
كيف نحفظ أبناءنا في المهجر
مقابل حملات التطهير الثقافي المستمر
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب تربية الأولاد وأولادنا
يعيش الكثير من الآباء والأمهات المهاجرين هاجسًا كبيرًا يقض مضاجعهم، وهو هاجس ينبع مما يرونه من تصاعد طغيان الحكومات الغربية على صعيد القمع الثقافي. الغرب يتنكر لادّعاء الحرية والتعددية العقائدية والفكرية، ويُظهر أبشع صور الاضطهاد الثقافي. هل هي عودة إلى الجذور؟ أو أنّها كشف للقناع الذي كان يختفي وراءه وجه الاستبداد الثقافي؟
ها نحن أمام مشاهد تتكرر فيها صورة خيار الحكومات الغربية بالسير نحو التصفية أو "التطهير الثقافي". وكما أشار هانتنغتون في كتابه صدام الحضارات، لم يعد أمام الغرب سوى أمر واحد ليحفظ هويته، بعد أن بدأ العد العكسي التنازلي لتفوقه الاقتصادي والعلمي والسكاني مع صعود الصين ونهضة الشعوب المختلفة. ما كان يعتمد عليه الغرب للهيمنة أصبح مهددًا، والخيار الآن هو لحفظ الوجود والبقاء، وكل ذلك يعتمد على التطرف الثقافي.
في هذا التطرف لا بد من قمع أي ثقافة أخرى يمكن أن تهدد النسيج الليبرالي الذي قام عليه الغرب المعاصر. لسخرية القدر، الليبرالية لكي تبقى يجب أن تتخلى عن قيمها. هذه المرة تتولى الحكومات مسؤولية هذا القمع عبر سن القوانين والتشريعات واستخدام السلطة البوليسية في كل مناحي الحياة.
لا يصعب صياغة مثل هذه القرارات بعد تأمين مناخاتها النفسية؛ الآخر هو الإرهاب وهو الذي جاء إلى بلادنا للقضاء علينا. واللوبيات المستغلة لديها أجنداتها الخاصة في هذا المجال.
نحن إذًا أمام ما يُشبه تسونامي ثقافية في الغرب المتحضر، والمستهدَف هو الذي يمتلك قدرة الصمود ويحمل الوجه المتميز تمامًا عن الغرب. من الطبيعي إذًا أن يكون المسلم أول المستهدَفين. يبدو أنّ هذه الحملة الواسعة تُمهد لما هو أكبر من التطهير الثقافي. المسألة ليست سوى مسألة وقت، لينتقل الغرب إلى مرحلة تُشبه التطهير العرقي.
نستحضر هنا تلك التصفية الثقافية لكل ما هو ألماني، والتي سبقت دخول أمريكا في الحرب العالمية. حتى أسماء الشوارع التي تحمل صبغة ألمانية تم تغييرها. كل ما كان يشي بتلك الأصول الألمانية تم سحقه بالكامل.
الأمر نفسه حدث لليابانيين المهاجرين في أمريكا؛ مع فارق أنّه جرى اعتقالهم ووضعهم في معسكرات لعدة سنوات. والسبب بكل بساطة: عجز الإدارة الأمريكية عن استيعابهم ثقافيًّا مقارنةً بالألمان.
نأسف كثيرًا لملايين المسلمين الذين يعيشون في أمريكا وكندا وأوروبا وأستراليا وهم يواجهون مثل هذه الحملة المنظمة المتصاعدة، ولا نستبعد أن يصل الأمر قريبًا إلى مرحلة التهجير حتى لأولئك الذين يقيمون بصورة قانونية. (الأمر الذي سيحمل أخبارًا جيدة لمجتمعاتنا. لا ننسى تهجير صدام لأصحاب الأصول الفارسية الذين لعبوا دورًا مهمًّا في انتصار الثورة الإسلامية فيما بعد).
