
أهمية قضية التربية العلمية للمجتمع
ومسؤولية القائد الأعلى فيها
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب أي مجتمع نريد
"أَمَّا حَقُّكُمْ عَلَيَ فَالنَّصِيحَةُ لَكُمْ مَا صَحِبْتُكُمْ، وَالتَّوْفِيرُ عَلَيْكُمْ وَتَعْلِيمُكُمْ كَيْلَا تَجْهَلُوا، وَتَأْدِيبُكُمْ كَيْ تَعْلَمُوا؛ فَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِكُمْ خَيْرًا تَنْزَعُوا عَمَّا أَكْرَهُ، وَتَرْجِعُوا إِلَى مَا أُحِبُّ تَنَالُوا مَا تُحِبُّونَ وَتُدْرِكُوا مَا تَأْمُلُونَ".[1] [الإمام علي]
إنّ قامة قضية تربية المجتمع وهامتها هي من الشموخ والعلو بحيث لا يمكن لأحد أن يقوم بعهدتها سوى القادة الكبار الذين يحملون هم إصلاح المجتمعات والتقدُّم بها على طريق المجد والعلوّ والازدهار.
التحوُّلات الكبرى في المجتمع تتطلب ثورات. وطبيعة الثورة أنّها حركة تغييرية تطال الجذور. ولتغيير الجذور يجب مواجهة أكبر أنواع التحديات وأعتاها.
الثورات الاجتماعية تكون في مواجهة مع منظومات كاملة مستفحلة راسخة تتمتع بتأييدٍ واسع، وإلا لم تكن ثورة. صحيح أنّ الثورات الناجحة سيلتحق بها الأكثرية في النهاية، إلا إنّ الثورات غالبًا ما تبدأ في واقعٍ تسوده عقليات الجماهير الراكدة واليائسة.
تكشف المواجهات الأخيرة مع الأعداء المدججين بمختلف أنواع الأسلحة عن ضرورة رفع مستوى القدرة أضعاف أضعاف ما نحن عليه، هذا إن أردنا أن ننتصر حقًّا، لا أن نصمد ونلعق الجراح فحسب. بعد الصمود يأتي الردع، وبعد الردع يأتي الانتصار الحقيقي. قد يعتمد العدو معك سياسة تجعلك تدفع أثمانًا باهظة مقابل الصمود (الذي يعدّه البعض انتصارًا)، وذلك لكي يؤخر مسيرة تقدمك الحضاري، فيهزمك في نهاية المطاف.
ربما لا يجد هذا العدو مشكلة في التعايش مع وجودك مدة من الزمن، طالما أنّه يحافظ على فارق القوة النوعي بينه وبينك، حتى يأتي وقت الضربة القاضية. لذلك نحتاج إلى معيار صحيح لقياس الانتصار الحقيقي.
في حياة المجتمعات، إن لم تتقدم فأنت في حال تخلُّف وانحطاط. كل مجتمع لا يتجه أبناؤه نحو التفوُّق الحضاري، فمصيره الهزيمة. والتفوق الحضاري هو الذي يرتبط بجميع أبعاد الحياة، وليس بالسلاح والجند والعتاد فقط. فإن لم يكن صمودنا لأجل كسب المزيد من الوقت اللازم لتحقيق هذا التقدم الحضاري، فهذا يعني أننا متجهون نحو الهزيمة لا محالة. وأحد أهم مؤشرات التفوق الحضاري تمتع أبناء المجتمع بالتفوق العلمي، فإن لم يكن تفوقًا، فليكن سيرًا على طريق التفوق.
الذي يضمن لنا مثل هذا التفوق هو أن نعمل على تعليم أبناء المجتمع بالطريقة التي تضمن إعداد علماء قادرين على إنجاز التطوُّر العلمي من حيث انتهى عند الآخرين (بالحد الأدنى). ربما لا يكون هذا المجتمع صاحب إمكانات تجعله قادرًا على تصنيع التكنولوجيات العليا، لكن يجب أن يمتلك من الكفاءات العلمية والعلماء ما يجعله قادرًا على تحقيق ذلك في أيّ وقت تتوفر فيه هذه الإمكانات. مثل هذه المواكبة تتطلب إعداد أكبر عدد ممكن من الطاقات العلمية، وهذا ما يقتضي تحقيق ثورة في التربية العلمية أو التعليم العام.
إنّ أحد أهم المؤشرات التي نعتبرها دليلًا على نجاح هذه الثورة، لا يكمن في تأمين الوصلة مع آخر مستجدات العلم فحسب، بل في تيسير بلوغ هذه التطورات عبر ابتكار برامج ومناهج خلاقة تتجاوز العقبات والظروف والمستويات التعليمية البائسة التي يعاني منها المجتمع.
يجب على المهتمين بواقع التعليم أن يعمقوا الأبحاث والدراسات التي تهدف إلى تطوير المناهج من أجل تحقيق هذا التفوق. فعلى سبيل المثال، إن كانت مناهج تعليم الرياضيات للمرحلة الثانوية في البلدان المتطورة علميًّا تحقق الإعداد اللازم للانخراط في التخصصات العليا حيث متوسط العمر هو الثامنة عشر، يجب أن نبحث عن المنهاج التعليمي الذي يحقق مثل هذا الإنجاز في سن الرابعة عشر. وإذا كانت نسبة المستفيدين من تلك المناهج تكاد تلامس حاجة البلاد إلى الطاقات العلمية في تلك التخصصات، يجب علينا أن نبتكر المنهاج الذي يحقق نسبة أعلى من تلك الحاجة بفارقٍ نوعي.
