
بطاقة تعريف تاريخ الميلاد: لحظة "فتقبّل من أحدهما ولم يتقبّل من الآخر" الجنس: مرض قلبي محل الإقامة: القلب العليل – الطابق الثاني بجوار السخط المهنة: بث العداوات بين البشر. تخريب العلاقة بالله عزّ وجل تمهيدًا لقطعها.
|
أقدم فيروس في التاريخ!
أمل عبدالله
أحسّت زهراء بضيق مفاجئ. ورغم أنّها حرصت على إبقاء ابتسامتها عريضة، إلّا أنّها ودّت لو أنّ الفرحة التي أضاءت عينَي صديقتها منى، تنطفئ في الحال. كانت منى تطلعها على تفاصيل الاجتماع الذي دار بينها وبين المدير، والذي أفضى إلى حصولها على ترقية ومبلغ مالي كبير. ولاحقًا، عندما أراد زملاؤها الاحتفاء بمنى، تذرّعت بموعد وهمي واعتذرت عن المشاركة.
"لا أدري ماذا أصابني، عندما سمعت بخبر المكافأة!" أسرّت زهراء لزوجها، "منى هي صديقتي المفضّلة، وأحبّها كثيرًا، ولكنّني لم أستطع مشاركتها فرحتها بالمكافأة التي أعلم انّها نالتها عن جدارة. في تلك اللحظة شعرتُ أنّ المكافأة هي من حقّي أنا، وأنّ منى نالتها لأن زوجة المدير قريبتها! لقد امتلأ قلبي بالحسد تجاهها!"
زهراء ليست أوّل إنسان في التاريخ يشعر بالحسد، فبحسب بطاقة التعريف، أبصر الحسد النور في وقتٍ مبكرٍ جدًّا من عمر البشريّة. حدث ذلك حين قام ولديّ آدم (ع) بتقديم قرابين لله عزّ وجل،" فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَر"(1). وصحيح أنّ قصّة زهراء لا تتبع نفس الخط المأساوي الذي اتبعته قصّة قابيل الذي أقدم على قتل أخيه، إلّا أنّه إذا أجرينا مقارنة سريعة، سنرى كيف أنّ القصّتين تتشابهان إلى حدٍّ كبير من حيث العناصر التي تولّد منها الحسد.
الدلالة العاطفية
قابيل حسد أخاه وزهراء حسدت صديقتها المفضّلة، لكن هل هذا يعني أنّ المقرّبين إلينا هم أوّل ضحايا الحسد الذي قد ينتابنا؟ إذا كان هذا صحيحًا، فلماذا لا يحسد الأهل أولادهم؟
قبل أن نحدّد إن كان الشخص المقرّب لنا محصّن ضد شعورنا بالحسد أم لا، علينا أن نحدّد الدلالة العاطفيّة التي يحملها هذا الشخص بالنسبة إلينا؛ بمعنًى آخر هل تعتبره النفس امتدادًا لها، بحيث يصبّ كل إنجاز يحقّقه هذا الشخص في رصيدها ويساهم في رفع أسهمها وتلميع صورتها، كما هو الحال بالنسبة للأبناء الذين تشكّل نجاحاتهم مصدر فخٍ واعتزاز للأهل. أم أنّها تضعه في موضع المنافس لها، بحيث يشعرها أيّ إنجاز يحقّقه بالتهديد لمكانتها ولرؤيتها لذاتها. قابيل وضع أخاه في موضع المنافس له. كذلك فعلت زهراء. ورغم أنّ منى هي صديقتها المفضّلة، وهي تحبّها حقًّا إلّا إنّ هذا الحب مشروطٌ بعدم تفوّق منى عليها. وبمجرّد أن تخطّت منى هذا الحد غير المرئي، تحرّكت عقدة الدونيّة التي تخفيها زهراء في قلبها، ربما بشكلٍ غير واعٍ، وتُرجمت حسدًا.
الكمال المنشود
تحرك الحسد في قلب قابيل حين تحقّق لهابيل كمال لم ينله هو: {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}. فكان تقبّل الله عزّ وجلّ من هابيل والمقرون بالتقوى، هو الكمال الذي عجز عن بلوغه. بالنسبة لزهراء، تمثّل الكمال بالترقية والمكافأة المالية.
