
الحسين يشق طريق السير إلى الله
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب لماذا استشهد الحسين سبط الرسول
ما بين قبر الحسين إلى السماء السابعة مختلف الملائكة (أي ترددها ذهابا وإيابًا).[1] الإمام الصادق (ع)
القائد الربّاني يؤمن بأنّ كل الشؤون والظّروف الاجتماعية من سياسة واقتصاد ونظام وأمن، إنّما هي وسيلة لصناعة البيئة التي تُيسّر حركة الناس باتّجاه الفضائل والكمالات. فإذا انعدمت هذه الوسيلة، ولم تعد شروط إقامة الحكومة العادلة متوفّرة، يلجأ هذا القائد إلى وسائل أخرى وهو غير غافلٍ عن ذاك الهدف المحوريّ. والوسائل البديلة عن البيئة الاجتماعية السليمة تتطّلب ولا شك إبداعًا وكدحًا يتناسب مع التحديات والتهديدات التي تبرز في ظل غياب هذه البيئة السليمة.
وقد شاهد الامام الحسين (ع) المجتمع المسلم ينحدر بسرعة كبيرة نحو وادي الرذيلة والفساد، هناك حيث سيفقد أبناؤه أي شعور بقبح المنكر وشناعته. ففي بداية الانحدار يترك المسلمون فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيؤدي بهم هذا التقصير إلى أن يأمروا بالمنكر وينهوا عن المعروف، حيث تكون عاقبة ذلك في النهاية أن يروا المعروف منكرًا والمنكر معروفًا، وحينها لن يعودوا إلى خيرٍ أبدًا. وهذا هو هلاك القرى والأُمم وزوالها عن مسرح الحضارة. وهذا ما ورد على لسان رسول الله (ص) في المجامع الروائية للفرق الاسلامية؛ حيث حدّد هذا النبيّ الكريم مراحل تسافل الأمة وانحطاطها.
فعنه(ص): "كَيْفَ بِكُمْ إِذَا فَسَدَ نِسَاؤُكُمْ وَفَسَقَ شُبَّانُكُمْ وَلَمْ تَأْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ تَنْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ؟! قِيلَ لَهُ: وَيَكُونُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! قَالَ: نَعَمْ، وَشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ! وَكَيْفَ بِكُمْ إِذَا أَمَرْتُمْ بِالْمُنْكَرِ وَنَهَيْتُمْ عَنِ الْمَعْرُوفِ؟! قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ؟! قَالَ: نَعَمْ، وَشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ! وَكَيْفَ بِكُمْ إِذَا رَأَيْتُمُ الْمَعْرُوفَ مُنْكَرًا وَالْمُنْكَرَ مَعْرُوفًا!".[1]
فالأمّة الإسلاميّة قامت على أساس أن تكون واسطة بين رسالة النبوّة والأُمم، بين وحي السماء وشعوب الأرض، كما قال تعالى: {وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهيدا}،[2] وهذه الوساطة تقوم على أداء الأمة لدورها الأساسي، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يُفترض أن تعيشه في كل مجالات حياتها، وخصوصًا المجال الأكثر تأثيرًا على دين الناس وقيمهم وأخلاقهم وسلوكيّاتهم، وهو المجال الاجتماعي السياسي. وهنا يصدح نداء الإمام الحسين الذي خرج ليأمر بالمعروف الأكبر وينهى عن المنكر الأكبر قائلًا: "مَنْ رَأَى سُلْطَاناً جَائِراً مُسْتَحِلًّا لِحُرُمِ اللَّهِ نَاكِثاً لِعَهْدِ اللَّهِ مُخَالِفاً لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ يَعْمَلُ فِي عِبَادِ اللَّهِ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ثُمَّ لَمْ يُغَيِّرْ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ كَانَ حَقِيقاً عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ مَدْخَلَه". [بحار الأنوار، ج44، ص382]
ورغم تثبيته لقضية النبوّة في المجتمع والحكم وما تعنيه من لزوم الطاعة المطلقة والانقياد التام، فإنّ رسول الله(ص) استطاع بسيرته أن يُجسّد الحاكم القريب من واقع الناس وقضاياهم، الحاكم الذي لا يتمتع بأي نوع من الامتيازات الخاصة التي تجعله يعيش كالملوك والأمراء، بل يكون خادمًا للشعب بكل ما تعنيه الكلمة. وهذا ما فرض على من جاء من بعده الالتزام والتقيُّد إلى حدٍّ كبير بهذه السيرة، فأحجموا عن تقليد الأمراء والسلاطين. حتى إذا وصل الحكم إلى الثالث وعلم أنّه أُعطي هذا المقام لمنع وصول حاكم العدل إلى السلطة، لم يجد رادعًا من تنصيب أبناء عشيرته وتسليطهم على شؤون المسلمين ومقدراتهم، مستخدمًا سياسات الإغراء والمُحاباة لوجهاء الصحابة، مستغلًّا الحجم الكبير للغنائم والثروات التي انهالت على العالم الإسلامي جرّاء الفتوحات والحملات العسكريّة.