كم هي نسبة الذين يتأهلون للتخصص في البرمجة والهندسيات؟
وكم هي نسبة الذين يتقنون اللغة الأم ويستعملونها في مختلف أنواع الفنون؟
وكم هي نسبة الذين يتقنون منهجية اكتساب لغات أخرى، وما هي المدة المطلوبة لذلك؟
وكم هي نسبة الذين يفهمون الحياة والعالم فهمًا عميقًا؟
وكم هي نسبة الذين يتأهلون لدراسة المعارف الدينية بتخصص؟
فالحديث عن النسب مع المرحلة العمرية يُعد من أهم مؤشرات التفوُّق في التعليم. وهذا ما يتطلب ثورة تطال الواقع الراكد للتعليم العام الذي يعجز جميع المعنيين فيه عن القيام بأي من تلك الإنجازات.
بدراسة العوامل التي أدت إلى مثل هذا العجز، ندرك تمامًا أنّ التحول لا يمكن أن يتحقق إلا بواسطة ثورة يقودها أعلى مستوى رئاسي في البلاد.
إنّ ما أخّر أي تحول حقيقي في التعليم أمر يرجع إلى الغفلة عن طبيعة تحقق مثل هذا التحول، وإصرار غير متعمد على إيكال الأمر إلى أفراد لا يتمتعون بالصلاحيات الكاملة للقيام بذلك.
يجب على المعنيين المهتمين أن يوصلوا إلى القيادة العليا المعطيات الكاملة التي تشرح بالتفصيل متطلبات التحول الثوري هذا. فمثل هذه القضية لا يتم تدريسها ودراستها في أي معهد أو تجربة يخوضها سياسيونا الذين يصلون إلى مستويات القيادة العليا.
التحولات الكبرى في التعليم في بعض البلدان جرت بفضل وجود معاونين ذوي نفوذ واسع داخل مؤسسة القيادة، أدركوا مدى أهمية هذه القضية ومحوريتها، واستطاعوا أن يقنعوا المسؤولين الكبار بذلك.
تبدأ القصة من امتلاك القيادة العليا لحلم التقدُّم، ومن ثم إيمانها العميق بوجوب تحقيقه. لكن تبلور هذا الحلم يحصل عادة من خلال إدراك تفصيلي لمتطلبات تحققه.
القيادات التي تُدرك العلاقة الوثيقة بين التعليم العام والتقدُّم قليلة؛ والقيادات التي تمتلك الرؤية الواضحة للكيفية التي يحقق فيها التعليم العام مثل هذا التقدم هم أقل. نكاد نقول بأنّ الأمر أشبه بالحظ. فإذا أراد الله بقوم خيرًا قيض لهم قائدًا يمتلك هذا الحلم ويعيش لأجله. لكن حكماء البلاد الذين تخصصوا في مجال التعليم يمكن أن يؤدوا دورًا كبيرًا في زرع هذا الحلم في أشخاص سيقدَّر لهم أن يكونوا قادة المستقبل.
إنّ تطوير المناهج لتحقيق ذلك التفوُّق الذي تحدثنا عنه يتطلب تغييرًا جوهريًّا في المؤسسات القائمة. ومثل هذا التغيير سيواجَه بمعارضة واسعة من الشريحة التي ارتبطت مصالحها الشخصية بحراسة هذه المؤسسات والحفاظ على وضعها. كما إنّ إحداث تغييرات جوهرية يتطلب بذل نفقات وتأمين إمكانات استثنائية، يراها الوالي والمسؤول البخيل باهظة. ولذلك وجب إقناعه بأنّ كل درهم يُنفق في التعليم سيثمر عشرة دنانير في النهاية.
حين نتمكن من ابتكار مناهج ثورية، سنتمكن من تخفيض نفقات التعليم بصورة ثورية. فاختصار الوقت والجهود هو أحد أهم معالم الثورية في هذا المشروع. وهكذا يتم قمع المرجفين المحيطين بهذا الوالي الذين يخوفونه بالإفلاس ويعدونه بالإبلاس.
تؤكد أبحاثنا أنّ التعليم الحقيقي لا يعتمد على بذل كل هذه الجهود والأوقات التعليمية الحالية، بل يعتمد على ترسيخ مجموعة من المهارات والمعارف التي تؤهل الأفراد للاستغناء عن معظم تلك الجهود. إلا إنّ تبنّي هذا المنهاج الثوري يتطلب إرادة وعزيمة هي من خصائص القائد الأعلى، يعبر عنها في المقولات بعزائم الملوك. فتحقيق الإجماع على مشروع بهذا الحجم في مؤسسات تقوم على الذهنية المحافظة والجمود هو أبعد ما يكون عن الواقع.
[1]. بحار الأنوار، ج34، ص49.

