
حين يصبح الزواج معركة لاسترجاع الحقوق
هل جرّبنا قوة الصفح والتسامح؟
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب #الزواج_في_مدرسة_الإيمان و#شركاء_الحياة
ينشأ الكثيرون منّا في بيئة تُعزّز روح العدالة على حساب روح التسامح والصفح. ثم ندخل تجربة الزواج بهذه الروحية ونتعامل مع مواقفه المختلفة على أنها مواقف تحصيل الحقوق، فنفقد أهم عنصر لنجاح الزواج.
صحيح أنّ الزواج عبارة عن تبادل منافع والتزام بحقوق وواجبات، لكن الوجهة العامة له يُفترض أن تكون مسيرة التكامل والرقي المعنوي المشترك، الذي يستلزم توجّه كل طرف إلى تكميل شريك حياته وإصلاحه.. إذا كنا بصدد إصلاح أي إنسان فإننا سنحتاج إلى الكثير من التسامح.
التسامح يعني تغليب صلاح الآخر على حقوقنا. التسامح يعني أن نسمح للآخر بالدوس على بعض حقوقنا أحياناً أو تعدي بعض الحدود عسى أن يشاهد منّا ذلك العفو والصفح واللطف، فيلين قلبه ويتأثر بإيثارنا وتضحيتنا.
لا شيء يمكن أن يؤثر في النفوس البشرية مثل العفو وتجاوز الأخطاء والغض عنها.
حين يدخل الزوجان معترك الحياة الزوجية وتحدث بعض التجاوزات والتعدي أو الإهمال لبعض الحقوق ــ وهو أمر متوقع جدًّا هنا، ولو كان في عالم الوهم ــ ثم يبدأ المظلوم والمعتدَى على حقه بالمطالبة بحقه، فهذا يعني أنه قد سلك طريقًا قد يؤدي إلى تهديم بناء الزواج من أصله.
أجل إنّ الزواج ليس علاقة يمكن أن يسود فيها نظام الحقوق والواجبات إلا إذا عبق بروح المصالحة والتنازل من أجل إصلاح الشريك وتعديل سلوكه وجلب قلبه ومودته.. إن كنّا نتوقع سيادة هذا النظام المحكم دون هذه الروحية فنحن هنا أمام مؤسسة تطلب منا التعامل مع جميع شؤونها بالعقل وحده، وتنحية كل الأمور النفسية.
التوقعات العاطفية في العلاقة الزوجية خصوصًا ــ والتي هي على فكرة من الحقوق أيضًا ــ تجلب معها توقعات أخرى ترتبط بالصفح والعفو والتجاوز. فمن الطبيعي أن يتوقع الأزواج التساهل بشأن أخطائهم.
ولعله لأجل ذلك ذكر الفقهاء "العفو عن زلات الزوجة" كأحد حقوقها.
وعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: "قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع): مَا حَقُّ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا الَّذِي إِذَا فَعَلَهُ كَانَ مُحْسِنًا؟ قَالَ: يُشْبِعُهَا وَيَكْسُوهَا وَإِنْ جَهِلَتْ غَفَرَ لَهَا".[1] وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع): "كَانَتِ امْرَأَةٌ عِنْدَ أَبِي (ع) تُؤْذِيهِ فَيَغْفِرُ لَهَا".[2] وعَنْ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ: "قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع): مَا حَقُّ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا؟ قَالَ: يَسُدُّ جَوْعَتَهَا وَيَسْتُرُ عَوْرَتَهَا وَلَا يُقَبِّحُ لَهَا وَجْهًا".[3]
إذًا، تارة نتبنى منهج الحقوق والواجبات لتأسيس زواج متين فيؤدي بنا إلى خوض قسم مهم من حياتنا الزوجية في المحاكمات، ولو كانت هذه المحاكمات تجري في أذهاننا فقط.. وتارة ننهج طريق العفو والصفح لأجل الإصلاح، فيؤدي ذلك بنا إلى تحصيل أكبر قدر ممكن من الحقوق.
ليس المطلوب بالذات التنازل عن الحقوق، لأنّ هذا يمكن أن يفرغ الزواج مما فيه من متعة وبهجة؛ لكن اعتماد نهج التسامح في مثل هذا النوع من العلاقات سيتيح لنا الاستمتاع بها إلى أقصى حد ممكن.
أولئك الذين يتصورون التنازل والتسامح حرمانًا وانكسارًا، أغلب الظن أنهم لم يجربوا قوة التسامح وتأثير العفو ليس فقط في الاستمتاع بالحقوق، بل حتى في الإحاطة بالطرف الآخر والتأثير التكويني عليه.
يُحكى عن أستاذ الإمام الخميني آية الله الشاه آبادي أنّه شوهد ذات يوم يرد على طاعن له ومتهجم عليه. وقد استغرب طلابه هذا الموقف من عارفٍ كبير هو مثال أعلى في الأخلاق التي على رأسها الحلم والصفح. فقال لهم إنّني أعرض عن هذا منذ أن حصل معي ما حدث في الحمام. فقد حصل أن كان الشاه آبادي ذات يوم في الحمام العمومي وعن غير قصد أصاب شخصًا بجانبه ببعض رغوة الصابون، فبدأ ذاك الشخص بالصراخ على الشاه آبادي وإهانته وتوبيخه، وكان هذا الشخص ضابطًا كبيرًا في الجيش. اعتذر الشاه آبادي منه، لكن ما كان من ذاك الرجل إلا أن راح يتمادى أكثر فأكثر؛ فسكت الشاه آبادي، ولكن ذلك الضابط استمر بكلامه العنيف ثم خرج. وبعد عدة دقائق جاء شخص مسرعًا إلى الحمام وسأل: ماذا حدث هنا منذ قليل؟ فعلم الجميع أن ذلك الضابط وبمجرد أن وصل بيته حتى خر صريعًا وكأنه أُصيب بسكتة دماغية. هنا أدرك الشاه آبادي أن سكوته في مثل هذه الحالة قد يكون أشد على من يتعدى عليه ويسبّه.
فمحل الشاهد من هذه القصة هو أن من يعفو ويصفح يمكن أن يبلغ بذلك من القدرة بحيث يصبح صفحه انتقامًا شديدًا.
حين كنا صغارًا ويحدث أن يتشاجر الإخوة، كنّا نسرع إلى الشكاية، وكان والدانا يقومان بمعاقبة المعتدي، فنشعر بنشوة النصر. ولم نكن نتعلم في ظل هذه التربية أن نصفح ونعفو، ربما لأنّنا كنا نرى في هذه العدالة تعويضًا عن فراغٍ عاطفي أو نقص في نفوسنا. ترسخت هذه الحالة فينا وباتت الطريقة الوحيدة التي ندير بها نزاعاتنا حتى مع أقرب الناس إلينا.
[1]. الكافي، ج5، ص510.
[2]. الكافي، ج5، ص511.
[3]. الكافي، ج5، ص 511.

