
المنهج الأمثل لتعليم اللغة
كيف نصنع البلغاء والفصحاء في مدة قصيرة
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب ثورة التربية والتعليم
الفصاحة والبلاغة هما الهدف الأسمى من تعليم اللغة. والفصاحة تعني وضع الكلمة المناسبة في مكانها المناسب؛ والبلاغة تعني إيصال الفكرة بأقل العبارات الممكنة.
وبفضل الفصاحة والبلاغة يتوفر للإنسان الاتصال الفعال بأرفع النصوص اللغوية وأعمقها، فيقترب من فهم معانيها، ويتيسر له التأثير الكبير على مخاطبيه إلى درجة تقارب السحر، كما ورد في الحديث: "إن من البيان لسحرًا".[1]وحين سُئل الإمام الصادق عليه السلام عن البلاغة قال: "من عرف شيئًا قلّ كلامه فيه. وإنّما سُمي البليغ بليغًا لأنّه يبلغ حاجته بأهون سعيه".[2]
الكلمة المناسبة تعطي المعنى الأدق، وتقليل الكلام يزيد من القدرة، وهما معًا أقوى أداة للارتقاء والتأثير.
الارتقاء المعرفي والتكامل المعنوي والتقدم الاجتماعي والثقافي، كل هذا يتوقف اليوم على تحقيق نقلة نوعية على صعيد القدرات اللغوية للناس؛ وهذا بدوره يتطلب التفكير العميق والإبداع في مجال مناهج التعليم العام. يساعدنا على ذلك أنّ لغتنا العربية على وجه الخصوص ما زالت تمتلك نظامًا شديد الإحكام والإتقان والروعة والانسجام؛ وذلك بفضل اجتماع كل عناصر قوتها في كتاب الله المجيد القرآن الكريم، وما ظهر منه على لسان الناطقين به. وبإمكاننا العمل على اكتشاف هذا النظام والبناء عليه، رغم كل التحريف الذي تعرضت له لغتنا في صراعات النحويين وعبثهم.
الأسلوب الأمثل لتعليم اللغة وتقوية البيان فصاحةً وبلاغةً يكمن في وضع المتعلم في بيئة تفاعلية مع الفصحاء من العلماء. لكن هذا الأمر متعسر للعموم، وعلينا أن نسعى لابتكار أساليب يمكن أن تحاكي الأسلوب الأمثل. وهذا ما أصبح ميسرًا بفضل إلحاح حاجات التعليم العام ومتطلباته منذ بداية مرحلة الطفولة.
لقد وُجد التعليم العام على أمل أن يكون نتاجه استنساخ العلماء الكبار من أجل استمرار مسيرتهم بقوةٍ واندفاع وسعة لا مثيل لها. فالفيزياء المدرسية يُفترض أن تكون وسيلة لإعداد المتعلم لإكمال آخر ما وصلت إليه اكتشافات الفيزيائيين ونظرياتهم وأفكارهم وفرضياتهم. وكلما كان المنهاج التعليمي قادرًا على تجسيد ما يقوم به العلماء في مختبراتهم كان أقرب لتحقيق الهدف المنشود. وتنطبق هذه الرؤية المنهاجية على أي علم آخر، أو هكذا يُفترض أن تكون. ولأجل تسهيل هذه المهمة، لا غنى عن قيام العلماء أنفسهم بتدوين مناهج تعليمية يمكنها أن تبدأ مع المتعلم من الصفر.
في اللغة قد يبدو الأمر صعبًا، لأنّنا ننظر إلى هذا المجال كفن أكثر منه كعلم. ولأنّ عالم الفنون هو عالم تتباين فيه الأذواق والمشارب، يصعب تحديد الرواد والأوائل والاتفاق على النماذج العليا، فضلًا عن الخضوع لهم في عملية تدوين مناهج تعليمية مناسبة. وهكذا، نجد أنفسنا وقد استسلمنا لمن لا خبرة له بالفصاحة والبلاغة، وطلبنا منه إعداد وتدوين مناهج لغتنا التي هي سر قوتنا! ولعلّ الشيء الذي لا يقل عن هذا سوءًا وتأثيمًا هو مقاربة تعليم اللغة من خلال منهاج قواعد النحو التي أثبتت التجربة أنّه أبعد ما يكون عن التجربة الجمالية لاستعمال اللغة.
إن أردنا أن نضمن ارتقاءً لغويًّا وتكاملًا بيانيًّا، فنحن بحاجة ـ قبل أي شيء ـ إلى خلق تجربة لذيذة وممتعة مع اللغة.هذه التجربة هي التي تمنحنا فرصة بعث الوعي الذاتي عند المتعلم تجاه هذه الظاهرة العجيبة والعظيمة التأثير. أي أن يدرك المتعلم معنى أن يكون فصيحًا وبليغًا. ومادام المتعلم غير عابئ بقدراته البيانية، فلن يهتم بمعرفة أسرار اللغة التي يستعملها ومعرفة أبعادها ودورها وموقعها كظاهرة فريدة في الوجود. وإنّما يفقد المتعلم مثل هذا الاهتمام نتيجة الملالة والضجر الناتجين عن التعب والسطحية والتعقيد والحشو والعبثية أثناء تعلّم اللغة. وهي أمور تبرز بوضوح في مناهجنا التعليمية العربية بالخصوص.
