
حين يحدّد الحبّ حقيقتنا
السيد عباس نورالدين
لا شيء يحرّر الإنسان مثل الحقيقة. لكن جميع حقائق العالم لا قيمة لها إن لم يعرف المرء حقيقة نفسه. وإنّما يبتعد الإنسان عن هذه الحقيقة حين يغفل عن نفسه.. لهذا قيل أنّ اليقظة والانتباه هما مفتاح معرفة النفس.
لكي نستيقظ، قد نحتاج إلى تصوّر الاحتمالات التي يمكن أن نكون عليها، وتصوّر ما يمكن أن ينجم عن ذلك في النهاية. ولهذا، كان الاعتقاد بالمصير الأبدي والتوجّه إليه واستحضاره عنصر اليقظة الأوّل.
إن لم يكن لنفوسنا من غاية تبلغها، فلا أهمية لمعرفة حقيقتها وما هي عليه.. فما نفع أن نعرف شيئًا يزول ويفنى عمّا قريب؟! ولهذا، اقترنت الغفلة عن الذات بالعبثية والإباحية دومًا.
إنّ إدراكنا لما يمكن أن نصير إليه في النهاية، يضعنا أمام مجموعة واسعة من الاحتمالات المهمة التي تدفعنا نحو التوغّل في أعماق النفس، تحرّقًا لمعرفة ما سنؤول إليه. وحينها، ينبعث الهاجس الكبير لمعرفة أنفسنا حقًّا. وسوف يتساءل المرء إن كان اليوم هو نفسه ما سيكون عليه في الغد والمصير.
والعنصر الأوّل في تحديد ذلك يكمن في الحبّ أو فيما نحب. فالحبّ هو المركب الذي يسير بنا إلى الغاية؛ وفيه يكون المحبوب هو تلك الغاية حقًّا.. وقد ذُكر في أحاديث أهل الحكمة والعرفان أنّ المرء لو أحبّ حجرًا لحشر معه.[1] والمرء مع من أحبّ يوم القيامة.
أكثر الحب المنتشر بين البشر يرجع إلى حبّ النفس؛ ولهذا، فإنّهم يدورون في دوامة لا تنتهي إلّا أن يخرجوا من أنانيتهم. وصحيح أنّ حب النفس لا بد أن يتمثّل بشيء ما، لأنّ النفس بما هي هي ليست بشيء حتى تكون متعلّق القلب ومورد الحب. ولكن أكثر الأشياء التي تتعلّق بها النفوس لن يكون لها موقع في نهاية السفر. فإن كنت تشعر من حين إلى آخر بفراغ كبير في نفسك وكأنّ باطنك قعر لا قرار له، فهذا لأنّ قلبك قد تعلّق بالزائل الفاني. وكل زائل هو في الحال لا شيء، وإن كنت تراه غير ذلك.
إنّ الكثير من محبوبات هذا العالم لا تزيد قلوبنا إلّا فراغًا وهي الأفئدة التي قال الله تعالى عنها {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواء}.[2] فما هو الكمال الذي يمثّله هذا المحبوب في الحقيقة؟ وهل هو مجرد ظاهر جميل لشيء فارغ أو قبيح؟
أجل، هناك حبّ يسمو بالإنسان ويرتقي به من حب النفس، ويخرجه من ذاته، ويعتقه من أنانيته؛ وهو الحبّ الذي يتعلّق بمحبوب بلغ من الكمال ما لا يوجد له أيّ تجسد أو مثيل في كل العوالم السافلة والمتوسطة (التي لا تكون غاية السفر ونهاية السير).. وهذا المحبوب هو الذي أشير إليه كهدف أعلى وغاية قصوى ومقرّ أبدي، كما في قوله تعالى {يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّة * ارْجِعي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّة * فَادْخُلي في عِبادي * وَادْخُلي جَنَّتي}..[3] فهؤلاء العباد الذين نسبهم الله إلى نفسه هم المثوى والمرجع الأعلى لسفر النفس المطمئنة، لأنّ كمالاتهم ليست من كمالات العوالم الزائلة.
