
عن الحب الذي تقتله الأفكار
كيف تقضي بعض التصورات الدينية على الحب
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب الزواج في مدرسة الإيمان
وكتاب شركاء الحياة
في أعماقنا توقٌ شديد للحب، رغم أنّنا لا نعرف عن حقيقته شيئًا. يظن العشاق أنّهم عرفوا الحب، لكنّهم سرعان ما يكتشفون أنّه أعمق بكثير من أن يُدرك. وسيبقى الحب مجهول الكنه، لأنّه ينبع من جوهرٍ لا يمكن أن نبلغه أبدًا.
رغم أنّ الحب يلامس النفس إلى حد الشغاف، بل يمتزج بها ويتحد، لكنّه يبقى أغرب وأبعد حقيقة يمكن لأي إنسان أن يصل إليها.
الحب سرٌّ مكنون، وفي الوقت نفسه فهو سارٍ في كل شيء، ولولاه لما وُجد أي شيء. بالحب خلق الله العالم، حين قال: "أحببت أن أُعرف".
نريد الحب بشدة، لكنّنا نجد أنفسنا عاجزة عن الحصول عليه. نبقى نطارده طوال حياتنا، رغم أنّنا قد نيأس من الإمساك به؛ لأنّ مطاردته هي التي تجعلنا نشعر بالحياة.
لكن حين يكون الأمل بالوصول إليه موجودًا، فهذا يعني أنّنا ما زلنا أحياء. وحين نفقد هذا الأمل، فلن نشعر بأي طعم لهذه الحياة.
نتلمّسه منذ أول لحظات حياتنا في حنان الأم وعطف الأب وفي كل من يرانا جزءًا جميلًا منه ومن حياته. نكتشف كم هو جميلٌ وعذب، فنطلب المزيد منه. نلاحقه هنا وهناك، ثم قد يأتي من يجعلنا نيأس من إدراكه. وعندها قد نفقد المغزى من الحياة كبشر، فنصبح مخلوقات أخرى: {قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَديدًا * أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ في صُدُورِكُمْ}.[1]
هناك عدة عوامل تجعلنا نيأس من إدراك الحب: منها القسوة والجفاء الذي قد أحاط بنا منذ نعومة أظافرنا. ومنها خيانة الأحباب وتركهم لنا في أشد لحظات الحاجة إليهم.. أحباب؟! ربما.. أو هكذا كنا نعتقد يومًا، فكانت الخيانة كارثة علينا.
ومن الأمور التي تجعلنا نُعرض عن الحب أو نكفر به هي تلك الأفكار المقدسة عندنا، والتي تجعلنا نستخف بأقدس ما في الوجود؛ أفكار لم ندرِ أنّها تريدنا أن نعيش عكس ما نحن عليه في الحقيقة.
فلنتحدث عن هذه الأفكار قليلًا.
إذا كنا قد نشأنا في بيئةٍ متدينة، فعلى الأغلب أنّنا كنا نسمع دائمًا أنّ الحب خارج إطار الزواج حرام؛ وهذا يعني أنّ الحب والجنس أمرٌ واحد. ولكيلا ننخرط في علاقة الإثم والخطيئة، وهي علاقة خطرة ومدمرة، فإنّ بعض الذين نصّبوا أنفسهم أوصياء علينا، يرون أنّ الأفضل لنا والمصلحة ألّا نسمع عن الحب سوى الجنس والشهوة. كلُّ حب عند هؤلاء يكون في ذلك التواصل الجسدي الذي يُفترض أن يكون حلالًا. الحديث عن الحب بغير هذه الصورة، سيجعلنا نستهين بخطورة التواصل مع الجنس الآخر، وبالتالي نكون قد وقعنا في شباك المعصية والإثم وإن لم نقصد.
بالنسبة لهؤلاء، طالما أنّ الحب لا يكون إلا بين الجنسين، وطالما أنّ الحب هو الجنس، فلا ينبغي الحديث عنه أكثر من ذلك؛ لأنّ هذا الحديث يجرّئ الناس على الانفتاح والتفلُّت من العقود والقيود. يدرس هؤلاء في معاهدهم أنّ تجارب الحب الروحاني انتهت دومًا بخرق الحدود. لذلك ومن باب الوصاية علينا، يجب عليهم تحذيرنا من الحب والتأكيد على أنّه تجربة لا تحصل إلا بعد الزواج. وإذا حصل قبله، فعلى الإنسان أن يتعوذ ويستعيذ ويحتاط ويجتنب، لأنّه صار قاب قوسين من الإثم المبين.
تراهم في أفكارهم يعتقدون أنّ الحب الروحاني العفيف ممكن، لكن أنّى للعوام أن يفهموا منه شيئًا؟! حمايةً لهم يجب تجنيبهم سماع أي شيء عن هذا الحب.