إنّ أحد أهم أبعاد المتعة في التجارب التعليمية يتمثل في الاكتشاف، وتزداد المتعة كلما أصبح طريق الاكتشاف واضحًا وفريدًا ومتميزًا ومتفوقًا. وبإمكان تعليم اللغة او اكتسابها أن يجمع كل هذه العناصر. فبواسطة اللغة يتمكن الإنسان من اكتشاف الكثير من الظواهر الوجودية التي لا تتوافر في غيرها من الأساليب والوسائل. كما إنّ في اللغة إمكانية فريدة للتفوق (في الاكتشاف)، وذلك نظرًا لما تتميز به من سهولة لا تتوافر في المناهج أو الأساليب الأخرى.
وهنا أود أن أسلّط الضوء على هذه القضية باعتبار أنّها العنصر الأول للبلاغة والفصاحة. وسوف أبدأ من تحليل هذه النماذج.
النموذج الأول: اكتشف الباحثون قبائل تعيش في غابات الأمازون، وذُهلوا حين درسوا لغتهم ولم يجدوا فيها أي ألفاظ للأعداد؛ ما يعني أنّ هذه القبيلة لم تكن بحاجة لتعداد أي شيء من حاجاتها من طعام أو نقود أو أشهر أو سنين أو حساب يمكن أن يكون له علاقة بإدارة أمور معاشها. إنّ انعدام ألفاظ الأعداد في لغة هذه القبيلة يرجع إلى أنّهم لم يكونوا بحاجة إلى استخدام التعداد. ولا يغيب عن بالنا أنّ لغياب التعداد تأثيرًا بالغًا على تقدم المجتمع وتطوره وحتى ازدهاره وتفوقه.
والنموذج الآخرهو ما نلاحظه في لغة العرب فيما يتعلق بالألوان. فالكثير من الألوان التي نعرفها اليوم لم يكن يوجد لها أي لفظ أو تعبير في لغة العرب الأوائل. وكانوا إذا شاهدوا الألوان المتقاربة يعبّرون عنها بلفظٍ واحد. فالأزرق ربما كان يُطلق على الفيروزي والنيلي والكحلي واللازوردي. والأحمر كان يشمل البني والبنفسجي والنبيذي والزهري و.. ومن الواضح أنّ العرب لم يحتاجوا إلى وضع ألفاظ لهذه الأطياف اللونية لأنّها لم تكن متوافرة في بيئتهم الصحراوية القليلة التنوع. وقلة تنوع الحياة يحكي عن تخلف بيئي مرده إلى عوامل سلبية أخرى لا وقت للإشارة إليها هنا.
فاللغة تحكي عن تطور وعن تخلف، لأنّها تعكس مدى إدراك أهلها لحقائق العالم ووقائعه وما يمتلكونه من رصيد معرفي يمكن أن يتناقلوه عبر الأجيال ويكون أرضية خصبة للتطور والتكامل العلمي وغيره. كما إنّ في نظام كل لغة وفي استعمالاتها ومفرداتها مراتب ترتبط بتطور الفكر البشري عند أهلها. فلو جئنا إلى مجال معرفة الإنسان وسلطنا النظر على حالاته النفسية التي تُعد من مظاهر حقيقته وتجلياتها، فسوف نجد الكثير من الحالات النفسية المتشعبة والعميقة والفريدة التي تتطلب مفردات تعبر عنها. وكلما حفلت اللغة بهذه المفردات وسهل استعمالها وترابطت فيما بينها بنظامٍ يسهل اكتسابه، كانت اللغة نفسها مفتاحًا ووسيلةً مهمة لهذا المجال المعرفي الحساس. إنّ الغفلة عن بعض أحوال النفس هو نوعٌ من الجهل بالنفس. فإذا كان هناك مراتب متعددة لحالات الانفعال الغضبي، لكنّنا لم نعبّر عنها سوى بالغضب، فنحن هنا نقلل من فرصة اكتشاف تلك الحالات ونقل الاكتشافات عبر اللغة.
السطحية والسذاجة التي هي نقطة ضعف كبرى، تنشأ بالدرجة الأولى من الضعف اللغوي. هذه السطحية، التي تظهر في كل مجالات الحياة، قد يكون العامل الأول وراءها هو نشوء صاحبها في بيئة لغوية ركيكة لا يسمع فيها ألفاظًا ترتبط بالحقائق والأمور العميقة.
فإن استطعنا أن نضفي على التجربة اللغوية عنصر اكتشاف ما لا يُتاح للمتعلم في بيئته الخاصة، نكون قد حققنا تلك المتعة وضمنا قوة للإعداد الفكري والنفسي والمعنوي، وذلك طبعًا بمقدار ما نضفي من ذلك العنصر.
إنّ جملة "أكل فادي التفاحة"، لا قيمة لها بالنسبة للمتعلم، لأنّه يسمعها في بيته كل يوم، وقد سمعها مرارًا قبل أن يأتي إلى المدرسة، بل هي باعثة على الملل والنفور، لأنّها لا تمثل كشفًا جديدًا. هذا في الوقت الذي يمكن أن نقدم له الكثير من الحالات النفسية والتجارب الفكرية المرتبطة بالمشاعر والإدراكات والمعاني الوجودية التي لا يمكن أن يسمعها في بيئته، أو قد يسمعها بعد مرور وقت طويل.
ما زلت أتذكر مدى تأثير كلمة "مصداق" على وعيي وتفكيري وأنا بعمر الثامنة، حين سمعتها لأول مرة في نشرة أخبارية، وسألت إخوتي الكبار عن معناها ممّا اضطرهم إلى فتح العديد من أبواب الألفاظ المرتبطة بها لتفسيرها لي وتلبية عطشي المعرفي.
المعاني العميقة والجديدة والمتطورة والفريدة هي التي ينبغي أن تكون محور تعليم اللغة، وبذلك نحقق تلك التجربة الغنية والممتعة والمحفزة على الانطلاق في عالم الاكتشاف اللامتناهي.
[1]. من لا يحضره الفقيه، ج 4، ص 378
[2]. بحار الأنوار، ج٧٥، ص241.

