
ما هي قصة الهموم الدفينة؟ وهل يصح إثارتها؟
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب فعل طاقاتك الكامنة
إنّ وجودنا في هذه الدنيا منشأُ الكثير من المنغصات. حتى إنّ الله تعالى قد أوحى إلى هذه الدنيا "أَنْ تَمَرَّرِي وَتَكَدَّرِي وَتَضَيَّقِي وَتَشَدَّدِي عَلَى أَوْلِيَائِي حَتَّى يُحِبُّوا لِقَائِي". [بحار الأنوار، ج78، ص194]. لا يُفترض أن يشعر المؤمن بأن هذا العالم مستقر ولو للحظة واحدة. كلما اعتبرنا الحياة الدنيا محطة عابرة وسريعة على قاعدة "الدنيا ساعة فاجعلها طاعة" كما قال أمير المؤمنين عليه السلام، كان ذلك لمصلحتنا. حينها فإن كل تلك المنغصات سوف يضعف أثرها كثيرا. ولكي نستمر في العيش بحيوية ونشاط وتفاعل كبير مع كل فرصها ونعمها، نحتاج إلى ضبط الهموم الناشئة من عيشنا في هذا العالم.
إنّ السيطرة على الهموم وإخفاءها وسترها يحتاج إلى مهارة خاصة. إذا أُثيرت الهموم وتراكمت وأصبحت حاضرة أمامنا دائمًا ستسلبنا تلك الحيوية اللازمة. يجب أن نحول دون انبعاث الهموم قدر الإمكان. ولا شك بأن المقصود هنا تلك الهموم المرتبطة بالشؤون الدنيوية لا الأخروية. الهموم الأخروية ممدوحة والشعور بها يُعد كفارة للذنوب. منها الهم الناشئ من ذكر مصيبة كربلاء وحوادثها المفجعة وما جرى على أئمة أهل البيت عليهم السلام. فعن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: "نَفَسُ الْمَهْمُومِ لَنَا الْمُغْتَمِّ لِظُلْمِنَا تَسْبِيحٌ، وَهَمُّهُ لِأَمْرِنَا عِبَادَةٌ، وَكِتْمَانُهُ لِسِرِّنَا جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". [الكافي، ج2، ص226].
لا ينبغي أن نجتنب الهموم الأخروية، كالحزن على فراق المحبوب الأوحد عز وجل وهجرانه، أو شعورنا بأننا مُبعدون من مقام قربه ولطفه، أو غيبة إمام الزمان عجل الله فرجه، أو ما يجري على المسلمين في العالم وخصوصًا في اليمن وفلسطين وكشمير والعراق.. رغم شدة وطأة هذه الهموم، لكنّها تثمر أشياء إيجابية في الدنيا والآخرة.
الهموم الإلهية والإنسانية والأخروية تساعد الإنسان على تجاوز الهموم الدنيوية ونسيانها. أحد الأسباب يرجع إلى استصغار شأن ما يسبب الهم الدنيوي حين نعيش ما يسبب الهم الأخروي. كل شيء في الدنيا إذا قيس بما في الآخرة، حقير صغير ولا شيء.
سر ذلك يرجع إلى أن الأمور الأخروية ترتبط كثيرًا بفعلنا وإرادتنا. أصعب همّ هو الهم الناشئ من الشعور ببعد الله أو بتعبيرٍ أدق ببعدنا عن الله تعالى. القرب بيدنا، نستطيع أن نزيل كل عقبات الوصول إليه عز وجل. نصنع آخرتنا بأيدينا، {وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِرًا}. [سورة الكهف، الآية 49].
كل شجرة في جنتنا الأخروية نزرعها في حياتنا الدنيا، لكن الكثير من شؤون الدنيا ووقائعها يجري علينا دون اختيار منا. أصعب شيء هو أن يرى الإنسان نفسه عاجزًا عن حل مشكلة أو الخروج من ضائقة. لذلك كان الأمر بالصبر والتأكيد عليه كثيرًا. أما في الآخرة فلا يوجد صبر، حتى بالنسبة لأهل النار سواء عليهم أصبروا أم لم يصبروا، وأهل الجنة يحصلون على كل ما يشتهون ويرغبون بلمح البصر وبفعلٍ وإرادة منهم، ولدينا مزيد.