ومع احترامنا وتقديرنا لهذه الوصاية الأبوية، لكن ينبغي أن نقول لهؤلاء إنّ اجتنابكم للحديث عن الحب الحقيقي وحقيقة الحب وموقعه في الوجود والدين هو الذي أفقدكم كل جاذبية وتأثير.
فإذا كنتم حرّاس الدين كما ترون، وكان الدين ـ كما قال إمامنا المعصوم عليه السلام ـ ليس سوى الحب، فما هي البضاعة التي يمكنكم عرضها على الناس سوى الحب؟!
إذا كنتم حرّاس الدين ورُعاته فعليكم أن تزرعوا بذور الحب في النفوس حتى تنمو أشجاره في القلوب فتُثمر دينًا وتدينًا.
إذا كان هناك مبدأٌ ديني يمكن لأي إنسان مهما كان مستواه ووعيه أن يفهمه ويتفاعل معه فهو الحب؛ لأنّ الدين هو فطرة الله التي فطر الناس جميعًا عليها، والحب هو هذه الفطرة المغروزة في أصل خلقة كل كائن.
الحديث عن الحب هو الذي يوقظ فطرة التديُّن والانجذاب إلى الدين حتى في أسوأ الظروف والمجتمعات. وحين يكون الناس في غفلةٍ عن الدين الحق، فليس من شيء يمكن أن يُخرجهم من هذه الغفلة مثل الحديث عن أشد ما يلامس نفوسهم ويطرق قلوبهم، وهو الحب.
حين يبتعد حرّاس الدين عن الحديث عن الحب، فإنّهم بذلك يفسحون المجال لغيرهم بالحديث عنه؛ لأنّ الحديث عن الحب هو حديث الجميع، ولا يمكن لأحد أن يُسكته. ما يفعله هؤلاء ليس سوى إغلاق باب الله لينفتح باب الشيطان.
حين لا يكون للحق صولته في ميادين الحب، فسوف يكون للباطل جولته. سيبقى الحب الشغل الشاغل للجميع. ولا بد من بلوغ أعالي قممه لكل من يريد أن يتفوق ويغلب.
من لم يتفوق في حديث الحب ومنطقه، فلن يتفوق في أي فكر أو علم أو حديث، وذلك مهما كان بحوزته من الحق أو الحقائق. فكل حقيقة لا تنبع من الحب ولا توصل إليه ستكون بعيدة عن القلوب. وحين لا تختبر القلوب الحقائق، فلن يكون هناك مجالٌ للإيمان. والإيمان هو ثمرة الدين التي يُفتخر بها.
التسابق الواقعي في العالم، ليس نحو السلاح والقدرة والسلطة والمال والفكر، بل نحو حيازة القلوب والسيطرة عليها. وحده الحب هو الذي يُعطينا الأسبقية.
قد تكون صاحب أجمل الأفكار وتمتلك أرقى الحقائق، لكن يأتي من يتفوق عليك بسهولة لأنّه يحتكر الحديث عن الحب ويتفرد به.
بدل أن نسد طريق الحب خوفًا على الناس من الإثم، فلنمشِ معهم رويدًا، ونرتقي معهم حتى يصلوا إلى ذلك الحب الحقيقي الذي كان سر الخلق وهدف الرسالة: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُوني يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}.[2]
فهل بُعث الرسل إلا للاتّباع؟ وما فائدة الرسالة إن لم تصنع الأتباع؟
إن كنّا نخاف على الناس أن ينحرفوا بسبب تجربة الحب الخاطئ، فعلينا أن نخاف عليهم أضعاف ذلك بسبب عدم الحب. قد يأثم طالب الحب حين لا يصفيه من الشهوات، لكن الذي لا يحب سيكون ميّت الأحياء. وهل جاء الدين إلا ليصنع الأحياء: {يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اسْتَجيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْييكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}.[3]
الله يحب التوابين، ولو لم يذنبوا لما تابوا. لكنّ الله لم يخلق الناس حتى يكونوا أمواتًا. فمع بقاء شعلة الحب يبقى نبض الحياة، وتبقى معه الفرصة للوصول إلى الحياة. وحتى لو أحب الإنسان حجرًا، فهو أرجى من ذاك الذي صار قلبه حجرًا، لأنّ القلب المتحجر أشد من الحجارة التي منها ما يشقق فيخرج منه الماء، ومنها ما يهبط من خشية الله.
[1]. سورة الإسراء، الآيات 50-51.
[2]. سورة آل عمران، الآية 31.
[3]. سورة الأنفال، الآية 24.

