في سر الحياة يكمن سر الممات
كيف نجعل موتنا سعادة
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب لماذا أحب الموت
قال الحسين عليه السلام في كربلاء "إني لا أرى الموت إلا سعادة".[1]
ما أجمل أن يستقبل المرء موته بوعيٍ تام وفهم عميق لضرورته، فيعلم يقينًا أنّ موته أصبح ضرورة وعليه أن يدخل فيه من أجل العبور إلى الحياة الأبدية. وما أصعب أن يجهل الإنسان هذا الموت الخاص به، بل يفر منه؛ فيأتيه على حين غرة ويفاجئه برعبه وأهواله.
هناك أشخاص يُصابون ببعض المحن وتنزل بهم بعض المصائب، لكنّهم يدركون جيدًا أنّها كانت لمصلحتهم، وأنّها خدمت مسيرة حياتهم على طريق الوصول إلى أهدافهم؛ يرونها جزءًا من متطلبات مسيرتهم التكاملية، وليست أمرًا عارضًا مجهول الكنه. في مثل هذه الحالة سيكون حالهم الشكر والفرح لا الصبر أو الجزع، ويترنمون قائلين: "اللهم لك الحمد حمد الشاكرين على مصابهم".
أصعب شيء في الحياة هو أن يواجه المرء قضايا أو مواقف كبيرة وهو يجهل تمامًا ما هي ولمَ هي؛ لماذا أصبت بهذا المرض العضال؟ لماذا حُرمت من الزواج؟ لماذا لم أُرزق بأولاد؟ لماذا لم أوفق في زيجاتي؟ لماذا لم يكن أبنائي بارّين بي؟ لماذا خسرت كل ثروتي؟ ولماذا ولماذا؟
مع عدم وضوح أسباب هذه البلاءات، يصبح وقعها على النفس ثقيلًا جدًّا: أضعاف ما يمكن للنفس أن تتحمله. وفي الكثير من الحالات نرى الناس عاجزين عن التوصُّل إلى الأجوبة المقنعة والمرضية.
فلنواجه الموت.. بالنسبة لنا، غالبًا ما نفرّ منه رغم يقيننا بحصوله. وحين نقترب منه كثيرًا نتعجب كيف أنّنا كنّا بعيدين عنه إلى هذا الحد. كان الإمام علي (عليه السلام) يتعجب من هذه الحالة ويقول إنّ الموت بالنسبة للناس هو ذاك اليقين الذي يتعاملون معه بشك "مَا رَأَيْتُ إِيمَانًا مَعَ يَقِينٍ أَشْبَهَ بِشَكٍ عَلَى هَذَا الْإِنْسَانِ إِنَّهُ كُلَّ يَوْمٍ يُوَدِّعُ وَإِلَى الْقُبُورِ يُشَيِّعُ وَإِلَى غُرُورِ الدُّنْيَا يَرْجِعُ وَعَنِ الشَّهْوَةِ وَالذُّنُوبِ لَا يَقْلَعُ".[1] السبب الأول هو أننا نعجز عن فهم مغزاه. هل يمكن للإنسان أن يدرك معنى موته؟ ما هو المقصود بذلك؟
ليس المقصود هنا الموت بشكل عام. بل موتي أنا بالذات. لماذا ينبغي أن أموت في هذا الوقت بالذات؟ هذا هو السؤال الأكبر الذي إذا حصلنا على جوابه فإنّ كل شيء سيتّضح تمامًا. هناك الكثيرون الذين يؤمنون بما بعد الموت (ولعل هذا ما يجعل موت أعزائهم محمولًا نوعًا ما)، لكن إذا جاءهم الموت تُصبح المسألة مختلفة تمامًا. ربما لأنّهم اعتبروا أنفسهم غير معنيين بالإجابة عن هذا السؤال حين تعلق الأمر بغيرهم. لكنّهم لا يستطيعون أن يفروا من هذا السؤال حين يتعلق الأمر بهم.
لا نفكر بهذا السؤال ربما لأنّنا نتصور أنّ الإجابة عنه غير ممكنة. هذا يدل على أنّنا نفكر ولله الحمد، بخلاف الذين يفرّون من فكرة الموت بالكامل. لكن، ماذا لو عرفنا أنّ هذه المسألة تُعد من القضايا التي يمكن الحصول على جوابها، وبسهولة!
