
أي نوع من النساء أنتِ
هل أنت شديدة التعلُّق أو مستغنية أو..؟
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب #قواعد_الزواج_الناجح
علاقة المرأة بالرجل في الرؤية العرفانية[1] هي علاقة الفرع بالأصل أو الجزء إلى الموطن. لا يمكن للمرأة أن تستغني عن الرجل بأي شكل، فإن حاولت، تخرج من كينونتها ولا يُعلم ماذا تصبح بعدها.
في الحياة الدنيا يُحدّد الإنسان هويته بحسب ارتباطه بما حوله. تشبه الأشياء التي تحيط بنا تلك الأبعاد التي نتمكن من خلالها تشكيل صورتنا. الرجل بالنسبة للمرأة قد يكون مجموع هذه الأبعاد كافة. إن لم تعرف المرأة كيف تحدد نفسها على أساس الرجل تُصاب بالضياع.
بمعزل عن تأييدنا أو رفضنا لهذا الكلام، فإن التأمُّل في حياة البشر لا يترك مجالًا للشك بأنّ للجنس الآخر حضورًا عميقًا في النفوس، وأنّنا كلما حاولنا التنكُّر لهذا المعنى قوي حضوره وازداد معه الالتباس. الأفضل أن نواجه هذه الحقيقة بوعي ونحدد موقفنا وموقعنا منها.
يوجد ثلاثة أنواع من النساء في هذا المجال: امرأة شديدة التعلُّق بالرجل، وامرأة مستغنية عنه، وامرأة تتكامل معه. تظهر آثار هذه الحالات بصورة واضحة حتى على التي تتظاهر بالاستغناء التام. استغناء الفرع عن الأصل هو بمثابة الانقلاب على الذات. تبدو الخسارة بارزة. كما إنّ شدة التعلُّق تُذيب الكينونة إلى الدرجة التي لا يبقى هناك ما يُسمّى امرأة. وأكثر النساء يدرن ما بين الإفراط والتفريط.
هناك أسباب تجعل المرأة شديدة التعلُّق أو تدفعها نحو الاستغناء. لا يكون الأمر خيارًا أوليًّا. فحين تعاني المرأة من نقصٍ حاد وهي تنظر إلى نفسها، ويتحوّل هذا الأمر إلى ما يشبه العقدة، فلا ترى لنفسها وجودًا دون الرجل، فإنّها ستصبح شديدة التعلُّق به إلى درجة مرَضية. وهذا ما يحدث في أي ظروف تنشأ فيها المرأة وتعتبر أنّ كرامتها وشأنيتها تتمثل في كونها تمتلك زوجًا.
وحين تعاني المرأة من هذا الرجل، كأن يستخف بها أو يخون ثقتها أو لا يعطيها وزنًا، فتدخل في محنة لا تنتهي، فإنّها قد تختار الاستغناء لأجل البقاء. لا يمكن للمرأة أن تبقى منتظرة دون جدوى. هذا مؤلم جدًّا ويصعب تحمُّله. قطع الأمل بإمكانية تحقُّق علاقة تحفظها وتحترمها يكون لأجل إنهاء المعاناة المبرحة.
من الصعب أن يحافظ الإنسان على عقيدته في ظل ظروف المحنة والشدة التي تفوق طاقته، فكيف إذا لم يكن يمتلك العقيدة من الأساس؟! أن تعتقد المرأة بأنّ وجودها كامرأة يقتضي التكامل مع الرجل والنظر إليه كأصل يجب أن تحن إليه بحسب تعبير ابن العربي، ليس بالأمر السهل في ظل هذه الثقافات التي تدعم تمكين المرأة واستغنائها عن الرجل.
ولا شك بأنّ الأنظمة الحاكمة على هذه العلاقة في الثقافات والمجتمعات الحالية لا تعطي مجالًا لنشوء علاقات سليمة ومتوازنة. يعاني الجميع من صعوبات التلاقي والانسجام، وهذا ما يفسر ارتفاع معدلات الطلاق بشكل مخيف. ومع شيوع حالات الطلاق المُعلَن والخفي يسود سوء الظن ويصبح الكل متوجسًا تجاه الآخر!
