الإسلامية التي خرجت فيها مظاهرات منددة بالأنظمة، ليتبيّن أنّها نتاج التحكّم الإنترنتي من بُعد ـ فإنّ أقصى ما نقوم به سيكون عبارة عن سدّ المنافذ وغلق الأبواب. علمًا بأنّ ما جرى حينها لم يكن سوى تجربة بسيطة لنسخة أوّليّة تم إنتاجها برعاية أجهزة المخابرات، والتي سيتم تحديثها بسرعة ودهاء.
هذا كلّه، في حين أنّنا اليوم ـ وربما أكثر من أيّ وقت مضى ـ بتنا نمتلك فرصة الوصول إلى العالم كلّه، لتوجيه آراء الشعوب والمجتمعات على أساس منظومة قيم عظيمة راقية قادرة على إحباط كل تلك المؤامرات والتحكّمات. وبدل أن نقف موقف المدافع، فإنّنا بحاجة إلى التفكير الجاد والعميق في كيفية الوصول إلى هذه القدرة؛ وإنّما تكون البداية الصحيحة بإحياء العمل العلمي والبحثي وتفعيل الجهود الفنية المرتبطة بقيمة الإنسان وهويّته وماهيته وقدراته وتطلّعاته من مدرسة الوحي الإلهي؛ ومن ثم العمل على ابتكار الوسائل التقنية المختلفة للتنقيب الصحيح واستخراج كنوز المعلومات الهائلة من هذه الشبكة العالمية، لتبدأ بعدها عمليات الدعوة والتأثير البنّاء في كل شعوب العالم؛ هذه الشعوب التي باتت اليوم ـ أكثر من أيّ وقت مضى ـ بأمسّ الحاجة إلى روح الإيمان والإسلام والقيم المعنوية الكبرى.

روح التربية
الإنسان لا يأتي إلى الدنيا فاسدًا. في البداية يأتي إلى الدنيا بفطرة جيّدة وهي الفطرة الإلهية "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَة"، وهذه هي الفطرة الإنسانية فطرة الصراط المستقيم والإسلام والتوحيد. أنواع التربية هي التي تفتح هذه الفطرة أو تسد الطريق على الفطرة. التربية هي التي يمكن أن توصل المجتمع إلى كماله المنشود، وهي التي تجعل البلاد إنسانية نموذجية كما يريدها الإسلام روح التربية الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 192 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

روح المجتمع
كتابٌ يُعدّ موسوعة شاملة ومرجعًا مهمًّا جدًّا يمتاز بالعمق والأصالة لكلّ من يحمل همّ تغيير المجتمع والسير به قدمًا نحو التكامل، يحدد للقارئ الأطر والأهداف والسياسات والمسؤوليات والأولويّات والغايات المرحليّة والنهائيّة في كلّ مجال من المجالات التي يمكن أن تشكّل عنصرًا فعّالًا في حركة التغيير، على ضوء كلمات قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم روح المجتمع الكاتب: الإمام الخامنئي/ السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*25غلاف كرتوني: 932 صفحةالطبعة الأولى، 2017م ISBN: 978-614-474-020-0 سعر النسخة الملوّنة: 100$سعر النسخة (أبيض وأسود): 34$ للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراءه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

معادلة التكامل الكبرى
يقدّم رؤية منهجيّة تربط بين جميع عناصر الحياة والكون وفق معادلة واحدة. ولهذا، فإنّك سوف تلاحظ عملية بناء مستمرّة من بداية الكتاب إلى آخره، تشرع بتأسيس مقدّمات ضروريّة لفهم القضية ومنطلقاتها، ثمّ تمرّ على ذكر العناصر الأساسية للحياة، لتقوم بعدها بالجمع بينها والتركيب، لتخرج في النهاية بمعادلة شاملة لا تترك من مهمّات الحياة شيئًا. معادلة التكامل الكبرى الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 21.5*28غلاف ورقي: 336 صفحةالطبعة الأولى، 2016مالسعر: 15$ تعرّف إلى الكتاب من خلال الكاتب للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم أن تطلبوه عبر موقع جملون على الرابط التالي:

مختصر معادلة التكامل
هذه الطبعة المختصرة لكتاب "معادلة التكامل الكبرى" الذي يبيّن مدى سعة الإسلام وشمول رؤيته ومنهجه لكلّ شيء في الوجود. كيف لا؟ والله عزّ وجل هو المبدأ والمنتهى.. نقدّمها لقرّائنا الذين يودّون أن يحصلوا على معرفة أوّليّة بتلك المعادلة الكبرى، أو للذين لا يجدون الوقت الكافي لمطالعة الكتب الكبيرة. مختصر معادلة التكامل الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 200 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

شروط الانتصار في الحرب النّاعمة... كيف نجعل العدوّ يائسًا من الانتصار؟
يشهد مجتمعنا تطوّرًا ملحوظًا في وعيه تجاه إحدى القضايا المصيريّة في حياته، وهي قضيّة الحرب الناعمة. هذه الحرب التي يشنّها الغرب ضدّه بمختلف أنواع الأعيرة، مستهدفًا فيها أسس هويّته وأركان وجوده.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...