
نشر وترسيخ المعنويات في المجتمع
خطوات ذكية وحلول استراتيجية
السيد عباس نورالدين
تُعدّ الصلاة روح العبادة ومركز ثقل المعنويّات في دين الإسلام وبرنامجه؛ ذلك لأنّها الوسيلة الأولى للارتباط بمنبع الروحانية والاتّصال بجوهرها ومعدنها. فالصلاة في الإسلام هي تلك الحركة الواعية التي تنطلق من إدراكنا لحقيقة الألوهية في هذا العالم وطبيعة حضورها في حياتنا وفي تحديد مصيرنا. ولهذا، فإنّ أي سعي لأجل نشر المعنويات القوية وترسيخ الروحانية العميقة في المجتمع ينبغي أن يتمحور حول الصلاة.
للصلاة ظاهر يحقّق الالتزام بأحكامه وشروطه الكثير من الثمار والآثار على مستوى ظاهر هذه الحياة الدنيا وأبعادها الاجتماعية، كالوحدة والانضباط والصحّة والسلامة.. لكن الآثار المعنوية الروحية الحقيقية لا يمكن أن تتحقّق إلا في ظل التوجّه إلى باطن الصلاة وروحها ومعانيها. وبتطبيق معادلة "إقامة الظاهر مع التوجّه إلى الباطن"، يتحقّق للمجتمع كل ما يصبو إليه من سعادة الدنيا والآخرة.
أجل، إنّ الخطوة الأولى تتطلّب العمل على إقامة الصلاة بظاهرها مهما أمكن. ولا نستطيع أن نحكم بأنّ حرّاس الظاهر قد أنهوا مهمّتهم بعد؛ فهناك الكثير مما يمكن القيام به على صعيد ترويج ظاهر الصلاة وإقامتها في المجتمع، رغم الإقبال الكثيف عليها والتبنّي الواسع لها بين المسلمين في ظلّ كل هذه الهجمات الشرسة لإباحية الغرب وثقافته الشهوانية المنحطة.
لقد كان للفقهاء دورٌ مهم في تثبيت الصلاة الظاهرية؛ لكن العامل الأساسي في تحقّق هذا الأمر المهم يرجع إلى قوّة حضور الإسلام والنبيّ الأكرم في حياة المسلمين أينما كانوا، حتى مع مرور كل هذه القرون والأعصار. فانتماء المسلم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) والدين لم يكن ممكنًا أو متصوّرًا من دون الصلاة التي نعرفها.. فكانت هذه العبادة أظهر وسيلة للتعبير عن ذاك الانتماء على مدى العصور. وبمقدار ما كان يتم ضخ مظاهر الحضور الرساليّ والنبويّ في حياة المجتمع، حصل الإقبال على الصلاة والتمسك بها.
إنّ المجتمعات المسلمة تتفاوت في مستوى إقبالها على الصلاة الظاهرية وإقامتها بحسب شعورها وإنتمائها للنبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله). وقد شاهدنا بعض المجتمعات المسلمة لا تعير وزنًا للصلاة نظرًا لوجود أفكار ومعتقدات عجيبة بخصوص هذا النبيّ العظيم، مثل تلك التي تعاملت معه بروح قومية ولم تقبل عليه لكونه عربيًّا! أو تلك التي لا تعرف عنه سوى أقل القليل وهي لا تشعر بعظمة إنجازاته وامتداداتها الحضارية فيهم.
فالعمل على تعريف المسلمين بنبيّ الإسلام في دوره الحضاريّ الكبير، والعمل على تقوية الارتباط المعنوي به، هما أفضل وسائل ترويج الصلاة وتثبيت الالتزام بها.
