
حول هرم المؤسسات
العوامل التي تؤدي إلى ضعف الإنتاجية
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب كيف يُصنع القادة المميزون
نعرف الهرم بأنه حالة تصيب الجسد فتتباطأ حركته وتضعف قواه ويقل إنتاجه ويؤذن بالموت والنهاية الوشيكة.. مثل هذه الحالة قد تُصيب المؤسسات والمنظمات أيضًا. كثيرة هي المؤسسات التي انعدمت من الوجود وأُصيبت بالموت نتيجة ابتلائها بهذا المرض، دون أن يتمكن القيّمون عليها من معالجته.
إن معرفتنا بالعوامل التي تتسبب بهرم المؤسسات يمكن أن تُساعدنا على الحؤول دون وصولها إلى هذه الحالة المشؤومة.
غالبًا ما تبدأ المشكلة من أعلى الهرم التنظيمي، وذلك حين يفقد المسؤول الأعلى الحماس والاندفاع الأولي الذي كان يبثه في جميع العاملين لديه. قد يحدث ذلك جراء عوامل مختلفة:
منها تراكم الأعمال والمشاريع والمتابعات فوق رأسه، إلى الدرجة التي يعجز معها عن المواكبة كما جرت العادة. من المُتوقع في مثل هذه الحالة حصول تقصير هنا وهناك يتبعه خسائر فادحة وإخفاقات مذلة، لا تزيد المسؤول إلا همًّا وغمًّا..
ومنها نقص الموارد وتراجع الإمكانات التي كان يتوقع الحصول عليها بما لم يحتسب، مما يضطر هذا المسؤول إلى إلغاء بعض المشاريع وخفض ميزانيات بعض الوحدات والأقسام. من المتوقع أن ينعكس هذا الأمر على روحية العاملين ويؤدّي إلى ظهور حالات الإحباط والقنوط وتفاقمها إن استمر الأمر على هذا المنوال، ليُنتج في النهاية طبقة من العاملين الهرمين الذين يتحوّلون إلى واحد من أكبر أعباء المؤسسة.
إن كنت تبحث عن أهم أسباب هرم الطاقات الواعدة والناجحة في أي مؤسسة فالأرجح أنك ستجدها في نسبة رفض المقترحات التي يقدّمونها والمشاريع التي يتم إلغاؤها.
المسؤول الأعلى الذي ينشغل بما تبقى من مشاريع ويشعر ببهجة إنجازها، يعجز عن إدراك الحالات النفسية التي تُصيب العاملين الذين تعرضوا للرفض والإلغاء؛ بل قد يتساءل مستنكرًا عن ذلك الفتور وضعف الإنتاجية عند هؤلاء ويعزوه إلى كسلهم وقلة مسؤوليتهم!
العامل الآخر الذي يتسبب في هرم المؤسسة يرجع إلى عجزها عن استبدال العاملين غير الكفوئين وإدخال دمٍ جديد على شرايينها الحيوية؛ خصوصًا إذا كان هؤلاء العمال يشغلون وظائف حساسة. تُبتلى المؤسسات بهذا النوع من المشاكل حين تعتمد سياسة التوظيف مدى الحياة (مثل المؤسسات والمنظمات الحكومية)، حيث يجب انتظار تقاعد هؤلاء مهما بلغ تدني إنتاجيتهم وكفاءتهم.. لكن، يجب أولًا أن نبحث في الأسباب التي توصل أي عامل إلى هذا المستوى من الهرم.
إن سياسات التوظيف المتسرع أو غير الذكي تسمح بتشغيل غير الأكفاء، كما أن فقدان الدافعية اللازمة يجعل العامل قادرًا على التحايل على المؤسسة بطريقة لا يتم ضبطه بجريمة ضعف الإنتاجية من خلالها (وهذا هو الهرم المُقنّع).
حين نفتقد للإخلاص المطلوب للقيام بالأعمال في سبيل الله، ونعتبر أن عملنا هو مصدر ارتزاقنا الأساسي ونرى مناصبنا سبب شرفنا وكرامتنا؛ فمن الطبيعي في مثل هذه الحالة أن نتحول إلى مجرد موظفين يسعون لقتل الوقت بأي طريقة ممكنة.
هناك العديد من طرق تحايل العامل على المسؤول، والتي لا يمكن ضبطها بسهولة؛ وهي ترجع إلى طبيعة النظام الإداري المُعتمد والذي يسمح بهذا النوع من الاختباء والإخفاء. لا يمكن في ظل هذا النظام تحديد المسؤولين عن ضعف الإنتاجية بسهولة. بل قد يظهر هؤلاء بمظهر الحريصين على المؤسسة أكثر من غيرهم.
توظيف العاملين محاباةً يُمثل بطاقة دعوة إلى الهرم المبكر. هنا تنشأ علاقة مريضة بين الرئيس والمرؤوس، يضطر الرؤساء معها إلى الاحتفاظ بهؤلاء العاملين أطول مدة ممكنة. الرئيس الذي يظن أنه يحق له بيع المناصب لمن يشاء، لا يتوانى عن التوقيع على أبدية بقائهم فيها. لا يحتاج أمثال هؤلاء العاملين إلى بذل أي جهد لإثبات كفاءتهم.
وفي الحديث عن فقدان الدافعية اللازمة يجب ألا ننسى الطبيعة البشرية التي تميل إلى الراحة والاستقرار. فالتقدم يحتاج إلى الإبداع ويتحدى قدراتنا ويفرض علينا بذل جهود إضافية؛ وهي أمور سترفضها طبيعتنا. وهكذا ستعمل هذه الميول الدنيوية على تحويل المؤسسة إلى ما يتناسب مع الطبيعة البشرية طالما أن العواقب الوخيمة لموت المؤسسة غير ملحوظة. أجل، هناك العديد من المنظمات التي تموت وتبقى!
مع وجود الدعم المادي المستمر (كما هو حال المنظمات الحكومية)، يمكن لأي مؤسسة أن تبقى دون أي إنتاجية تُذكر. وقد تفوح رائحة الجثة المهترئة وتُزكم الأنوف على بعد مئات الأميال، لكن الاعتياد على رائحة الموت يمنع من إدراك حجم المشكلة.
تحت حجة الصمود وحفظ البقاء أطول مدة ممكنة، يتم تزيين موت المؤسسة ليبدو وكأنه إنجازٌ كبير. لا شيء يمكن أن يُخفي كل هذا الضعف والوهن مثل عدم اعتماد سياسات تفعيل الإنتاج وعدم اعتبار التقدم ركنًا أساسيًّا في العمل.
التقدم التكاملي أمر لا يُدركه سوى القليل من نوابغ الإدارة والقيادة، خصوصًا في المؤسسات غير الربحية. إذا كانت المؤسسة تُنجز كل عام ثلاثة مشاريع، ألا يعتبر هذا تقدُّمًا؟ بالتأكيد، كلا.. للتقدم التكاملي معايير دقيقة يقف على رأسها اتساع المؤسسة ونموها الداخلي. لا يوجد مجال واحد من أعمال العالم ليس فيه قابلية الاتساع. المؤسسات قد وُجدت لتخدم مجالات الأعمال لا لتبقى. المؤسسة ليست كيانًا مطلوبًا لذاته، بل هي وسيلة للغير. حين تفشل أي مؤسسة في تحقيق التوسع المستمر ينبغي أن تدق ناقوس الخطر، إنها تسير نحو الهرم. الشيء الوحيد الذي يحفظ شباب المؤسسة وحيويتها هو سلوكها طريق التوسع المستمر عبر تحديد معايير دقيقة لزيادة الإنتاج. في الحروب مزيد انتصارات، في التبليغ: الزيادة الكمية والكيفية في بناء الأفراد. في التربية والتعليم: زيادة نوعية وعددية في المؤسسات وهكذا..

