
عنصران أساسيّان لتهذيب النفس
قبل البدء بأي برنامج لتهذيب النّفس وإصلاحها، لا بد من توافر عنصرين أساسيّين
السيّد عبّاس نورالدين
نتذكّر دائمًا أنّ التخلّص من كلّ النّقائص النفسيّة هو عمليّة ينبغي أن تجري بوعيٍ تام وإرادة جدّيّة. إن تحمّل المسؤوليّة التامّة عن إزالة العقبات التي تقف بوجه سيرنا التّكامليّ هو شرطٌ ضروريّ لأي إصلاح.
حسنًا، لقد انتقلنا من مرحلة الطفولة ـ أو هكذا يبدو ـ وأصبحنا مسؤولين عن تصرّفاتنا وعن مصيرنا. وتتوالى الضّربات أو الأزمات التي نقع فيها مع كلّ موقفٍ سلبيّ نتّخذه، فنعلم أكثر أنّ علينا أن نغيّر من سلوكنا أو تصرّفنا الذي جلب علينا تلك المشاكل.. لكنّ الأمر يعود ويتكرّر، وفي بعض الأحيان بصورة سريعة ومن دون رويّة. والأصعب حين نعلم أنّنا تسبّبنا بمشكلة كبرى للآخرين دون أن نقصد.
فلماذا تتسبّب أفعالنا الصّغيرة في بعض الأحيان بهذا الحجم من الأضرار؟ ولماذا تتكرّر رغم أنّنا لا نريد ذلك؟
لقد غضبتُ مجدّدًا وصدر منّي كلامٌ مؤذٍ، وكبرت القضيّة وتحوّلت إلى عداوة أو قطيعة. لم أشأ أن تصل الأمور إلى هذا الحد؛ والآن يجب عليّ أن أعالج ما جرى رغم صعوبته وتعقيده.
لماذا تتعقّد الحياة إلى هذا الحدّ؟
الكثيرون يختارون معاشرة من يتحمّل غضبهم وتصرّفاتهم الصّعبة!
وهكذا، وبدلًا من أن نكتشف حقيقة القضية ومعالجة الأمر من أساسه، نسعى لمعاشرة من يتقبّلنا كما نحن، فندخل في دهليز العلاقات العابرة والسّطحيّة. فسوء الخُلُق أمرٌ لا يمكن أن يتحمّله أحد. وإن حصل فإنّ هذا الأحد لن يقدر على أن يكون صادقًا صريحًا معنا.. فما الذي ينتظره النّاس من بعضهم سوى العشرة الحسنة والجميلة؟!
لا ننسى أنّ تكرّر أي تصرّف سيّئ يدلّ على وجود مصدرٍ ثابت ينبع منه؛ وهذا ما نعبّر عنه بالخُلُق أو الملكة النفسيّة الراسخة. وقد تحدّث علماء الأخلاق والنّفس كثيرًا عن هذه الأمور واكتشفوا الأخلاق السيّئة والأخلاق الفاضلة ورتّبوها ضمن شبكة من العلاقات والتّأثيرات المتبادلة. والأهم أنّ تراث هؤلاء العلماء يحفل بالنّصائح والتّعليمات المفيدة للتخلّص من رذائل الأخلاق وقبائح الصّفات.
ولكن لكي نوفّق في أي برنامجٍ إصلاحيّ، لا بدّ قبل أي شيء من توافر حالتين أساسيّتين في النّفس؛ هما: الوعي والندم.
أمّا الوعي، فإنّه يعني امتلاك إدراك واضح وعميق تجاه أنفسنا وما فيها وكيفيّة صدور الأفعال عنها.
ففي المرحلة الأولى من العمر، يفتقد الطفل إلى مثل هذا الوعي والانتباه، لأنّ المحرّك الأساس لكلّ التصرّفات هنا ستكون تلك الغريزة الناشئة من حاجات البدن. وهكذا من الطبيعيّ أن يندفع الطفل نحو الكثير من الأمور بدافع تلبية الحاجات الأساسيّة للجسد، وبتبع ذلك بدافع التجربة اللذيذة التي نجمت عن تلبية هذه الحاجات؛ حتى لو جرّنا الدافع الثاني إلى ما لا تُحمد عقباه. لهذا احتاج الطفل إلى رعاية خاصّة من قِبل مربّ عاقل، حتى لا يوقع نفسه في المهالك.
وبمجرّد أن ينبعث العقل في نفس الطّفل، يصبح قادرًا على التمييز بين الضار والنافع له ولغيره. فإن وُجد من يبيّن له هذا الضّرر أو ذاك، عقِله وأدركه وانبعثت فيه رغبة بتركه والإعراض عنه، إلا إذا كانت قوّة الغريزة والشهوة فيه أقوى وأشد؛ فيحتاج حينها إلى سلطة قاهرة تمنعه وتهدّده بالعقاب إن هو فعل.