ثورة التربية والتعليم
يتطرّق الكتاب الرابع في سلسلة الأطروحة التربوية التعليمية التي يقدمها السيد عباس نورالدين إلى أهم القضايا التي تواجه أي ثورة حقيقية تريد إعادة إنتاج التربية التعليمية وفق استحقاقات العصر ومتطلّبات الزمان وبما يتناسب مع التحدّيات التي يعيشها مجتمعنا.الثورة التي يدعو إليها الكاتب تطال جميع مفاصل التربية التعليمية من رؤى ومناهج وقيم وحتى تلك التفاصيل التي تعني كل عامل أو مهتم بهذا المجال المصيري. ثورة التربية والتعليم الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 216 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-033-0 السعر: 12$

روح التربية
الإنسان لا يأتي إلى الدنيا فاسدًا. في البداية يأتي إلى الدنيا بفطرة جيّدة وهي الفطرة الإلهية "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَة"، وهذه هي الفطرة الإنسانية فطرة الصراط المستقيم والإسلام والتوحيد. أنواع التربية هي التي تفتح هذه الفطرة أو تسد الطريق على الفطرة. التربية هي التي يمكن أن توصل المجتمع إلى كماله المنشود، وهي التي تجعل البلاد إنسانية نموذجية كما يريدها الإسلام روح التربية الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 192 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