وقد وفّرت هذه السياسة الأرضية الفرصة المناسبة لتقوية نفوذ الأمويين السياسي والديني، من خلال استيلائهم على حصة الأسد من تلك الثروات. وهنا نجد أمير المؤمنين عليه السلام يصف ما آل إليه الأمر قائلًا:
"إِلَى أَنْ قَامَ ثَالِثُ القَوْمِ، نَافِجًا حِضْنَيْهِ بَيْنَ نَثِيلهِ وَمُعْتَلَفِهِ، وَقَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضَمُونَ مَالَ اللهِ خَضْمَ الإبِل نِبْتَةَ الرَّبِيعِ، إِلَى أَنِ انْتَكَثَ عَلَيْهِ فَتْلُهُ، وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ، وَكَبَتْ بِهِ بِطْنَتُهُ".[3]
بفضل سياسة الإغراء هذه توهم الكثير من المسلمين أنّهم انتقلوا إلى أرض الفرص العظيمة؛ وهي فرص لم تخطر على بالهم من قبل، فزاد تأييدهم لهذه السياسة ورأوا فيها حكمة وتدبيرًا وأطلقوا على زعيمها مناصب الأنوار. لكنّ سياسةً يُستجلب بها الأعوان والحواشي وتقوم على المحاباة لا الكفاءة، لا يمكن أن تنشر العدالة بأيّ وجه. ولهذا، سرعان ما شعرت الأغلبية الساحقة من المسلمين بالظلم نتيجة الطبقية والحرمان، وقامت على الحاكم الثالث بثورة أدت إلى مقتله.
الأمويون الذين شاهدوا رأس عزهم ومجدهم يسقط أرضًا، ما كانوا ليسكتوا عن هذه الخسارة. فبدأوا باستخدام نفوذهم وإمكاناتهم لاستعادة السلطة بأي وسيلة، ومنع الإمام علي (ع) من القضاء على نظامهم ومنظومتهم التي عملوا على ترسيخها لمدة تزيد على عشر سنوات متواصلة. وهكذا حرّضوا أصحاب الجمل وسيدتهم، وتلاعبوا بشذّاذ الآفاق الذين مرقوا من الدين كما يمرق السهم، كل ذلك لكيلا يُسمح لأمير المؤمنين(ع) بأن يستقر ويُطبق حكومة العدل والفضيلة. ولما فشلوا نهضوا إلى الحرب بأنفسهم وجيشوا أهل الشام معهم.
لم تكن كل هذه الصراعات لتنشأ من خلاف العقائد واختلاف الأفكار، وإن امتدت إليها. بل كان المحور الأساسي لها، قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر داخل الأمّة؛ وكان أول مُنكر شقّوا طريقه وعبّدوا دربه بعد رسول الله سعيًا منهم ليصبح معروفًا ونظامًا مقبولًا، هو الاستئثار بالأموال والمقدرات والتحكُّم بها من قبل فئة قليلة في المجتمع. فإذا استتب الأمر لهذا المنكر، انتقل إلى المنكر الثاني وهو سفك دماء المعارضين بغير حق. فإذا قمعت المعارضة، أطلقوا العنان لجميع الرذائل والمنكرات، كأشكال الفساد الجنسي وكل ما يرتبط باتّباع الشهوات. ومن الطبيعي أن يستند نظام المنكر إلى منظومة حقوقية تشريعية تبحث عن أصول عقائدية لتبرير أحكامها السلطانية. فينتهي الأمر إلى القضاء على الإسلام مع إبقاء رسمه؛ لأن رسمه وجسمه الفاقد للروح سيكون أفضل وسيلة لإكمال ذلك الفساد والظلم.
|| إنّ قوة الأديان لا تكمن في بعدها الحقاني فحسب، بل تشمل بعدها البطلاني أيضًا فيما إذا تم تحريفها! فتُصبح الأديان المحرفة أقوى قوّة للشر مثلما أنّها تكون أقوى قوة للخير إن صلحت.
