في الحرب الناعمة
خطورة التركيز على الصراع المباشر
الكاتب والمفكر السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب على طريق بناء المجتمع التقدمي
لا شك بأنّ هناك نوايا مُبيّتة ومُعلنة للإدارة الأمريكية تجاه حركات المقاومة في العالم الإسلامي. ولا شك بأنّ هناك استهدافًا مباشرًا وغير مباشر لكل عناصر قوتها من قيادات ومراكز ومؤسسات وأتباع. ولا شك بأنّ جزءًا مهمًّا من الإدارة الأمريكية يؤمن بالقوة الناعمة ويعتبرها عنصرًا أساسيًّا في هذا الصراع. لكنّ قوة أمريكا الناعمة لا تنحصر في إطار هذا الاستهداف ومراكزه ومسؤوليه. ما تستهدفه أمريكا بقوتها الناعمة بطريقة غير مقصودة أكثر بكثير ممّا تستهدفه بالطريقة المباشرة ذات التخطيط والبرامج المركزة.
لو فرضنا أنّ الإدارة الأمريكية تخلّت تمامًا عن هذا الصراع واعتبرته غير ذي جدوى، فإنّ قوتها الناعمة لن تتضاءل أبدًا، بل ستزداد تأثيرًا. والواقع أنّ الإدارة الأمريكية بإعلانها عن هذه النوايا، تستهدف قوتها الناعمة بنفسها، فهي كمن يُطلق النار على قدمه. إنّ قوة أمريكا الناعمة وتأثيرها على العالم إنما يتضاعف حين تتخلى عن لغة استهداف الأعداء وإقصائهم والقضاء عليهم. لقد أساء سياسيّو أمريكا إلى قوتها الناعمة أكثر من أي أحد آخر، حين جهلوا أو غفلوا عن أن الغرب عمومًا وأمريكا خصوصًا إنما استطاعت أن تهيمن وتنتشر بثقافتها وقيمها حين ظهرت للعالم كقوة صديقة حامية للحريات والديمقراطية والإنسانية (رغم أن الأمر كله خدعة). وما زلنا نرى مفاعيل الإخفاق الأمريكي في المنطقة العربية والإسلامية مع هذه الرعونة والصلافة بل الحماقة في دعم كيان دموي وحشي يعيث فتكًا وإجرامًا في جسد هذه الأمة.
باختصار، إنّ إصرار أمريكا على استعمال قوتها الناعمة في حرب ضد الآخرين هو أهم عنصر في إخفاقها وفشلها. فأمريكا تمتلك من عناصر القوة الناعمة ما يجعلها بغنًى تام عن الإدارة الأمريكية وسياساتها المتعجرفة، في تحقيق ما تريد على صعيد تغيير الشعوب وعقولها وقلوبها. باطل أمريكا لم يجد لحد الآن ذلك الحق الذي يُقذف عليه فيدمغه ويظهر زهوقه! والسبب بكل بساطة هو أنّ الضعف البنيوي لدى معسكر الحق لم يمكّنه لحد الآن من استخدام عناصر القوة الكامنة فيه، والتي بإمكانها الهجوم على معسكر الباطل وحسم الصراع لمصلحة الحق في سنوات قليلة!
ما نراه في هذا الصراع هو أنّ الله تعالى أراد لمعسكر الحق أن يستخرج عناصر القوة الناعمة والجمال الواقعي المستودع في دينه الحق وتراثه العظيم من خلال هذا الاحتكاك الكبير مع الآخر، الذي وصل إلى آخر ما يمكن أن يصل إليه بباطله. ولا ننسى أبدًا مقولة الإمام العظيم علي بن أبي طالب عليه السلام حين قال: "وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي تَرَكَهُ. وَلَنْ تَأْخُذُوا بِمِيثَاقِ الْكِتَابِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَقَضَهُ. وَلَنْ تَمَسَّكُوا بِهِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَبَذَهُ".[1]
إنّ السر الأكبر في مثل هذه المواجهة الكبرى لا يرتبط في بقائنا أو وجودنا، بل فيما سنكتشفه ونتعرّف عليه في ديننا ونعيشه ونطبّقه في حياتنا، الأمر الذي لن يكون ممكنًا سوى في ظل صراع نفهمه وندرك أبعاده ومخاطره. وسبب عدم الإمكان هذا يرجع إلى طبيعة الذهنية المتوارثة السائدة التي تكتفي بالانفعال تجاه الآخر منذ أن تشكّلت قبل عصور ودهور. فلو لم يشعر بعض ساداتها وزعمائها بالخطر، لما تمكّنوا من تحريك الطاقات الموجودة في المجتمع. وكأنّ الشيء الوحيد الذي يحرك ويدفع هو الشعور بالخطر المحدق حين يصبح متغلغلًا في الأوساط. وهذا بدوره يرجع إلى غلبة العقلية التجريبية الاستقرائية التي تعتمد على معطيات مباشرة ملموسة.
