
الحسين يُنقذ الأمّة من الضلالة
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب لماذا استشهد الحسين سبط الرسول(ص)
أهل العراق في زمن الحسين كانوا يُشكّلون مجتمعًا عجيبًا غريبًا قلّ من فهمه واستوعبه. وكان الحسين بن علي (عليهما السلام) أحد هؤلاء، بل ربما الشخص الوحيد، والذي لم يكتفِ بفهم وإدراك نفسية أهل العراق، بل وضع خطةً محكمة لإنقاذهم، إن لم تُثمر إنقاذًا وإصلاحًا، ففي الحدّ الأدنى ستُبدّلهم إلى قوة معارضة متمرّدة ثائرة، تُزلزل عروش الطواغيت وتسلبهم القرار والاستقرار.
كل المعطيات التاريخية، وكذلك التجربة والمعايشة المباشرة لأهل العراق الذين كانوا يشكّلون أول قوّة ضاربة في العالم الإسلامي والقاطرة الأساسية لطاقات أبنائه إن هم اتّحدوا وتوجّهوا نحو هدفٍ واحد. وأهل العراق هنا هم الذين سكنوا هذه المنطقة التي أضحت لمدة طويلة مركزًا للعالم الإسلامي، وتميّزوا بحيويّة فائقة ونشاطٍ اجتماعي ملفت، خلافًا لسكّان مصر واليمن والحجاز وحتى الشام. وإنّما نستعمل عبارة السكن لا القوم، لأنّ العالم الإسلامي كان قد شهد هجرات ونزوحات وانتقالات جماعية كبيرة من اليمن إلى العراق، ومن الحجاز إلى العراق، وكذلك ممّا يُعرف اليوم بإيران. فاختلطت القوميات وامتزجت القبائل في هذا المركز، وما عاد بالإمكان وصفه ونعته بعناوين قومية أو قبلية.
هذا النشاط والحيوية الاجتماعية السياسية والثقافية يعزوه البعض إلى مدة إقامة الإمام علي(ع) في العراق والكوفة واتّخاذها عاصمة للدولة الإسلامية ومحطّة لحماية ثغور الدولة الإسلامية. ومن الذي يمكنه أن يتصوّر كيفية عمل شخصٍ مثل عليّ بن أبي طالب (ع) وإنجازاته على مستوى الفكر والروح والإدارة والتخطيط، ربما حينذاك سيتمكّن من تصوّر شيء من حجم التأثير الذي سيخلّفه في الأمّة والذي هو من نوع الآثار التي تمتد إلى قرونٍ وقرون!
صحيح أنّ أهل العراق قد أظهروا عجائب وفظائع في النكول والانحطاط والنكوص والخنوع والخذلان، لكنّهم في الوقت نفسه أظهروا على مدى تاريخهم الذي امتدّ حتى الاحتلال المغولي، الكثير من النشاط والتمرُّد والتحرُّك والتألُّق. وهذا إن دلّ على شيء، فإنّه كان يدل على وجود قابليات مهمة في مثل هذا المجتمع، إن تفعّلت يمكن أن تُغيّر مجرى التاريخ!
في زمن الحسين (ع)، كانت مناطق الحجاز ومعه اليمن ومصر قد خرجت من دائرة الفعاليّة والتأثير الذي يليق بالدعوة الإسلامية، ويرجع ذلك إلى أسباب عديدة، منها نزوح قسمٍ كبير من أهل الحجاز واليمن وهجرتهم إلى المناطق التي أضحت أكثر ازدهارًا، وهي مناطق قريبة من الثغور الملاصقة للقوى والممالك التي لم تكن قد دخلت في الإسلام حتى ذلك الوقت. فقد خرجت هذه المناطق عن معادلة الصراع مع السلطة الأموية التي وجدت في الشام وأهله خير ناصرٍ ومعين، بعد أن تم كي الوعي فيهم منذ تولي الأمويين شؤونهم، إلى الدرجة التي جعلت معاوية نفسه يتبجح بقدرته على استخفاف عقولهم والسيطرة عليهم.
كان اختراق أهل الشام أمرًا عسيرًا جدًّا وشبه مستحيل. وما كان من وسيلة سوى أن تؤدي عاشوراء إلى دخول وفد السبايا عليهم، حيث انكشفت لهم مجموعة من الحقائق البديهية التي عمل الأمويون على إخفائها عنهم طيلة الوقت، كما يحدث اليوم بواسطة وسائل الإعلام التي تحتكر مجتمعات كاملة وتفرض عليها سردية واحدة للوقائع والأحداث.
لولا وفد السبايا وما جرى من مواقف السيدة زينب بنت علي، والإمام علي بن الحسين زين العابدين، لبقي الشاميّون غارقين في مستنقع جهلهم وضلالتهم إلى ما شاء الله. وهذا ما يذكّرنا بالقصة التي جرت حين جاء خبر مقتل الامام عليّ(ع) إلى معاوية، ومن شدة فرحه لم يلتفت إلى أنّ إذاعة هذا الخبر ستؤدي إلى اكتشاف الشاميين أنّ هذا الإمام كان من أهل المسجد والصلاة!
فقط أهل العراق وسكّانه كانوا يحملون هذه القابلية لليقظة والنهوض والقيام والتأثير الكبير على واقع الأمّة الإسلامية؛ وفقط الإمام الحسين هو الذي استطاع أن يرى هذه الحقيقة من وراء كل الوقائع التي كانت تدل على مصيبتهم وشرّهم وخطرهم والجرائم التي يمكن أن يرتكبوها.