بيد أنّ الآثار المعنوية للصلاة ـ وهي الغاية المنشودة منها ـ تحتاج إلى أعمال أخرى ذات طبيعة استراتيجية ونفس طويل. وحين ننظر إلى تاريخ المجتمعات المسلمة، فلا يبدو لنا أي ظاهرة ناجحة في هذا المجال، وإن كان لدينا الكثير من التجارب الناجحة على مستوى الأفراد، ممّا يمكن أن نستفيد منه ونستعمله لأجل إقامة الصلاة المعنوية وترويجها وترسيخ حضورها.
إنّ التحدّي الأكبر الذي يواجه روحانية الصلاة ـ بل روحانية الدين بشكل عام ـ يكمن في ثقافة المسلمين أنفسهم؛ فقد احتوت هذه الثقافة ـ التي تشكّلت في رحم التفاعلات الاجتماعية والفكرية والفلسفية والسياسيّة والمذهبية والحضارية ـ على مجموعة من العناصر التي لا تساعد على ترويج الروحانية، بل وتحاربها أحيانًا. وبمعزل عن النوايا والأسباب التي أدت إلى هذا التضاد، فإنّ الخطوة الأولى في هذا المجال تقتضي أن نعمل على إزالة كل تلك العناصر الهدّامة والتخلّص منها، عبر العودة إلى الروحانية الأصيلة ودعمها وتقوية حضورها والانطلاق منها.. وما دام المهتمّون بالصلاة متوجّسين من هذه الروحانية (كأن يعتبروها نتاج التصوّف والصوفية أو أنّها ستؤدّي إلى انحرافاتها)، فلا يمكن أن نتوقّع الكثير من هذه الثقافة العامّة على صعيد الروحانية.
لقد ترك لنا الإمام الخميني (قدّس سره) تُراثًا روحيًّا عابقًا شاملًا عميقًا في روحانية الصلاة، يتميّز بأصالة الانتماء والمصدر من رأسه إلى أخمص قدميه؛ ولو أنّنا عملنا عليه وعلى كل ما يشبهه أو ينبع منه، لاستطعنا أن نشكّل ثقافة واسعة قادرة على وضع الإسلام في مصاف الروحانيات الأولى في العالم كلّه.
إنّ أحد أهم الأعمال المهمّة في مجال ترويج روح الصلاة يكمن في الدخول إلى المجتمع المسلم من أبوابه ونوافذه الخارجية؛ أي من خلال إشعار المسلمين بمكانة روحانية الإسلام وعظمتها وسط المجتمعات العالمية! وهذا ما يقتضي العمل على إنتاج ثقافة روحية أصيلة ذات لغة عالمية تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الإنسانية والفطرية للبشر، وتقدر على مخاطبتهم بمعزل عن انتمائهم للإسلام والمذهب والتاريخ.
لقد استطاعت الديانات الكبرى (كالمسيحية والبوذية وحتى اليهودية) أن تنتج خطابًا عالميًّا يعبّر عن روحانيتها إلى حدٍّ كبير، أمّا المسلمين فما زالوا متأخّرين جدًّا عن هذا الركب. وأكثر الأعمال التي أُنجزت في هذا المجال، إمّا إنّها لم تكن ذات صبغة عالمية، وإمّا إنّها لم تكن تعبّر عن أصالة الإسلام ونظرته العميقة للصلاة.
إنّ المسلم بأمس الحاجة إلى أن يتعرّف إلى الصلاة من جديد فيما إذا أريد له أن يكتشف روحانيتها. وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: "إنّ آفة العبادة العادة". ولأنّ المسلمين اعتادوا على نمطٍ واحدٍ من الصلاة، واستحكمت فيهم صلاة الظاهر إلى حدّ الغفلة التامّة عن معانيها، فمن الصعب أن يكتشفوا روح الصلاة وبواطنها.
أجل، إنّنا بحاجة إلى إعادة صياغة روحانية الصلاة والدين بلغة عالمية يفهمها الجميع، ومن ثمّ تقديمها في إطارٍ عالميّ يجذب انتباه الشباب والنخب الذين يبحثون عن الروحانية قبل أي شيء آخر.