بدون حبّ لا يوجد سير ولا صيرورة. وخير للمرء في مثل هذه الحالة أن يكون حجرًا أو حديدًا.
حين نحبّ، فهذا يعني أنّنا أصبحنا بشرًا مستعدّين لنتجوهر ولنتصوّر بالصور المناسبة التي تشاكل المحبوب. وهذا يعني أنّنا بدأنا مسيرة التحوّل ودخلنا في قافلة السائرين. وعلينا بعد ذلك أن نحدّد هدف سيرنا وسلوكنا، فنختار المحبوب الذي يحسن أن نكون على شاكلته في نهاية المطاف.
فبالإضافة إلى التأكّد من أنّنا نحبّ ونعشق (أي نسير ونتحرّك)، ينبغي أن نتأكّد من ماهية المحبوب الذي تعلّقت قلوبنا به. فلا أحد يتمنى أن يحشر بصورة حطب أو حصب جهنم أو وقودها وحجارتها. لكن الكثير من الناس سيكونون كذلك؛ وليس بعيدًا أن نكون منهم. فالغفلة عن هذا الأمر المهم غالبًا ما تؤدي إلى مثل هذه العواقب الوخيمة.
إن كنت تحب عباد الله، الذين يحقّ لك نسبتهم إليه، فأبشر؛ لأّن قلبك قد تعلّق بالمحل الأعلى. وما عليك بعدها إلّا أن تحافظ على هذا الحب وتصونه، إن أردت حسن العاقبة، وأن تزيد من لهيبه إن كنت تحب اللحاق سريعًا.
والحب، بمقدار ما هو أمر حضوري يسهل إدراكه، فهو محفوف بآلاف الأمور التي يمكن أن تظهره بغير حقيقته. وكلّما كنت إلى أفق الحب أقرب، كان إدراك حقيقة الحبّ والمحبوب عليك أسهل وأيسر. ومعنى ذلك أن تكون ممن يأنس بالحب ويعلي شأنه، ويعتمد عليه، ويفتخر به، فلا يرى لأيّ شيء آخر عليه فضلًا مهما كان أمرًا حسنًا أو عظيمًا.
المحب لا يعتد بشيء مقابل الحب مهما بلغ هذا الشيء. لأنّ الحب هو أروع وأصفى عطايا الله تعالى ومننه، وهو أظهر ما في العنايات الإلهية من حيث حضور الله. ولهذا يقال أنّ الله إذا أراد بعبد خيرًا وأحبّ أن يجعله من أهل السابقة الحسنى الذين قال عنهم في كتابه المجيد {إِنَّ الَّذينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى}،[4] فإنّه يلقي في قلبه الحبّ أولًا، ثم يجعل أعماله وقرباته تجلّيات حبّه.
تصوّر المشهد من جانب الربّ المتعال؛ فلو كان الله القادر المتعال يريد بعبد من عباده خيرًا وتفضيلًا وإكرامًا فلماذا لا يسهّل عليه سبل الوصول إليه؛ وهل هناك ما هو أسهل من جذبه إلى مقام قربه؟!
فعظماء العالم من أهل الله وأوليائه هم المجذوبون الذين سلكوا بالحب طرق الرب وكان العشق وقود مراكبهم، فقطعوا أودية السير والوصال وهم مع الله تعالى.
والخبر المفرح هو أنّنا جميعًا في معرض هذه الجاذبة الإلهية؛ وما علينا إلّا أن نزيل عن قلوبنا كل ما يمنع وصول هذه الجاذبة. وحين نعجز عن ذلك، علينا أن نبكي ونتضرع بين يدي الله، معترفين بعجزنا هذا؛ لأنّ إدراك العجز كما قيل نار تحرق كل أكوام التعلقات بما سوى المحبوب الأوحد.
[1]. "يَا عَلِيُّ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَحَبَ فِي اللَّهِ حَجَرًا لَحَشَرَهُ اللَّهُ مَعَه". [بحار الأنوار، ج36، ص 335]
[2]. سورة إبراهيم، الآية 43.
[3]. سورة الفجر، الآيات 27 - 30.
[4]. سورة الأنبياء، الآية 101.