يختلف الناس فيما بينهم في تشخيصهم للكمال. فالبعض يرى الكمال في الثروة، والبعض يراه في المكانة العلمية والاجتماعية أو في تولّي المناصب المرموقة، في حين يراه آخرون في المقامات المعنوية وفي الأعمال التي تقرّبهم من الله، وذلك بحسب الأهداف التي يضعونها لأنفسهم والمسارات التي يسلكونها في هذه الحياة. وسواء كانت هذه الكمالات حقيقيّة كبلوغ التقوى، او وهميّة كامتلاك ثروة كبيرة، فإنها تثير في قلب الحاسد مشاعر البغض والعداء تجاه من يتمتّع بها، ممن تضعه النفس في موقع منافسٍ لها.
العدائية
{قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ}، كانت تلك ردة فعل قابيل أو الترجمة العملية للحسد الذي اعتمل في قلبه تجاه أخيه. لحسن الحظ لم تصل الأمور مع زهراء الى هذا الحد، إلا إنّ ما قامت به من رفضها المشاركة بالحفل المُقام تكريمًا لمنى، هو نوع من العدائية السلبية، التي بالتأكيد تضرّ بالشخص المحسود معنويًّا، خاصة اذا كان يتوقع موقفًا ايجابيًّا وترحيبًا بالنجاح الذي تحقق.
إنّ للعدائية التي يضغط الحسد لإظهارها درجات. فبعضها سلبي، كما حدث مع زهراء، وبعضها متطرف كما حدث مع قابيل؛ ولكن بين هذين الحدين هناك الكثير من الأمور التي يمكن أن نقوم بها من دون أن نلتفت الى انها تنبع من الحسد الذي قد نشعر به تجاه قريبٍ أو زميلٍ أو صديق، وهي تصبّ جميعًا في خانة التبخيس من قدر المحسود والتقليل من أهمية الإنجاز الذي حققه.
"عنده واسطة"، عبارة قد تتردد على ألسنتنا، نهدف من خلالها نفي الكفاءة عن الطرف الآخر، أو" يا ليته يهتم بعائلته كما يهتم بعمله!" عبارة نطلقها لنلفت الأنظار لعيوبه. وقد نندفع تحت وطأة الحسد للتآمر على الطرف الآخر والسعي لتخريب ما يقوم به، إما عن طريق بثّ الإشاعات او التعتيم على المهارات التي يتمتع بها.
هل نحن محكومون بالشعور بالحسد؟
إذا اتّفقنا أنّ الحسد، والذي هو تمنّي زوال نعمة معيّنة عن الآخر، ينشأ من الشعور بالدونيّة الذي يسيطر على الحسود، ومن رغبته في إعادة الأمور إلى نصابها الأول حيث يتساوى مع الطرف الآخر أو يتفوّق عليه، فإنّ السؤال التالي يطرح نفسه.
بما أنّنا نعيش في مجتمعٍ تعشعش اللامساواة في كل ركن من أركانه، ويصل الظلم الاجتماعي إلى أعلى درجاته، هل يصبح الشعور بالحسد أمرًا حتميًّا لا مفرّ منه؟
اذا كنّا طلّاب كمال، وهذه هي حقيقتنا، وإذا كنّا نعيش في مجتمع وليس في عزلة، وهذا هو الواقع، فنحن محكومون لالتقاط فيروس الحسد، ذلك لأنّنا نسارع في أيّ موقع نتواجد فيه، حتى لو لم نتعمد ذلك، إلى إجراء مقارنة بيننا وبين الآخرين. وهذه المقارنة، بحدّ ذاتها، هي الفيروس الذي يحمل في جنباته مرض الحسد ويستهدف قلوبنا.
لكنّنا لسنا محكومين بالإصابة بمرض الحسد، فالنفوس التي تم تحصينها بالإيمان قادرة على التعرف على هذا الجسم الغريب والقضاء عليه بسرعة قياسية.