بالنسبة لأي إنسان ينظر إلى هذه المعطيات، وهي ليست بالصغيرة أو القليلة، من الصعب أن يرى ما يختفي داخلها. هذا ما لمسناه عند كل الخواص الذين تقدّموا إلى الإمام الحسين بالنصائح وألحوا عليه أن لا يخرج إلى أهل العراق. وهذا هو المتوقَّع من أيّ مفكّر لا يستطيع أن يرى القابليات في الأمم والشعوب، فكيف به إن أراد أن يضع خطة بعيدة المدى قد يطول حصد ثمارها لمئات السنين!
التّحليل العميق للطبيعة النفسية الفكرية لسكّان العراق، مع مقارنتهم بسكان سائر مناطق العالم الإسلامي يؤكد على مدى صوابية موقف الإمام الحسين (ع) وبُعد نظره، ويكشف لنا عن جانبٍ مهم من شخصيته القيادية. فالعراق والكوفة التي كانت بمثابة المركز الإشعاعي للأفكار والإشاعات والأخبار، هو المكان الوحيد الذي يتوجه إليه أي قائد فعّال يتقدّم صفوف الأمّة ويتحمل المسؤولية الكاملة لإنقاذها وإصلاحها.
أجل، ستكون عملية التأثير الإيجابي من إنقاذٍ أو إصلاحٍ أو توجيهٍ الطاقات لتحطيم سلاطنة الجور والنفاق، مُكلفة جدًّا. ولعلّ بعض الخواص من نخبة المجتمع المسلم كانوا يرون أنّ حياة الإمام الحسين عليه السلام أغلى وأهم من هذه النتيجة. لكن ما عجزوا عن رؤيته هو أنّ حياة أي إمام لن يكون لها قيمة في هذا العالم إن لم يكن هناك دين وإسلام. وهذا ما يأخذنا إلى النقطة الجوهرية التي كان يُفترض بهم أن يُدركوها، وربما لم يُدركوها، لأنّ مشروع الرسالة لم يكن قد اتّضح لهم أو قد عجزوا عن إدراكه، كحال الأغلبية الساحقة من الخواص والنخبة منذ زمن النبي الأكرم (ص).
لو أنّ الإسلام ظهر لأهل العلم والفكر كمشروع وخطة وبرنامج تغيير للعالم له أهدافه ذات المراحل، لربما استطاعوا استشعار حياته وموته. فهذا المشروع الإلهي النهائي الذي ختم النبوات يرتبط كثيرًا بقضية الحكومة، فإذا لم يتمكّن من إقامة نظامٍ سياسي قائم على مبادئه وقيمه، فسوف نقول على الإسلام السلام. وما حُفظ هذا المشروع على مدى العصور إلا بفضل النشاطٍ السياسي داخل الأمة الإسلامية الذي كان يهدف عن وعي أو شبه وعي إلى تحقيق تلك الأهداف. وحين يغيب هذا البعد ويزول، فلن يبقى من الإسلام سوى رسم، قد يكون أسوأ على الإسلام والمسلمين من عدمه!
|| إنّ السكوت على يزيد من قبل الإمام الحسين الذي يُمثّل الشخص الأول في المعارضة، يعني سكوت وانطفاء أي شكل من أشكال الرفض للنظام السياسي الذي أراد معاوية أن يقيمه بدل نظام الخلافة. وقد أشرنا سابقًا إلى أنّ الأمويين والعباسيين فيما بعد، ورغم اعتمادهم نظام الملكية والوراثة النسبية، قد اضطروا إلى حفظ هذا العنوان والشعار (عنوان الخلافة) الذي يُشير إلى باني هذه الأمّة. بذلك يبتغون اكتساب الشرعية، خائفين من الإجهار بالمَلكية لمن بقي مؤمنًا بالخلافة أو معتقدًا بأنّ الأمّة تبقى على خير إن بقي نظام الخلافة فيها قائمًا. ولا تتعجب من ذلك، فإنّ القوّة الأساسية التي قامت عليها الدولة العثمانية فيما بعد إنّما كانت بفضل ادّعائهم خلافة النبي (ص).
ففي مقابل نظام الإمامة ورؤيتها للحكم، تبنّت أغلبية ساحقة من المسلمين نظام الخلافة، والذي كان بالإمكان التلاعب به وتوجيهه بحسب المطامع والمطامح بسهولة تامة.
النظام الأول يقوم على شروط الكفاءة العلمية والمعنوية والعقلية. والنظام الثاني يقوم على شرطٍ واحد، وهو الغلبة. فالأمير والحاكم وفق النظام الثاني هو الذي يُسيطر على مقاليد الأمور وتنقاد له الأمّة مع أهل حلّها وعقدها. وقد استمرّ هذا الصراع والجدال بين النظامين إلى يومنا هذا، وأصبح مَعلمًا واضحًا لتمييز الفرق الإسلامية ونحلها.
أجل، سرعان ما قامت المذاهب الفقهية والمشارب والعقائد على أساس السياسة. وتدخّلت السياسة في أدق تفاصيل الفقه والأصول؛ من أحكام الوضوء والنبيذ، وإلى قضية خلق القرآن والجبر والتفويض ولو أجرينا مطالعة عامة حول ظروف نشأة هذه البدع والآراء والأفكار فسوف تتضح لنا مناشئها السياسية.
قد يكون سكان العراق آنذاك أسوأ المسلمين حالًا على مستوى النفوس والعقائد والتوجهات، وكيف لا يكونون كذلك وأبشع جريمة في التاريخ قد ارتكبتها أيديهم؟! لكنّهم في الوقت نفسه كانوا يحملون قابليات مهمة لنصرة المشروع الإلهي وإن لم يدخلوا الجنة. فقد نصر الله دينه ولا يزال بأقوام لا يشمون رائحة الجنة.