المدرسة النموذجية
إنّ القوّة الأساسيّة للمدرسة النموذجيّة تكمن في برامجها ومناهجها التي تتميّز بقدرتها على تقديم المعارف والمهارات بأحدث الطرق وأسهلها، وتعتصر كل التراث العظيم للبشريّة وتتّصل بكامل التّراث الاسلامي وتقدّمه لطلّابها عبر السنوات الدراسيّة كأحد أعظم الكنوز المعرفيّة. وهكذا يتخرّج طلّابنا وهم متّصلون بهذا البحر العظيم لكلّ الإنجازات الحضاريّة في العالم كلّه ويمتلكون القدرة التحليليّة اللازمة لتمييز الخير من الشرّ في جميع أنحائه. المدرسة النموذجيّة الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 140 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

المدرسة الإسلامية
يعرض لأخطر المشاكل وأهم القضايا حول أوضاع المدارس الحالية، التي تبنت المناهج الغربية، وذلك بالطبع بحثًا عن المدرسة المطلوبة التي تنسجم مع حاجات المجتمع وثقافته. كل ذلك من أجل بعث حركة فكرية جادة بين المهتمين بالتعليم عن طريق بناء الرؤية الشاملة للتربية التعليمية في الإسلام. المدرسة الإسلاميّة الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 232 صفحةالطبعة الأولى، 2014مالسعر: 10$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

صناعة الجيل المتفوق يبدأ من اللغة.. ما هو تأثير اللغة العربية في صراع الأمم
من القضايا المهمة التي ينبغي أن تُطرح في موضوع التعليم والمدرسة والمناهج التعليمية صناعة الإنسان المتفوّق، لأنّ هناك صراعًا خارجيًّا حتميًّا يجري بين الأمم؛ حتى لو رفضنا هذا الصراع، فإنّه آتينا لا محالة. من القضايا المهمة التي ينبغي أن تُطرح في موضوع التعليم والمدرسة والمناهج التعليمية صناعة الإنسان المتفوّق، لأنّ هناك صراعًا خارجيًّا حتميًّا يجري بين الأمم؛ حتى لو رفضنا هذا الصراع، فإنّه آتينا لا محالة

لماذا نزل القرآن الكريم باللغة العربية؟
هذا تساؤل يدعونا إلى التفكر في الحكمة من وراء إنزال هذا الكتاب إلى العرب بلسانهم أو بعبارة أخرى لماذا تم اختيار الناطقين بهذه اللغة ليكونوا مهبط رسالة الوحي وخاتمة النبوات؟

كارثة تعليم اللغة العربية في المناهج الحالية.. وكيفية الخروج من هذه الورطة
نسمع كثيرًا من طلاب المدرسة تعبير "أنا لا أحب اللغة العربية". ودون أن نلتفت إلى خطورة هذا الأمر، نستمر في التسبب بهذه المشكلة. طريقتنا في تعليم اللغة العربية، وما نفعله من جعل تلامذتنا في مواجهة لغتهم الأم، تجعلنا أشبه بمن يتعمد تعميق المشكلة وإيصال أعزاءنا وأمانات الله بين أيدينا إلى هذه الحالة النفسية التي هي أسوأ ما يمكن أن يعيشه إنسانٌ عربي أو مسلم تجاه اللغة العربية.

ظاهرة اللغة كقضية في التعليم.. ما الذي يعرفه خريجو المناهج الحالية؟
إنّ اللغة كظاهرة كونية كانت ولا تزال تُعد أهم عنصر لقوة البشر؛ فلولا اللغة لما استطاع الإنسان أن يبلغ ما بلغه من شأن على مستوى الحضارة والعمران والفكر وحتى المعنويات؛ بيد أنّ العلاقة بين اللغة وهذه الإنجازات الكبرى لا تظهر بأي نحوٍ من الأنحاء في المناهج التعليمية الشائعة؛ بل نجد عملًا ممنهجًا يؤدي إلى طمسها بشتى السبل، والتي يصل بعضها الى درجة التآمر!

4 أصول أساسية لتعلّم اللغة.. كيف نجعل أبناءنا يمتلكون مهارات لغويّة عالية؟
حتّى في عصر التكنولوجيا والحواسيب الفائقة السّرعة، ما زالت اللغة تشكّل قدرة أساسيّة لا بديل لها. وقد يدهشك مدى ما يمكن أن يبلغه الإنسان من تأثير ومن قدرة اقتصاديّة واجتماعيّة ومعنويّة فيما إذا كان بارعًا في استخدام الكلمات!