كيف يصنع القادة المميزون
الهدف الأساسي لهذا الكتاب هو تمكين أي إنسان للبدء من النقطة الصحيحة في عملية بناء نفسه، ليكون قائدًا ناجحًا؛ مهما اختلفت ساحات العمل التي يخوض فيها. كيف يُصنع القادة المميّزون الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 264 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 8$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

إدارة العمل الإسلامي
الإدارة التي لا تعرف الهزيمة..لكل من يصبو إلى بناء شخصيّة قياديّة إسلاميّة والاطلاع على مبادئ الإدارة ووظائف المدير والمسؤول والمشاركة في العمل الإسلامي بروح الالتزام والعبادة. إدراة العمل الإسلامي الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: مركز بقيّة الله الأعظم (مركز باء للدراسات)حجم الكتاب: 17*24غلاف ورقي: 264 صفحةالطبعة الثانية، 1999محالة الكتاب: نافد

عهد أمير المؤمنين إلى القادة والمسؤولين
يعيد الكاتب تبويب هذا العهد المشهور الذي يعد أول وأجمع وثيقة في ادارة المجتمع المسلم وقيادته، ويشرح أفكاره بأسلوب عصري يتناسب مع التحديات والمسائل التي يواجهها المسؤولون في مختلف جوانب الادارة والقيادة. عهد أمير المؤمنين(ع) إلى القادة والمسؤولين الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 184 صفحةالطبعة الثانية، 2008م يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقعي: النيل والفرات: https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0وموقع جملون:https://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=مركز+باء

العنصر المحوري لنجاح أي إدارة.. كيف نبني مؤسساتنا على تقدير الكرامة الإنسانية
لمّا كانت الإدارة تعني حسن توجيه الموارد بما يتناسب مع الأهداف، كان لا بد من الوقوف مليًّا عند الموارد ومعرفتها لاكتشاف طبيعة عملها وتفاعلها. ولا شك في أن أعظم الموارد هي الطاقات البشرية التي يُفترض أن تكون بمثابة المحرّك لغيرها من الموارد.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...