إنّ العراق لم يكن عبارة عن مجموعة من القبائل والأفراد، بل كان مركزًا يُمكن الانطلاق منه للقيام بأنشطة وأعمال تغييرية إصلاحية أو معارضة ثورية. هذه هي القابلية التي تحققت في العراق وجعلت حُكّام الشام يتعاملون معه كعدوّ وتهديد حتى بعد أن قدم لهم خدمة العمر. فجرأة أهله على ارتكاب مثل هذه الفاجعة ربما لم تكن متوفرة في الشاميين أنفسهم، ولا نعلم ما الذي كانت ستؤول إليه الأمور لو حصلت المواجهة المباشرة بين الامام الحسين(ع) وأهل الشام! وهل كان هؤلاء الذين بنوا دينهم على الجهل والغفلة ليصمدوا أمام حجج الإمام (ع) في العاشر من محرم؟
لقد دخلت زينب(ع) على أهل الشام في أوج اعتزازهم وفخرهم، حين استتب لهم ما لم يحلموا به يومًا، ومع ذلك استطاعت أن تزلزلهم. وإنّ ما منع يزيد ــ وهو الفاجر السكران بزهو الانتصار ــ من إكمال جريمته واستئصال أهل البيت (ع)، بعد الانتقام لبني أمية وما حققه من إنجاز لهم لم يقدر عليه جدّه وأبوه؛ فما منعه من ذلك، بل جعله يقوم بإكرامهم وإرجاعهم إلى وطنهم، هو ما أخبره به وزراؤه ومستشاروه من خشية انقلاب الشاميين عليه. وقد كان هذا التصرف من بقية الدهاء الذي ورثه عن أبيه، لكنّه كان تصرفًا متأخرًا، وقد سبق السيف العزل، وأطاح الغرور بما بقي من حلم.
إنّ حجم الجريمة وفظاعتها حين يصبح النقطة الأساسية التي ننطلق منها في مقاربة عاشوراء، ويتحوّل إلى الزاوية الأساسية التي ننظر منها إلى نهضة الإمام الحسين، قد يمنعنا من رؤية المشهد الأعمق، وسيمنعنا أيضًا من إدراك الخطة الإنقاذية التي أرادها الحسين لتغيير الأمّة، بدءًا من تغيير نفوس أبنائها العراقيين والشاميين وغيرهم.
فنحن نصب اللعائن على قتلة الحسين (ع) متبرئين من فعالهم، لنوجد بيننا وبين هذه الجريمة النكراء مسافة بعيدة جدًّا، حتى لا نُحشر يومًا وفي قلوبنا ذرة واحدة من الرضا أو حتى الاستخفاف بفظاعتها؛ لكننا قد نغفل عن أن هذا اللعن ليس هو الطريق الوحيد الذي يسلكه الإمام والمؤمنون معه في التعامل مع مشاكل الأمة وأزماتها. وهذا ما شهدناه بعد سنين قليلة من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) واهتمامهم بأهل العراق خصوصًا، وكذلك تكريمهم للوافدين عليهم من أهل الشام رغم نضوح الحقد من قلوبهم. ولولا هذا الاهتمام وهذه الرحمة والحلم لما بقي من عاشوراء شيء.
إنّ عاشوراء الحسين (ع) هي فعل الرفض والطرد واللعن في الظاهر، لكنّها فعل الجذب والعطف والرحمة في الباطن. وما لم يجتمع الظاهر في الباطن وينطلق منه، فلن تحقق عاشوراء الأهداف التي أرادها الإمام الحسين (ع).
ملحق: مواقف الخواص والنّخبة من دعوة الإمام الحسين للقيام
فيما يلي بعض أهم المواقف التي نقلتها لنا كتب الأحاديث والتواريخ لبعض كبار الشّخصيات في المجتمع. نذكر بأنّ هذه المواقف قد صدرت قبل الواقعة. ويمكن أن يكون بعضها قد تبدل بعدها مباشرةً أو على مدى السنين. إنّ العقل التجريبي الذي ينطلق من معاينة المعطيات الحسية قد يعجز عن إدراك مُنطلقات الإمام الحسين عليه السلام وأهدافه من وراء الخروج والاستجابة لدعوة أهل الكوفة والعراق. ولذلك نضع هذه المواقف التي صدرت من موقع النصح والإرشاد لكي نقترب أكثر من فهم الظروف والأوضاع التي وصل إليها المجتمع الإسلامي بعد حوالي خمسين سنة من رحيل الرسول الأعظم عن هذه الدنيا.
محمد بن الحنفية
· عن ابن مخنف: وأما الحسين فإنّه خرج ببنيه وإخوته وبني أخيه وجُلّ أهل بيته، إلا محمد بن الحنفية فإنّه قال له: يا أخي، أنت أحبُّ الناس إليّ وأعزُّهم عليّ، ولستُ لأدّخر النصيحة لأحدٍ من الخلق أحقّ بها منك. تنحّ بتبعتك عن زيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت، ثم ابعث رسلك إلى الناس فادعهم إلى نفسك، فإن بايعوا لك حمدت الله على ذلك، وإن أجمع الناس على غيرك لم ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك ولا يذهب به مروءتك ولا فضلك، إني أخاف أن تدخل مصرًا من هذه الأمصار وتأتي جماعة من الناس فيختلفون بينهم فمنهم طائفة معك وأخرى عليك فيقتتلون فتكون لَأول الأسنة، فإذا خير هذه الأمة كلها نفسًا وأبًا وأمًّا أضيعها دمًا وأذلهّا أهلًا.[1]
· ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية قال: فلمّا جاء إليه محمد ابن الحنفية رضي الله عنه: يا أخي فدتك نفسي! أنت أحب الناس إليّ وأعزهم عليّ ولستُ والله أدّخر النصيحة لأحد من الخلق، وليس أحد أحقّ لها منك، فإنك كنفسي وروحي وكبير أهل بيتي ومَن عليه اعتمادي وطاعته في عنقي، لأنّ الله تبارك وتعالى قد شرّفك وجعلك من سادات أهل الجنة. وإنّي أريد أن أشير عليك برأيي فاقبله مني.