ففي مثل هذه المرحلة ينبغي أن يكون التّأديب ناظرًا إلى إحكام وتثبيت سلطة العقل في النفس. وهذا ما يتطلّب عنصرًا آخر، وهو الفطرة التي تجعلنا نشعر بوخامة التّصرّفات الخاطئة والندم عليها والرّغبة بعدم العود إليها.
وقد يكون حضور الفطرة قويًّا عند البعض إلى الدرجة التي لا يحتاجون معها إلى أي سلطة قاهرة خارج النفس؛ وقد يكون حضورها ضعيفًا إلى الدرجة التي لا ينفع معها كل أنواع التأديب والوعيد. ولهذا، فالمعوّل على تجارب الحياة المقبلة وما ستحمله لصاحب هذه الفطرة المحجوبة الضعيفة من نتائج مرّة، وأحيانًا كارثيّة، عسى أن يرعوي ويتّعظ بتجاربه الخاصّة.
لقد تمّ الكشف عن العلاقة الوطيدة بين طهارة المولد وما يجري في مدّة الحمل، وبين درجة حضور الفطرة في نفس الطفل. لكنّ وعي الطفل المبكر تجاه كل هذه القضيّة يمكن أن يشكّل عاملًا قويًّا في استعادة ما فُقد من نور الفطرة. ولا نعرف طريقة للتّأثير الإيجابيّ على الأطفال لتحقيق هذا الأمر مثل طريقة استحضار تجارب الحياة بكثرة وبقوّة وبأسلوبٍ جاذبٍ وعميق وتقديمها له عبر القصص.
يمكن للقصص التي تربط بين السّلوكيّات السيّئة أو السّلوكيّات الحسنة ونتائجها الكبيرة في الحياة أن تكون أكبر ملهم أو باعثٍ لروح الفطرة في نفوس الأطفال. وهكذا، يتأمّن للعقل والوعي تجاه الذات أرضية مناسبة لينمو ويتكامل ويزداد حضورًا وسلطة في النفس. ولا شك بأنّ حضور العقل في المرحلة الأولى يتمثّل في ما عبّرنا عنه بالوعي تجاه الذات وما فيها وما يصدر عنها.
فنحن بحاجة ماسّة لإدراك البواعث الخفيّة لأفعالنا السيّئة والتي يمكن أن تختفي وراء العديد من العوامل الاجتماعيّة والنفسيّة. وأعظم الوعي وأعلاه هو الوعي بأنّ جميع مشاكلنا تنبع من أنفسنا، والاقتناع التام بأنّ سعادتنا الواقعيّة متوقّفة بشكل تام على إرادتنا وتصرّفاتنا. ويمكن أن يتجلّى مثل هذا الوعي، الذي هو منبع كل وعي آخر، من خلال الاستعداد التام، بل الرغبة الشديدة، بسماع النصيحة وتقبّل النقد والاهتمام بمعرفة مشاكل النفس والاندفاع نحو دراسة القضايا الأخلاقية و...
وإذا كنّا من أهل التربية والتوجيه الأخلاقيّ، ينبغي أن نحرص قبل أي شيء على بعث هذا الوعي في نفوس المتربّين عبر مجموعة من الطّرق أو القناعات التي يمكن ترسيخها بواسطة مجموعة من الوسائل التربويّة الحكيمة.
والمشكلة الكبرى، إن نحن أغفلنا مثل هذا العنصر المحوريّ، ستكون على مرّ الزمن في فقدان تلك الحالة الفطريّة المطلوبة وهي النّدم والشّعور بوخامة المشاكل النفسيّة والأخلاقيّة. لأنّ فقدان الوعي تجاه العلاقة بين مشاكلنا وأزماتنا وبين أخلاقنا وصفاتنا النفسية، سيفسح المجال مع مرور الوقت لتحوّل هذه الصفات إلى حالات تستلذ بها النفس وترفض الانعتاق أو التخلّص منها. فحينها سيستلذ الغضوب بغضبه والحسود بحسده والمتكبّر بتكبّره ولن يرغب بالانفصال عن هذه الحالات النفسيّة؛ ممّا يستدعي علاجًا آخر لا تنفع معه مصائب الدنيا وما تجلبه على سيّئ الخُلُق من كوارث وأضرار. وإنّما يكون ذلك في عالم آخر نعوذ بالله من أهواله.
إنّ الندم على ما تسبّبه لنا أخلاقنا يمكن أن يكون في بعض الأحيان سببًا مستقلًا لخلاصنا منها. فالإنسان لا يتحمّل العيش مع الندم المستمر؛ ومثل هذا الشعور إذا امتزج بطلب الخلاص يمكن أن يستدر عطف الله تعالى وعنايته الخاصة التي تتجلى أحيانًا بتلك الجاذبة الكبرى التي تجذب الإنسان إلى عالم القدس، فيطهُر من كل ما سوى الله.

