
حين أحببنا وأضعنا الحب
هل كان حبّنا وهمًا؟
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب #الزواج_في_مدرسة_الإيمان
و #شركاء الحياة
كم من شخصٍ عشق حتى الثمالة ثم ذوى عشقه واختفى. يقول: "لقد أحببتها إلى درجة لم أعد أرى حبيبة غيرها في الوجود". ولكن ها هما الآن وكأنّهما لم يتعارفا يومًا! فما الذي حدث؟! هل كان هذا الحب وهمًا؟! أو أنّنا أضعناه؟ أو ماذا؟
لمّا كان الحب البشري فرصةً لاكتشاف الحب الإلهي سمّاه البعض حبًّا مجازيًّا. بالنسبة لهؤلاء قد يكون الحب البشري مجرد وهم، لكن لأنّه يمثل مقدمة مهمة وجوازًا للوصول إلى الحب الإلهي، فالأفضل أن يطلقوا عليه عنوان الحب المجازي. وبالنسبة لآخرين الحب البشري حب حقيقي لكن، حين نقارنه بالحب الإلهي يكون كالوهم. فكل صغير حين يقارَن بالكبير العظيم فإنّه يتضاءل إلى درجة الاختفاء.
الحب مهما كان هو تجربة ذوقية ترتبط بصاحبها على نحو الفرادة والتميز، حيث لا يمكن له أن ينقل تجربته هذه للآخرين عبر المفاهيم أو الكلمات مهما كان بليغًا؛ وهو شعور يسيطر على النفس يريد العاشق فيه أن يفنى في معشوقه ويحقق له ما يريد. لعل هذا هو القاسم المشترك بين الحب البشري والحب الإلهي أو حب الإنسان للإنسان وحب الإنسان لله. (نحن لا يمكن أن ندرك حقيقة وكنه حب الله للإنسان). وعند المقارنة بين الحبين قد لا يبقى للحب البشري أي طعم أو قيمة مقابل الحب الإلهي، وذلك للفارق الهائل بين درجات الشعورين.
لكن هذا الاضمحلال والتبخُّر والتصاغُر والزوال الذي يقع حين ينتقل الإنسان من الحب البشري إلى الحب الإلهي، يحدث أحيانًا بين حبين بشريين.. هل يمكن أن يكون التفاوت بين محبوبَين بشريين كبيرًا إلى هذا الحد؟
حين لا نعرف حقيقة الحب أو معناه ولا نفهم تجربته، ننزع إلى اعتباره نوعًا من التعلّق. ومع التعلق يتولد التملُّك. إذا كنّا محبوبين فهذا يعني أنّ محبوبنا هو لنا، ولا يحق له أن يخرج عن ملكيتنا أبدًا. لكنّه سرعان ما قد يتحرر من سيطرتنا؛ ويكون القلب أول من يكتشف هذه الحقيقة المرّة.
قد نكابر ولا نعترف بما يجري؛ لكن يبقى القلب صادقًا فيما اكتشف وعرف. لم نعد محبوبين رغم أنّنا ما زلنا نمتلك من يحبنا.
هنا يبدأ النزاع؛ لأنّ المكابرة التي أوجدت التنكُّر للحقيقة لا يمكن أن تدوم. قد يتحول الأمر إلى رفض وقتال حتى الرمق الأخير. نريد أن نستعيد ملكيتنا وسيطرتنا، ولا يحق لأحد أن ينتزعها منّا. وفي ظل هذا التعارك يتولد التباغض. ولأنّ البغض نقيض الحب، فإنّنا نبدأ بمقت من كان يحبنا ونحبه، لنكتشف لاحقًا أنّنا لم نكن نحبه يومًا، أو هكذا يُهيّأ لنا.
هناك من لا يمر بمثل هذه المراحل العصيبة. ربما لأنّه شخصٌ مسالم لا يحب النزاعات والمشاحنات، أو لأنّه ضعيف ويستسلم بسرعة، أو لأنه يعتقد بأنّه لا نزاع على الحب لأنّ للقلب صاحبًا آخر. وبين كل هذه التذبذبات تضيع الحقيقة ولا نستفيد من هذه التجربة!
كثيرون ينفرون من تجربة الحب لما جلبته لهم من آلام وأسقام. البعض ينسى بعد مدة مراراته، ليعيد الكرة؛ فسلطان الحب أقوى من كل شعور. بمجرد أن يطل معشوقٌ آخر حتى يجد لنفسه في القلب موقعًا رحبًا. لذلك، فإنّ الذين ينتفعون بتجارب الحب قلة نادرة.
كان من المفترض أن نتوقف عند هذه التجربة الفريدة، ونعاينها ونستخرج منها العبر والدروس، لأنّها تجربة ربانية، أراد الله تعالى للإنسان أن يعيشها عسى أن يكتشف شيئًا عظيمًا في هذا الوجود.