وأمام هذا المسلسل من الانحدار والانزلاق نحو البوار والعار، كان على الإمام الحسين أن يؤسّس لنهجٍ وسط كل هذه البيئة المعادية للقيم الجميلة. ولم يكن بصدد توجيه ضربة للنظام فحسب. كل ما كان يهم الإمام الشهيد هو أن يتمكّن من رسم معالم طريق واضح ومحجة بيضاء ساطعة لكل من يريد أن يسلك درب الحق والفضيلة. وهكذا تجلّى إبداع هذا القائد الرسالي في ترسيخ هذا النهج وسط أسوأ بيئة يمكن أن يُبتلى بها مجتمعٌ بشري، وفي شقّ طريقٍ للعروج إلى الفضيلة، بوجه طريق الانزلاق السريع الذي سار عليه الأمويون وأتباعهم.
أن تنقذ نفسًا من السقوط لهو فعلٌ يُساوي إنقاذ النفوس جميعا، فكيف إذا أخذت بيدها نحو قمم الكمال والفضيلة؟! وماذا لو جعلت من هذا الفعل نهجًا ميسرًا لكل نفس!؟ لقد تحدّى الإمام الحسين (ع) تلك الأطروحة القائلة بأنّ أفضل وسيلة لنشر الفضيلة والكرامة هي إقامة بيئة اجتماعية تترعرع فيها الفضائل ويتسابق أهلها في مضامير الكرامة، وهي بيئة المجتمع العادل الذي يرأسه إمامٌ فاضل.. وكان تحدّي الإمام يكمن في إيجاد وسيلة أخرى مشابهة في قوة تأثيرها للوسيلة الأولى. وكانت وسيلة الإمام هي ترسيخ نهج "رفض الذلّة" بكل أشكالها الفردية والاجتماعية، الظاهرية والباطنية، نهج الآباء الذي حصّنه بدمائه فجعله الله تعالى عنوانه ودليله.
|| ومنذ عاشوراء أضحى السير إلى الله، الذي هو عنوان الارتقاء والعروج في مراتب الكمال، (والذي يمثل الغاية العليا من بعث النبوات وتنزيل الرسالات)، أضحى نهجًا ميسّرًا إلى الدرجة التي جعلت كبار أهل العلم والفضيلة ينسون النهج الأول ويغضون النظر عنه. وصار الحسين الشهيد بكل ما يحيط به ويدور حوله طريق السالكين أينما وُجدوا.
وهكذا خلّف الإمام الحسين مدرسة تحتوي على كل مستلزمات تحقيق هذا الهدف، حيث يمكن لأي سالك أن يرتقي في صفوفها وفصولها إلى أن يبلغ أعلى مراتب الكمال. هذا التحدي الظاهري لم يكن إلغائيًّا للنهج الأول، بل جاء كحاجة ماسة في ظل غيابه، مثلما يحتاج المصلّي إلى التيمُّم عند فقدان الماء. وإذا كان المتيمم يعفّر جبينه بالتراب ليحصل على الطهارة المطلوبة للعروج بصلاته، فإن سالك نهج الحسين يعفر جبينه بتربته فيخرق بذلك حجب السماوات السبع.
رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: كَانَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) خَرِيطَةُ دِيبَاجٍ صَفْرَاءُ فِيهَا تُرْبَةُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) فَكَانَ إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ صَبَّهُ عَلَى سَجَّادَتِهِ وَسَجَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ (ع): السُّجُودُ عَلَى تُرْبَةِ الْحُسَيْنِ (ع) يَخْرِقُ الْحُجُبَ السَّبْعَ.[4]
|| ومقابل الإحباط واليأس والقنوط العجيب الذي سيطر على الأمّة جرّاء غلبة الأشرار وسيطرة الفجار، أضاءت مدرسة عاشوراء شمس الأمل والرّجاء والحماس الثوري الذي لم تعرفه بدر وأُحُد والأحزاب. وحين نتأمّل فيما يمكن أن يقدّمه لنا الإمام الحسين (ع) على الصعيد المادي والمعنوي، لن تتطلع عيوننا صوب أيّ نهجٍ أو طريقٍ آخر، فتقر عنده وتستقر في فنائه، كما استقرت الملائكة المؤلفة حول مقامه ومرقده بعد أن نزلت لنصرته. فأيّ عالم أرضي يمكن أن يُقنع هذه الألوف الملكوتية بالبقاء في هذا الحرم، لو لم يكن عالمًا أرقى من عالمها الملكوتي؟!