كيف أهذّب نفسي؟
ما العمل إذا ابتُليتُ ببعض الأفعال غير اللائقة أو السّلوكيات القبيحة والمحرمة؟ وماذا إذا كنت أرغب في أن أكون من الشاكرين الصابرين أتمتّع بفضائل الأخلاق؟ على صفحات هذا الكتاب نغوص معًا لمعرفة منشأ هذه السلوكيّات علّنا نمسك بسر التغيير وصناعة الشخصيّة المتوازنة. كيف أهذّب نفسي؟ الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 136 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

سفر إلى الملكوت
المبادئ الأساسيّة لبناء حياة معنويّة رائعة.كتاب يتحدّى تفكيرنا ويحثّنا على إعادة النظر بما كنا نعتبره من المسلّمات أو الأمور التي لا تحتاج إلى تعمّق وتدبّر. سفر إلى الملكوت الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 406 صفحاتالطبعة الرابعة، 2017مالسعر: 10$ تعرّف أكثر إلى الكتاب من خلال الكاتب يمكنكم شراء الكتاب عبر موقع جملون على الرابط التالي:

كيف يساهم التفكّر في تهذيب النفس؟
عن أبي عبد الله عليه السلام قال:«كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: نَبَّهْ بَالتَفَكُّرِ قَلْبَكَ وَجافِ عَنِ اللَّيْلِ جَنْبَكَ وَاتَّقِ اللهَ رَبَّكَ»

العلامات الحقيقيّة لنموّ الشخصيّة
أن تهتم، يعني أنّ روحك فاعلة في نفسك. وأن تهتم كثيرًا يعني أنّك تمتلك روحًا وقّادة. والأهم، إن كنت تدرك القضايا المصيريّة والأساسيّة؛ فهذا يعني أنّ روحك تسير وفق مؤشّر النموّ السّليم. كيف نكتشف أنّ البعد الروحيّ فاعل ونشيط وحيّ فينا؟ وما هي علامات نموّ هذا البعد؟

القاعدة الأولى للكمال والفضيلة
إذا كنت تمتلك الإيمان فابشر بالنّجاة والفوز يوم القيامة، لأنّ الإيمان بالله هو العملة الوحيدة والصكّ الأوحد الذي يجعلك لائقًا للجنّة. فلا ننسى أنّ الجنّة هي محل لقاء الله. وكيف يحصل لقاء الله من دون القبول والإقبال عليه؟!

