
في السعي لحل الأزمة الاقتصادية.. لا بد من الرجوع إلى الأسباب
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب على طريق بناء المجتمع التقدمي
كثيرة هي الدول التي تشكلت بإرادات خارجية ومشاريع استعمارية. حين قام المستكبرون الغربيون بإنشاء الدول كان أول ما أخذوه بعين الاعتبار هو مصالحهم الآنية وما بدا لهم بعيد المدى. كانت التبعية الاقتصادية أهم ركن في تشكيل الدول. لكن قد تنجح خطتهم إلى أبعد الحدود حين تكون المقومات السياسية مؤاتية تمامًا، كما كان الحال في لبنان. ولا شك بأن السياسة المؤاتية للمستعمر تصبح أكثر ثباتًا حين تُبنى على ثقافة مناسبة. لا شيء يمكن أن يكون بهذه المثالية كما في حال المجتمعات الطائفية. لبنان مثالي جدًّا لا مثيل له في العالم من جهة تبعيته للمستعمر، حتى حين يراه المستعمر عبئًا عليه، لا يستطيع التخلص منه. يتعجب الفرنسيون من شدة تعلق بعض اللبنانيين بهم. الضغوط الأمريكية سوّدت وجوه الفرنسيين، لكنهم يقولون للأمريكي: "ماذا نفعل بهذا الولد اللقيط؟". رمية من غير رام، ربما اعتبرها البعض نجاحًا منقطع النظير لبيكو وهو يحاور سايكس.
بالعودة إلى السياسة، دفع لبنان ثمنًا باهظًا في حرب أهلية لا تغيب عن البال. لكن طريقة خروجه من الصراع الداخلي كانت أسوأ. لقد قرر الفرنسي التنازل بالكامل للأمريكي الصهيوني. يجب والحال هذه أن يصبح لبنان بوابة الكيان إلى العرب، والعراب موجود؛ الأوتوستراد العربي لم يكن مزحة.
غاب عن بال البعض أن لبنان كان مثقلًا بجراح أسنة الصهيوني الذي سكر من خمرة الاحتلال. سرعان ما تبين أن المقاومة كانت أعظم بكثير مما تصور الأسياد والعراب. لا بد من رص صفوف الجبهات الداخلية مجددًا. لم يعد بالإمكان القضاء على المقاومة دون الاستعانة بالاصطفافات الطائفية. رغم أن هذه الاصطفافات تشكل خطرًا على مشروع لبنان الجديد الذي يُفترض أن يؤدي دورًا إقليميًّا مميزًا لا يقدر عليه الإسرائيلي، لكنّ ذلك سيكون أهون الشرين. اجتثاث المقاومة والقضاء عليها أصبح المهمة الأولى للوكلاء في الداخل. برزت أهمية دور الأشرار مجددًا. الوكيل المهذب والديبلوماسي فشل، الزعران هم الحل.
إنّ تبعية لبنان الاقتصادية كانت سهلة خصوصًا مع غفلة المندوب السوري أو دخول بعض أزلامه في اللعبة. هكذا تم شد الخناق على عنق لبنان مع دخول المعاملات المصرفية عصر التبعية الكاملة. ما كان على الأمريكي سوى أن يشد أكثر ليخنق لبنان في أي لحظة يريد. لم يكن دور المصارف اللبنانية سوى مساعدة الأمريكي. اللبنانيون ـ خصوصًا جمهور المقاومة الأوسع ـ كانوا يسهلون دورها من خلال الانسحاق أمام إغراءات عروض الفائدة غير العقلائية.
أجل، كان الأمريكي يشد الخناق شيئًا فشيئًا منذ عقود، لكن العديد من اللبنانيين كانوا يمسكون بيديه لكيلا تفلتا في أي لحظة.
لم تكن الأزمة وليدة لحظة تهريب أموال خوفًا من ثورة. ربما كانت الثورة المزعومة فرصة، فرّت تحت جنح الليل. لكن كل بلد في العالم رهن اقتصاده للمصارف العابرة للقارات والدائرة في فلك وزارة الخزانة الأمريكية، سيكون مريضًا يعيش على أنابيب الإنعاش. في بعض الحالات لا يحتاج إلى توقيع الوصي لفصلها.
الحالمون بالحلول وبالخروج من الأزمة بواسطة إجراءات محدودة وقصيرة الأمد لا يزيدون الأزمة إلا تعقيدًا. ما نحتاج إليه كلبنانيين هو فهم دقيق لقصة لبنان. يكفي مكابرة! لا يوجد دولة في العالم يمكن أن يُقيَّض لها البقاء والازدهار في ظل نظام طائفي. ما أسرع اشتعال الحروب الطائفية، حتى بدون سلاح. الصراعات التي تجري في جميع أروقة الدولة ومؤسساتها هي الأخطر. ربما كان التفوق النوعي لحزب الله، بالإضافة إلى ملل اللبنانيين من الحروب، عاملًا لعدم الانجراف وراء حرب شوارع أهلية. لكن لبنان كدولة ميّت منذ مدة طويلة. ما كان يجري هو تمرير خدمات لدول إقليمية وعالمية. حتى الأجهزة الأمنية تبقى فاعلة بسبب بقاء هذا الدور. ومع زوال هذا الدور في أعين الأسياد ربما يتم حلّها هي الأخرى.

