
استحقار النفس أو تكريمها.. ما هو المطلوب؟
السيد عباس نورالدين
في إحدى رواياتنا تُذكر قصة ذلك العابد الذي عبد الله سبحانه وتعالى مخلصًا أكثر من سبعين سنة، ولم يسأل الله سبحانه وتعالى طوال هذه المدة حاجة قط؛ لقد كان متفرغًا للعبادة بحيث لم يكن يعيش أثناء عبادته قضية الاحتياج والطلب، إلى درجة أنّه كلما عرضت له حاجة شغلته العبادة عنها. فكانت تُقضى حوائجه من دون أن يسأل أو يلتفت. ثم تذكر الرواية أنّه عرضت له حاجة ذات يوم فسأل الله سبحانه وتعالى بعد كل هذه المدة من العبادة الخالصة أن يقضي له حاجته، فلم يحصل ما أراد. مرّت الأيام ولم تُقضَ حاجة هذا العابد الجليل. فقال في نفسه: لو كنت أساوي شيئًا(أي لي قيمة) لأُجيبت دعوتي. فأوحى الله سبحانه وتعالى إلى نبي ذلك الزمان أن قل لعبدنا فلان أن إزراءك بنفسك هو أفضل من عبادة سبعين سنة.
ومن جانبٍ آخر، نقرأ في العديد من الأحاديث والروايات هذا المعنى أنّه "من هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فَلَا تَأْمَنْ شَرَّهُ"؛[1] أو "مَنْ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فَلَا تَرْجُ خَيْرَه"،[2] وهذا يشير إلى خطورة أن يتسهين الإنسان بنفسه، "فَلَا تَأْمَنْ شَرَّهُ"، وكأنّ هذا يشير إلى أنّ هذه الحالة من هوان النفس يمكن أن يكون منشأً لكل الشرور.
وجاء في حديثٍ آخر: "مَنْ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ كَبُرَتِ الدُّنْيَا فِي عَيْنِهِ"،[3] وكما هو معلوم أنّ حب الدنيا، الذي هو أصل كل خطيئة، إنّما يحصل حين تكبر الدنيا في عين الإنسان. فتبدأ المسألة من هوان نفس الإنسان عليه، فتعظُم الدنيا في عينه فيحبها، عندها يمكن أن تصدر منه كل الخطايا.
فكيف نجمع ما بين هاتين الحالتين: الإزراء بالنفس أي تحقيرها واعتبارها أنّها لا تساوي شيئًا، وبين خطورة ووخامة هوان نفس الإنسان عليه؟
هناك الكثير من المؤيدات أو الأسباب التي يمكن أن توصل الإنسان إلى حالة الإزراء بالنفس وتحقيرها. فما يعرفه الإنسان عن نفسه من أنها أمارة بالسوء، ومن ارتكابها للخطايا والإساءة إلى محضر ربها وخفّتها ولاشيئيتها وأنّها لا يمكن أن تكون منشأً للخيرات أو الكمالات؛ بل كل ما تحصل عليه من كمال أو جمال أو خير فهو محض التفضل من الله عز وجل؛ كل هذا يوصلنا إلى هذه النتيجة وهي أنّه مهما كان هذا الإنسان فإنّ نفسه لا تكون مستحقة لأي خيرٍ أو كمال. وما يؤيد هذا الأمر ضرورة مجاهدة النفس وأهمية مكافحة الهوى وأهمية منع الإنسان نفسه من الاستعلاء والتكبر والعجب.
من جهة أخرى، حين ننظر إلى هذه النفس نرى أنّ استحقارها قد يؤدي إلى الكثير من المصائب. فحين يرى الإنسان أنّه مهما فعل فإنّه لا شيء(حيث لا يوجد ما هو أسوأ من اللاشيء)، عندئذ لن يهتم بما يصدر منه؛ فكيف نجمع بين هذين الأمرين المتعارضين؟
تارة تكون نظرتنا إلى أنفسنا من ناحية أنفسنا أو ما يُعبَّر عنه بقيودها العدمية (الأنا)، وتارة ننظر إليها على أنها فيوضات وآية إلهية أي ننظر إلى الجانب الربي في القضية.
فإذا نظرنا إلى أنفسنا على أنها أنفسنا أي من جهة هذه الحدود العدمية (وهو الغالب على نظرة الإنسان إلى نفسه، لا الجهة الآيتية)، فمن الطبيعي عندها أن نحتقرها ونزدري بها، لأنّنا ننظر إليها من جهتها العدمية اللاشيئية، وأيضًا لأنّنا نرى من وراء ذلك كل أنواع الهلاك والبوار والعذاب والنقمة التي تلحق بها. حينئذ حتمًا سنستحقر هذه النفس؛ لأنّنا سنرى كيف أنّها تسوقنا إلى ما لا تُحمد عقباه.
أمّا حين ينظر الإنسان إلى هذه النفس على أنّها وديعة، استودعها الله فيه، وكيف أنّ الله أراد لعبده أن يكون كاملًا، وكيف أنّه يحبه أن يكون من الصالحين ومظهرًا لأسمائه وصفاته وقريبًا منه في جنته وخليفةً له في أرضه وأن يتحلى بحلية المتقين؛ فإنّه لن يستهين بهذه النفس، وهذه هي الجهة التي ينبغي للإنسان أن يعززها.
إذًأ تارة ينظر الإنسان إلى الجهة السوائية في وجوده فيستحقر نفسه ولا يرى أنّها تستحق أي شيء من الفضل والكمال، وتارة ينظر إليها من الجهة الإلهية فيعلم أنّه مسؤول عن تحليتها بكل الفضائل وتكميلها بكل مراتب الكمال حتى تصل إلى مقام القرب الإلهي. فلا يحصل عندئذ تعارض بين الأمرين ولا يحتار الإنسان ويضيع.
[1]. بحار الأنوار، ج75، ص 365.
[2]. تصنيف غرر الحكم، ص 263.
[3]. جامع الأخبار، ص 109.