تعالوا نقضي على الأمّية اللغويّة... لماذا يجب تطوير برامج تعليم اللغة العربية؟
إنّ مطالعة سريعة لمستوى اللغة العربيّة في خرّيجي المدارس الثانويّة يدلّ على مشكلة حقيقيّة، تتفاقم آثارها لتطفو على سطح الشخصية في جميع مجالات الحياة. وإذا كان ثمّة اتّفاق حول دور اللغة في بناء الفرد وأهمّيتها في حفظ ثقافة المجتمع، فإنّ الخطوة الأولى على طريق المعالجة تكمن في تحديد المستوى المطلوب لتحقيق هذه الأهداف الإسلامية.

نحو أفضل مقاربة منهاجية لتعليم اللغة.. اللغة العربية نموذجًا
النظر في وضع اللغة العربية ومخرجات مناهجنا الحالية يؤكد أنّنا في أزمة كبيرة تنعكس دومًا على مستوى الانتماء إلى الدين والاتّصال بينابيع معارفه الثرّة. فحين تضعف لغة الإنسان تضعف شخصيته ويضعف اتّصاله بما يُفترض أن يكون أفضل رافدٍ لبناء النفس وتقويتها. قوة البيان هي القاعدة التي تُبنى عليها قوة العلم وقوة العمل. ولأجل ذلك، ينبغي أن يكون الهدف الأول من تعليم اللغة العربية ربط المتعلم بكتاب الله وتجلياته، الذي يمثّل مصدر المعرفة ومصدر القوة.

لماذا نخاف من أمريكا؟ ماذا عن حسن منهاج واللغة الإنكليزية
إنّ ما يهدد النظام الإسلامي في إيران ـ التي تُعد أهم قوة معارضة لأمريكا في العالم ـ ليس ما يمكن أن ينجم عن حربٍ عسكرية مع أمريكا أو حتى عن حصارٍ اقتصادي لا سابقة له، وإنّما هو تلك الشريحة من الشباب الإيراني، التي تتزايد باستمرار، وتنشأ على الاعتقاد بجمالية نمط العيش الأمريكي، فلا ترى بعدها من مشكلة في إقامة علاقات ودية مع هذه الدولة، التي لم تترك وسيلة للقضاء على ذلك النظام إلا واستخدمتها.ولكن، لماذا لم يتم حسم أمر هذه الشريحة لحدّ الآن رغم كل ما جرى؟ ولماذا تطل هذه الفئة برأسها من حينٍ إلى آخر وتهدد بقاء النظام؟ هل تتصورون أنّ قلق قادة النظام الإيراني من أحداث الشغب الأخيرة كان ناشئًا من تلك الجماعات التخريبية التي لم يبلغ تعداد أفرادها سوى بضعة آلاف؟ وهل يمكن لهذه النسبة الضئيلة من المشاغبين، الذين لا يمتلكون وسائل إعلام ودعاية داخلية، أن تسقط نظامًا قام على مئات آلاف الشهداء، وما لا يُحصى من الجرحى، وتضحيات ونضالات لا يعلم حجمها إلا الله؟

المحور الأوّل للنّظام التعليميّ السّليم
من أهم القضايا التي تشغل بال أهل التربية والتعليم هي قضيّة العلم. لذا من أراد أن ينبي رؤية واضحة في التربية والتعليم يحتاج إلى تحديد موقفه من العلم.

المدرسة النموذجية: كيف ستكون المدرسة في المستقبل
إنّ القوّة الأساسيّة للمدرسة النموذجيّة تكمن في برامجها ومناهجها التي تتميّز بقدرتها على تقديم المعارف والمهارات بأحدث الطرق وأسهلها، وتعتصر كل التراث العظيم للبشريّة وتتّصل بكامل التّراث الاسلامي وتقدّمه لطلّابها عبر السنوات الدراسيّة كأحد أعظم الكنوز المعرفيّة. وهكذا يتخرّج طلّابنا وهم متّصلون بهذا البحر العظيم لكلّ الإنجازات الحضاريّة في العالم كلّه ويمتلكون القدرة التحليليّة اللازمة لتمييز الخير من الشرّ في جميع أنحائه.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...