إنّ نزول الملائكة إلى عالم الدنيا لا يكون إلا بجاذبة روح الإنسان الكامل وخليفة الله الذي ذاقت الملائكة أعذب حلاوة في عبادة الله حين سجدت له. وإذا كانت الملائكة التي أسرعت لنصرة الحسين يوم العاشر من محرم قد وجدت في الجسد المقطع على الفلوات مقصدها، فذلك لأنّ هذا الإمام قد أخّر وصولها من أجل أن تُدرك روح النصر الذي ما كانت لتعرفه في عالمها. فالملائكة رغم أنّها من سكنة عالم الغيب، لكنّ معرفتها بعالم الحقيقة الذي هو غيب السماوات والأرض لا تتحقق إلا بإنباء خليفة الله وتعليمه.
هكذا تعلّمت الملائكة مرة أخرى ما الذي يعنيه الغيب، لا لتهاجر منه بل لتستقر فيه عن علمٍ وإدراك. ومثلما أنّ الانبياء يأتون إلى عالم الطبيعة والدنيا لتبديله إلى عالم الملكوت والآخرة، فإنّ الامام الحسين(ع) قد بدّل ملكوت العالم إلى غيب الغيوب.
بالتأمل فيما يمكن أن تقدمه مدرسة عاشوراء دنيا وآخرة، لا يبقى أي حجاب وعائق أمام أي سالك، يريد العافية لبدنه من أجل نصرة إمامه فتأتيه التربة الشافية، أو يريد العافية لروحه من أجل إحياء دينه، فيدعوه الحرم للزيارة.
عَنِ الصَّادِقِ (ع) قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ تُرْبَةَ الْحُسَيْنِ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَأَمَانًا مِنْ كُلِّ خَوْفٍ؛ فَإِذَا أَخَذَهَا أَحَدُكُمْ فَلْيُقَبِّلْهَا وَلْيَضَعْهَا عَلَى عَيْنِهِ وَلْيُمِرَّهَا عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ وَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بِحَقِّ هَذِهِ التُّرْبَةِ وَبِحَقِّ مَنْ حَلَّ بِهَا وَثَوَى فِيهَا وَبِحَقِّ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَأَخِيهِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ وَبِحَقِّ الْمَلَائِكَةِ الْحَافِّينَ بِهِ إِلَّا جَعَلْتَهَا شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَبَرْءًا مِنْ كُلِّ مَرَضٍ وَنَجَاةً مِنْ كُلِّ آفَةٍ وَحِرْزًا مِمَّا أَخَافُ وَأَحْذَرُ، ثُمَّ يَسْتَعْمِلُهَا. قَالَ أَبُو أُسَامَةَ ـ فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُهَا مِنْ دَهْرِيَ الْأَطْوَلِ كَمَا قَالَ وَوَصَفَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع) فَمَا رَأَيْتُ بِحَمْدِ اللَّهِ مَكْرُوهًا".[5]
إن الشعار الأكبر لقيام المهدي الموعود هو "يا لثارات الحسين". وبفضل عاشوراء، سيتقدم صاحب الزمان نحو تحقيق الوسيلة الأولى. فكلما ترسّخ نهج الحسين اقترب ظهور المهدي. وهكذا أضحى عمق وسيلة عاشوراء مقدمة حتمية لتشكيل المجتمع الإسلامي النموذجي الذي سيبقى مرتهنًا لعمل هذا القائد، فيوصل إليه الراية ويسلّمها له؛ وحينها يتحد الباطن مع الظاهر في أطول حكومة ستعرفها البشرية على الإطلاق.
فالخط الوحيد لحركة الأحرار الأبرار هو الذي يبدأ من الحسين وينتهي إليه. وبذلك تكون عاشوراء روح المجتمع والحكومة، والمصدر الذي تنهل منه البيئة المناسبة لشيوع الفضيلة والتسابق في مضاميرها.
البيئة المنشودة التي تُمثّل الوسيلة الأيسر لن تكون مقابل الوسيلة الأشد، مثلما أنّ الماء لا يقابل التراب، بل يمتزجان لإيجاد الطين الذي تنفخ فيه الروح وينبعث منه الإنسان.