فعّل طاقاتك الكامنة
ما يسعى اليه هذا الكتاب هو ان يكون دليلاً مرشداً للانطلاق في الآفاق الواسعة لمعرفة النفس وتفعيل قواها فعّل طاقاتك الكامنة الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 368 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

الإسلام كما عرفته وآمنت به
هذا الكتاب مساهمة في ترسيخ حوار القيم والمشتركات في زمن يبحث فيه الجميع عن التلاقي. ولا شيء أفضل في هذا المجال من إظهار بعض جمال ما نؤمن به ونعتنقه. الإسلام كما عرفته وآمنت به الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 198 صفحةالطبعة الأولى، 2017مللحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

كيف يميز السالك إذا كان سلوكه صحيحًا أو إلى بيت النفس والشيطان
كيف يميز الإنسان إذا كان سالكًا بشكل صحيح؟ وكيف يحترز من أن يكون سيره نحو بيت النفس والشيطان؟

أنا شاب لا أرى لحياتي قيمة
أنا شاب ملتزم وأسعى لتحصيل العلوم في سبيل معرفة الله والهدف من الخلق، أنا أعلم أن الهدف الأساس للحياة هو العبادة وأن العبادة تحتاج إلى نية القربة والقربة لا تتحقق إلا بعد معرفة الله لذلك، ما زلت أسعى في طلب العلوم التوحيدية، ولكن ماذا بعد؟! يبقى سؤال في نفسي يقول: "أنت لشو عيشتك!" لا أجد معنى لحياتي فلو كنت عدمًا لما تغير شيء في مسار الخلق! لماذا أنا على هذه الدنيا ما هو دوري ما هي المهمة الموكلة إلي؟

كيف نجمع بين عدم رؤية فضل للنفس وبين رؤية قيمة لها؟
كيف يمكن أن يجمع الإنسان بين أن لا يرى لنفسه فضلًا ذاتيًّا وبين أن يبقى يرى لنفسه قيمة فلا يصاب بالنظرة الدونية للنفس وعقدة الحقارة؟