سفر إلى الملكوت
المبادئ الأساسيّة لبناء حياة معنويّة رائعة.كتاب يتحدّى تفكيرنا ويحثّنا على إعادة النظر بما كنا نعتبره من المسلّمات أو الأمور التي لا تحتاج إلى تعمّق وتدبّر. سفر إلى الملكوت الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 406 صفحاتالطبعة الرابعة، 2017مالسعر: 10$ تعرّف أكثر إلى الكتاب من خلال الكاتب يمكنكم شراء الكتاب عبر موقع جملون على الرابط التالي:

عشر قواعد لحياة روحية عظيمة
عشر قواعد أساسيّة تدلّنا على كيفية الوصول إلى حياة روحانية صاخبة فوّارة طيّبة مفعمة بالنشاط والاندفاع. 10 قواعد لحياة روحية عظيمة الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 160 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 7.5$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

كيف أصبح مخلصًا؟
لو تأمّلت في نفسك وفي حياة غيرك لعلمت أنّ كلّ إنسان يريد الوصول إلى غايةٍ ما ويسعى نحوها؛ والخيار المطروح أمامنا هو في تحديد طريق السفر وغايته وسرعة السير والترحال. على صفحات هذا الكتاب سنحدثك عن رحلة هي أجمل وأعظم رحلة يمكن أن تقوم بها في حياتك؛ إنّها رحلة تعبر بك كل المحطات الجميلة التي تملأ حياتك سرورًا وحبورًا؛ إنّها الرحلة التي تفسّر لك كل شيء، فتجعل كلّ شيء واضحًا ساطعًا؛ إنّها رحلة الإخلاص. كيف أصبح مخلصًا؟ الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 152 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

معراج السالكين
كتاب في السير والسلوك والتوحيد والمعارف العقائدية ومنهج محكم في تهذيب النفوس وباب مهم للدخول إلى عالم العرفان الأصيل يتضمن من المعارف ما يضفي عليه صفة الموسوعية رغم صغر حجمه. يمثل منهاجًا دراسيًّا يكاد يصل إلى حد الاكتفاء الذاتي. فإذا فُهم جيّدًا يصنع الشخصية الإسلامية الواعية العميقة والشاملة الوثيقة.. إنّه باختصار لب مدرسة الإمام وروح نهجه الذي نبحث عنه في عشرات الكتب الأخرى. معراج السالكين الكاتب: الإمام الخميني إعداد: مركز باء للدراسات حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي وكرتوني: 400 صفحة الطبعة الأولى، 2009مالسعر (للغلاف الورقي): 8$السعر (للغلاف الكرتوني): 9$

الزواج في مدرسة الإيمان
ما هو الحب؟ وما هو الزواج؟ وهل الحب شرط لنجاح الزواج؟ هذا ما يجيب عنه هذا الكتاب بالإضافة إلى العديد من الأسئلة الأخرى التي تفرضها الحياة في عصر الإنترنت. فلننظر إلى الزواج قبل اشتعال نيران العشق وقبل انطفاء شعلة الحب. الزواج في مدرسة الإيمان الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب:17*17غلاف ورقي: 264 صفحةالطبعة الأولى، 2016مللحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

١٠. كيف توصلنا محبّة أهل البيت(ع) إلى حبّ الله؟(2)
أجل، يمكن لكل واحد منّا أن يوجد محبة أولياء الله في قلبه، فيصل إلى أعلى درجات الكمال!

٩.كيف توصلنا محبّة أهل البيت(ع) إلى حبّ الله؟ (1)
إذا تحقق حب الله يصل الإنسان إلى كماله. وإذا وجد القلب حب أولياء الله يصل إلى حب الله!