هكذا استطاع الإمام الحسين أن يصطنع مدرسة جسّدت كل القيم في صفوف الصدق وفصوله. وما كان مثالًا في عالم الفكر والمُعتقد، أضحى ممثّلًا في عالم المعنى والسلوك، فما أسرع الوصول بمركب الحسين وسفينته.
ملحق: الآثار المعنويّة لزيارة الإمام الحسين(ع)
أقام الله للحسين الشهيد ضريحًا جعله محلًّا لزيارته. وما هي الزيارة غير الوصول؛ فمن أراد الوصول إلى الله زار الحسين. وإذا كان للواصل أن يرجع ويتنزّل إلى حيث كان، يبقى الطريق مفتوحًا، فلا يرجع خائبًا، وإنّما يزيل الله من أمامه عقبات الذنوب فيفك رقبته ويعتقها من النار.
إنّ مقام الحسين بن علي في كربلاء أضحى تلك البقعة الخاصة التي تحقق أيسر اتصال بأعلى سماء. فإذا أراد السالك عبور مراحل الدنيا والآخرة تمسّك بهذا الحبل الهابط من سماء الأحدية وصعد به إلى حيث لا تسعه الأوهام.
وهذه نماذج الأحاديث الكثيرة التي تكشف عن بعض هذه الحقائق الغيبية والأسرار الإلهيّة. وتدل على جانب الرحمة الربانية التي اتّسعت بأكبر سعة بفضل عاشوراء. بيد أنّ هذه الآثار المعنوية لزيارة الحسين الشهيد والاتصال به والحفوف حول قبره وقبور أصحابه وأخيه، إنّما كانت لأجل اجتماع المؤمنين حول قضية واحدة تُمثّل أهم وأكبر القضايا التي يُمكن للبشر أن يتناولوها، فيكبر همّهم وتعلو هممهم ليكونوا مستعدّين لتلبية نداء الدعوة إلى إقامة حضارة إسلاميّة جديدة محورها الحسين بن علي(ع).
زيارته من أفضل الأعمال
عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ زِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ (ع) قَالَ إِنَّهُ أَفْضَلُ مَا يَكُونُ مِنَ الْأَعْمَالِ.[2]
عَنْ أَبَانٍ الْأَزْرَقِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) قَالَ: مِنْ أَحَبِ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى زِيَارَةُ قَبْرِ الْحُسَيْنِ(ع).[3]
من زاره كمن زار الله
عن جابر بن أبي جعفر عن أبيه عن عمه الحسن بن علي(ع) قال: كنا مع أمير المؤمنين أنا وحارث الأعور فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يأتي قوم في آخر الزمان يزورون قبر ابني الحسين، فمن زاره فكأنما زارني، ومن زارني فكأنما زار الله سبحانه وتعالى، ألا من زار الحسين فكأنما زار الله على عرشه.[4]
عن أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع) مَا لِمَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (ع) فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ يُرِيدُ بِهِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا عِنْدَهُ لَا عِنْدَ النَّاسِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ ذُنُوبَهُ وَلَوْ أَنَّهَا بِعَدَدِ شَعْرِ مِعْزَى كَلْبٍ ثُمَّ قِيلَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ يَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ الذُّنُوبَ كُلَّهَا قَالَ أَتَسْتَكْثِرُ لِزَائِرِ الْحُسَيْنِ (ع) هَذَا كَيْفَ لَا يَغْفِرُهَا وَهُوَ فِي حَدِّ مَنْ زَارَ اللَّه.[5]
من زاره كمن زار الرسول
عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من زارني بعد وفاتي فكأنّما صحبني أيام حياتي، ومن زار قبر المظلوم من أهل بيتي فكأنّما زارني، ومن همّه مُصابي فكأنّما شهد وقائعي، ومن حارب بني بعد موتي فكأنّما حاربني أيام حياتي، ولا يسل السلاح أو يشهره على أحد من أهل بيتي فكأنّما قاتلني، ومن شهر سيفًا على أحد من أهل بيتي ليريعه أكبه الله على سيفه في النار منكوسًا.[6]
عن بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وتَهُونَ عَلَيْهِ سَكْرَةُ الْمَوْتِ وهَوْلُ الْمُطَّلَعِ فَلْيُكْثِرْ زِيَارَةَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ(ع) فَإِنَّ زِيَارَةَ الْحُسَيْنِ(ع) زِيَارَةُ رَسُولِ اللَّهِ (ص).[7]