كيف نطبق الآية {الخاسرين الذين خسروا أنفسهم} على النبي إبراهيم الذي خسر عمه؟
يقول الله تعالى {إِنَّ الْخاسِرينَ الَّذينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْليهِمْ يَوْمَ الْقِيامَة}؛ كيف لهذه الآية أن تنطبق على النبي إبراهيم (ع) الذي خسر عمه {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْه}؟

أحيانًا أخفق في الوصول إلى منشأ انفعالاتي أثناء مراقبة نفسي، فماذا علي أن أفعل؟
أحيانًا أنفعل نفسيًا من بعض المسائل، أقوم بملاحقة نفسي لأمسك بمنشأ المشكلة فتُحل ولكن أحيانًا أخرى أواجه مسائل مهما لاحقت نفسي لامسك بها أجدها تفر مني فأمضي ساعات وساعات في ملاحقتها ولا أصل إلى نتيجة ولكن أعلم إذا تركت الأمر أيضًا ولم أمسك بها فسوف تخرج هذا الشيء بطريقة سلبية حين يأتي ما يحركه... ماذا يمكن أن افعل في هكذا حالة أشعر بالذنب نتيجة الوقت الذي يضيع دون جدوى، ولكن أعلم إن أنا تركت الأمر ستكون العواقب سيئة وسوف اخطئ؟

كيف نسب النبي موسى (ع) لنفسه الضلال وهي صفة للكفار؟
كيف قال النبي موسى (ع) عن نفسه أنّه من الضالين في قوله تعالى {وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} وهي صفة أطلقت على الكافرين في قوله تعالى {إِنَّ الَّذينَ كَفَرُوا بَعْدَ إيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّون}؟

ما معنى موت النفس؟
ما معنى موت النفس؟ لماذا نقول تارة تزكية النفس وإصلاحها وتارة أخرى موتها؟ حين نقول "أعدى عدوك نفسك" يعني العدو ينبغي أن يموت أو يصلح؟

أريد إصلاح نفسي ولكن اعتقاداتي مشوشة، من أين أبدأ؟
أنوي إعادة العمل على نفسي من الصفر لإصلاح نفسي، ولكن اعتقاداتي مشوشة ومضطربة ما يجعلني أُخفق في هذ المجال؟.. كيف لي أن أعمل على نفسي حتى يتطابق علمي مع عملي؟

كيف نمنع أنفسنا من الحقد؟
الحقد من الذنوب القلبية التي يمكن أن يبتلى بها الإنسان حين يواجه إساءة من أحد. وهناك نصائح معينة موجودة، لكن هل يوجد لديكم نصيحة يمكن العمل بها حين نواجه مثل هذه الإساءات أو الأذى من قبل آخرين؟

كيف نمنع أنفسنا من النفور ممن تأذينا منهم؟
لقد أشرتم إلى أن الإنسان المؤمن لا يجب أن يحمل في قلبه نفورًا من تصرفات أخيه السيئة، ولكن نحن بشر ونتأثر ونتأذى من سوء تصرف الآخرين معنا وخاصة مع تكراره، كيف لنا لن أن نحمي أنفسنا والحالة هذه من أن نصل إلى مرحلة النفور من هذا الشخص المؤذي؟ وكيف نستطيع عمليًّا أن نفصل بين فعل الإنسان وذاته كما أشرتم، أليس الفعل إشارة إلى اتصاف الذات بصفة غير جيدة؟

ما معنى الصبر إذا كان الإنسان هو السبب في آلامه النفسية؟
هل أنّ الآلام النفسية يكون الإنسان دائمًا سببها؟ وإلا لن يكون للصبر والتحمل والجلد معنى! فكيف يمكن الخروج من الآلام النفسية؟

استحقار النفس أو تكريمها.. ما هو المطلوب؟
كيف نجمع ما بين هاتين الحالتين: الإزراء بالنفس أي تحقيرها واعتبارها أنّها لا تساوي شيئًا، وبين خطورة ووخامة هوان نفس الإنسان عليه؟