شركاء الحياة
شركاء الحياةالحياة سفر والسفر يحتاج إلى صحبةولا معين في الحياة كالزواجفيه تتأسس شراكة فريدة لا مثيل لهايتحد معها الزوجان في كل شيءلأجل النجاح الأكبرحيث الوصول إلى مرضاة الله ونعيمه الأبديفكيف نكون خير شركاء في أجمل رحلة الكتاب: شركاء الحياةالكاتب: السيد عباس نورالدينالطبعة الأولى، 2023بيت الكاتب للطباعة والنشر الحجم: 17*17عدد الصفحات: 346ISBN: 978-614-474-102-3 سعر الكتاب: 15$ بعد الحسم 60%: 6$ يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقع النيل والفرات https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0

الزواج في مدرسة الإيمان
ما هو الحب؟ وما هو الزواج؟ وهل الحب شرط لنجاح الزواج؟ هذا ما يجيب عنه هذا الكتاب بالإضافة إلى العديد من الأسئلة الأخرى التي تفرضها الحياة في عصر الإنترنت. فلننظر إلى الزواج قبل اشتعال نيران العشق وقبل انطفاء شعلة الحب. الزواج في مدرسة الإيمان الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب:17*17غلاف ورقي: 264 صفحةالطبعة الأولى، 2016مللحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

كيف نفسر الحب من طرف واحد؟
في الحديث أنّ رَجُلًا يَسْأَلُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) فَقَالَ: "الرَّجُلُ يَقُولُ أَوَدُّكَ، فَكَيْفَ أَعْلَمُ أَنَّهُ يَوَدُّنِي؟ فَقَالَ: امْتَحِنْ قَلْبَكَ فَإِنْ كُنْتَ تَوَدُّهُ فَإِنَّهُ يَوَدُّكَ". ولكن كيف نفسر الحب من طرف واحد؟

التجربة تبين أن الإيمان والتوافق لا يولد الحب، فما الحل؟
المؤمن عندما يقدم على الزواج فإن خياره يكون وفق معايير ايمانية، ولكن بالتجربة قد تبين أنّ الايمان والتوافق بين الزوجين قد لا يولد حبًا متبادلًا، وفي هذه الحالة قد يكون الحب من طرف واحد، أو جفاف عاطفي من الطرفين.السؤال: كيف يمكن العلاج في مثل هذه الحالة، بأن يدرك أحد الزوجين او كلاهما أن حياته الزوجية مستقرة وناجحة لكن ينقصها الحب، سواء كان الجفاف العاطفي من الطرفين ام كان الطرف الآخر يحبه ويغدق عليه بالعطف والحنان والود، الا انه لا يتأثر بهذه المشاعر بل قد ينزعج منها احيانا؟

إلى أين يذهب الحب حين يموت؟
إلى أين يذهب الحبّ حين يموت؟ أظنّ أنّه سؤالٌ مشروعٌ خاصّة بالنسبة لنا نحن الذين نؤمن بالحياة بعد الموت وبالجنّة والنار. لكن هل أنّ الحبّ كائنٌ حي حتى نتساءل عن مصيرٍ غير عدميّ له؟