ما أُخفي على الإنسان هو ساعة ومكان موته، لكن لا يُفترض أن يخفى عليه سبب موته. أجل، يمكن أن نعرف أنّنا بتنا مستعدين وجاهزين للموت، وأنّ الموت بات مصلحة وضرورة لنا. بالتأكيد مثل هذه المعرفة لن تكون من نصيب أي شخص. هناك مقدّمات لا بد من تحقيقها. وأولى هذه المقدمات هي أن نعرف لماذا جئنا إلى هذه الحياة بالدرجة الأولى.
إذا عرفنا لماذا نحن أحياء، سنعرف لماذا يجب أن نموت. وجودنا على هذه الأرض وحصولنا على هذه الحياة الدنيا يتضمن الموت. هي صفقة واحدة. لنقل إنّ حياتنا الدنيا هي حياة محدودة، فهذا يعني أنّها شاملة للموت. فهم الحياة الدنيا يعني فهم الموت الذي هو جزءٌ منها. وبمقدار ما نقترب من فهم مغزى وجودنا على هذه الأرض سنقترب من معرفة أجلنا. وهنا نقول مرة أخرى، الكلام ليس بالعموم. بل يرتبط بكل واحد منا بشكل خاص. الجواب العام حول الحياة يعطي الجواب العام حول الموت؛ وليس هذا ما نقصده من هذه المقالة.
نحن نريد أن نصل إلى مرحلة نُدرك معها ضرورة أن نموت، مثلما أنّنا ندرك ضرورة الحصول على شيءٍ ما للقيام بعملٍ ما. وهذه الضرورة لا ترتبط بتوقيت مُحدَّد بالدقة. فهناك أشخاص وصلوا إلى الموت وعاشوا بعدها سنوات طوال على هذه الأرض. حياتهم الإضافية لم تكن لأجلهم. هناك من يعيش لأجل غيره. هؤلاء قضوا نحبهم وأدوا ما عليهم ووصلوا إلى غايتهم الشخصية، لكن كان عليهم أن يعيشوا من أجل تحقيق أمور معينة لغيرهم، للدين والمجتمع وبعض الناس مثلًا. لذلك يعيش هؤلاء عالم الموت وهم أحياء. وهذه فرصة رائعة لا مثيل لها، لأنّهم لن يعاينوا أهوال الموت أبدًا، بل سيكون بالنسبة لهم كمن يخلع عنه ثوبًا باليًا.
كلما طالت معاينتنا للموت في هذه الحياة الأرضية زالت أهواله؛ لأن أهواله في مجاهيله. ولا يمكن أن ندرك حقائق الموت إلا بإدراكنا لحقائق الحياة. يجب أن نكتشف لماذا نحن على هذه الأرض. لماذا أحيانا الله فيها. ما هو سر وجودنا في هذه المكان والزمان. الزمان يساعدنا على فهم المكان مثلما أنّ المكان يُحدد الزمان. لم يكن وجودنا في هذا الزمان صدفة أو عبثا. صحيح أنّنا جعلنا قسمًا كبيرًا من حياتنا عبثيًّا حين انحرفنا عن هذا المعنى والسر، لكن ما زال بإمكاننا أن نكتشف الأمر. طوبى لمن أسس حياته على هذا المعنى منذ البداية؛ فسوف يكون سيره فيها عبارة عن رحلة وحركة تقدمية نحو الأجل. الأجل هو الذي يعطي معنى الموت.
الأجل هو المطروح هنا، وليس الموت سوى ذاك التعبير عن بلوغ الأجل. من لم يكتشف هدف وجوده ومغزى حياته لن يدرك أجله وسوف يتفاجأ به كثيرًا.
[1]. الجعفريات، ص237.
[1]. تحف العقول، ص 245.