كيف أصلي بخشوع؟
الصلاة هي عنوان ارتباطنا بالله، وميزان حرارة إيماننا، والتعبير الصادق عن توجّهنا إليه.فإذا كنّا نجاهد في سبيل الله حقًّا، فسوف يظهر أثر ذلك في صلاتنا. وإذا كنّا ندرس ونتعلّم لأجل الله، فسوف يتجلّى هذا في صلاتنا.وإذا كنّا نزكّي ونخدم خلق الله لله، فلا بدّ أن يبرز أثر ذلك في صلاتنا. صلاتنا هي محل إجابة دعائنا وأعمالنا وتقرّبنا، فإذا تقبّل الله منّا فسوف يجيبنا ويفهمنا من خلال صلاتنا. كيف أصلّي بخشوع؟ الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 88 صفحةالطبعة الأولى، 2018م ISBN: 978-614-414-010-1السعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

معراج السالكين
كتاب في السير والسلوك والتوحيد والمعارف العقائدية ومنهج محكم في تهذيب النفوس وباب مهم للدخول إلى عالم العرفان الأصيل يتضمن من المعارف ما يضفي عليه صفة الموسوعية رغم صغر حجمه. يمثل منهاجًا دراسيًّا يكاد يصل إلى حد الاكتفاء الذاتي. فإذا فُهم جيّدًا يصنع الشخصية الإسلامية الواعية العميقة والشاملة الوثيقة.. إنّه باختصار لب مدرسة الإمام وروح نهجه الذي نبحث عنه في عشرات الكتب الأخرى. معراج السالكين الكاتب: الإمام الخميني إعداد: مركز باء للدراسات حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي وكرتوني: 400 صفحة الطبعة الأولى، 2009مالسعر (للغلاف الورقي): 8$السعر (للغلاف الكرتوني): 9$

الصلاة محور الحياة الروحية... كيف نجعل حياتنا صلاة
الصلاة في الحقيقة ثناء على الله تعالى من العبد. وهي إحدى أهم أبرز لوازم الإنسانية وخصائصها وحدودها. ولهذا لا يتنكّب عنها إلّا من خرج عن هذا الحدّ ورضي لنفسه بالبهيمية. ففي بعض الأحاديث أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: "ألا يخافنّ أحدكم إذا حوّل وجهه عن الصلاة أن يحوّل الله وجهه إلى وجه حمار؟"

المقالة الأولى، الفصل 1: عز الربوبية وذل العبودية 1
كيف يمكن للعبودية التامة أن تتحقق في نفس السالك؟ ولماذا كانت شرطًا أساسيًا للوصول إلى مقام القرب الإلهي؟ وما معنى أن العبودية جوهرة كنهها الربوبية؟

المقالة الأولى، الفصل 3: في بيان الخشوع 1
الخشوع في الصلاة دليل على تحقق حالة الاتصال بين العبد والمعبود، ولكن ما هو سرّ الخشوع ومن أين ينشأ؟ وهل يمكن للإنسان أن يحقق هذه الحالة المعنوية الراقية بسهولة؟

المقالة الأولى، الفصل 2: في مراتب مقامات أهل السلوك 3
قيل أنّ الشهود هو أعلى مراتب السير إلى الله. وقيل أنّ الشهود هو آخر ثمرات السير الإيماني؟ ولكن ما هو الشهود وكيف يتحقق؟

المقالة الأولى، الفصل 6: في بيان النشاط والبهجة 2
العبادة بلا نشاط وبهجة لا تعطي ثمارها وآثارها الطيبة

المقالة الأولى، الفصل 8: في بيان حضور القلب 1
توجه القلب إلى الله في العبادات شرط لارتقائه ووصوله إلى مقام القرب

المقالة الأولى، الفصل 5: في بيان الحفاظ على العبادة من تصرف الشيطان 1
الشيطان عدو الإنسان الأكبر. وهو لا يرضى بأقل من إدخاله جهنم وبئس المصير. ولكن إلى أي مدى يمكن أن يكون للشيطان نفوذ في أنفسنا وتصرف في عباداتنا؟ هذا ما سنتعرف إليه في هذا الدرس.