شركاء الحياة
شركاء الحياةالحياة سفر والسفر يحتاج إلى صحبةولا معين في الحياة كالزواجفيه تتأسس شراكة فريدة لا مثيل لهايتحد معها الزوجان في كل شيءلأجل النجاح الأكبرحيث الوصول إلى مرضاة الله ونعيمه الأبديفكيف نكون خير شركاء في أجمل رحلة الكتاب: شركاء الحياةالكاتب: السيد عباس نورالدينالطبعة الأولى، 2023بيت الكاتب للطباعة والنشر الحجم: 17*17عدد الصفحات: 346ISBN: 978-614-474-102-3 سعر الكتاب: 15$ بعد الحسم 60%: 6$ يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقع النيل والفرات https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0

الزواج في مدرسة الإيمان
ما هو الحب؟ وما هو الزواج؟ وهل الحب شرط لنجاح الزواج؟ هذا ما يجيب عنه هذا الكتاب بالإضافة إلى العديد من الأسئلة الأخرى التي تفرضها الحياة في عصر الإنترنت. فلننظر إلى الزواج قبل اشتعال نيران العشق وقبل انطفاء شعلة الحب. الزواج في مدرسة الإيمان الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب:17*17غلاف ورقي: 264 صفحةالطبعة الأولى، 2016مللحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

زوجي لا يعطيني حقوقي!
إذا كان لدى الزوج سوء إدارة مالية حيث يغرق نفسه في الديون ويشتري ما هو غير أساسي ومهم كشراء تلفاز في الوقت الذي لا يؤدي حقوق زوجته وأولاده المالية(كاحتياجات الزوجة الأساسية، دفع الأقساط، ...) بل يتكل على الزوجة مما تقدمه من مساعدات مالية ويطلب منها أن تأخذ من أهلها وتدبر أمورها، كيف عليها أن تتعامل مع هذا الأمر؟

زواجنا بين الحقوق والمودّة (للرجال فقط)
"يقول محمود: حين دخلتُ البيت وجدتُ زوجتي منشغلةً باستقبال رفيقاتها وكأنّها أمّ العروس؛ لقد كنتُ جائعًا ومتعبًا واحتجتُ إلى السكينة التي اعتادت زوجتي إلقائها عليّ بمجرّد رجوعي من العمل. لقد كان الفرح الظّاهر على زوجتي من وجود رفيقاتها أكبر ممّا يحصل لها حين تستقبلني بعد غيابي، وكأنّها كانت في أسعد لحظات حياتها! كانت تعلم أنّني أحتاجها الآن، لكنّها لم تبدِ أي إدراك لذلك، بل تابعت شؤون ضيفاتها العزيزات وكأنّ شيئًا لم يكن"
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...