لقد نشأت القوة الأمريكية الناعمة (ببعدها الحضاري) قبل عدة قرون، وكانت في طور التصاعد على مدى العصور في غفلة تامة عن أي ذهنية استشرافية عندنا، حتى تغلغلت في كل مفاصل الأمة ومؤسساتها، ولم يتطور الشعور بخطرها إلا حين بدأت بممارسة هيمنة متسلطة ذات أهداف استعمارية مباشرة. ولهذه الغفلة قصتها المريرة في أوساط جماعة الحق التي يغلب عليها اليوم قراءة هذا الصراع من بعد واحد يتعلق باستهدافات محدودة. وخطر هذه القراءة يكمن في الغفلة عن عناصر مهمة في هذا الصراع، سواء على صعيد قوة العدو أو قوتنا. وبرأيي أنه لا ينبغي لهذه الجماعة المؤمنة أن تحلل هذه الصراع الناعم قبل أن تقرأ جيدًا عناصر قوتها الكامنة والتي لم تستخدم منها إلا أقل القليل؛ لأنها بذلك تضاعف من قوة العدو أكثر من اللازم وتسقط في انبهار مقنّع، ولا تساعد على تشكيل نهضة ناعمة حقيقية في أوساطها.
لا يمكن لأي متابع حريص لقضايا القوة الناعمة والمواجهة الثقافية والفكرية أن يتنكر لحقيقة كبرى وهي أننا لم نُعمل كل ما بوسعنا على صعيد قوتنا الناعمة في أوساطنا، بل إنّ التقصير وما يجلبه من قصور مزمن هو السائد في هذا الوسط.. ولا شك بأننا لو استطعنا أن نشكّل جبهة ناعمة ذات بنية تقوم على الفعل الذاتي لا الانفعالي فإن قراءتنا وقراءة عدونا لهذه الحرب الناعمة ستتبدل تمامًا. وهذا ما يقتضي أن نؤمن بأن ما لدينا ليس كفيلًا بتحقيق نصر مؤزر في دفع هذا الغزو الثقافي فحسب، بل نصر مؤزر في هجوم كاسح على مستوى العالم كله، يعتمد بشكل أساسي على نجاح التجربة في الداخل أولًا، حضاريًّا واجتماعيًّا وفكريًّا ونفسيًّا.
[1]. نهج البلاغة، ص205.