ورد في الحديث "الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب"(2)، ولكن أيّ إيمان؟ إنّه الإيمان الضعيف. أمّا الإيمان القويّ فيأكل الحسد كما تأكل النار الحطب! الإيمان القوي المبني على المعرفة الحقيقيّة بعدل الله وحكمته، هو الإيمان الذي يبعث فينا الطمأنينة والتسليم بأن ما يمنّ به الله علينا أو ما يمنعه عنّا هو لخيرنا ولهدايتنا، وأنّ بابه مفتوحٌ للطالبين وأنّ كرمه لا يضيق عن سؤال أحد، وأنّ يده بالعطاء أعلى من كل يد(3)!
اذًا، فلماذا تشعر زهراء أو أيّ شخص منّا بالضيق؟
إنّما نشعر بالضيق لأنّنا أهملنا تقوية جهاز المناعة لدينا، فغفلنا عن فيروس الحسد الذي تسلّل بدهاء الى قلوبنا وبدأ يتكاثر. ولكن ليس بالضرورة أن تكون هذه هي النهاية.
في اليوم التالي، وبعد ليلةٍ طويلة أمضتها زهراء في التفكّر والدعاء، علمت ما يتوجّب عليها فعله. فحين حضرت منى صباحًا إلى عملها وجدت باقة ورد جميلة على مكتبها مزيّنة ببطاقة تهنئة رقيقة. صحيح أنّ زهراء لم تُشفَ من الحسد بعد، وأنّ ابتسامتها العريضة ما زالت مصطنعة، إلّا إنّها بتصرفها هذا، خطت أوّل خطوة على طريق الشفاء.
(1) المائدة 27
(2) اصول الكافي المجلد الثاني كتاب الايمان والكفر، باب الحسد،ح1
(3) الصحيفة السجادية، دعاء طلب الحوائج

يوم سقطت طهران
عالم دين ينتظر ليثأر لأخيه الذي استشهد في الحرب، محام شاب يبحث عن نافذة للتمرّد. وروائية تكتب لتبقى على قيد الحياة. شخصيات جمعها مخطط طروادة، الذي حاكت خيوطه وكالة الاستخبارات المركزية. الهدف، تغيير سيصدم العالم بأسره، ويعيد عقارب الساعة ثلاثين سنة إلى الوراء. ما دور هذه الشخصيات؟ وهل سينجح الحب والدهاء في فضح البغض وتفتيت المؤامرة؟ الجواب: مفاجأة لم يتوقعها أحد.. تقريبًا يوم سقطت طهران الكاتب: أمل عبدالله الناشر: مركز باء للدراسات حجم الكتاب: 14*21.5غلاف ورقي: 472 صفحةالطبعة الثانية، 2016مISBN: 978-9953-0-3773-8السعر: 15$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

برج الخديعة
كانت فاطمة مهندسة معمارية تخرّجت حديثًا من إيطاليا، وكان ساجد قد أنهى لتوّه أكبر مشروع ثقافي... لكنّهما سرعان ما وجدا نفسيهما وسط صراع الأمم... هل ينسحبان من هذه المعركة أم يقومان بما يمليه عليهما الواجب في مواجهة منظّمة مستعدّة لارتكاب أبشع الجرائم للوصول إلى مآربها. كيف تمكّنا من التخطيط للرد واستطاعا إحباط الخديعة الكبرى. برج الخديعة الكاتب: أمل عبدالله الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 10*16.5 غلاف ورقي: 288 صفحة الطبعة الأولى، 2009مالسعر: 6$

إلى أين يذهب الحب حين يموت؟
إلى أين يذهب الحبّ حين يموت؟ أظنّ أنّه سؤالٌ مشروعٌ خاصّة بالنسبة لنا نحن الذين نؤمن بالحياة بعد الموت وبالجنّة والنار. لكن هل أنّ الحبّ كائنٌ حي حتى نتساءل عن مصيرٍ غير عدميّ له؟
الكاتب
أمل عبدالله
دخلت عالم الكتابة في العام 2008 ، بعد سنوات عديدة أمضتها في التعليم والعمل المخبري. أول أعمالها رواية "برج الخديعة" التي تلتها رواية "يوم سقطت طهران". في مجال أدب الطفل، للكاتبة مجموعة متنوعة من القصص صدر منها قصتي "توتة بلا توت" و "الأسبوع الذي أصبحت فيه متنمّرًا". شاهد اللقاء مع الكاتبة حول ...