المقالة الأولى، الفصل 2: في مراتب مقامات أهل السلوك 1
العلم هو اللبنة الأولى والقاعدة الأساسية التي يبني الإنسان كماله عليها. فبدون العلم والمعرفة لا يمكن أن يستقر الإيمان أو يثمر. فما هو العلم المطلوب وكيف يصبح وسيلة للإيمان؟

المقالة الأولى، الفصل 2: في مراتب مقامات أهل السلوك 2
كل شيء جميل يتوقف على التوحيد. وكل شيء سيئ ينبع من الشرك. فكيف يمكن للإنسان أن يطهّر قلبه من أدران الشرك ورجسه؟ وما الذي يجعل التوحيد راسخًا في القلب إلى يوم الدين؟

المقالة الأولى، الفصل 12: في الإشارة إلى أنّ حب الدنيا منشأ لتشتت الخيال 2
كيف نتخلص من حبّ الدنيا الذي يعدّ مانعًا أساسيًا من حضور القلب وتوجهه إلى المعبود؟

المقالة الأولى، الفصل 4: في بيان الطمأنينة
الطمأنينة شرط لسريان آثار العبادة في القلب. لأن القلب المضطرب سيكون كالوعاء المتزلزل الذي لا يستقر فيه شيء. ولكن كيف لنا الوصول إلى حالة الطمأنينة القلبية؟ وما هي المقدمات اللازمة لأجل ذلك؟

المقدمة: الخطوة الأولى نحو مقام القرب
الخطوة الأولى نحو مقام القرب تكمن في معرفتنا لخالقنا وربنا، وفي فهم حقيقة الرابطة بين العبد والرب. كل شيء يتوقف على هذه العلاقة وما يمكن أن يجري فيها.

المقالة الأولى، الفصل 10: في طريق تحصيل حضور القلب
وما هي أهم النصائح المفيدة في تحقيق التركيز القلبي والتوجه المعنوي في العبادات؟

المقالة الأولى، الفصل 5: في بيان الحفاظ على العبادة من تصرف الشيطان 2
لإبليس أساليب ومكائد لإغواء الإنسان وإضلاله لا يمكن لهذا الإنسان أن ينجو منها مهما بذل من جهد وطاقة إلا إذا استعاذ بربّه وتمسّك بحبله. فكيف يمكن أن نستعيذ بالله حقًا؟

المقالة الأولى، الفصل 8: في بيان حضور القلب 2
كيف نرغّب القلب في الاهتمام بالتوجه إلى الله في العبادات؟

المقالة الأولى، الفصل 12: في الإشارة إلى أنّ حب الدنيا منشأ لتشتت الخيال 3
العلاج العملي لمرض تعلّق القلب بالدنيا وزينتها وزخرفها واعتباراتها.

المقالة الأولى، الفصل 7: في بيان التفهيم
آداب التفهيم وكيفية تحقيقه تلقين القلب حقائق الصلاة والعبادات شرط لتفاعله

المقالة الأولى، الفصل 1: عز الربوبية وذل العبودية 2
لماذا تعتبر العبودية من أجمل وأروع المعاني في الإسلام رغم أنها غريبة جدًا عن الكثير من أهل هذا العالم اليوم؟ وما الذي تخفيه هذه الكلمة من حقائق لا يمكن أن تخطر على قلب بشر؟

المقالة الأولى، الفصل 11: في بيان الدواء النافع في علاج فرارية الخيال
الدرس 18 من دروس في شرح كتاب معراج السالكين - الآداب المعنوية للصلاة

المقالة الأولى، الفصل 12: في الإشارة إلى أن حب الدنيا منشأ لتشتت الخيال 1
حب الدنيا ليس رأس كل خطيئة فقط، بل هو عامل أساسي في حرمان الإنسان من لذة الصلاة وآثار العبادات.

المقالة الأولى، الفصل 3: في بيان الخشوع 2
كل الأعمال والقربات مقدمة للصلاة. فما لم تُقبل الصلاة فلا يُقبل ما سواها. ولهذا يمكن أن نجعل صلاتنا معيارًا لمعرفة مدى قربنا وبعدنا عن الله تعالى. فكيف نحقق صلاة القرب والخشوع؟
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...