
10 مبادئ لتربية جيلٍ صالح
السيد عبّاس نورالدين
الصلاح هو أهم الخصائص الأخلاقيّة التي يتمنّاها الآباء والمربّون للأبناء. وللصّلاح في التّعاليم الدينيّة أبعاد عقائديّة وأخلاقيّة وسلوكيّة؛ إلّا أنّ أهم دلالاته ترتبط بالبعد العمليّ، حيث يكون الصّالح إنسانًا مصلحًا، حتى قيل لا يمكن أن يكون الصّلاح إلا بالإصلاح.
إنّ إصلاح المجتمع بثقافته وسياسته وأنظمته هي مهمّةٌ كبرى أُلقيت على عاتق المؤمنين لأجل الوقوف بوجه عمليّة إفساد الأرض التي تُعدّ من أهم أعمال إبليس وغاياته.
فما هي المبادئ الأساسيّة للتّربية السّليمة والتي تضمن تحقّق مثل هذا الجيل الصّالح على الأرض. هنا نتعرّض إلى هذه المبادئ باختصار ونترك الحديث المفصّل إلى الكتاب الذي سيصدر قريبًا إن شاء الله.
- ترسيخ الأسوة الحسنة والمثل الأعلى
الجميل في التّربية هو وجود نزعة فطريّة في نفوس الأطفال نحو اكتشاف مثلٍ أعلى والتمثّل به. فما أن يشخّص الطّفل مثله الأعلى حتى يصبح كالمغناطيس الذي يجذبه إليه ويوجّه معه كل تحرّكاته وآماله ونشاطاته.
ولحسن التّوفيق، فإنّ ثقافتنا الدينيّة تحفل بنماذج رائعة للمثل الأعلى الأرقى الذي لا يمكن لأي مثل أعلى في العالم أن يصمد أمامه من حيث الجاذبيّة والتّأثير. ونقصد بذلك أوّلًا أهل بيت العصمة والطّهارة والأنبياء عليهم السلام؛ ففي سيرتهم وقصصهم وأحوالهم، يبرز الأنموذج الأرقى للإنسان الكامل.
ما علينا سوى أن نعرض سيرة وشخصيّة هؤلاء العظماء بطريقة يفهمها أبناؤنا حتى تلتصق بأذهانهم وقلوبهم مدى الحياة. ولا يعرض عن هذا الطّريق إلا من أغفل الله تعالى ذكره عن قلبه. - إيجاد الطموح العالي في نفوسهم
لا يكفي أن يكون للإنسان مثلٌ أعلى، بل ينبغي أن يظهر ذلك في الرّغبة الشّديدة بالوصول إليه. ولهذا، ينبغي العمل على بناء الطّموحات والرّغبات الكبرى والأهداف السّامية في نفوس أبنائنا من خلال إقناعهم بموقعيّة ذلك في الحياة.
لقد وُجدنا على هذه الأرض لنكون عظماء، وينبغي أن نؤمن بأنّ هذا ما يريده الله تعالى منّا. يؤثّر المبدأ الأوّل في الثاني بصورةٍ مباشرة. - تعزيز حسّ المسؤوليّة
الشّعور بالمسؤوليّة يدفع الأبناء نحو العمل والسّعي والمصابرة والانتباه والدقّة والإتقان. وبالنسبة لنا، فإنّ هذا الشّعور ينبع من عمق الارتباط بالله تعالى، وإنّنا سنقف يومًا ما بين يدي الله ليحاسبنا على كلّ صغيرةٍ وكبيرة وعلى ما قمنا به في هذه الحياة تجاه كلّ شيء.
لا شك بأنّ المسؤوليّة تجاه الدّين هي التي توجّه جميع المسؤوليّات الأخرى وتصبغها بصبغة العمق والوعي والنّباهة.
إنّ ترسيخ الشّعور بيوم الدّين ويوم الحساب هو أفضل طريقة لتعزيز الشّعور بالمسؤوليّة تجاه كل شيء. والحديث المفصّل عن أيّام القيامة يؤدّي هذا الدّور بصورةٍ رائعة. - الانطلاق من القرآن
حين تصنع طفلًا قرآنيًّا يمكنك أن تحصل على راحة البال مدى الحياة. فلا شيء يرسّخ القيم والمعنويّات والفضائل مثل الارتباط بالقرآن واعتباره محور الحساب الإلهيّ. وفي الحديث عن النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله: "أَنَا أَوَّلُ وَافِدٍ عَلَى الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ- يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكِتَابُهُ وَأَهْلُ بَيْتِي ثُمَّ أُمَّتِي ثُمَّ أَسْأَلُهُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِأَهْلِ بَيْتِي".[i]
علاقتنا بالقرآن تحدّد جوهر شخصيّتنا. والاتّصال بالقرآن يشبه الاتّصال بالبحر اللامتناهي لكلّ خير وكمال. - تقوية البيان واللسان
لقد جاء أنّ الشاب يكون مورد إعجاب فإذا تكلّم سقط من الأعين. فالبيان هو أفضل تعبير عن مكنونات النّفس كما جاء في الحديث عن أمير المؤمنين(ع): "الْمَرْءُ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ".[ii] وفي الوقت نفسه فإنّ تقوية البيان (بكل أساليب التعبير كالقراءة والكلام والكتابة..) تشجّع أبناءنا على الارتباط بالعظماء والأخذ عنهم.