ما الفرق بين العجب والثقة بالنفس؟
ما الفرق بين العجب والثقة بالنفس؟ فالعجب مرض أخلاقي وعواقبه وخيمة، والثقة بالنفس يحث عليها العلماء العظام كالإمام الخميني (رض) حيث يقول ما مضمونه "أزيلوا كلمة لا استطيع من حياتكم". وهل الثقة بالنفس تؤدي إلى العجب ومن ثم إلى التكبر؟

كيف نجعل أنفسنا ثقيلة؟
من آمن بالله واليوم الآخر يعلم أنّ أساس الحساب يوم القيامة هو النّفس. وقوله تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَة}،[1] يدلّنا على قانون كلّي لعالم الآخرة. ففي ذلك العالم الأبديّ ينال كلّ إنسان بحسب واقع نفسه. ولا يكون هناك سوى ميزان واحد دقيق إلى درجة أنّه يقيس مثاقيل الذرّات. وحين تكون النفس خفيفة فسوف يتّجه نحو الهاوية ويؤمّها، {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازينُه * فَأُمُّهُ هَاوِيَة}[2]. وأمّا من ثقلت موازينه فسوف يكون في عيشة راضية في جنّة عالية،{فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}.[3]

لماذا تتدهور أوضاعنا النفسية؟ وكيف نتجنّب ذلك قبل وقوعه؟
كل إنسان طالما أنّه موجود في هذا العالم فسوف يتعرض لامتحانات واختبارات تقلب أحواله النفسية. وهذا ما يعبر عنه بفتنة الحياة الدنيا. فالفتنة بحسب السياق القرآني هي أي حادثة أو تغيير يطرأ على حياتنا فيهزّ أعماقنا ويظهر بواطننا ويعلن خفايا سرائرنا.. والفتنة جزءٌ من نظام هذا العالم الذي جعله الله تعالى مهد تربيتنا وتكميلنا. فلكي نتكامل ينبغي أن نتعرّف إلى حقيقة أنفسنا، وبذلك تجري عملية الإصلاح والتغيير. وهنا يأتي دور الفتنة والاختبار.

أجمل حالات النفس، ماذا يحصل حين نروّض أنفسنا؟
تقتضي المحطة الأولى من السفر إلى الكمال أن يروض المرء نفسه ويجعلها منسجمة مع عزمه على هذا السفر الذي ينتهي إلى الله. وقد عرضنا في مقال سابق لأهم الشروط التي ينبغي أن يلتزم بها من يريد إزالة العقبات والموانع، والتي تجعل نفسه متوافقة مع قلبه التائق للعروج والقيام لله تعالى.

ما معنى أنّ طريق مجاهدة النفس صعب وثقيل؟
في يوم المبعث الشريف يستكشف السيد عباس نورالدين وضع المنهاج النبويّ الذي بُعث رسول الله صلى الله عليه وآله من أجل ترسيخه في المجتمع الإنساني. فكيف يرى الناس هذا الطريق وما الذي يحدث حين نحيد عنه؟

الحياة الأخلاقية للمسلم الواقعي... بهجة النفس والناس
إذا كانت الحياة الروحية عبارة عن التنعّم بما وراء هذه الدنيا أو بالروح الأعظم المحيط بكلّ العوالم، فإنّ الحياة الأخلاقية تتبلور في ظلّ التنعم والاستمتاع ببهجة النفس والناس. والعنوان الأكبر للحياة الأخلاقية هو السلام؛ ففي ظلّ السلام يمكننا أن نكتشف الجمال الكامن في النفوس البشريّة ونتنعّم به؛ ومن هذه النفوس وأوّلها نفس كلّ واحدٍ منّا.

كتابات في معرفة النفس
يُبتنى صرح الأخلاق والكمالات المعنوية والحياة الروحية للإنسان على قاعدة أساسية هي معرفة النفس. فبدون هذه المعرفة تتزلزل أصول هذه المعارف وتتصدع برامجها ولا تؤتي ثمارها. وقد حفلت الكتب الأخلاقية المختلفة بإشارات مهمة حول النفس الإنسانية، لكن تأليف كتب مستقلة حول هذا الموضوع الحساس كان محدودًا ونادرًا. ولهذا يضطر أكثر الباحثين حول النفس إلى مراجعة الكتب الفلسفية المعمقة التي يغلب عليها جانب الاستدلال وإثبات تجرد النفس.