إكرام الملائكة لزواره
عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ(ع) يَقُولُ وَكَّلَ اللَّهُ بِقَبْرِ الْحُسَيْنِ(ع) أَرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زَارَهُ عَارِفًا بِحَقِّهِ شَيَّعُوهُ حَتَّى يُبْلِغُوهُ مَأْمَنَهُ، وإِنْ مَرِضَ عَادُوهُ غُدْوَةً وعَشِيَّةً وإِنْ مَاتَ شَهِدُوا جَنَازَتَهُ واسْتَغْفَرُوا لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.[8]
عن صفوان بن مهران الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: من زار قبر الحسين (ع) وهو يريد الله عز وجل شيّعه جبرئيل وميكائيل وإسرافيل حتى يرد إلى منزله.[9]
عن أبي عبد الله(ع): إنّ الرجل إذا خرج من منزله يريد زيارة الحسين(ع) شَيَّعَهُ سَبْعُمِئَة مَلَكٍ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ حَتَّى يَبْلُغُوا بِهِ مَأْمَنَهُ؛ فَإِذَا زَارَ الْحُسَيْنَ (ع) نَادَاهُ مُنَادٍ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ فَاسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ؛ ثُمَّ يَرْجِعُونَ مَعَهُ مُشَيِّعِينَ لَهُ مِنْ مَنْزِلِهِ فَإِذَا صَارُوا إِلَى مَنْزِلِهِ قَالُوا: نَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ، فَلَا يَزَالُونَ يَزُورُونَهُ إِلَى يَوْمِ مَمَاتِهِ ثُمَّ يَزُورُونَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ (ع) فِي كُلِّ يَوْمٍ وَثَوَابُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ".[10]
لا يُحصى فضل زيارته
عن علي(ع) إنّ النبي(ص) قال: إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ قَبْرَكَ وقَبْرَ وُلْدِكَ بِقَاعًا مِنْ بِقَاعِ الْجَنَّةِ وعَرْصَةً مِنْ عَرَصَاتِهَا، وإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ قُلُوبَ نُجَبَاءَ مِنْ خَلْقِهِ وصَفْوَتِهِ مِنْ عِبَادِهِ تَحِنُّ إِلَيْكُمْ وتَحْتَمِلُ الْمَذَلَّةَ والْأَذَى فِيكُمْ، فَيَعْمُرُونَ قُبُورَكُمْ ويُكْثِرُونَ زِيَارَتَهَا تَقَرُّبًا مِنْهُمْ إِلَى اللَّهِ مَوَدَّةً مِنْهُمْ لِرَسُولِهِ.
أُولَئِكَ يَا عَلِيُّ الْمَخْصُوصُونَ بِشَفَاعَتِي والْوَارِدُونَ حَوْضِي وهُمْ زُوَّارِي غَدًا فِي الْجَنَّةِ.
يَا عَلِيُّ مَنْ عَمَرَ قُبُورَكُمْ وتَعَاهَدَهَا فَكَأَنَّمَا أَعَانَ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عَلَى بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ومَنْ زَارَ قُبُورَكُمْ عَدْلُ ذَلِكَ لَهُ ثَوَابُ سَبْعِينَ حَجَّةً بَعْدَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وخَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ زِيَارَتِكُمْ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ. فَأَبْشِرْ وبَشِّرْ أَوْلِيَاءَكَ ومُحِبِّيكَ مِنَ النَّعِيمِ وقُرَّةِ الْعَيْنِ بِمَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ ولَا أُذُنٌ سَمِعَتْ ولَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ولَكِنَّ حُثَالَةً مِنَ النَّاسِ يُعَيِّرُونَ زُوَّارَ قُبُورِكُمْ بِزِيَارَتِكُمْ كَمَا تُعَيَّرُ الزَّانِيَةُ بِزِنَاهَا أُولَئِكَ شِرَارُ أُمَّتِي لَا نَالَتْهُمْ شَفَاعَتِي ولَا يَرِدُونَ حَوْضِي.[11]
عن عبد الله بن حماد البصري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال لي: إنّ عندكم ـ أو قال: في قربكم ـ لفضيلة ما أوتي أحد مثلها، وما أحسبكم تعرفونها كنه معرفتها، ولا تحافظون عليها ولا على القيام بها، وإنّ لها لأهلا خاصة قد سُمّوا لها، وأعطوها بلا حول منهم ولا قوة، إلا ما كان من صُنع الله لهم، وسعادة حباهم الله بها ورحمة ورأفة وتقدم.