أهم أسباب ركاكة الشّخصيّة وهشاشتها ترجع إلى الضّعف اللغويّ.
لا تهملوا اللغة العربيّة، لأنّها أفضل وسيلة لصناعة البيان السّاحر. - تحقيق الوعي التّاريخيّ
إنّ انقطاع الإنسان عن التّاريخ يمثّل الضّربة القاصمة لوعيه وفهمه للحياة. فالحقيقة تقول أنّنا امتداد للتّاريخ في كلّ شيء، ونحن مواليده.
أسبابٌ عديدة أدّت إلى انقطاعنا عن التّاريخ؛ لكنّ ارتباطنا بوقائعه ومسيرته (وخصوصًا تاريخ الإسلام والرّسالة) يعطينا العمق اللازم في شخصيّتنا ونظرتنا للأمور.
من المؤسف ما يجري في المدارس من تعامل اعتباطيّ مع هذا الموضوع. - العشرة الحسنة
لا يختلف اثنان على دور الأصدقاء والرّفقاء وتأثيرهم في كلّ شيء إيجابيّ أو سلبيّ. لهذا، نحتاج إلى اتّخاذ تدبيرات مسبقة ولو تطلّبت الانتقال بالسّكنى من مكانٍ إلى مكان.
لا تتردّدوا لحظةً واحدة في الهجرة من أيّ منطقة أو بيئة فاسدة تفتقد العشرة الصالحة. ومن الضروريّ متابعة أحوال زملاء أبنائكم في المدرسة من خلال الحديث والتّواصل الدّائم معهم حول ذلك. - البيئة المناسبة
بالإضافة إلى البيئة الاجتماعيّة، هناك بيئة طبيعيّة ومدنيّة ذات تأثيرٍ كبير على فطرة الإنسان وصحّته ونظرته للأمور وكلّ شيء آخر.
لا تقلّلوا من تأثير العمران الفوضويّ والتلوّث المناخيّ والسّمعي والبصريّ. فإنّ قسمًا مهمًّا من نظرة أبنائكم للحياة يتولّد من المحيط الطبيعيّ الذي يتواجدون فيه.
لا تنسوا أنّ أرض الله واسعة، ومن يهاجر في سبيل الله يجد مراغمًا كثيرًا وسعة. - الاستعداد للزواج
يُعدّ الزّواج وتكوين الأسرة هدفًا مهمًّا للحياة على الأرض؛ وهو أفضل بناء ومؤسّسة يرتضيها الله تعالى. وبفضلها نبني المساجد والصّوامع.
إنّ الحديث عن الزّواج بهذا الاعتبار، وبما فيه من مسؤوليّات إلهيّة، وبما يتضمّنه من آثار طيّبة في الحياة الدنيا والآخرة، من شأنه أن يوجّه حركة الأبناء بالاتّجاه الصحيح، وأن يطهّر نظرتهم إلى الجنس الآخر في أوقات اشتعال الشهوة. - مركزيّة العبادة
وفق النظرة الإسلاميّة، تكون عبادة الله محور جميع تحرّكات المؤمن وتوجّهاته. وبفضلها يصبغ الإنسان نفسه بصبغة الله؛{صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُون}.[iii]
لا تنحصر العبادة بالصّلاة والصّيام والحج والزّكاة، إلّا أنّ الصّلاة هي عمودها وركنها الأساسيّ. وحين يدرك أبناؤنا قيمة الصّلاة وتأثيرها في كلّ شؤون حياتهم، سوف يكون حالهم كمن اهتدى إلى ذلك النّهر الجاري الذي وصفه رسول الله وشبّه الصّلاة به، حيث لا يبقى على المصلّي من أدران الغفلة والمعاصي شيء.
إنّ الصّلاة هي روح اتّصالنا بكلّ الخيرات.
[i]. الكافي، ج2، ص 600.
[ii] . مستدرك الوسائل، ج9، ص 22.
[iii]. سورة البقرة، الآية 138.

القاعدة الأولى للكمال والفضيلة
إذا كنت تمتلك الإيمان فابشر بالنّجاة والفوز يوم القيامة، لأنّ الإيمان بالله هو العملة الوحيدة والصكّ الأوحد الذي يجعلك لائقًا للجنّة. فلا ننسى أنّ الجنّة هي محل لقاء الله. وكيف يحصل لقاء الله من دون القبول والإقبال عليه؟!

عشر نصائح لأمومة رائعة
الأمومة فرصة للمرأة لكي تشاهد دفق الرّحمة والعاطفة الإلهيّة وهي تسري في وجودها بصورة مذهلة. إنّها فرصة اختبار مزيج المشاعر الفريدة التي تجعل العالم أجمل وأعذب. ومع كلّ متاعبها، فهي فرصة عظيمة أيضًا لكي تسمو المرأة إلى آفاق الكمال، بصبرها وتحمّلها وعملها التربويّ الفريد.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...