نستحضر أيضًا قوله تعالى: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابًا أَليمَا}.[1] نتذكر أنّ نزول العذاب الإلهي على بعض الأُمم يتطلّب عملية تزييل وفصل مُسبق بين الأخيار والأشرار. لكننا لا نريد المعاناة لأي شعب مهما كان. ونتألم لأهلنا المسلمين في تلك المجتمعات؛ هؤلاء الذين يعيشون القلق المستمر من خسارة أبنائهم لهويتهم ودينهم وقيمهم والتي تُمثل بالنسبة لهم عوامل السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة.
لكننا هنا أمام درس كبير يُفترض أن نتحدث عنه. ولذلك نتساءل أولًا عما يمكن أن يصل بأي مسلم مهاجر إلى هذا المستوى من القلق، ونبحث عما يمكن أن يُزيل قلقه أو يرفعه.
قد ينشأ قلق المسلم على دينه ودين عياله حين تسيطر عليهم فكرة الدونية تجاه الآخر، والتي لا تقتصر على المشاعر والأحاسيس، بل تتجلى في نمط عيشه وأدائه. فحين يتنازل المسلم عن هويته الأولى التي أخبرنا الله عنها بقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر}،[2] وحين ينسى المسلم مهمته الكبرى في الأرض، وهي تبليغ رسالات الله والدعوة إلى الله، والتي تتجلى بالسعي الحثيث لهداية الأمم عبر الوساطة بين الوحي والناس {وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهيدا}،[3] فإنه سيعيش فراغ الهوية الذي سيملؤه الآخر حتمًا. وحين يضعف إيمان المسلم بقوة الحق، تُسلب منه حالة التفوّق الثقافي المعبَّر عنها في قول الله تعالى: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ}.[4]
إذن يبدأ القلق من الضعف، والضعف يولّد الدونية، والدونية تولّد الهزيمة. وتتم معالجة القلق باستعادة الهوية وتحمُّل المسؤولية الإلهية والعودة إلى الأصالة والإيمان الراسخ بنصرة الحق. فالهجوم هنا هو الوسيلة الوحيدة أمام هجوم الآخر، لكنّه هجومٌ بالخير والإصلاح والاهتمام والرعاية. هجوم يحمل معه هم إنقاذ هذا الآخر الذي يعمل على تدمير مجتمعه أولًا عبر تسليط نزعة الاستبداد والقمع والتطهير العرقي.
حين يشاهد أبناؤنا حرصنا على هذا الآخر الذي نعيش معه في مجتمع واحد، ويرون سعينا لإنقاذه وتخليصه من براثن الانحطاط والفساد والتحلل، فسوف يُشاهدون فينا مظهر ذلك العلو الإلهي، ويسمعون تلك الكلمة العليا التي تتفوق على كل كلمات العنصرية الثقافية.
لا مناص للمسلمين الذين خيارهم العيش في تلك المجتمعات إلا أن يواجهوا هذه الهجمات المتصاعدة بقوة الهجوم الإيجابي المقابل، ويفرضوا احترام هويتهم وقيمهم، ويعملوا على ترسيخ التعددية الدينية كأساس للعيش المشترك.
إنّ التقوقع والخوف وضعف التواصل والتلاحم هي أزمة المسلمين الأولى في بلدان المهجر، والتي تجعلهم عرضة لكل حملات التطهير الثقافي الجارية على قدم وساق.
[1]. سورة الفتح، الآية 25.
[2]. سورة آل عمران، الآية 110.
[3]. سورة البقرة، الآية 143.
[4]. سورة آل عمران، الآية 139.