المدرسة الإسلامية
يعرض لأخطر المشاكل وأهم القضايا حول أوضاع المدارس الحالية، التي تبنت المناهج الغربية، وذلك بالطبع بحثًا عن المدرسة المطلوبة التي تنسجم مع حاجات المجتمع وثقافته. كل ذلك من أجل بعث حركة فكرية جادة بين المهتمين بالتعليم عن طريق بناء الرؤية الشاملة للتربية التعليمية في الإسلام. المدرسة الإسلاميّة الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 232 صفحةالطبعة الأولى، 2014مالسعر: 10$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

المدرسة النموذجية
إنّ القوّة الأساسيّة للمدرسة النموذجيّة تكمن في برامجها ومناهجها التي تتميّز بقدرتها على تقديم المعارف والمهارات بأحدث الطرق وأسهلها، وتعتصر كل التراث العظيم للبشريّة وتتّصل بكامل التّراث الاسلامي وتقدّمه لطلّابها عبر السنوات الدراسيّة كأحد أعظم الكنوز المعرفيّة. وهكذا يتخرّج طلّابنا وهم متّصلون بهذا البحر العظيم لكلّ الإنجازات الحضاريّة في العالم كلّه ويمتلكون القدرة التحليليّة اللازمة لتمييز الخير من الشرّ في جميع أنحائه. المدرسة النموذجيّة الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 140 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

ثورة التربية والتعليم
يتطرّق الكتاب الرابع في سلسلة الأطروحة التربوية التعليمية التي يقدمها السيد عباس نورالدين إلى أهم القضايا التي تواجه أي ثورة حقيقية تريد إعادة إنتاج التربية التعليمية وفق استحقاقات العصر ومتطلّبات الزمان وبما يتناسب مع التحدّيات التي يعيشها مجتمعنا.الثورة التي يدعو إليها الكاتب تطال جميع مفاصل التربية التعليمية من رؤى ومناهج وقيم وحتى تلك التفاصيل التي تعني كل عامل أو مهتم بهذا المجال المصيري. ثورة التربية والتعليم الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 216 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-033-0 السعر: 12$

5. ضرورة الإنتاج الفكري في المجتمع العلمي
يحتاج المجتمع العلمي إلى المفكرين لأنّهم يقومون بتطبيق مبادئ الإسلام والاجتهاد وأصول الشريعة على الواقع المُعاش والقضايا الزمانية، ففي كل عصر وزمان هناك مقتضيات تنشأ من التطوّر والتحوّل الاجتماعي والسياسي والتكنولوجي، وكل هذه تؤدي إلى نشوء قضايا تحتاج إلى عملٍ فكريٍ أصيل.

3. أركان المجتمع العلمي، دور المفكّر في بنائه
لكي يتحقق المجتمع العلمي لا بد من تشكّل سلسلة من الحلقات تبدأ من المنبع الحقيقي لتصل إلى الإبداع والفن فما هي هذه الحلقات وكيف تتصل وتتواصل؟

2. من أين ننطلق لنصنع المجتمع العلميّ؟
هل تعلم أنّ المجتمعات البشرية تعاني كثيرًا من الجهل؟ المجتمعات الإسلامية اليوم لا تمتلك الكثير من المعارف والعلوم التي تحتاج إالها في إدارة شؤونها وتحقيق التقدم والازدهار.. هل تعلم أنّ القرآن الكريم يتضمن كل ما تحتاج إليه البشرية من معارف وإنّه المصدر االوحيد للعلم فكيف نصل إلى معارف القرآن؟

6.لا طبقيّة في المجتمع العلمي
إن تقسيم المجتمع الى طبقتين عالمة وعامية له جذوره في الرؤية التي سادت في أوساط أهل العلم طيلة قرون من الزمن، باعتبار أن العلم الذي ينبغي الوصول إليه حكر على عدد قليل من الذين يتمتعون بالمقدرة العلمية والذهنية، وعلى باقي الناس أن يعملوا وفق ما تقوله هذه الفئة القليلة. لكن الرؤية الصحيحة للعلم تبيّن أنّ العلم متاح للجميع ويمكن لهم أن يصلوا إليه بسهولة فتنتفي الطبقية العلمية التي هي أحد أسوأ أنواع الطبقيات في تجارب التاريخ.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...
مجالات وأبواب
نحن في خدمتك

برنامج مطالعة في مجال الأخلاق موزّع على ثمان مراحل
نقدّم لكم برنامج مطالعة في الأخلاق على ثمان مراحل