ما بعد الرومانسية! ما الذي يعنيه الفناء في المحبوب
في الأنس بين الرجل والمرأة سر كبير تجتمع فيه الطمأنينة والسكينة والبهجة واللذة العارمة التي توصل كل واحد منهما إلى الحالة التي ينسيان معها العالم وما فيه. هنا يتوقف الزمن، ولا يبقى سوى المعشوق. هل يمكن الحفاظ على هذا الأنس والبهجة اللذان لا مثيل لهما

حين يحدّد الحبّ حقيقتنا
لا شيء يحرّر الإنسان مثل الحقيقة. لكن جميع حقائق العالم لا قيمة لها إن لم يعرف المرء حقيقة نفسه. وإنّما يبتعد الإنسان عن هذه الحقيقة حين يغفل عن نفسه.. لهذا قيل أنّ اليقظة والانتباه هما مفتاح معرفة النفس.

عن الحب الثلاثي والرباعي.. ما هي الحقيقة الخافية؟
تحفل أدبيات العصر بالرومانسية. حتى روايات الإثارة والعنف وأفلامها يجب أن تتمحور حول قصة حب. اكتشف صانعو المحتوى في العصر الحديث موقعية الحب في الحياة البشرية أكثر من أي وقت مضى.. أفلام الحركة والإثارة لا تترك أي أثر في النفس إذا خلت من قصة حب.

عن محنة الحب الحتمية
نسأل مرة أخرى: لماذا يعاني أكثر العشاق أو كلهم؟ هل لا بد من معاناة في الحب، أو يمكن بسهولة تجنُّب محنة الحب هذه إن عرفنا السبيل؟

لماذا يموت الحب في الشيخوخة؟
يقترن الحب في أذهاننا بالشباب والنضارة، ونستبعد أن يتمكن المسنون من الحب، بل إننا قد نشمئز ونستهجن اهتمامهم وإقبالهم على الحب إن فعلوا. هل لأنّ الحب في نظرنا عبارة عن أمواج الصحة وذبذبات الشهوة؟

الحب في زمن المراهقة
من الأفضل أن نقول: كيف يؤدّي الحب في المرحلة العمرية الشبابية الأولى إلى المراهقة، أي إلى إرهاق الشباب بمتاعب وأعباء تفوق قدراتهم في العادة؟بالنسبة لنا كأهل وأولياء أمور إنّ همّنا الأكبر هو تجنيب أبنائنا هذا النوع من الإرهاق الذي يؤثّر سلبًا على الكثير من أنشطتهم التكاملية كالدراسة والعبادة واكتساب المهارات وغيرها. ولكن ما ينبغي الالتفات إليه هو أنّ تصعيد الاحتكاك السلبي بيننا وبين أبنائنا بخصوص هذه القضية لا يُنتج شيئًا مفيدًا.

حول لعنة الحب في سنّ المراهقة... كيف نتعامل مع هذه التجربة الحسّاسة؟
للحب روعته ولذّته التي لا تضاهيها لذّة؛ فهو أجمل ما يمكن أن يحدث للإنسان في هذه الحياة. بل إنّ الحياة بدون حبّ لا تساوي شيئًا. ولو قيل أنّ الله خلقنا للحب، لما كان في هذا الكلام أي مبالغة! ولكن لماذا نجد الكثير من البشر يعانون في الحب؟ وكيف يمكن أن نجنّب أبناءنا تجربة الحبّ المرّة في سنّ المراهقة؟

لماذا يحب أن نتدرّج في الحب؟
ما هي الحقيقة التي تختفي وراء هذه النصيحة ؟هل شعرت أنها اتّضحت من وراء كلام السيد عباس نورالدين؟

كيف نصل إلى الحب الحقيقي؟
ما هي المقدمات للوصول إلى الحب الحقيقي؟ ثلاث خطوات يشرحها السيد عباس نورالدين
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...
مجالات وأبواب
نحن في خدمتك

دورة في الكتابة الإبداعية
الكتابة فن، وأنت المبدع القادم دورة مؤلفة من عدة فصول نواكبك حتى تنتج روايتك الأولى