نشر وترسيخ المعنويات في المجتمع... خطوات ذكية وحلول استراتيجية
تُعدّ الصلاة روح العبادة ومركز ثقل المعنويّات في دين الإسلام وبرنامجه؛ ذلك لأنّها الوسيلة الأولى للارتباط بمنبع الروحانية والاتّصال بجوهرها ومعدنها. فالصلاة في الإسلام هي تلك الحركة الواعية التي تنطلق من إدراكنا لحقيقة الألوهية في هذا العالم وطبيعة حضورها في حياتنا وفي تحديد مصيرنا. ولهذا، فإنّ أي سعي لأجل نشر المعنويات القوية وترسيخ الروحانية العميقة في المجتمع ينبغي أن يتمحور حول الصلاة.

حول لعنة الحب في سنّ المراهقة... كيف نتعامل مع هذه التجربة الحسّاسة؟
للحب روعته ولذّته التي لا تضاهيها لذّة؛ فهو أجمل ما يمكن أن يحدث للإنسان في هذه الحياة. بل إنّ الحياة بدون حبّ لا تساوي شيئًا. ولو قيل أنّ الله خلقنا للحب، لما كان في هذا الكلام أي مبالغة! ولكن لماذا نجد الكثير من البشر يعانون في الحب؟ وكيف يمكن أن نجنّب أبناءنا تجربة الحبّ المرّة في سنّ المراهقة؟

إلى أين يذهب الحب حين يموت؟
إلى أين يذهب الحبّ حين يموت؟ أظنّ أنّه سؤالٌ مشروعٌ خاصّة بالنسبة لنا نحن الذين نؤمن بالحياة بعد الموت وبالجنّة والنار. لكن هل أنّ الحبّ كائنٌ حي حتى نتساءل عن مصيرٍ غير عدميّ له؟

كيف نزيد من محبّة أهل البيت (ع)؟ دور مجالس العزاء والمدح
كل حبّ يذوي أو يزول إن لم نزّوده بوقوده الحقيقيّ. وزاد الحبّ الأكبر ووقود العشق الأسمى هو وِصال المحبوب. ولا شيء يحكي عن الوِصال ويحقّقه مثل التعرّف إلى المحبوب وملاحظة تجلّياته.

ماذا نعرف عن محبّة أهل البيت (ع)؟
ليست محبّة أهل البيت عليهم السلام أمرًا مغايرًا لأي حب نشعر به أو نعيشه تجاه أي شخص، لكنها درجة عالية من المحبّة لأنها محبّة متحررّة من جميع قيود الأنا والشهوة والمصلحة الشخصية.

قرأتُ لك: المحبّة في الكتاب والسنّة
لا يوجد ديانة أو مدرسة في العالم أولت موضوع المحبة الأهمية التي أولاها إياها الإسلام، فلو اختصرنا الدين الإسلامي بكلمة "المحبة" لما كنا نبالغ في ذلك، فعن الإمام الصادق(ع): "وهل الدين إلا الحب والبغض". كما جُعلت "المحبة" الأجر على الرسالة المحمدية {قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى}، وفي موردٍ آخر: {قل لا أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا}. وهكذا يتبين أنّ المحبة في الإسلام تشكّل السبيل والغاية والروح والجوهر لهذا الدين.

الصلاة محور الحياة الروحية... كيف نجعل حياتنا صلاة
الصلاة في الحقيقة ثناء على الله تعالى من العبد. وهي إحدى أهم أبرز لوازم الإنسانية وخصائصها وحدودها. ولهذا لا يتنكّب عنها إلّا من خرج عن هذا الحدّ ورضي لنفسه بالبهيمية. ففي بعض الأحاديث أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: "ألا يخافنّ أحدكم إذا حوّل وجهه عن الصلاة أن يحوّل الله وجهه إلى وجه حمار؟"

حبّ النفس في الرؤية الإسلامية
ما معنى أن يفني الإنسان نفسه؟وهل أنّ حب النفس أمر فطري أودعه الله في وجودنا؟وهل يمكن للإنسان أن يعيش بلا حب؟
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...