على طريق بناء المجتمع التقدمي
المجتمع التقدّمي هو المجتمع الذي يتحرّك أبناؤه نحو قمم المجد والفضيلة والكمال.المجتمع التقدمي هو التعبير الأمثل عن استجابة الناس لدعوة الأنبياء الذين أرادوا أن يخرجوا البشرية من مستنقع الرذيلة والحيوانية والعبثية لإيصالها إلى أعلى مراتب الإنسانية والنور..فما هي سبل إقامة هذا المجتمع؟وما هي العقبات التي تقف في طريق تحقّقه؟ على طريق بناء المجتمع التقدّمي الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14.5*21عدد الصفحات: 376الطبعة الأولى، 2019Isbn: 978-614-474-081-1السعر: 14$

ما هي عوامل الازدهار الاقتصادي المستديم؟ وكيف نفسر الأوضاع الاقتصادية لدى المسلمين؟
وكيف يمكن لأي مجتمع أن يحقّق الاستقلالية الاقتصادية في زمن السوق الحرة ومنظمة التجارة العالمية، وفي ظل النظام العالمي الذي تهيمن عليه قوى الرأسمالية المتكبرة؟

هل جربنا العلم لحل مشاكلنا الاقتصادية؟ إن لم نعبر الرؤية لن ندرك العلم
رغم أنّ الاقتصاد يُعد من فروع العلوم الأكاديمية، لكنّنا نرى أنّ معظم السياسيين والمسؤولين في العالم يتعاملون معه كمذهبٍ أو رؤية فلسفية نابعة من الفلسفة. ولعلّ سبب هذه المقاربة يرجع بالدرجة الأولى إلى مشاهدتهم لإخفاق الاقتصادات التي يُفترض أنّها اعتمدت على العلم.

ابحثوا عن المصارف وراء كل فساد.. كيف تؤدي سياسات تكديس الأموال إلى تدمير الاقتصاد
أكبر الفساد لا يكمن في نهب المسؤولين للمال العام، بل في انحصار الثروة بأيدي فئة قليلة من الناس. رغم أنّ السرقات في لبنان قد سجلت أرقامًا قياسية، كما في قصة السنيورة والمليارات الإحدى عشر، لكن ما تفعله البنوك والمصارف هو شيء أكبر بكثير. كل ما هنالك أنّه لا يوجد من يصف هذه السياسة بأنّها سرقة فاضحة. لو تأمّلنا في تاريخ المصارف عبر العالم، لشهدنا فيها تراكمًا للثروة لا يمكن تفسيره سوى بأنّه سرقة لأموال الناس بكل ما تعنيه الكلمة. للبنوك دورٌ في الاستثمارات السليمة، لكن هذا ليس بشيء مقارنةً بنظامها الربوي الذي يعتمد على فوائد القروض.

