
أعظم الدروس من سيرة الإمام
كيف تعامل هذا القائد مع الاختلافات الفكرية
السيد عباس نورالدين
يذكر المحقّق الجليل هدايت الله بهبودي في كتابه الذي صدر باللغة الفارسية تحت عنوان "ألف لام خميني" حادثة مهمّة تعكس جانبًا مهمًّا من نظرة الإمام إلى الاختلافات الفكريّة التي تندلع من حينٍ إلى آخر بين العلماء والحوزويّين. فقبل ثماني سنوات من انتصار الثورة الإسلامية، وحين كان الإمام منفيًّا إلى النجف الأشرف، وقعت حادثة شغلت أوساط الحوزويين وأهل المنابر على نطاقٍ واسع؛ وكان لانتشار كتاب "شهيد جاويد" أو "الشهيد الخالد"، الشرارة التي أشعلت نيران هذه الخلافات في كل مكان في إيران؛ ربما لم يسلم منها أحد. فقد ألّف الشيخ نعمت الله صالحي نجف آبادي هذا الكتاب حيث ذكر فيه أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) لم يثر أو يخرج ضدّ السلطة الجائرة لأجل الشهادة (الأمر الذي يبدو أنّه كان مسلّمًا في أوساط المشايخ والمنبريين) بل في سبيل إقامة الحكومة الإسلامية العادلة؛ واستند إلى أنّ الإمام عليه السلام لم يكن يعلم ما الذي سيحلّ به وبأهله وأصحابه.
كان هذا الرأي الجديد بمنزلة الصاعقة التي نزلت على رؤوس البعض، فقاموا بالرد عليه بشدّة. وهكذا قام آخرون بالرد على الرد، وأصبحت هذه القضية الشغل الشاغل للكثيرين.
ما لم يعرفه هؤلاء حينها، وانكشف بعد انتصار الثورة والاستيلاء على الكثير من الوثائق الموجودة في المخابرات الإيرانية السابقة (السافاك)، هو أنّ هذا الجهاز الدمويّ البغيض قد دخل في ذلك الوقت على موجة هذه الخلافات من أجل تسعيرها وتأجيج العداوة والبغضاء وشق صفوف الثوريين والمؤيدين للإمام الخميني، والأخطر من ذلك تعميق التباعد بين المرجعيات الدينية آنذاك؛ خصوصًا أنّ مؤلف الكتاب المذكور كان يُعدّ من مؤيّدي الإمام المتشدّدين والداعين إلى مرجعيته الرشيدة. هذا بالإضافة إلى أنّ عالمين اثنين من أشدّ المؤيّدين للإمام قد كتبا تقريظًا لهذا الكتاب في مقدّمته، وهما الشيخ الميرزا علي المشكيني والشيخ المنتظري. ومع أنّ أحد أشد المنتقدين لهذا الكتاب كان صهر الإمام نفسه، وهو الميرزا شهاب الدين إشراقي (حيث نشر كتابًا للرد عليه تحت عنوان "باسداران وحي"، حراس الوحي)، إلّا أنّ أجهزة المخابرات وجدت في ذلك فرصة لتعميق الخلاف بين أتباع الإمام الخميني وآية الله الكلبايكاني (الذي كان مرجعًا في ذلك الوقت). حتى إنّ هذا الاقتراح نفسه قد وُجد مكتوبًا في وثائق السافاك.
وقد بلغ الأمر في الجدالات والردود والمناوشات الفكرية والكلامية حدًّا أن صار أتباع كل رأي يستفتون المراجع بشأن حكم من يقول بهذا القول أو ذاك. وتمادى الخلاف إلى حيث قام كل فريق بجمع إمضاءات وتوقيعات الناس والعلماء من هنا وهناك لإدانة الطرف الآخر، بالإضافة إلى جعله قضية أساسية على المنابر الحسينية.
لا مفاجأة في هذا! أليس كذلك؟ فهذا هو حالنا كشيعة عبر التاريخ، حين نشخّص أنّ هذه الفكرة التي نرفضها ستنسف الدين والعقيدة، ولا بدّ من مواجهتها بأي ثمن، حتى لو كان ذلك يعني إلصاق كل تهمة شنيعة بحقّ مبتدعها. ألا ندرس جميعًا في كتاب المكاسب أنّ علينا أن نبهت صاحب البدعة؟ حيث نفسّر البهت هنا بمعنى البهتان، وهو القول الكذب المكروه بحقّ شخصٍ ما.