كل هذا الحب المنتشر في العالم ليس عبثًا، ولم يكن نتاج أخطاء في هندسة الخلقة وتنفيذها! إنّه يحكي عن انجذاب الإنسان إلى الكمال المطلق الذي أودعه الله تعالى في كل إنسان، إن لم نقل في كل مخلوق. وفي ظل هذه الجاذبة القوية، من الطبيعي أن يتنقل بعض العشاق من كامل إلى أكمل.
ما كان للحب الأول أن يذوي ويزول لو أنّنا فهمنا سرّه منذ البداية. ربما ما كان ليحصل من الأساس لو كنّا نفهم ونعلم. لكن لو كان حبًّا حقيقيًّا لكان من اللازم أن يحول بيننا وبين تجرع تلك المرارات والآلام المبرحة، مع ما صاحبها من شجارات أنهكت الروح والقلب.
صحيحٌ أنّ العديد من الشجارات هي حوارات صاخبة خارجة عن حدود الأدب، لكن إن لم يكن حوارنا مبنيًّا على أصول معرفية صحيحة، فإنّنا لن نصل إلى شيء حتى لو كنّا كالملائكة في السكينة والهدوء والتوازن. نحتاج إلى أن نعرف حقيقة ما جرى. ويا ليتنا كنا نعرف قبل أن يجري!
على كل إنسان وقبل أن يخفق قلبه لأحد أن يتعرف إلى هذه الظاهرة الملفتة في الحياة البشرية.. إن كنّا نعلم بأنّ قلوبنا ستنجذب إلى الكامل أو الكمال في المحبوب، فسوف نقدّر هذا الحب ونصونه من أن يقع ضحية الجهالة.
إن كنّا واعين لما يمكن أن يحصل معنا حين نقابل من يتمتع بالكمال، فلن نسمح للرغبات والحاجات الجنسية وغيرها أن تنقض على هذا الحب وتعمي أبصارنا عن معرفة حقيقته. أحببنا هذا الشخص لأنّه يذكّرنا بالكمال المطلق الذي تصبو فطرتنا إليه من أعماق النفس، لكن حاجتنا إلى الشريك أو الصاحب أو الحنان أو المواسي أو المسكّن طغت على هذا الحب فامتزج بالتملك والتعلق. وحين تمتزج المشاعر وتتداخل لا يمكن تمييزها وفصلها عن بعضها بسهولة.
الطريقة الوحيدة لكي نصون الحب من أن يزول هو أن نعترف منذ البداية باحتياجاتنا النفسية والعاطفية والجسدية؛ ثمّ نحدد هذا الاحتياج أو ذاك، ونضعه أمام المحبوب نفسه ليتصرف به كما يحب ويرضى.
إن كنّا نشعر بالحاجة الماسة إلى التعويض عن فقدان عاطفة الأم أو الأب، يجب أن نعلن عن ذلك لأنفسنا وهذا هو الأهم، ولمن نحب لكيلا يختلط عليه الأمر. وإن كنّا نشعر بالحاجة إلى المواسي الذي يحزن لحزننا ويفرح لفرحنا، يجب أن نعترف بهذا الاحتياج قبل انبعاث الانجذاب. أمّا حاجاتنا الجسدية فهي معروفة منذ البلوغ، وتحدثنا عن نفسها بعشرات الطرق. ويُقال بأن الحب الذي ينطفئ بعد هذا النوع من الوصال ليس بحب، بل هو حبٌّ للنفس التي انحصرت في إطار الجسد.
إصرارنا على إخفاء حاجاتنا أو التنكر لها يصعّب مهمة الحب ويعقّد تجربته. ما علينا سوى أن نفصل بينهما حتى نكتشف إن كان ما نشعر به هو حب، أو وهمٌ تنكّر بقناع الحب؛ ذلك لأنّ الحب الحقيقي لا يمكن أن يتحول إلى بغض. قد نحب شخصًا ثم يرفضنا ويطردنا من حياته، ولو كان ذلك بعد الزواج والعشرة. ورغم الخسارة الكبرى التي نشعر بها، نبقى نتعجب لماذا بقي هذا الحب في القلب! هذا هو الحب الحقيقي الذي لا يزول أبدًا.
يريد بغضه أو نفوره أن نعتقد بأنّ حبنا له لم يكن حقيقيًّا، لكن هذه المحاولات الشريرة لا تنجح في إقناعنا بذلك، فالمشاعر تبقى مهيمنة على الأفكار.
قد يخسر محبوبنا السابق حبّنا له لأنّه وقع أسير الأوهام، لكن يستحيل أن نخسر هذا الحب له بعد أن ميزنا وعرفنا الحقيقة، ولو بعد آلاف السنين. سنبقى نتذكر حبّه كلما ذكرناه أو ذُكر عندنا، رغم كل ما عانيناه من نفوره وطرده وإبعاده.
هذا هو الشيء الذي ليس شيء أعجب منه في الحب. حب من يبغضنا أو ينكّل بنا أو يعاقبنا. فذاك المحبوب ربما احتجب قلبه عن حقيقة حبنا له، لكنّنا قد تمكنا من تجاوز الحجاب حين عرفنا الفارق الجوهري بين الحب والاحتياج.
"وإن أدخلتني النار أعلمتُ أهلها أنّي أُحبّك".[1]
[1]. المناجاة الشعبانية.