مستقبلنا الاقتصادي القاتم.. وسبل الخروج منه
لماذا صارت بيئتنا الفكرية بعيدة عن دراسة كل ما يتعلق بالأنظمة الاقتصادية والاقتصادات العامة؟ ما الذي سنفعله فيما إذا زادت الثروة القومية، وأصبح الناس أقدر على تأمين ما يبتغون من حاجات وسلع ومنتجات وخدمات؟

الشرط الأول للازدهار الاقتصادي... القضاء على فضول الأعمال
تكابد حكومات العالم الحر من أجل تحقيق الازدهار المستديم الذي يضمن الاستقلال لمجتمعاتها ويحفظ هويتها وكرامتها. ليس هناك ما هو أخزى من أن يخضع شعب بأسره لإملاءات الأجانب ويسلّم إرادته للقوى المستبدة التي ستعيث فيه فسادًا واستغلالًا لا مثيل له.. كل شيء جميل تتم التضحية به على مائدة شياطين الاستعمار والاستكبار.أول ما ينبغي أن يلاحظه كل مراقب حصيف هو أنّ الكثير من الأعمال الاقتصادية وغيرها تذهب نتائجها هدرًا وتؤدي إلى شلّ حركة النموّ؛ وأنّ التخلص من هذه الأعمال والأنشطة هو المقدمة الضرورية للانطلاق الصحيح نحو أعلى مراتب الاقتصاد.

طيب كيف منعمل نظام اقتصادي سليم؟
لا بد للنظام السياسي المستقل أن يقوم على اقتصاد مستقل.بينما نتجه نحو الاقتصاد المستقل ينبغي أن نعلم أنّ نمط العيش الذي نتبعه في حياتنا سيكون له أكبر الأثر على نشاطنا الاقتصادي، الذي يحدد كم وكيف ننفق في حياتنا، وهل أننا سنحتاج إلى أكثر من إمكاناتنا الداخلية الذاتية أم لا؟بمجرد أن نعيش بطريقة تتطلب إنفاقات أكبر من اقتصاد البلد، من الطبيعي أن ندخل في دهاليز وحالات سلبية جدًا ونفشل في نهاية المطاف على المستوى الاقتصادي.إذًا يوجد علاقة وطيدة بين نمط العيش والاقتصاد.فلنفكر من الآن بهذه القضية ونعمل معًا على توعية هذا الجيل الذي سيستلم هذا البلد، المتوقع أنّ يكون على مستوى مهم من النظافة الاقتصادية، لكن ستواجهنا مشكلة أنّنا غير مهيئين للعيش بالمستوى الاقتصادي المرتبط بهذا البلد، لذا نحتاج لأن نؤسس كيف يستطيع الإنسان أن يعيش بحيث لا يجعل اقتصاد بلده تابعًا للاقتصادات الخارجية وبالتالي مرتهنًا سياسيًّا لغيره.لذا إذا أردنا أن نذهب بالاتجاه الصحيح نحتاج لأن نفكر كيف يمكن أن يكون نمط العيش على مستوى العلم والطبابة والترفيه والأكل والشرب والتنقل وكل المسائل التي نستخدمها في يومياتنا وكيف نتجنب الإسراف.

نحو اقتصاد عائلي ذكي
العنوان الأبرز في الدين هو أنه دين يحقق للبشرية سعادة الدنيا والآخرة. ولا سعادة في الدنيا مع الفقر والعوز والحرمان. فكيف نفسّر فقر عدد كبير من المسلمين وما هي الأصول الدينية الأساسية التي تحقق للمسلم رفاهيته وسعادته في الدنيا إن هو إلتزم بها؟. ما هي الاجراءات المهمة التي ينبغي ان نعمل عليها من أجل بناء حياة معيشية سليمة تضمن لنا تحقيق سعادة الدنيا والآخرة. وما هي الاخطاء القاتلة التي يمكن ان نرتكبها على صعيد الاقتصاد، فتؤدي إلى تعاستنا في الدنيا والآخرة.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...