تربية الأولاد
هذا الكتاب عرض مفصل لأهم مبادئ التربية وأصولها التي تغوص إلى أعماق النفس البشرية وتستكشف قواها وإمكاناتها العظيمة وحاجاتها الأساسية، دون أن يغفل النصائح العملية والتطبيقات المفيدة.إنه دليل مرشد لكل من يؤمن بهذه القضية كمسؤولية كبرى يجب أن يؤدي أمانتها إلى الله تعالى. تربية الأولادالكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبالطبعة الأولى، 2019حجم الكتاب: 17*17عدد الصفحات: 396نوع الغلاف: ورقيISBN: 978-614-474-082-8للحصول على الكتاب خارج لبنان، يمكن طلبه عبر جملون على الرابط: https://jamalon.com/ar/catalog/product/view/id/37164097او عبر موقع النيل والفرات على الرابط:https://www.neelwafurat.com/itempage.aspx?id=lbb321957-312703&search=books

أولادنا..أسئلة حسّاسة، تحدّيات معاصرة
إنّ الهدف الأول .. هو مساعدة المربين على تبيّن المبادئ الأساسية التي تختفي وراء المعالجات المختلفة للمشاكل والأمور التي فرضتها الحياة المعاصرة.. وقد أردنا أن يكون هذا العرض نموذجًا ووسيلة لتعميق مقاربة هذه القضايا من زاوية المبادئ والأصول بدل الاعتباطية والسطحية. وكل رجائنا أن نكون قد ساهمنا في تفعيل الخطاب التربويّ بالاتّجاه الصحيح. الكتاب: أولادناالكاتب: السيد عباس نورالدينبيت الكاتب للطباعة والنشر والتوزيعالطبعة الأولى، 2019الحجم: 17*17عدد الصفحات: 396isbn: 978-614-474-083-5يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقعي النيل والفرات: https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0وموقع جملون:https://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=مركز+باء

أولادي في بلاد الغرب أخشى عليهم الانحراف.. هل أعود؟
بمعزل عن الحكم الشرعي أولًا حيث لا يجوز أن يتواجد الإنسان في بيئة يمكن أن يخسر فيها دينه، بمعزل عن ذلك يوجد بعض الناس لديهم مبررات للتواجد في تلك البيئة، أو أنّه لا يوجد لديهم بديل سهل ذلك. فما العمل؟

لماذا يقوم الغرب بسياسات لمحاربة الإنجاب؟
في الفيديو الأخير تكلمتم عن أهمية الإنجاب لتقوية الدول و المجتمعاتو لكن لماذا نرى الدول الغربية تقوم بسياسات كبيرة تحارب فيها قيام الأسرة او الإنجابأليس هذا مناقضا لرغبة تلك الدول بازدياد قوتها و سيطرتها على العالم؟

كلنا مسلمون.. فلماذا نحن مختلفون
نحن نعيش في بلاد الخليج واولادنا يعرض عليهم الإسلام الاخر دون قدرتنا على ذكر مذهبنا تحديدا.. وهم يرون اننا كلنا مسلمون فلماذا نحن مختلفون؟

لماذا يوجد الكثير من الأديان؟
ابن خالي له من العمر 9 سنوات يدرس في مدرسة علمانية، يسأل لماذا الفتيات يتحجبن والصبية لا يفعلون، ولماذا يوجد مسيحيون ودروز وسنة وشيعة رغم أن الله تعالى أعطانا القرآن الكريم وفيه كل شيء. لماذا لا يستمع الجميع إلى كلام الله في القرآن ويكون جميع الناس مثل بعضهم بعضا؟ فكيف أجيبه؟

التربية العقائدية أو صناعة الإيمان
إنّ التربية العقائدية مهمّة مصيرية ومحورية، ولا يجوز الاستنكاف عنها بأي شكل من الأشكال؛ ولأجل ذلك ينبغي إيلاؤها كل ما تتطلّبه من مهارات ومعارف، لأنّها أساس انبعاث الشخصية القويمة القوية المتكاملة.والعمل على بناء التصوّرات الصحيحة للموضوعات المرتبطة بالعقيدة هو أساس هذه العملية.

مهمّة التربية الأخلاقية الأولى.. لماذا يجب أن يكون السير التكاملي أولوية؟
تهدف التربية الأخلاقية إلى جعل أبنائنا يسلكون طريق الفضيلة واعتبار هذا السلوك أولوية مطلقة في حياتهم. والمقصود من الأولوية المطلقة هو أنّه لا ينبغي التنازل عن الفضيلة والخُلُق الحسن لأي سبب، مهما كان كبيرًا وخطيرًا؛ سواء كان الاحتياج الشديد أو الجوع المفرط أو خسارة منصب أو حتى الحياة نفسها.

