
كيف يضيع بعض الرجال زوجاتهم
فليكن زواجنا رحلة نحو الطهارة
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب #الزواج_في_مدرسة_الإيمان
وكتاب #شركاء_الحياة
{الْخَبيثاتُ لِلْخَبيثينَ وَالْخَبيثُونَ لِلْخَبيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ}.[1]
حين نتأمّل في العديد من حالات الطلاق نجد أنّه ما كان يُفترض أن تقع. الحالة الوحيدة المبرَّرة للطلاق ربما هي حين يصبح هناك تنافرٌ جوهري مثل التنافر بين الخبيث والطيب. أمّا إذا كان الزوجان من الطيبين، فبالإمكان الوصول إلى الانسجام الكلي، حتى لو كان هناك اختلافات عديدة ناجمة عن اختلاف الطباع والأخلاق وحتى العقائد!
أجل، إنّ المعدن الأصلي للإنسان هو الذي يحدّد عاقبته ومصيره، حتى لو مر بحالاتٍ من عدم اليقين وضعف الإيمان وانحراف العقيدة أو اعتلت طينته أخلاق سيئة وطبائع منحطة بسبب التربية وغيرها من عوامل الوراثة.
لذلك قد نجد الزوجين اللذين اختلفا وانفصلا بعد مدة طويلة وقد رجعا إلى أصلهما الطيب، لم يبقَ في قلوبهم أي نوع من الغل والضغينة تجاه الآخر. هذا بالرغم من أنّهما كانا في أشد حالات الحنق والعداء والتنافر حين الطلاق.
لو يعلم الناس هذه الحقيقة ويبنوا عليها لربما صلحت معظم العلاقات المتأزمة؛ هذا بالطبع شرط أن يدرك الطرفان هذا الأمر فيعملا على الرجوع إلى ذلك الأصل بكل ما يمكنهما. كريم الأصل يرجع إلى أصله، ولو بعد مراحل طويلة من التطهير والتزكية. وهنا تكمن بعض أسرار الزواج.
فبإمكاننا أن نجعل من زواجنا فرصة لهذه الطهارة حين نعترف مسبقًا بأنّ طينتنا التي شهدت لأمير المؤمنين بالولاية قد اعتراها من الكدورات والشوائب والآثار السجّينية ما اعتراها بسبب عوامل التربية الخاطئة والبيئة المضطربة والوراثة المشوبة.
في المقابل، نجد من الأزواج من يتمسك بهذه العوارض بدل أن يرجع إلى الجوهر والأصل. فإن سألته: هل زوجتك مؤمنة؟ فإنّه يقر بذلك بعد إقراره هو بالإيمان؛ لكنّه قد يعاملها كما يعامل الأعداء والأضداد! كل ذلك جهلًا بهذه الحقيقة الكبرى التي يُفترض أن يؤدي النظر إليها إلى توجيه زواجنا نحو الصلاح والنجاح.
يضيّع الأزواج زوجاتهم ليس زهدًا بهن في الغالب، بل لاستعجالهم وعدم رعايتهم للمقدمات اللازمة التي تحقق الانسجام التام. ينسى هؤلاء أنّ التقديم للزوجة هو الذي يصنعها ويشكّلها كزوجة، حتى لو بقيت فيما لا يخص الزواج على شاكلتها الأولى. أجل، يمكن لأي إنسان أن يكون له شخصيتان كما يحصل في الأسرة والعمل. وكذلك يمكن للزوجة أن تكون مع زوجها في كامل الانسجام والوداعة، حتى لو كانت ذات توجهات أو سلوكيات مختلفة خارج العلاقة الزوجية. يمكننا أن نحقق مثل هذا الانسجام الذي سيؤدي في النهاية إلى تغيير جوهري عماده هو تلك الطينة الأصلية. وهذا ما يكون عبر التخلُّق وتصنُّع المودة والأدب. فمن تصنّع الأدب أصبح أديبًا في النهاية.
التقديم للزوجة مصطلحٌ قرآني جاء في قوله تعالى: {نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُم}،[2] حيث يُفترض أن يعتبر الزوج أنّ زوجته هي الحرث والجني والثمرة التي تنجم عمّا يقدمه من عوامل النمو والإثمار. فإقبال الزوجة ولطفها وحنانها واهتمامها ورعايتها للزوج، كل ذلك يكون نتاج ما يقدّمه. وعلى العكس، حين يبخل الرجل في التقديم سواء على المستوى المادي أو المعنوي والعاطفي، فعليه أن يتوقع ألّا يثمر الحرث ولا يكون كريمًا.
بعضهم فهم من قوله تعالى: {نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}، أنهنّ كالأرض التي تُفلَح بالمحراث؛ لكنّ الحرث في اللغة هو النتاج. وباختصار، أنت تجني بمقدار ما تعطي وتُمهّد.
لأنّ الغالب على ثقافتنا الجهل والحمية والانفعالية والسبعية، فإنّنا غالبًا ما نتعامل مع قضايانا وشؤوننا بطريقة يغلب فيها الهوى والهوس والغضب والانتقام والحدة. ربما لا نجد شعبًا يُطلَق عليه هذا الكلام "عليهم يا عرب"، مثل العرب، حيث يتميز العرق بالاندفاع دون عقلانية، وعند أدنى استفزاز تجدهم لا يفكرون بالعواقب ولا يقيسون المصالح والمضار.
ولهذا يغفل أكثر رجالنا عن أنّ الزوجة هي لهم، لا بمعنى ملكية العبيد، بل بمعنى أنّها جزءٌ منهم وهي بمنزلة النفس، وما يصيبها من سوء فإنّه يُصيب الزوج حتمًا. ولهذا نجد أنّه لا يُستجاب لمن يدعو على زوجته، ومن دعا على زوجته فهو الأحمق بعينه، خصوصًا وأنّه يمتلك ناصيتها وبيده طلاقها، حسب تعبير الروايات الشريفة.
إن مرضت الزوجة أو أدبرت أو أصابها مكروه أو تعبت أو ملت أو تخشّنت، فالزوج هو الخاسر الأكبر، حيث يخسر قوتها أو إقبال قلبها وعطفها وحنانها أو اهتمامها به أو نعومتها وأنوثتها. حقًّا، هل يوجد من هو أشد حماقة من هذا النوع من الرجال؟!
لكن للأسف، فإنّ هذه الحماقة تسري في هذا المجتمع المنكوب الذي قلما ينشأ أبناؤه على القيم والعقلانية والحكمة والتواضع والأدب.
حين تمتلك رصيدًا ما، سواء كان شيئًا ماديًّا كالمعدن والأرض، أو معنويًّا كالعلم والإتقان والخبرة، وأنت تعلم أنّك إن اشتغلت على هذا الرصيد فسوف يُنتج لك ويتضاعف، فهل تتخلّى عنه وتهمله؟ هكذا هي الزوجة الطيبة التي تتمتع بالمعدن الأصيل، مهما كانت الشوائب المحيطة بهذا المعدن.. فإن عملتَ على إزالة هذه الشوائب من خلال الإنفاق عليها والاستثمار فيها، فسوف يظهر ذلك المعدن في النهاية، لينتج كل أنواع المكارم، كما تتبدل الأرض القابلة إلى أرض خصبة بعد العلاج.
بعض الإنفاق هو صبر وتحمُّل، وبعضه حنان واهتمام وعطاء، وبعضه احترام وأدب؛ لكن هذا الاستثمار هو أحد أذكى الاستثمارات في الحياة، لأنّ نتاجه أسرة متينة وذرية طيبة. وهل يوجد مثل هذه النعمة على الأرض!؟
[1]. سورة النور، الآية 26.
[2]. سورة البقرة، الآية 223.