الكثير منّا يتربى وينشأ على هذا المبدأ، الذي يصبح ركنًا أساسيًّا في تحديد التكليف تجاه البدع وأصحابها، مهما كانت هذه البدع وفي أي ظروف ظهرت وتحت أي عنوان!
وكثيرًا ما نسرع إلى اعتبار أي مخالفة للمشهور كمخالفة لأصول الدين والعقيدة، وننادي بهيهات وألف هيهات. حتى لو انجرّ ذلك إلى تشتيت الأذهان عن القضايا الكبرى والأساسية وإشغال الناس بأمور لا تُعدّ من الأولويات، فضلًا عن اتّباع أساليب هزيلة في التعامل مع مثل هذه الآراء المستهجنة.
هكذا ننشأ وسط بيئة لا تستطيع أن ترى ما هو أبعد من الخلاف الفكريّ المطروح، ولا نستطيع أن نبصر الظروف والأوضاع المحلية والعالمية وما يجري في هذه الدنيا؛ والأهم ما يرتبط بآثار مواقفنا هذه على مستوى الشخص المخالف نفسه وعلى من يستمع إلينا ويقرأ لنا.
ننسى أنّ هناك من يتربّص بنا الدوائر، ومن سيعمل على تأجيج الخلافات وتسعيرها لشقّ صفوف الثوّار والمصلحين. وننسى أنّ العالم اليوم أصبح مليئًا بالأفكار الباطلة التي هي أسوأ بعشرات المرّات من هذه الفكرة التي لا تعجبنا، وأنّ مجتمعنا يضجّ بالأباطيل والأكاذيب المرتبطة بالدين. وفي غمرة نسياننا وغفلتنا هذه، لا يكون المستفيد الوحيد من وراء هذه الخلافات إلا أعداء الدين أنفسهم، الذين يتسلّلون لنشر أفكارهم الباطلة.
إنّ الخلافات الفكرية، وما ينتج عنها من مشاحنات، لهي أمور متوقّعة وطبيعية في أي مجتمع أو بيئة لا ترى العالم إلا بمنظار الأفكار والجدالات الفكرية؛ لكنّها أمور سيئة ومضرة إن نظرنا إليها بمنظار القيم المرتبطة بحركة المجتمع التقدمية. فالمجتمع الذي يسعى ليكون مجتمعًا مثاليًّا وأنموذجًا لحرية الإنسان والفكر والتعبير، لا بدّ أن يطرح قضايا الخلافات الفكرية من زاوية أخرى غير زاوية النقاش العلميّ الضيق؛ لأنّه شاء أم أبى فهو واقعٌ تحت مجهر أنظار العالمين، الذين يريدون أن يعرفوا أخلاق أهله وكيفية تعاملهم مع من يخالفهم بالرأي.
أليس من النفاق أن ندعو إلى حوارٍ إسلاميّ مسيحيّ مثلًا، ثمّ ننقضّ على بعضنا كالجوارح والأسود المفترسة، التي لا تترك للآخر أي خير، أم أنّ هذا هو الذي نتعلّمه في كتبنا الدراسية التي تؤكّد على أنّ خطر أصحاب البدع من العلماء والمفكّرين الموالين والمسلمين هو أشدّ من خطر أي مذهب أو فكر آخر.
فإذا كانت القضية هكذا، فكم نحن قصيرو النظر وغير مدركين لروح الدين وقيمه السامية. وسوف يكون لزامًا علينا أن نعيد النظر بالعديد من الأفكار والمبادئ التي نشأنا عليها في تلك البيئة المحدودة.