الزواج في مدرسة الإيمان
ما هو الحب؟ وما هو الزواج؟ وهل الحب شرط لنجاح الزواج؟ هذا ما يجيب عنه هذا الكتاب بالإضافة إلى العديد من الأسئلة الأخرى التي تفرضها الحياة في عصر الإنترنت. فلننظر إلى الزواج قبل اشتعال نيران العشق وقبل انطفاء شعلة الحب. الزواج في مدرسة الإيمان الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب:17*17غلاف ورقي: 264 صفحةالطبعة الأولى، 2016مللحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

شركاء الحياة
شركاء الحياةالحياة سفر والسفر يحتاج إلى صحبةولا معين في الحياة كالزواجفيه تتأسس شراكة فريدة لا مثيل لهايتحد معها الزوجان في كل شيءلأجل النجاح الأكبرحيث الوصول إلى مرضاة الله ونعيمه الأبديفكيف نكون خير شركاء في أجمل رحلة الكتاب: شركاء الحياةالكاتب: السيد عباس نورالدينالطبعة الأولى، 2023بيت الكاتب للطباعة والنشر الحجم: 17*17عدد الصفحات: 346ISBN: 978-614-474-102-3 سعر الكتاب: 15$ بعد الحسم 60%: 6$ يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقع النيل والفرات https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0

كيف أعرف أنّ حبي لها حقيقي؟
يقول الحديث الشريف: "أن أردت أن تعلم ما في قلب اخيك، فانظر إلى ما في قلبك"، انا ادعي حب الفتاة التي أريد الزواج منها لكن هي لا تفصح عن ذلك، حتى لا أقول انها لا تحبني.فهل أن حبي لها، مؤقت وليس حقيقيا؟ فكيف اعرف ذلك، مع العلم أن حبي لها أخرجني من نفسي؟

هل أعرف مقدار حب الشخص لي من حبي له؟
الإنسان ينظر إلى قلبه ليعلم إذا كان الآخر يحبه، فهل هذا يعني اني اعرف مقدار حب الشخص الي من مقدار حبي له؟

التجربة تبين أن الإيمان والتوافق لا يولد الحب، فما الحل؟
المؤمن عندما يقدم على الزواج فإن خياره يكون وفق معايير ايمانية، ولكن بالتجربة قد تبين أنّ الايمان والتوافق بين الزوجين قد لا يولد حبًا متبادلًا، وفي هذه الحالة قد يكون الحب من طرف واحد، أو جفاف عاطفي من الطرفين.السؤال: كيف يمكن العلاج في مثل هذه الحالة، بأن يدرك أحد الزوجين او كلاهما أن حياته الزوجية مستقرة وناجحة لكن ينقصها الحب، سواء كان الجفاف العاطفي من الطرفين ام كان الطرف الآخر يحبه ويغدق عليه بالعطف والحنان والود، الا انه لا يتأثر بهذه المشاعر بل قد ينزعج منها احيانا؟

ما بعد الرومانسية! ما الذي يعنيه الفناء في المحبوب
في الأنس بين الرجل والمرأة سر كبير تجتمع فيه الطمأنينة والسكينة والبهجة واللذة العارمة التي توصل كل واحد منهما إلى الحالة التي ينسيان معها العالم وما فيه. هنا يتوقف الزمن، ولا يبقى سوى المعشوق. هل يمكن الحفاظ على هذا الأنس والبهجة اللذان لا مثيل لهما

عن محنة الحب الحتمية
نسأل مرة أخرى: لماذا يعاني أكثر العشاق أو كلهم؟ هل لا بد من معاناة في الحب، أو يمكن بسهولة تجنُّب محنة الحب هذه إن عرفنا السبيل؟

عن الحب الذي تقتله الأفكار.. كيف تقضي بعض التصورات الدينية على الحب
الحديث عن الحب هو الذي يوقظ فطرة التديُّن والانجذاب إلى الدين حتى في أسوأ الظروف والمجتمعات. وحين يكون الناس في غفلةٍ عن الدين الحق، فليس من شيء يمكن أن يُخرجهم من هذه الغفلة مثل الحديث عن أشد ما يلامس نفوسهم ويطرق قلوبهم، وهو الحب.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...