السر هنا يرتبط بترسيخ الفعل الإرادي وبجعل حياتنا كلها باختيارنا. حين ندرك أن حياتنا الحقيقية هي ما نصنعه نحن بكامل الإرادة والوعي، تنحل معظم مشاكلنا. إذًا الغفلة عن هموم الدنيا هي لأجل التركيز على الشؤون الحقيقية المرتبطة بمصيرنا. لماذا تغتم إلى درجة لعلك باخع نفسك وتذهب نفسك حسرات؟ لأن جارك يؤذيك وأنت لا تقدر على منعه أو التحول عن جيرته وتغيير بيتك. هذا غم قاتل، لكن لا ينبغي أن يقتلنا. يجب أن ننساه قدر الإمكان.
لماذا تغرق في بحر الهموم لأن زوجتك لا تستطيع أن تبدل شخصيتها، أو لأن زوجك لا يهتم بك كما تحبين؟ ولماذا نحن مجبرون على العيش في مثل هذا البلد المتأزم المتفلت الذي لا نقدر على تغيير نظامه السياسي ولا يمكننا الهجرة منه؟ وعشرات من أمثال هذه المنغصات التي يكفي واحدٌ منها لتبديل حياتنا إلى جحيم.
نعم هنا يجب أن نتقن فن كبت الهموم. ولعل هذه الرواية الشريفة المنقولة عن رسول الله صلى الله عليه وآله تساعدنا على اتخاذ بعض الإجراءات الوقائية هنا. ففي الحديث أنّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ (ص) وَقَالَ:
- يَا رَسُولَ اللَّه إِنِّي كُنْتُ غَنِيًّا فَافْتَقَرْتُ، وَصَحِيحًا فَمَرِضْتُ، وَكُنْتُ مَقْبُولًا عِنْدَ النَّاسِ فَصِرْتُ مَبْغُوضًا، وَخَفِيفًا عَلَى قُلُوبِهِمْ فَصِرْتُ ثَقِيلًا، وَكُنْتُ فَرْحَانَ فَاجْتَمَعَتْ عَلَيَّ الْهُمُومُ وَقَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، وَأَجُولُ طُولَ نَهَارِي فِي طَلَبِ الرِّزْقِ فَلَا أَجِدُ مَا أَتَقَوَّتُ بِهِ، كَأَنَّ اسْمِي قَدْ مُحِيَ مِنْ دِيوَانِ الْأَرْزَاقِ!
- فَقَالَ النَّبِيُّ (ص): يَا هَذَا لَعَلَّكَ تَسْتَعْمِلُ مُثِيرَاتِ الْهُمُومِ، فَقَالَ: وَمَا مُثِيرَات الْهُمُومِ؟ قَالَ: لَعَلَّكَ تَتَعَمَّمُ مِنْ قُعُودٍ، أَوْ تَتَسَرْوَلُ مِنْ قِيَامٍ، أَوْ تَقْلِمُ أَظْفَارَكَ بِسِنِّكَ، أَوْ تَمْسَحُ وَجْهَكَ بِذَيْلِكَ، أَوْ تَبُولُ فِي مَاءٍ رَاكِدٍ، أَوْ تَنَامُ مُنْبَطِحًا عَلَى وَجْهِكَ.
- قَالَ: لَمْ أَفْعَلْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا.
- فَقَالَ (ص): فَاتَّقِ اللَّهَ تَعَالَى وَأَخْلِصْ ضَمِيرَكَ وَادْعُ بِهَذَا الدُّعَاءِ وَهُوَ دُعَاءُ الْفَرَجِ:
"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِلَهِي طُمُوحُ الْآمَالِ.. (إِلَى قَوْلِهِ) يَا وَلِيَّ الْخَيْرِ"، فَلَمَّا دَعَا بِهِ الرَّجُلُ وَأَخْلَصَ نِيَّتَهُ عَادَ إِلَى حُسْنِ حَالاتِهِ. [بحار الأنوار، ج73، ص323]
فإذا كنا نعمل كل ما بوسعنا لأجل توقي هذا النوع من الهموم والغموم، وأولها ما يرتبط بمسار حياتنا العام وثانيها توقي مثل هذه الأفعال، يبقى العنصر القوي المحوري وهو الدعاء. وأدعية الخلاص من الهموم كثيرة، لعل أشهرها أدعية الصحيفة السجادية المباركة.