فقال له الحسين: قل ما بدا لك!
فقال: أُشير عليك أن تنجو نفسك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت، وأن تبعث رُسلك إلى الناس وتدعوهم إلى بيعتك فإنّي إن بايعك الناس وتابعوك حمدت الله على ذلك، وقمتُ فيهم بما يقوم فيهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم والخلفاء الراشدون المهديّون من بعده، حتى يتوفّاك الله وهو عنك راض. والمؤمنون كذلك، كما رضوا عن أبيك وأخيك. وإن أجمع الناس على غيرك حمدت الله على ذلك. وإنّي خائف عليك أن تدخل مصرًا من الأمصار أو تأتي جماعة من الناس، فيقتتلون فتكون طائفة منهم معك وطائفة عليك فتُقتل منهم.
فقال له الحسين: يا أخي! إلى أين أذهب؟
قال: اخرج إلى مكة فإن اطمأنّت بك الدار فذاك الذي تُحب وأُحب. وإن تكن الأخرى خرجت إلى بلاد اليمن، فإنّهم أنصار جدك وأخيك وأبيك وهم أرأف الناس وأرقّهم قلوبًا وأوسع الناس بلادًا وأرجحهم عقولًا، فإن اطمأنّت بك أرض اليمن وإلا لحقت بالرّمال وشعوب الجبال وصرت من بلد إلى بلد لتنظر ما يؤول إليه أمر الناس ويحكم بينك وبين القوم الفاسقين.
فقال له الحسين: يا أخي! والله لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت والله يزيد بن معاوية أبدًا. وقد قال (صلى الله عليه وآله وسلم): "اللهم! لا تبارك في يزيد".
قال: فقطع عليه محمد ابن الحنفية الكلام وبكى فبكى معه الحسين ساعة، ثمّ قال: جزاك الله يا أخي عنّي خيرا! ولقد نصحت وأشرت بالصواب، وأنا أرجو أن يكون إن شاء الله رأيك موفقًا مسددًا، وإني قد عزمت على الخروج إلى مكة وقد تهيأتُ لذلك أنا وإخوتي وبنو إخوتي وشيعتي وأمرهم أمري ورأيهم رأيي. وأما أنت يا أخي فلا عليك أن تقيم بالمدينة فتكون لي عينًا عليهم ولا تخف عليّ شيئًا من أمورهم.[2]
أبو بكر بن عبد الرحمن
· الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة): وأتاه [أي الإمام الحسين(ع) أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فقال: يا بن عم إنّ الرحم تُضارُّني عليك، وما أدري كيف أنا عندك في النصيحة لك؟
قال: يا أبا بكر ما أنت ممن يُستغَشُّ ولا يُتَّهم، فقل.
فقال: قد رأيت ما صنع أهل العراق بأبيك وأخيك وأنت تريد أن تسير إليهم. وهم عبيد الدنيا، فيقاتلك من قد وعدك أن ينصرك، ويخذلك من أنت أحب إليه ممّن ينصره، فأُذكّرك الله في نفسك.
فقال: جزاك الله يا بن عم خيرًا، فلقد اجتهدت رأيك، ومهما يقضي الله من أمر يكن.
فقال أبو بكر: إنّا لله، عند الله نحتسب أبا عبد الله.[3]
· مروج الذهب: دخل أبو بكر بن الحارث بن هشام على الحسين عليه السلام فقال: يا بن عمّ، إنّ الرّحم يُظائرُني عليك، ولا أدري كيف أنا في النصيحة لك؟
فقال: يا أبا بكر ما أنت ممّن يُستغشّ ولا يُتّهم، فقل.
قال أبو بكر: كان أبوك أقدم سابقةً، وأحسن في الإسلام أثرًا، وأشدُّ بأسًا والناس له أرجى، ومنه أسمع وعليه أجمع. فسار إلى معاوية والناس مجتمعون عليه إلا أهل الشام، وهو أعز منه، فخذلوه وتثاقلوا عنه، حرصًا على الدنيا وضنًّا بها. فجرّعوه الغيظ وخالفوه، حتى صار إلى ما صار إليه من كرامة الله ورضوانه.
ثمّ صنعوا بأخيك بعد أبيك ما صنعوا. وقد شهدتَ ذلك كله ورأيت. ثم أنت تريد أن تصير إلى الذين عَدَوا على أبيك وأخيك، تُقاتل بهم أهل الشام وأهل العراق ومن هو أعدُّ منك وأقوى، والناس منه أخوف وله أرجى! فلو بلغهم مسيرُك إليهم لاستَطْغوا الناس بالأموال، وهم عبيد الدنيا فيقاتلك من قد وعدك أن ينصرك ويخذلك من أنت أحب إليه ممّن ينصره، فاذكر الله في نفسه.
فقال الحسين عليه السلام: جزاك الله خيرًا يا بن عم فقد اجتهدت رأيك، ومهما يقضي الله يكن.