على طريق بناء المجتمع التقدمي
المجتمع التقدّمي هو المجتمع الذي يتحرّك أبناؤه نحو قمم المجد والفضيلة والكمال.المجتمع التقدمي هو التعبير الأمثل عن استجابة الناس لدعوة الأنبياء الذين أرادوا أن يخرجوا البشرية من مستنقع الرذيلة والحيوانية والعبثية لإيصالها إلى أعلى مراتب الإنسانية والنور..فما هي سبل إقامة هذا المجتمع؟وما هي العقبات التي تقف في طريق تحقّقه؟ على طريق بناء المجتمع التقدّمي الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14.5*21عدد الصفحات: 376الطبعة الأولى، 2019Isbn: 978-614-474-081-1السعر: 14$
هل يوجد مؤامرة بين الصين وأمريكا للخروج بحكومة عالمية جديدة؟
هل هناك صفقات خفية بين الدول بمعنى أنّ هناك وجودًا لحكومة عالمية جديدة تدير المؤسسة العالمية من تحت الطاولة تمهيدًا لإخراجها إلى العلن... وتكون الصين هي حصان طروادة في ذلك، بمعنى أنّ الصين على تواطؤ خفي مع أميركا وهناك عصابة واحدة تتقاسم الأدوار؟وهل ستعترف الدول الأوروبية ـ كونها براغماتية نوعًا ما ـ بريادة الصين كما فعلت مع أمريكا عام 1945؟
هل السفر إلى أمريكا يُعد تأييدًا لنظامها؟
أنا احب ان أسافر و أزور بلدان العالم المختلفة و من ضمنها أمريكا و لكن أسمع الكثير من العلماء الثوريين يقولون انهم من المستحيل ان يزوروا أمريكا او "لو أعطوني الدنيا كلها لا أذهب إليها" و لكن لا أفهم لماذا هذا الموقف المتشدد و السلبي من أمريكا و هل يعد سفري إليها او السكن فيها تأييدا لنظام الحكم فيها؟
لماذا ستهزم أمريكا مرة أخرى
بكل بساطة لأنّها تُهزم دائمًا! لكنّ اعتياد أمريكا على الهزائم ليس هو السبب وراء ذلك؛ بل لأنّها دولة قامت على أسس لا يمكن أن تحقق النجاح أبدًا. أعلم جيدًا أنّ هناك من سيحمل لائحة طويلة من الانتصارات الأمريكية المزعومة ويرميها بوجوهنا، ليثبت أنّ هذه الدولة لها تاريخ عريق من الانتصارات بدءًا من الحرب الإسبانية ووصولًا إلى حرب العراق وإسقاط صدام مرورًا بالحرب العالمية الثانية المدوّية. لكن هذه الانتصارات لم تكن يومًا بسبب قوّة أمريكا بقدر ما كانت بسبب ضعف الطرف الآخر وخوائه.
لماذا نخاف من أمريكا؟ ماذا عن حسن منهاج واللغة الإنكليزية
إنّ ما يهدد النظام الإسلامي في إيران ـ التي تُعد أهم قوة معارضة لأمريكا في العالم ـ ليس ما يمكن أن ينجم عن حربٍ عسكرية مع أمريكا أو حتى عن حصارٍ اقتصادي لا سابقة له، وإنّما هو تلك الشريحة من الشباب الإيراني، التي تتزايد باستمرار، وتنشأ على الاعتقاد بجمالية نمط العيش الأمريكي، فلا ترى بعدها من مشكلة في إقامة علاقات ودية مع هذه الدولة، التي لم تترك وسيلة للقضاء على ذلك النظام إلا واستخدمتها.ولكن، لماذا لم يتم حسم أمر هذه الشريحة لحدّ الآن رغم كل ما جرى؟ ولماذا تطل هذه الفئة برأسها من حينٍ إلى آخر وتهدد بقاء النظام؟ هل تتصورون أنّ قلق قادة النظام الإيراني من أحداث الشغب الأخيرة كان ناشئًا من تلك الجماعات التخريبية التي لم يبلغ تعداد أفرادها سوى بضعة آلاف؟ وهل يمكن لهذه النسبة الضئيلة من المشاغبين، الذين لا يمتلكون وسائل إعلام ودعاية داخلية، أن تسقط نظامًا قام على مئات آلاف الشهداء، وما لا يُحصى من الجرحى، وتضحيات ونضالات لا يعلم حجمها إلا الله؟
أفضل طريقة للانتصار في الحرب الناعمة
إنّ استعمال أعداء الإسلام والأمة للقوة الناعمة أمر يقر به العدو قبل الصديق. لا يخجل الغرب عمومًا والأمريكي خصوصًا من التبجح بالسعي لتغيير قيم كل الشعوب التي تخالفه...يكفي أن يدرك الشباب أن حربًا تُشن عليهم حتى يكفروا بكل أدواتها.