حين تصبح الحرية محور التربية المدرسية.. لماذا يجب أن نعيد النظر في هذه القيمة العظيمة؟
تصور أنّنا نربي الناس منذ الطفولة على القيام بالكثير من الأنشطة التي لا يستطيعون أن يدركوا علاقتها بمصيرهم! وتصور ما هي نتيجة غفلة الإنسان عن قيمة العلم والتعلم في حياته! وتصور ما هي نتائج فرض طرق للتفكير والتعلّم على هذا الانسان! وتصور ما يمكن أن تؤدي إليه عملية توجيه الإنسان نحو اهتمامات (نسميها نحن اختصاصات) لا تتلاءم مع تكوينه الفطري! هل أكمل التصورات؟! كل هذا يجري في سياقٍ واحدٍ يمارسه الجميع دون استثناء، وهو سلب الإنسان حريته وتقييده. وهو أخطر ما يمكن أن يُبتلى به الإنسان في هذه الحياة. وبعد ذلك ـ ومن دون تحمّل المسؤولية والاعتراف بحجم الكارثة التي تسببنا بها ـ نعلن بكل فخر أثناء حفل التخرج الثانوي أنّ شبابنا أصبحوا مؤهلين ليشقوا طريقهم بأنفسهم في هذه الحياة!! ما الذي يجعل التربويين غافلين إلى هذا الحد عن ضرورة ترسيخ قيمة الحرية المطلقة التي هي عماد القوة والانتباه والوعي تجاه كل أشكال الخيارات الشيطانية؟ أليس هذا إلا لأنهم فقدوا حريتهم منذ أن كانوا تلامذة في تلك المدرسة التي باتوا الآن حراسها الأوفياء؟

ما الذي نحتاج إليه لتربية أبنائنا؟
إنّ التربية عملية متّصلة ومترابطة ومهمّة دقيقة ومتشعّبة.. ولكي نؤدّي هذه المهمّة على أحسن وجه، نحتاج إلى هداية خاصّة من الله تعالى. ولأجل ذلك، فإنّ الله عزّ وجل يفيض على كلّ مربٍّ حريص كل ما يلزم لكي يقوم بدوره ويكون معذورًا عنده يوم الحساب.إنّ التربية هي مزيج علم وعاطفة ونباهة وصبر ومصابرة. وحين يرتبط العلم بحقائق الحياة ومواضع الأشياء ومقاديرها وأحجامها ومآلها يصبح حكمة، ولا يمكن تطبيقها إلّا بامتلاك الصبر والرحمة. ولا بأس أن نتوقّف قليلًا عند أهم احتياجات التربية لكي نتعرّف إلى مصادرها وكيفيّة تحصيلها.

9- التربية أعظم أدوار الإمام
الإمامة ظاهرة إلهية ذات دلالات عظيمة أقل ما يمكن أن يقال عنها أنّها باب معرفة الله والدين وعنوان قيادة المشروع والخطة الإلهية. وهي ظاهرة تحتوي على حقائق كبرى، فماذا نعرف عن هذه الحقائق؟

تعرّف إلى: مؤلّفاتنا في التربية والتعليم
المدرسة النموذجيّة، المدرسة الإسلامية، التربية الروحيّة

نحو منهاج فعال في التربية (1)
مشروع لتغيير العالمالتقصير الأكبر بحقّ الأجيال إعداد مناهج مدرسية للتعليم العام في مجال المعارف الدينية يُعد اليوم من أهم المهمات التي يمكن أن تُحدث نقلية نوعية على مستوى المجتمع. لو نظرنا إلى أكبر مشكلة نعاني منها في مواجهة كل التحديات والتهديدات المستمرة الوجودية الحضارية الاقتصادية... نجد أن المشكلة الأساسية تتمحور حول جهل الشباب بقضايا الدين.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...