ترسيخ قيمة الحكمة... بين الاعتداد بالنفس وتحمل المسؤولية يوجد خط رفيع
نريد أن ينشا أولادنا على تحمّل المسؤولية، سواء تجاه أنفسهم أو تجاه من ينضوي تحت جناحهم؛ لكنّنا نخشى أن يتحوّل هذا الشعور إلى نوع من الاعتداد الشديد بالنفس، الذي تزول معه الحاجة إلى هداية الآخرين وطلب مساعدتهم. فمن منّا لا يحتاج إلى إنسان آخر يعينه ويستأنس برأيه ويهتدي بخبرته، خصوصًا إذا كان حكيمًا حقًا ولديه خبرة واسعة.

محاسبة النفس... شرط أساسي للرياضة المعنوية وإزالة الموانع
تقتضي المرحلة الأولى في السفر والهجرة إلى الله، أن يقوم السالك بترويض نفسه وتبديل وجهتها من: كونها مستغرقة في عالم المادة والطبع، وما فيهما من غلبة الشهوة والغضب، وما يتبعهما من حكومة الوهم، إلى: صيرورتها متّجهة إلى عالم النور ومنقادة للقلب في تنوّره بأنوار العقل.

عنصران أساسيّان لتهذيب النفس
إنّ التخلّص من كلّ النّقائص النفسيّة هو عمليّة ينبغي أن تجري بوعيٍ تام وإرادة جدّيّة. إن تحمّل المسؤوليّة التامّة عن إزالة العقبات التي تقف بوجه سيرنا التّكامليّ هو شرطٌ ضروريّ لأي إصلاح.

ما هو تفسير الحديث: من عرف نفسه، فقد عرف ربّه.
أسئلة حساسة تدور في أذهان الكثير من الباحثين والشباب وهم يتطلعون إلى الإسلام ليقدّم لهم أجوبة شافية تنطلق من أصوله ومبادئه. أسئلة عميقة وأجوبة ميسّرة. ما هو تفسير الحديث من عرف نفسه فقد عرف ربّه؟ هذا حديثٌ مشهور ويقال أنّه مرويّ أو صادرٌ عن أنبياء سابقين وصدر عن رسول الله وعن أئمة أهل البيت (ع) وإن تغيّرت بعض العبارات، لكن الفكرة الأساسية: أنّ معرفة النفس تؤدي إلى معرفة الله، وفي بعض الأحيان تكون عين معرفة الله سبحانه وتعالى. عين معرفة الله بمعنى أنّ هذه المعرفة هي ذاتها على قاعدة "الحقيقة والرقيقة". إذا الإنسان عرف الفقر يعرف الغنى، لأنّ هناك حالة من التضايف أو المقابلة بينهما لا يمكن للإنسان أن يدرك الفقر إلّا إذا أدرك الغنى وبالعكس، فإذا عرف الإنسان حقيقة عجزه وضعفه ولاشيئيته فإنّه سيلاحظ أنّ كل ما عنده هو من الله سبحانه وتعالى، فيعرف ربّه. معرفة العاجز الفقير المسكين اللاشيء هي التي تؤدي حتمًا إلى معرفة الغنيّ المطلق القائم بذاته. هذه أحد المعاني الجليلة من وراء هذا الحديث الشريف.

9. كيف يتشكل حجاب النفس والأنا؟
من أين ينشأ حجاب الأنانية الذي يعدّ أساس ومنبع جميع الحجب التي تمنع الإنسان من الارتقاء المعنوي؟ وكيف ينبغي للإنسان أن يتعامل مع هذا الحجاب الخطر؟

حبّ النفس في الرؤية الإسلامية
ما معنى أن يفني الإنسان نفسه؟وهل أنّ حب النفس أمر فطري أودعه الله في وجودنا؟وهل يمكن للإنسان أن يعيش بلا حب؟