لماذا لا يمكن إصلاح أمريكا؟
حين نقول إنّ أمريكا دولة لا يمكنها إلا أن تفعل الشر، فذلك إنّما يعود إلى طبيعة نظامها السياسي الذي قام على استخراج كل شر ممكن من البشر! نتساءل أنّه ورغم تداول السلطة المستمر ـ وما يعنيه ذلك من إضعاف مفترض للعلاقة بين السلطة والمصلحة الشخصية ـ لماذا لا تنتج أمريكا رئيسًا واحدًا يمكن أن يخالف السياسات القائمة على التسلط والهيمنة على الشعوب؟
لماذا يجب مواجهة أمريكا؟
مرة أخرى تتكشف الأمور أنّ المواجهة الواقعية في لبنان ليست بين مجموعة من المتظاهرين وحكومة فاسدة، بل اتضح أن المواجهة الواقعية الأساسية هي بين امريكا ومن تستطيع أن تحركهم، وبين المقاومة لماذا لا تستطيع أمريكا أن تكون صالحة وتفعل الخير؟
كيف ستنهار أمريكا؟
حتى تسقط امبراطورية الشر لا بد من تحقق شرط واحد
هل تريد أمريكا لبنان ديمقراطي؟
❓❓إذا سألنا: ما هو الحاكم على السياسات الأمريكية في العالم كله منذ أن أُنشئت وإلى يومنا هذا؟ 👈يوجد شيء معروف اسمه المصالح القومية أو الاستراتيجية، هذه هي القاعدة الأساسية التي ينظرون من خلالها إلى الديمقراطية والدكتاتورية والأنظمة والفساد والصراعات في العالم. أمريكا بُنيت على أساس المصلحة. طالما أن مصلحتهم تكمن في هذه القضية فإنّهم يدفعون باتجاهها، والديمقراطية هي من هذا القبيل. لذلك تجدون أن أمريكا أكثر نظام في العالم ادّعى أنّه مدافع عن الديمقراطية وحامٍ لها، وأكثر نظام قام بإسقاط ديمقراطيات حقيقية في العالم، أي عمل على إسقاط أنظمة وأحزاب وتيارات وصلت إلى السلطة بطريقة ديمقراطية؛ تارة عن طريق التدخل المباشر من خلال الانقلابات العسكرية كما حدث في بوليفيا، وأخرى من خلال مؤامرات، وأحيانًا من خلال تحريك الشارع وهذا الأكثر شيوعًا حاليًا. 🔦النظام مهما كان فاسدًا، إذا كان ناشئًا من عملية ديمقراطية فهذه العملية الديمقراطية هي أساس الإصلاح. فلو أردتم القضاء على الديمقراطية من أجل أن تصلحوا ستأتون بنظام أفسد من الأول. ⚠️التفتوا الديمقراطية هي الحد الأدنى، أنا لا أقول أن الديمقراطية هي أفضل نظام في العالم، ولكن حين يشارك الناس في الانتخابات، فمعنى ذلك يوجد إمكانية لأن يرتقوا بمشاركتهم السياسية للقضاء على الفساد. ⚠️يا حراك... حين نسألكم كيف ستديرون النظام تحت أي عقلية، وتقولون "كلن يعني كلن"، أي إسقاط الجميع، فماذا يعني ذلك؟ أنتم بذلك تقولون لا نريد ديمقراطية، وسنبقى نحرق دواليب ونقفل الطرقات حتى تهرب الأكثرية من البلد أو لا يعود لها مشاركة، هذه لا تُسمى ديمقراطية. 👈إذا أردنا أن نحقق إصلاحًا حقيقيًّا في أي بلد، ينبغي أن نعلم أن هناك قاعدة أساسية للإصلاح هي أن يكون هناك أكثرية واسعة تشارك في هذا الحراك. لذا نقول نحن الذين ننادي بإسقاط الفساد والنظام الطائفي، تعالوا لنتناقش معًا بأبسط مفردات الديمقراطية أو العمل السياسي الصحيح، ونتحدث عن هذا الأصل: كيف نعمل معًا لنأتي بحكومات صحيحة!
أمريكا تعترف بتشكيل التيار التكفيري
هناك محللون يزوّرون الحقائق والتاريخ حتى لا نرى الحقيقة الواضحة أمامنا وهي أنّ سياسات القوى العظمى تؤول دائمًا إلى الفشل وإلى الإخفاق؛ وهذا ما أدى إلى تراجعها وإلى إنشاء قوى جديدة في المنطقة سوف تقضي عليها!!
هل ستنجح أمريكا في فرض سياستها على العالم؟
الدرس الثاني عشر من الدورة الأولى في "أصول ومبادئ الوعي السياسي".
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...