كان موقف الإمام آنذاك ـ والذي تكرّر بطريقة ما، في حادثةٍ أخرى اندلعت بعدها بعدّة سنوات بين أتباع الدكتور شريعتي ومؤيّدي العلامة الشهيد المطهري، وهو يتكرّر في كل بيئة لم يجعل علماؤها البعد السياسيّ والاجتماعيّ للدين نصب أعينهم، ولم يقرأوا الحياة بمقتضيات زمانها ـ أن قال في رسائل مختلفة بعثها للمشايخ والعلماء:
"إنّ ما حدث مؤخّرًا وكان سببًا لأسفي هو تلك الخلافات التي لا أعلم من هي اليد التي أشعلتها في حوزة قم العلمية وبين أهل المنبر؛ هذا النوع من الخلافات الذي يشبه ما حدث بين العلماء المسيحيّين حين كانت بلادهم تتعرّض للقضم. واليوم حيث تتعرّض أصول الأحكام للنيل من قبل الأجانب وعبيدهم، وبدل أن نوحّد كلمتنا، فممّا يُؤسف له حصول مثل هذا التفرّق والإهانات المتبادلة والتكفير، الذي يكشف عن عدم نضج المجتمع.. أوقظوا السادة من هذا السبات العميق قبل أن يضيع كلّ شيء ويذهب أدراج الرياح..".[1]
[1]. صحيفة الامام ج2، ص 341.

الخامنئي القائد
في هذا الكتاب، تتمثّل لنا تجربة عالمٍ فقيه وهو يقود مشروعًا حضاريًّا كبيرًا فنسعى للبحث في طيّات كلماته ومواقفه عن معالم هذا المشروع ومراحله، وما هي العقبات التي تواجهه والإنجازات التي تحقّقت بفضل الجهاد الكبير. وفي هذا المعترك الواسع، نشاهد هذا القائد وهو يعمل ليل نهار من أجل المحافظة على إنجاز سلفه، الذي تمثّل بإحضار الناس إلى الميادين الاجتماعية، وإقناعهم بأنّهم أصحاب الدولة الواقعيون، وأنّهم قادرون على إنجاز المستحيل. الخامنئي القائد الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 400 صفحةالطبعة الأولى، 2012م يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقعي: النيل والفرات: https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0وموقع جملون:https://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=مركز+باء

محمد القائد
تبين أروع تجربة قيادية عرفتها البشرية، لم ولن يكون لها نظيرٌ، ما وُجد إنسان على وجه البسيطة؛ ذلك لأنّها تجربة أعظم إنسان ظهر في عالم الوجود، وتحقّق على يديه أعظم الإنجازات التي يمكن أن تحلم بها البشرية، وسوف يتحقّق أيضا ببركة قيادته ما هو أعظم حين يظهره الله ذات يوم على الدين كلّه. سيتبيّن لنا أنّ هذه التجربة بدأت لكنّها لم تنته لحدّ الآن؛ بل ما زلنا نعيشها وإن كنا لا نشعر، وأنّ ما يجري في أيامنا إنّا هو بفضلها وبفضل إنجازاتها. محمد القائد الكاتب:السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 248 صفحة الطبعة الأولى، 2012مالسعر: 10$

الخميني القائد
البحث عن السيرة القيادية للإمام التي ظهرت في كل أفعاله ومواقفه، وكانت العامل المحوري لجميع إنجازاته ومفاخره. فشكلت أعظم الدروس القيادية التي يمكن تشييد مدرسة كاملة عليها. ما هي أهداف الإمام الخميني وما هي أهم انجازاته وكيف حقق ذلك على مدى عمره وكيف أسس لأعظم انجاز حضاري عرفته البشرية في العصر الحديث.. الخميني القائد الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 448 صفحةالطبعة الأولى، 2012م يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقعي: النيل والفرات: https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0وموقع جملون:https://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=مركز+باء

روح المجتمع
كتابٌ يُعدّ موسوعة شاملة ومرجعًا مهمًّا جدًّا يمتاز بالعمق والأصالة لكلّ من يحمل همّ تغيير المجتمع والسير به قدمًا نحو التكامل، يحدد للقارئ الأطر والأهداف والسياسات والمسؤوليات والأولويّات والغايات المرحليّة والنهائيّة في كلّ مجال من المجالات التي يمكن أن تشكّل عنصرًا فعّالًا في حركة التغيير، على ضوء كلمات قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم روح المجتمع الكاتب: الإمام الخامنئي/ السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*25غلاف كرتوني: 932 صفحةالطبعة الأولى، 2017م ISBN: 978-614-474-020-0 سعر النسخة الملوّنة: 100$سعر النسخة (أبيض وأسود): 34$ للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراءه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...