كيف نصلح ما بيننا وبين الله تعالى؟
لأنّ الله ينظر إلى قلوبنا، فالإصلاح ينبغي أن يبدأ من القلب. وبصلاح القلب تصلح الأعضاء والجوارح لأنّ القلب أميرها وقائدها.

تعالوا نرتقي بهمومنا
لما كان الهمّ نابعًا من الاهتمام الممتزج بالقلق، ولمّا كان الهمّ أمرًا طبيعيًا في سنّة الكون ونظام الحياة الدنيا، فسوف يكون عنصرًا مفيدًا إن ارتبط بالنظام الكوني الأعلى.

بالإنسانيّة ننجو ونفوز
خلق الله الإنسان ليكون بإنسانيّته مظهرًا لعظمته وقدرته. فكانت الصّورة الإنسانيّة أجمل صورة خلقها الله؛ فمن حفظها واحترمها وصانها وأكرمها أكرمه الله ورفعه.وما دامت الصورة الإنسانية محفوظة مكرّمة في الحياة البشرية، فهذا يعني بقاء الفرصة لنيل الرحمة. ولو عبث الناس بهذه الصورة وغيّروها، فلن يبقى لوجودهم على هذه الأرض من معنًى.

كيف نجعل أنفسنا ثقيلة؟
من آمن بالله واليوم الآخر يعلم أنّ أساس الحساب يوم القيامة هو النّفس. وقوله تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَة}،[1] يدلّنا على قانون كلّي لعالم الآخرة. ففي ذلك العالم الأبديّ ينال كلّ إنسان بحسب واقع نفسه. ولا يكون هناك سوى ميزان واحد دقيق إلى درجة أنّه يقيس مثاقيل الذرّات. وحين تكون النفس خفيفة فسوف يتّجه نحو الهاوية ويؤمّها، {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازينُه * فَأُمُّهُ هَاوِيَة}[2]. وأمّا من ثقلت موازينه فسوف يكون في عيشة راضية في جنّة عالية،{فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}.[3]

قرأتُ لك: كتاب الأربعون حديثًا
لقد استطاع هذا الكتاب، الذي هو في الظّاهر شرحٌ لأربعين حديثًا منقولًا عن أهل بيت العصمة والطهارة، أن يكمل ما بدأه الإمام في آداب الصّلاة وفي العديد من كلماته وخطبه ودروسه التي كنّا نتلهّف لمطالعتها والاستماع إليها.

ما معنى أن نزور أولياء الله؟
أن تزور النبيّ أو الإمام المعصوم يعني أن تنحرف عمّن سواه إليه. فالزّور هو الانحراف عن الشّيء إلى شيءٍ آخر؛ وحين ترى الشّمس تزاورعن كهفهم،[1] فهي لا تقترب إليهم وإن كانت تشعّ على غيرهم.

6 قواعد للتّعامل مع النّفس
يدرك المؤمن أنّ نفسه كغيرها من مخلوقات العالم هي أمانة إلهيّة، وينبغي أن يرجعها إلى بارئها كما أراد. لهذا، يشعر المؤمن الواقعيّ بالمسؤوليّة الكبرى تجاه نفسه، ويسعى دومًا لتحمّل هذه المسؤولية انطلاقًا من وعيه ومعرفته بمبادئ الدّين وأهدافه. وفيما يلي ست قواعد أساسية للتّعامل مع النّفس وفق ما أراد الله تعالى.

1- الحياة المعنوية - مقدمة
ماذا تعني لك الحياة المعنوية؟ ولماذا لا يمكن للإنسان أن ينفك عن الروحانية؟ ما هي أهمية أن تكون إنسانًا روحانيًا؟ ولماذا اهتم الإسلام بهذا البعد أكثر من أي شيء آخر؟

9. كيف يتشكل حجاب النفس والأنا؟
من أين ينشأ حجاب الأنانية الذي يعدّ أساس ومنبع جميع الحجب التي تمنع الإنسان من الارتقاء المعنوي؟ وكيف ينبغي للإنسان أن يتعامل مع هذا الحجاب الخطر؟
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...