فقال: إنّا لله، عند الله نحتسب أبا عبدالله. ثم دخل عليه الحارث بن خالد بن العاص بن هشام المخزومي، والي مكة وهو يقول:
كم ترى ناصحًا يقول فيُعصى وظنين المغيب يُلفى نصيحًا
فقال: وما ذاك؟ فأخبره بما قال للحسين عليه السلام، فقال: نصحت له ورب الكعبة.[4]
أبو محمد الوافدي وزرارة بن جلح
· دلائل الإمامة عن أبي محمد الوافدي وزرارة بن جلح: لقينا الحسين بن علي (عليهما السلام) قبل أن يخرج إلى العراق بثلاث ليال، فأخبرناه بضعف الناس في الكوفة، وأنّ قلوبهم معه وسيوفهم عليه، فأومأ بيده نحو السّماء ففُتحت أبواب السماء ونزل من الملائكة عددٌ لا يُحصيهم إلا الله، وقال:
لولا تقارب الأشياء وحبوط الأجر لقاتلتهم بهؤلاء، ولكن أعلم علمًا أنّ من هناك مَصعدي وهناك مَصارع أصحابي، لا ينجو منهم إلا ولدي علي.[5]أبو سعيد الخُدري
· الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة): جاءه [أي الإمام الحسين(ع) أبو سعيد الخُدري، فقال: يا أبا عبد الله إني لكم ناصح، وإني عليكم مُشفق، وقد بلغني أنّه كاتبك قوم من شيعتكم بالكوفة يدعونك إلى الخروج إليهم، فلا تخرج، فإني سمعت أباك رحمه الله يقول بالكوفة:
والله لقد مللتهم وأبغضتهم، وملّوني وأبغضوني، وما بلوتُ منهم وفاء، ومن فاز بهم فاز بالسهم الأخيب، والله ما لهم نيّات، ولا عزم أمر، ولا صبرٌ على السيف.[6]
أبو واقد الليثي
· الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة): عن أبي واقد الليثي: بلغني خروج حسين(ع) فأدركته بمَلَل (موضع في طريق مكة بين الحرمين)، فناشدته الله أن لا يخرج، فإنّه يخرج في غير وجه خروج، [و] إنّما يقتل نفسه: فقال: لا أرجِع.[7]
الأحنف بن قيس
· أنساب الأشراف عن أبي بكر بن عيّاش: كتب الأحنف إلى الحسين(ع) ـ وبلغه أنه على الخروج ـ {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذينَ لا يُوقِنُون}.[8][9]
أم سلمة
· الخرائج والجرائح: إنّه عليه السلام لما أراد العراق قالت له أم سلمة: لا تخرج إلى العراق، فقد سمعت رسول الله يقول: يُقتل ابني الحسين بأرض العراق، وعندي تربة دفعها إليّ في قارورة، فقال: إني والله مقتول كذلك، وإن لم أخرج إلى العراق يقتلوني أيضًا.[10]
بُحير بن شدّاد
· الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن بُحير بن شدّاد الأسديّ: مر بنا الحسين بالثعلبية، فخرجت إليه مع أخي، فإذا عليه جُبّة صفراء لها جَيب في صدرها فقال له أخي: إنّ أخاف عليك [من قلة أنصارك]
فضرب بالسّوط على عَيبةٍ قد حَقَبها خلفه وقال: هذه كتب وجوه أهل المِصر[11].
بعثر الفقعسي
· أنساب الأشراف: كانَ بَعثَرٌ [الفَقعَسِيُّ الشّاعِرُ] لَقِيَ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ عليه السلام قَبلَ أنَ يَصِلَ إلَى الكوفَةِ، فَسَأَلَهُ عَنهُم، فَقالَ: إنَّ أهلَ العِراقِ أهلُ غَدرٍ.[12]
الطرماح بن عُدي
· تاريخ الطبري عن جميل بن مرثد عن بني معن عن الطرماح بن عُدي: أنّه دنا من الحسين (عليه السلام) فقال له:
إني والله! لأنظر فما أرى معك أحدًا! ولو لم يقاتلك إلا هؤلاء الذين أراهم ملازميك لكان كفى بهم، وقد رأيت ـ قبل خروجي من الكوفة إليك بيوم ـ ظهر الكوفة، وفيه من الناس ما لم ترَ عيناي ـ في صعيدٍ واحد ـ جمعًا أكثر منه، فسألت عنهم، فقيل: اجتمعوا ليُعرَضوا ثم يُسرَّحون إلى الحسين. فأُنشدك إن قدرت على أن لا تَقدم عليهم شبرًا إلا فعلت!
فإن أردت أن تنزل بلدًا يمنعك الله به حتى ترى من رأيك ويستبين لك ما أنت صانع، فسر حتى أُنزلك مَناع جبلنا الذي يُدعى أجأ، امتنعنا والله به من ملوك غسان وحِمَير ومن النعمان بن المنذر، ومن الأسود والأحمر، والله! إن دخل علينا ذل قط! فأسير معك حتى أُنزلك القرية....
فقال له الحسين (عليه السلام): جزاك الله وقومك خيرًا! إنّه قد كان بيننا وبين هؤلاء القوم قولٌ لسنا نقدر معه على الانصراف، ولا ندري علام تنصرف بنا وبهم الأمور في عاقبه.[13]
· مثير الأحزان: رُوِّيتُ أنّ الطرماح بن حكم قال: لقيت حسينًا وقد امترت لأهلي ميرة، فقلت: أذكرك في نفسك لا يغرنك أهل الكوفة، فوالله! لئن دخلتها لتقتلن، وإني لأخاف أن لا تصل إليها، فإن كنت مجمعًا على الحرب فانزل أجأ فإنه جبل منيع، والله! ما نالنا فيه ذل قط، وعشيرتي يرون جميعًا نصرك، فهم يمنعونك ما أقمت فيهم.