فعّل طاقاتك الكامنة
ما يسعى اليه هذا الكتاب هو ان يكون دليلاً مرشداً للانطلاق في الآفاق الواسعة لمعرفة النفس وتفعيل قواها فعّل طاقاتك الكامنة الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 368 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

كيف تصبح غنيًّا وتنعم بالحياة
الغنى خيار، والفقر ليس مجرد امتحان واختبار.والله يحب لعباده المؤمنين أن يعيشوا بكرامة وسعة وأن يكون لهم اليد العليا.وقد جعل للغنى وسعة العيش سبلًا وأسبابًا واضحة وكل من يسلك هذه السبل فسوف يدرك الحياة الطيبة والعيش الرغيد.وفي هذا الكتاب نتعرف إلى أهم هذه الأسباب. كيف تصبح غنيًّا وتنعم بالحياة الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 384 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-080-4 السعر: 14$

كيف أحيا مسلمًا وأعيش سعيدًا
في عالم اليوم حيث تتلاقى الحضارات وتتصادم الثقافات، تبرز الأديان كمحور أساسي في كل هذا التفاعل. وما أحوجنا إلى تقديم ثقافتنا الأصيلة في بعدها العملي المعاش الذي يطلق عليه عنوان نمط العيش.وفي هذا الكتاب سعى المؤلف إلى عرض القيم الإسلامية المحورية في قالب الأسلوب والنمط الذي يميز حياة المسلم الواقعي الذي ينطلق من عمق إيمانه والتزامه بمبادئ الإسلام وقيمه السامية. كيف أحيا مسلمًا وأعيش سعيدًا الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 288 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-037-8 السعر: 12$

عشر قواعد لحياة روحية عظيمة
عشر قواعد أساسيّة تدلّنا على كيفية الوصول إلى حياة روحانية صاخبة فوّارة طيّبة مفعمة بالنشاط والاندفاع. 10 قواعد لحياة روحية عظيمة الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 160 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 7.5$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

أعاني من الوحدة وهمومي كثيرة
أنا شخص كثير التفكر وعندي هموم زائدة. أفكر في كل شيء من لحظة استيقاظي إلى وقت نومي. أصدقائي قليل، سعيت للحصول على المزيد منهم، لكن لم أستطع؛ فالوحدة تزيد من همومي. رغم أنّني أسعى دائما لتطوير علاقتي معه الله تعالى، ولست مهملًا لهذا الجانب، إلا إنّني أرى نفسي مهمومة من دون سبب،وفي حياتي الكثير من الصعوبات.

همومك تحكي من أنت
الهموم والهواجس وما يصاحبها من حيرة وقلق أمور تنشأ من طبيعة تواجدنا في هذا العالم المتحوّل والمتبدّل. جهلنا بالمستقبل وصعوبة إدراك الغيب تولّد فينا الهمّ والاهتمام. فكل قضايانا وشؤون حياتنا قابلة للتحوّل والتغير، مهما كانت الضمانات التي حصلنا عليها بشأنها. فلا أحد يمكنه أن يجزم بأنّ أوضاعه المالية ستبقى هكذا إلى نهاية العمر.

تعالوا نرتقي بهمومنا
لما كان الهمّ نابعًا من الاهتمام الممتزج بالقلق، ولمّا كان الهمّ أمرًا طبيعيًا في سنّة الكون ونظام الحياة الدنيا، فسوف يكون عنصرًا مفيدًا إن ارتبط بالنظام الكوني الأعلى.

الصحة النفسية 21: أفضل طريق إلى السعادة
هل الإنسان طالب لكل سعادة؟ كيف يؤدي التوجه إلى السعادة بذاتها إلى شقاء الإنسان؟ وما هو أساس السعادة في الحياة؟

الصحة النفسية 14: كيف نتغلب على هموم الحياة وغمومها
لماذا نحتاج إلى بعض الغموم والهموم؟ ومتى تكون الغموم سلبية ومدمرة للصحة النفسية؟ وما هو أهم علاج للخلاص من سلبيات الهموم؟

الصحة النفسية 18: كيف نجعل أفكارنا علاجًا لأسقامنا
هل صحيح أن أفكارنا تحدد مصيرنا؟ وهل نستطيع أن نتحكم بهذه الأفكار؟ وكيف يصبح تفكيرنا وسيلة سعادتنا؟

الصحة النفسية 15: كيف نستفيد من الغموم والهموم
ما هو دور الغموم والهموم في الحياة؟ما هي علاقة الغموم والهموم بالتوجه نحو الآخرة؟هل الإعراض عن الدنيا يجعل الإنسان فارغًا من المشاعر؟
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...