قلت: جُعلت فداك! وما هذا الذي وصفت ولم تسمّه؟
قال: زيارة جدي الحسين بن علي (ع)، فإنّه غريب بأرض غربة، يبكيه من زاره، ويحزن له من لم يزره، ويحترق له من لم يشهده، ويرحمه من نظر إلى قبر ابنه عند رجله، في أرض فلاة لا حميم قربه ولا قريب. ثم مُنع الحق وتوازر عليه أهل الردة، حتى قتلوه وضيعوه وعرضوه للسباع، ومنعوه شرب ماء الفرات الذي يشربه الكلاب. وضيعوا حق رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووصيته به وبأهل بيته، فأمسى مجفوًّا في حفرته، صريعًا بين قرابته، وشيعته بين أطباق التراب، قد أوحش قربه في الوحدة والبعد عن جدّه، والمنزل الذي لا يأتيه إلا من امتحن الله قلبه للإيمان وعرّفه حقنا.
فقلت له: جُعلت فداك قد كنت آتيه حتى بليت بالسلطان وفي حفظ أموالهم وأنا عندهم مشهور، فتركت للتقية إتيانه وأنا أعرف ما في إتيانه من الخير.
فقال: هل تدري ما فضل من أتاه وما له عندنا من جزيل الخير؟
فقلت: لا.
فقال: أما الفضل فيباهيه ملائكة السماء. وأما ما له عندنا فالترحُّم عليه كل صباحٍ ومساء.
ولقد حدّثني أبي أنّه لم يخلُ مكانه منذ قُتل من مصلٍّ يصلي عليه من الملائكة، أو من الجن أو من الإنس أو من الوحش. وما من شيء إلا وهو يغبط زائره ويتمسّح به ويرجو في النظر إليه الخير لنظره إلى قبره.
ثم قال: بلغني أنّ قومًا يأتونه من نواحي الكوفة وناسًا من غيرهم، وناسًا يندبنه، وذلك في النصف من شعبان، فمن بين قارئ يقرأ، وقاص يقص، ونادب يندب، وقائل يقول المراثي!
فقلت له: نعم جُعلت فداك قد شهدت بعض ما تصف، فقال: الحمد لله الذي جعل في الناس من يفد إلينا ويمدحنا ويرثي لنا، وجعل عدوّنا من يطعن عليهم من قرابتنا وغيرهم يهدرونهم ويقبحون ما يصنعون.[12]
فضل من زاره خائفًا وحبس أو قُتل لذلك
عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ(ع) مَا تَقُولُ فِيمَنْ زَارَ أَبَاكَ عَلَى خَوْفٍ قَالَ يُؤْمِنُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ وتَلَقَّاهُ الْمَلَائِكَةُ بِالْبِشَارَةِ ويُقَالُ لَهُ لَا تَخَفْ ولَا تَحْزَنْ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي فِيهِ فَوْزُكَ.[13]
عند قبره 4000 ملك هبطوا لنصرته
عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ فُضَيْلِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَيُّ قَبْرٍ مِنْ قُبُورِ الشُّهَدَاءِ أَفْضَلُ عِنْدَكُمْ؟
قَالَ: أَولَيْسَ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَكُمُ الْحُسَيْنَ(ع) فَواللَّهِ إِنَّ حَوْلَ قَبْرِهِ أَرْبَعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ شُعْثًا غُبْرًا يَبْكُونَ عَلَيْهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.[14]
عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع): جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ! كُنْتُ فِي الْحَيْرِ لَيْلَةَ عَرَفَةَ فَرَأَيْتُ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافٍ أَو أَرْبَعَةِ آلَافِ رَجُلٍ جَمِيلَةٍ وُجُوهُهُمْ، طَيِّبَةٍ رِيحُهُمْ، شديد [شَدِيدَةٍ] بَيَاضُ ثِيَابِهِمْ، يُصَلُّونَ اللَّيْلَ أَجْمَعَ. فَلَقَدْ كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ آتِيَ الْقَبْرَ وأُقَبِّلَهُ وأَدْعُو بِدَعَوَاتٍ فَمَا كُنْتُ أَصِلُ إِلَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ الْخَلْقِ. فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ سَجَدْتُ سَجْدَةً فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَلَمْ أَرَ مِنْهُمْ أَحَدًا.
فَقَالَ لِي أَبُوعَبْدِ اللَّهِ(ع): أَتَدْرِي مَنْ هَؤُلَاءِ؟
قُلْتُ: لَا.
فَقَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَرَّ بِالْحُسَيْنِ(ع) أَرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ وهُو يُقْتَلُ، فَعَرَجُوا إِلَى السَّمَاءِ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِمْ: يَا مَعْشَرَ الْمَلَائِكَةِ! مَرَرْتُمْ بِابْنِ حَبِيبِي وصَفِيِّي مُحَمَّدٍ (ص) وهُو يُقْتَلُ ويُضْطَهَدُ مَظْلُومًا فَلَمْ تَنْصُرُوهُ. فَانْزِلُوا إِلَى الْأَرْضِ إِلَى قَبْرِهِ فَابْكُوهُ شُعْثًا غُبْرًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَهُمْ عِنْدَهُ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةَ.[15]
عن أبان [بن] تغلب، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كأنّي أنظر إلى القائم على ظهر النجف. فإذا استوى على ظهر النجف ركب فرسًا أدهم أبلق بين عينيه شمراخ. ثمّ ينتفض به فرسه فلا يبقى أهل بلدة إلّا وهم يظنّون أنّه معهم في بلادهم. فإذا نشر راية رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله انحطّ عليه [ثلاثة عشر] ألف ملك وثلاثة عشر ملكًا كلّهم ينتظرون القائم عليه السّلام. وهم الذين كانوا مع نوح في السفينة، والذين كانوا مع إبراهيم الخليل عليه السّلام حين أُلقي في النار، وكانوا مع عيسى عليه السّلام حين رُفع.
وأربعة آلاف مسوّمون مردفون، وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكًا (الذين كانوا) يوم بدر، وأربعة آلاف [ملك] الذين كانوا هبطوا يريدون القتال مع الحسين (عليه السّلام)، فلم يؤذن لهم فصعدوا في الاستئمار وهبطوا. وقد قُتل [الحسين عليه السّلام]، فهم شعثٌ غبرٌ يبكون عند قبر الحسين عليه السّلام إلى يوم القيامة، وما بين قبر الحسين عليه السّلام إلى السماء مختلف الملائكة.[18]
سبعون ألف ملك
عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ(ع) يَقُولُ: مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقًا أَكْثَرَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وإِنَّهُ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ كُلَّ مَسَاءٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ لَيْلَتَهُمْ، حَتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ انْصَرَفُوا إِلَى قَبْرِ النَّبِيِّ (ص) فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ. ثُمَّ يَأْتُونَ قَبْرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ(ع) فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتُونَ قَبْرَ الْحَسَنِ فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتُونَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَعْرُجُونَ إِلَى السَّمَاءِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ تَنْزِلُ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ فَيَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ نَهَارَهُمْ، حَتَّى إِذَا دَنَتِ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ انْصَرَفُوا إِلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ (ص) فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتُونَ قَبْرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتُونَ قَبْرَ الْحَسَنِ فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتُونَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَعُودُونَ إِلَى السَّمَاءِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ.[19]
[1]. تحف العقول، ص49.
[2]. سورة البقرة، الآية 143.
[3]. نهج البلاغة، الخطبة الشقشقية، ص44.
[4]. بحار الأنوار، ج82، ص153.
[5]. وسائل الشيعة، ج14، ص523.
[1]. سرور أهل الإيمان في علامات ظهور صاحب الزمان(عج)، ص71.
[2]. كامل الزيارات، ص146.
[3]. كامل الزيارات، ص 277
[4]. فضل زيارة الحسين، ص39، ح10.
[5]. إقبال الأعمال، ج2، ص711.
[6]. فضل زيارة الحسين، ص82، ح72.
[7]. كامل الزيارات، ص 150.
[8]. الكافي، ج4، ص 581.
[9]. كامل الزيارات، ص 274.
[10]. كامل الزيارات، ص190.
[11]. تهذيب الأحكام، ج6، ص22.
[12]. كامل الزيارات، ص537.
[13]. كامل الزيارات، ص125.
[14]. جامع الأخبار، ص23.
[15]. بحار الأنوار، ج98، ص61.
[18]. سرور أهل الإيمان في علامات ظهور صاحب الزمان(عج)، ص71.
[19]. ثواب الأعمال، ص96.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...
مجالات وأبواب
نحن في خدمتك

برنامج مطالعة في مجال الأخلاق موزّع على ثمان مراحل
نقدّم لكم برنامج مطالعة في الأخلاق على ثمان مراحل