فقال: إن بيني وبين القوم موعدًا أكره أن أخلفهم، فإن يدفع الله عنا فقديمًا ما أنعم علينا وكفى، وإن يكن ما لا بد منه ففوز وشهادة إن شاء الله.[14]
عبدالله بن جعدة بن هُبيرة
· أنساب الأشراف: لحق الحسين(ع) عون بن عبدالله بن جُعدة بن هُبيرة بذات عرقٍ، بكتابٍ من أبيه يسأله فيه الرجوع، ويذكر ما يخاف عليه من مسيره، فلم يُعجبه.[15]
عبد الله بن جعفر
· الفتوح: انتقل الخبر بأهل المدينة أنّ الحسين بن علي يريد الخروج إلى العراق، فكتب إليه عبد الله بن جعفر:
بسم الله الرحمن الرحيم، للحسين بن علي، من عبد الله بن جعفر، أما بعد! أُنشدك الله أن لا تخرج عن مكة، فإني خائف عليك من هذا الأمر الذي قد أزمعت عليه أن يكون فيه هلاكك وأهل بيتك، فإنّك إن قُتلت أخاف أن يُطفأ نور الأرض، وأنت روح الهدى وأمير المؤمنين، فلا تعجل بالمسير إلى العراق فإنّي آخذ لك الأمان من يزيد وجميع بني أمية على نفسك ومالك وولدك وأهل بيتك والسلام.
قال: فكتب إليه الحسين بن علي: أما بعد! فإنّ كتابك ورد علي فقرأته وفهمت ما ذكرت، وأُعلمك أنّي رأيت جدّي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في منامي فخبرني بأمر وأنا ماضٍ له، لي كان أو علي، والله يا بن عمي لو كنت في جحر هامّة من هوام الأرض لاستخرجوني ويقتلوني، والله يا بن عمي ليُعدَيَنّ عليّ كما عَدَت اليهود على السبت، والسلام.[16]
· الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة): كتب عبد الله بن جعفر بن أبي طالب إليه كتابًا يحذره أهل الكوفة ويناشده الله أن يشخص إليهم.
فكتب إليه الحسين: إني رأيت رؤيا، ورأيت فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرني بأمر أنا ماض له، ولست بمخبر بها أحدا حتى ألاقي عملي.[17]
عبدالله بن عباس
· في مروج الذهب: لما همّ الحسين(ع) بالخروج إلى العراق أتاه عبد الله بن عباس، فقال: يا بن عم قد بلغني إنك تريد الخروج إلى العراق وإنّهم أهل غدرٍ وإنّما يدعونك إلى الحرب فلا تعجل، فإن أبيت إلا محاربة هذا الجبّار وكرهت المقام بمكة فاشخص إلى اليمن، فإنّها في عُزلة ولك فيها أنصار وأعوان، فأقم بها وبُثّ دُعاتك، واكتب إلى أهل الكوفة وأهل العراق فيُخرجوا أميرهم، فإن قَووا على ذلك ونَفوه عنها ولم يكن بها أحدٌ يُعاديك أتيتَهم ـ وما أنا لغدرهم بآمن ـ وإن لم يفعلوا أقمتَ بمكانك إلى أن يأتي الله بأمره، فإنّ فيها حصونًا وشِعابًا.
فقال الحسين(ع): يا بن عم إني لأعلم أنّك لي ناصح وعليّ شفيق، ولكن مسلم بن عقيل كتب إليّ باجتماع أهل الكوفة على نصرتي وبيعتي، وقد أجمعتُ على المسير إليهم.
فقال إنّهم من خَبَرت وجرّبتَ وهم أصحاب أبيك وأخيك، وإنّك لو خرجت فبلغ ابن زياد خروجك لاستنفرَهم إليك، وكان الذين كتبوا إليك أشدَّ عليك من عدوّك، فإن عصيتني وأبيت إلا الخروج إلى الكوفة، فلا تُخرجنّ نساءك ووُلدك معك، فوالله إنّي لخائف أن تُقتل كما قُتل عثمان ونساؤه ووُلده ينظرون إليه.