لا يكلف الله نفساً إلاّ وسعها. ألا تدلّ على اختلاف الوسع بين الناس؟
أسئلة حساسة تدور في أذهان الكثير من الباحثين والشباب وهم يتطلعون إلى الإسلام ليقدّم لهم أجوبة شافية تنطلق من أصوله ومبادئه. أسئلة عميقة وأجوبة ميسّرة. لا يكلّف الله نفسًا إلّا وسعها ألا تدلّ على اختلاف الوسع بين الناس؟ {لا يكلف الله نفسًا إلّا وسعها} ألا يعني ذلك أنّ هناك تفاوتًا بالوسع بين الناس، وبالتالي عدم مساواة؟ نعم، يمكن أن نفهم من هذه الآية وجود التفاوت أو الاختلاف في السّعة وفي القدرة بين نفوس البشر. وهذا التفاوت يرجع إلى عوامل مختلفة سواء كانت وراثية أو اختياريّة. الإنسان أحيانًا هو بنفسه يضيّق على نفسه ويوسّع بحسب أفعاله وسلوكه في الحياة. المهم أن لا يكون هناك ظلم، لأنّ القضية ترتبط بالظلم هاهنا وليست بقضية المساواة. الاختلاف بين الناس ليس مشكلةً، لكن المشكلة إذا كان هناك ظلم، إذا حملنا من يقدر على خمس حمّلناه عشر مثلًا وهكذا، أو أحيانًا إذا أجحفنا إنسان يستطيع أن يتحمّل عشرين فحملناه خمسة. هذا يعتبر نوع من الظلم لأنّه يؤدي إلى الحرمان وإلى الكثير من المشكلات. فإذًا قضية المساواة ليست هي القضية المطلوبة حتى أنّه الإنسان نفسه في حياته تتفاوت سعة نفسه من الطفولة إلى البلوغ وما بعده. ولذلك لا ينبغي أن يُحمّل من التكاليف ومن الأحكام أو من المسؤوليات ما لا يقدر عليه. هذا التفاوت أو هذا التدرّج أحيانًا يكون لمصلحة الإنسان السلوكيّة والمعنويّة ويؤدي إلى تكامله.

كيف نميّز بين الوساوس الشيطانيّة والنوازع التي تصدر من النفس؟
أسئلة حساسة تدور في أذهان الكثير من الباحثين والشباب وهم يتطلعون إلى الإسلام ليقدّم لهم أجوبة شافية تنطلق من أصوله ومبادئه. أسئلة عميقة وأجوبة ميسّرة. كيف نميّز بين الوساوس الشيطانيّة والنوازع التي تصدر من النفس؟ ليس مهمًا في البداية أن يميّز الإنسان بين هذا المصدر وذاك، بل المهم أن يتعامل مع هذه النوازع الشريرة تعاملًا صحيحًا، وفيما بعد سيكتشف هذا المصدر جيدًا. وفي كل الأحوال إنّ الاندفاع نحو الشرّ، التوجه إلى الأمور القبيحة هو المشكلة الأساسيّة التي ينبغي أن يتعامل معها الإنسان ويقف مقابلها، هذا هو الأساس. ولكن للإنسان أيضًا القدرة أن يعرف في نفسه الكثير من النوازع، لأنّ هذه النوازع يمكن اكتشافها بالعلم الحضوري كما أنّه يعلم بجوعه، بعطشه، بتعبه، فإنّ الإنسان أيضًا يعلم جيّدًا أنّه يميل إلى شرٍ ما. هذا الميل يصاحبه رغبة، وشهوة، واندفاع معيّن، فيعلم أنّ هذا الأمر ناشئ من نفسه. النوازع التي تأتي من الشيطان يعني "الوساوس الشيطانيّة" إذا كانت فقط من هذه الجهة ولم يكن في نفسه أي نوازع من هذا القبيل فإنّها تأتيه أيضًا بطرق مختلفة، بحديث النفس أو في بعض الرؤى والمنامات.

1- ما الذي يدفعنا إلى تهذيب أنفسنا؟
ما هو سرّ نهوض الإنسان لتهذيب نفسه وتكميلها؟ لماذا يهتم الإنسان بتهذيب نفسه وجعلها قضية أساسية في حياته؟
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...