شركاء الحياة
شركاء الحياةالحياة سفر والسفر يحتاج إلى صحبةولا معين في الحياة كالزواجفيه تتأسس شراكة فريدة لا مثيل لهايتحد معها الزوجان في كل شيءلأجل النجاح الأكبرحيث الوصول إلى مرضاة الله ونعيمه الأبديفكيف نكون خير شركاء في أجمل رحلة الكتاب: شركاء الحياةالكاتب: السيد عباس نورالدينالطبعة الأولى، 2023بيت الكاتب للطباعة والنشر الحجم: 17*17عدد الصفحات: 346ISBN: 978-614-474-102-3 سعر الكتاب: 15$ بعد الحسم 60%: 6$ يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقع النيل والفرات https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0

الزواج في مدرسة الإيمان
ما هو الحب؟ وما هو الزواج؟ وهل الحب شرط لنجاح الزواج؟ هذا ما يجيب عنه هذا الكتاب بالإضافة إلى العديد من الأسئلة الأخرى التي تفرضها الحياة في عصر الإنترنت. فلننظر إلى الزواج قبل اشتعال نيران العشق وقبل انطفاء شعلة الحب. الزواج في مدرسة الإيمان الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب:17*17غلاف ورقي: 264 صفحةالطبعة الأولى، 2016مللحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

بحثًا عن الزواج الأعلى.. حين تتلاقى الأنوثة والذكورة في أعلى مراتبهما
كما تبحث الأرواح عن أصلها ومنشئها، فإن الطبيعة البشرية تبحث عن نصفها الآخر. لا تهنأ روح البشر ولا تستقر إلا بعد اتصالها بالجوهر والأصل الذي تنزلت منه. أي شيء يحجبها عنه يؤدي إلى عذابها وتألمها. يوجد سر عميق هنا يرتبط بحقيقة الروح.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...