فكان الذي ردّ عليه أن قال: والله لأن أُقتل بمكان كذا وكذا أحبُّ إليّ من أن أُستحلّ بمكة. فآيس ابن عباس منه، وخرج من عنده.[18]
· المُصنّف لابن شيبة عن ابن عباس: جاءني حسين يستشيرني في الخروج إلى ما هاهنا - يعني العراق، فقلت: لولا أن يزرؤوا بي وبك لشبِثتُ يدي في شعرك إلى أين تخرج؟ إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك، فكان الذي سخا بنفسي عنه أن قال لي: إنّ هذا الحرم يُستحل برجل، ولأن أُقتل في أرض كذا وكذا ـ غير أنّه يباعده ـ أحب إليَّ من أن أكون أنا هو.[19]
· المعجم الكبير عن ابن عباس: استأذنني حسين(ع) في الخروج، فقلتُ: لولا أن يُزرى ذلك بي أو بك، لشبكتُ يدي في رأسك! قال: فكان الذي ردّ عليّ أن قال: لأن أُقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي من أن يُستحل بي حرم الله ورسوله. قال: فذلك الذي سلا بنفسي عنه.[20]
· مطالب السؤول: فاجتمع به [أي بالإمام الحسين(ع)] ذوو النصح له، والتجربة للأمور، وأهل الديانة والمعرفة، كعبد الله بن عباس، وعمرو بن عبد الرحمن بن الحرث المخزومي، وغيرهما ووردت عليه كتب أهل المدينة من عبد الله بن جعفر، وسعيد بن العاص وجماعة كثيرة، كلهم يشيرون عليه أن لا يتوجه إلى العراق وأن يقيم بمكة. هذا كله والقضاء غالب على أمره، والقدر آخذ بزمامه، فلم يكترث بما قيل له ولا بما كُتب إليه، وتجهز وخرج من مكة يوم الثلاثاء وهو يوم التروية.[21]
عبد الله بن عمر
· الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة): لَقِيَهُما [أيِ الحُسَينَ عليه السلام وعَبدَ اللّه بنَ الزُّبَيرِ] عَبدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ وعَبدُ اللّه بنُ عَيّاشِ بنِ أبي رَبيعَةَ بِالأَبواءِ، مُنصَرِفَينِ مِنَ العُمرَةِ، فَقالَ لَهُمَا ابنُ عُمَرَ: اُذَكِّرُكُمَا اللّهَ إلّا رَجَعتُما فَدَخَلتُما في صالِحِ ما يَدخُلُ فيهِ النّاسُ، وتَنظُرا، فَإِنِ اجتَمَعَ النّاسُ عَلَيهِ لَم تَشُذّا، وإنِ افتُرِقَ عَلَيهِ كانَ الَّذي تُريدانِ .
وقالَ ابنُ عُمَرَ لِحُسَينٍ عليه السلام: لا تَخرُج، فَإِنَّ رَسولَ اللّه صلى الله عليه وآله خَيَّرَهُ اللّه بَينَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ فَاختارَ الآخِرَةَ، وأنتَ بَضعَةٌ مِنهُ، ولا تَنالُها ـ يَعنِي الدُّنيا ـ فَاعتَنَقَهُ وبَكى ووَدَّعَهُ .
فَكانَ ابنُ عُمَرَ يَقولُ: غَلَبَنا حُسَينٌ عليه السلام عَلَى الخُروجِ، ولَعَمري لَقَد رَأى في أبيهِ وأخيهِ عِبرَةً، ورَأى مِنَ الفِتنَةِ وخِذلانِ النّاسِ لَهُم ما كانَ يَنبَغي لَهُ ألّا يَتَحَرَّكَ ما عاشَ، وأن يَدخُلَ في صالِحِ ما دَخَلَ فيهِ النّاسُ، فَإِنَّ الجَماعَةَ خَيرٌ.[22]
· الملهوف: جاء عبد الله بن عمر ـ في مكة ـ فأشار إليه بصلح أهل الضلال وحذّره من القتل والقتال.
فقال له: يا أبا عبد الرحمن أما علمت أنّ من هوان الدنيا على الله أنّ رأس يحيى بن زكريا أُهدي إلى بغيٍّ من بغايا بني إسرائيل؟!
أما علمت أنّ بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبيًّا، ثم يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون وكأن لم يصنعوا شيئًا. فلم يعجل الله عليهم، بل أمهلهم وأخذهم بعد ذلك أخذ عزيزٍ ذي مقتدر! اتقِ الله يا أبا عبد الرحمن ولا تدعنّ نصرتي.[23]
[1]. مقتل الحسين، أبو مخنف الأزدي، ص8.
[2]. الفتوح، ج1، ص 20-21
[3]. ترجمة الإمام الحسين، من طبقات ابن سعد، ص59.
[4]. مروج الذهب، ج3، ص56.
[5]. دلائل الإمامة، محمد بن جرير الطبري، ص182.
[6]. ترجمة الإمام الحسين، من طبقات ابن سعد، ص54.
[7]. موسوعة كلمات الإمام الحسين، ص369.
[8]. سورة الروم، الآية 60.
[9]. أنساب الأشراف، ج3، ص375.
[10]. الخرائج والجرائح، ج1، ص253.
[11]. ترجمة الإمام الحسين، ص306.
[12]. أنساب الأشراف، ج11، ص204.
[13]. موسوعة كلمات الإمام الحسين(ع)، ص441.
[14]. موسوعة كلمات الإمام الحسين(ع)، ص442.
[15]. أنساب الأشراف، ج3، ص377.
[16]. كتاب الفتوح، ج5، ص67.
[17]. ترجمة الإمام الحسين، من طبقات ابن سعد، ص59.
[18]. الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة، ص130.
[19]. المصنف لابن شيبة، ج8، ص632.
[20]. المعجم الكبير، ج3، ص119.
[21]. مطالب السؤول: ص74.
[22]. الطبقات الكبرى، ج1، ص444.
[23]. اللهوف في قتلى الطفوف، ص 22.