لماذا أحب الموت؟
استطاع هذا الكتاب أن يتحدى الموت. لكن ليس الموت الذي خلقه الله تعالى، لأنّ تحديه خطا فادح وخسارة كبرى؛ بل الموت الذي يعشعش في أذهان الناس ويمنعهم من الاستفادة من أروع تجارب الخلق والتكوين..أجل فالموت كان ولا يزال جسرًا يعبر بنا إلى الله؛ وما أجمل العبور إلى أعظم محضر في الوجود. لماذا أحبّ الموت؟ الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 104 صفحاتالطبعة الأولى، 2018م ISBN: 978-614-474-016-3السعر: 6$ القرّاء كتاب أكثر من رائع يحمل بين طيّاته موضوعًا يتطرّأ إلى تفكيرنا كثيرًا.يحبّب الكتاب حقًّا القارئ بفكرة الموت بعد أن غرس المجتمع في عقولنا أفكارًا مخيفة إلى أن أصبحنا نتناسى الموت هربًا من الخوف المحيط به والذي اصبح هاجسًا بالنسبة إلينا. لكن كالعادة يتألق السيد عباس نورالدين وينوّر الدين لنا فيمحي ما غرسه المجتمع من أخطاء ويغرس قيمًا وأفكارًا جديدة صحيحة مفعمة بالايمان. لماذا أحبّ الموت كتاب يروي عطاشى المعرفة والعلم. فلتسلم تلك الأنامل. د. سرور كتاب جدًّا قيم يشد القارئ للقراءة حتى النهاية ويبعث في النفوس الأمل والطمأنينة لاستقبال هذا الضيف الجميل بكل رحابة صدر،لأنّ أسلوب التشويق بالنسبة للموت أبلغ من التخويف ويشجع الإنسان على الاستزادة من العمل.لكم جزيل الأجر والشكر على جهودكم المباركة سيدنا وزادكم علما وقربًا. ن. سلمان للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:
هل يوجد أنواع من الموت؟
في سورة الدخان يقول الله سبحانه وتعالى {لا يَذوقونَ فيهَا المَوتَ إِلَّا المَوتَةَ الأولى وَوَقاهُم عَذابَ الجَحيمِ}، إذا كان الله سبحانه وتعالى يتكلم عن موتة "الأولى" هل يوجد أنواع من الموت؟ وإذا كان الجواب نعم فكم نوع من الموت يوجد؟
هل صحيح أن نتمنى الموت لأنفسنا؟
هل صحيح أن نتمنى الموت لأنفسنا لعدم القدرة على السيطرة عليها ولاكتشافنا خباياها فنتمنى الموت لنرتاح من كل هذه الأثقال؟ أم على الإنسان أن يعتبر أن طريق المجاهدة هو ما يريده الله وأن كل التجارب تصنع الإنسان ليصبح مؤمنًا؟ أم كلاهما معًا؟
أخاف من النوم لأنه يشبه الموت!
أخاف من النوم لأنه يشبه الموت!
لماذا لا يصح الدعاء على أنفسنا بالموت إذا أصبنا بمصيبة كبرى؟
لم لا يصح للمرء ان يدعو على نفسه بالموت او يتمنى الموت اذا اصابته مصيبة كبرى او تصور ان تصيب مصيبة ما لاحبابه، في حين ان السيدة مريم دعت على نفسها وقت المصيبة {قالَتْ يا لَيْتَني مِتُّ قَبْلَ هذا}؟
من الذي يتوفى الإنسان: الله؟ أم الملائكة؟ أم الرسل؟ أم ملك الموت؟
من الذي يتوفى الإنسان في الواقع، الله أو ملك الموت أو الملائكة أو الرسل أو الموت نفسه؟ فالآيات تتعدد في ذكر ذلك، يقول الله تعالى {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حينَ مَوْتِها}؛ وفي آية أخرى {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذي وُكِّلَ بِكُم}؛ هناك آية {الَّذينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَة}؛ هناك آية {إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا}؛ وآية {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ}.
هل يتدخل المؤمنون بعالم الدنيا بعد الموت؟
هل يكون لبعض الأموات كرامة عند الله بحيث أنّهم إذا أرادوا إيصال خير ما لشخصٍ ما في هذه الدنيا الله عز وجل يستجيب لهم ذلك ويجري هذا الخير على يد بعض الأشخاص ويوصلونه لمن يريدون؟
الحياة بعد الموت
الاعتقاد بالمعاد من أهم العقائد الإسلامية التي تشكل جزءًا أساسيًا من الرؤية الكونية لعقيدة الإسلام ولهذا الدين.من دون الاعتقاد بالمعاد يصبح كل شيء ناقصًا، والأهم أنّ إيماننا بالله عز وجل ستزعزع لأن جزءًا أساسيًّا من معرفتنا بالله عز وجل إنّما تتجلى بالمعاد.بدون وجود الحياة الأبدية فإنّ الصفات الإلهية العظمى لن تكون متجلية.
الصحة النفسية 5: حين يكون الموت منشأ كل عقدنا
لماذا تؤدي نظرتنا الخاطئة إلى الموت لتعاستنا؟ولماذا يجب أن نستحضر الموت بدل الفرار منه؟
أطفالنا في مواجهة الموت
عندما يواجهني طفلي بسؤال هل سأموت في الانفجار التالي؟ عندما تعود طفلتي من المدرسة لتخبرني بأن صديقتها استشهدت في الانفجار، واقرأ في عينيها الحزن على رفيقتها والخوف من فقد احبتها ماذا اجيبها؟
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...