لماذا استشهد الحسين سبط الرسول؟
حقائق مذهلة حول عاشوراء..ما الذي ميّز نهضة الإمام الحسين(ع) عن غيره من الأئمة(ع) رغم أنّ هدفهم واحد وقضيّتهم واحدة؟لماذا كل هذا التأكيد على زيارة الإمام الحسين(ع) في جميع المناسبات، وهذا الثواب العظيم للبكاء عليه؟ماذا يعني شعار: "كل يوم عاشوراء، كلّ أرضٍ كربلاء"؟ وكيف يمكن أن نطبّق هذا الشعار في حياتنا، فنتصل بعاشوراء ونكون حسينيّين؟ما الجديد الذي يقدّمه لنا هذا الكتاب؟ لماذا استشهد الحسين(ع) سبط الرسول(ص)؟ الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 136 صفحةالطبعة الأولى، 2018م السعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي: القرّاء ككل شيء جميل يمضي تاركًا فينا أثرًا، كان هذا الكتاب..ترددت قبل قرأتي لهذا الكتاب فعلى غلافه الخلفي دُوّن أنه "للشباب من 14 إلى 18 "ولكل من فاتته فرصة الشباب"، فقلت في نفسي أصبح عمري 23 عامًا لقد أصبحت كبيرا على هذا الكتاب، ولكنّي قرأته بعد تشجيع أحد الأصدقاء وأدركت حينها أنّي ممن فاتته فرصة الشباب، وأدركت أني لا أعرف شيئا عن جوهر عاشوراء ومعانيها العميقة. ولعل أكثر فكرة رسخت في عقلي هي المقطع الأخير عن إتخاذ الموقف المناسب في الوقت المناسب وضرورة عدم الإبتعاد عن قضايا الحياة الكبرى وعدم التلكؤ أو التقاعس. ع. مكّي

حول أهداف النهضة الحسينية.. تشكيل الأمّة الحسينية الواحدة
نؤمن بأنّ الحسين بن علي وفاطمة، سبط النبي الأكرم خاتم النبيين (ص)، هو في نهجه وسيرته ودوره وإنجازاته استمرارٌ لنهج جدّه الرسول الأعظم، بل تجسيدٌ كامل له مع اختلاف ظروف الزمان والمكان. فالحسين كقائد وإمام وخليفة الله في أرضه وعباده، هو محمد بن عبدالله في زمانه؛ أو قل إنّ محمدًا المبعوث رحمةً للعالمين قد تجسّد مرة أخرى في الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

عاشوراء الحسين وانبعاث التأويل
جرت عمليّة تأسيس المجتمع المسلم والأمّة الواحدة على يد القرآن الكريم. منذ اللحظة الأولى التي بدأ النبي الأكرم(ص) يتلو على الناس آياته، انطلق زلزالٌ اجتماعيٌّ كبير أطاح بالنظام الجاهلي إلى غير رجعة، ولم يتوقف هذا الزلزال إلى يومنا هذا... فبالقرآن مضت عملية التغيير والتأسيس والبناء للأمة الإسلامية، وذلك أولًا عبر إسقاط النظام الجاهلي الوثني بمعارف التوحيد، وبتغيير وجهة الحياة من الدنيا إلى الآخرة ثانيًا، وتوجيه الجهود والمساعي من القبيلة والعشيرة والأنا إلى البشرية والناس كافة.

القيادة السماويّة للإمام الحسين(ع)
عاشوراء ليست حدثًا نُحيي ذكراه عسى أن تشملنا رحمةٌ وشفاعة ومغفرة (رغم عظمة هذه الأمور)، بل هي مشروع انطلق قبل مئات السنين ليستمر ويُطبَّق حتى تحقيق كافة أهدافه.

في البحث عن قيادة الإمام الحسين
عاشوراء رائعة الإمام الحسين وموقفه الأكبر الذي لخّص لنا تلك الخطة، التي تمنع تمزيق الأمة وتحفظ قداسة القرآن، فاستطعنا أن نتعرّف على أعظم قياده في التاريخ؛ قيادة واجهت أسوأ واقعٍ اجتماعي وأكبر تهديدٍ يُمكن أن يُحيق بالمشروع الإلهيّ.

الإمام الحسين يُحدّد الخطر الأكبر
الذين آمنوا بالبعد القيمي المعنوي لنهضة الإمام الحسين، يعلمون أنّ هذا البعد هو المقصود بالذات، وأنّ تلك الأبعاد السياسية الاجتماعية هي المقصودة بالتبع. وباستحضار المواجهة القيمية سيكون النفاق أسوأ القيم وأخبثها، وسيتوجّب على الإمام أن يبذُل أقصى ما يُمكن أن يبذله وليّ في هذا العالم من أجل القضاء عليه.

الحسين يعبّد طريق الكمال
من الطبيعي جدًّا أن يتساءل كلّ عاقلٍ حول ما جرى في عاشوراء، ويطرح الأسئلة الكثيرة، والمحرجة أو الذكية؛ وكيف لا يكون ذلك، وهذه القضيّة تُعتبر من أعمق القضايا وأكثرها حيرةً للإنسان. فمن الطبيعي أن يتساءل الإنسان كيف أنّ الله سبحانه وتعالى يسمح لشخصٍ بهذا المستوى وبهذا المقام أن يُقتل أو يُفعل به ما فُعل به في كربلاء. إنّ هول الفاجعة في عاشوراء هو أكبر ممّا يتخيّله أو يتحمّله إنسان، فما من قبح ما أو جرم أو فظاعة إلا وحدثت في مجريات هذه الحادثة الكبرى، فمن الطبيعي أن يطرح البعض أسئلة حول مدى صحّة ما جرى، ومدى دقّته وأمثال ذلك. إلا أنّ هذا ليس مدخلًا يساعد الإنسان على الوصول إلى الإجابات المطلوبة والصحيحة عن هذه الأسئلة. فهناك مقدّمة أساسية ينبغي أن تكون واضحةً أمامنا، وبعد ذلك يصبح الوصول إلى إجابات هذه الأسئلة ميسرًا، والأجمل من ذلك هو أنّ هذه الإجابات ستكون ملهمة جدًا وعاملًا مهمًّا في زيادة وعينا وفهمنا للحياة والوجود والمصير، خصوصًا على المستوى الاجتماعي والمسؤوليات الإلهية؛ وهذا المدخل هو أنّه ما معنى وجود الإنسان الكامل أو الولي الأعظم أو خليفة الله على الأرض؟
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...