وفي ظل هذه الهواجس والظنون لا يبقى مجال للتفكير الحر والتدبُّر العميق. حتى كاتب هذه السطور سيُتهم مباشرة بالذكورية؛ وهو مصطلح حديث يشير إلى الانحياز للذكور. مجرد أن يُقال بأنّ للرجال على النساء درجة تفضيل كما جاء في كتاب الله العزيز: {الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ}،[2] حتى تتعالى الصرخات من كل جانب. كأنّ التفضيل تقليل من الشأن أو سد لطرق الكمال. ألا أعترف يوميًّا بوجود رجال كُثُر أفضل مني؟
هذا ما يحصل دائمًا وأنا طالب للعلم أدرس وآخذ المعارف والآداب من رجالٍ عظام وحتى من نساءٍ عارفات. فخضوعي لمن هو أفضل مني في العلم أو الجسم (حيث يقتضي) هو سر كمالي وشرفي. ليس المفضَّل بكمالٍ ما هو الأفضل عند الله تعالى. بل الأفضل عنده هو الذي يستفيد من هذا التفضيل في العبودية والطاعة والانقياد والشكر والرضا. فإذا كان الرجل مفضَّلًا في بعض الخصائص المرتبطة بالحياة الأرضية على المرأة، لكنّه لم يستخدم هذه الخصائص لأداء دوره والقيام بمهمته وتحمّل مسؤوليته، فسوف يكون أدنى وأبعد من المرأة التي تستفيد من خصائصها. وليست الكرامة إلا في الأفضلية عند الله تعالى لا في الدنيا.
التكامل مع الرجل يعني أن ترى المرأة أنّ تكاملها في هذا العالم مشروطٌ بنظرتها الصحيحة واستعدادها التام للتفاعل مع الرجل بصورة إيجابية تتجلى في الزواج المتين، وتشكيل الأسرة وتدبيرها، وفي عددٍ من الأمور الدنياوية. وهذا ما يقتضي أن تكون مرهفة الحس وشديدة الوعي لكل ما يمتلكه الرجل من إمكانات وخصائص، لأنّها ستكون المستفيد الأكبر منها في مهمتها الأرضية.
حين تتحرّر المرأة من عقدة الرجل لن تتعلّق ولن تستغني، فلا تخسر. لأنّ التعلُّق المرَضي هو سببٌ للكثير من المعاناة، مثلما أنّ الاستغناء هو قتل للنفس. يتنعَّم الكثيرون بنعم هذا العالم من خلال المشاهدة والتقدير. قد لا نمتلك أرضًا بالمعنى العُرفي، لكنّنا نُمجّد الخالق حين نشاهد جمال الطبيعة. هذا هو المطلوب. فتح القلب على أسرار عالم الوجود هو أهم ما يحصل للإنسان في هذه الحياة. أمّا الجزاء والآثار فتأتي في عالمٍ آخر. من النادر أن نجد زوجين متكافئين في هذا العالم، وبسبب قلّة التكافؤ يحدث الكثير من المشاكل والنزاعات التي تسد طريق الانسجام والتلاحم. وهذا ما يجعل مبدأ التكامل بين الجنسين فكرة طوباوية بعيدة عن الواقع بنظر الكثيرين.
يكتفي الإنسان الحديث، الذي أُعطي المجال للتفكُّر في هذه القضية واختبارها مرات ومرات، بحلٍّ واحد وهو أن يحصر العلاقة بالاستفادة الجنسية وبالعلاقات العابرة. لا مجال في ظل هذا الفكر أن يحصل أي نوع من الانسجام، لأنّ الرجال من المريخ والنساء من الزهرة. الأفضل عندهم أن نقلل من التفاعل لنحد من المشاكل والتوترات.
من لم يحظَ بالفرصة أو الإقبال على التفكُّر في هذه القضية يلجأ إلى أفكار التقاطية من هنا وهناك. فلا هو فكّر بمنطق ولا اختبر الحياة بوعي. يخرج من هذه التجارب مولود مشوَّه وذهن مخرَّب يصعُب التواصل معه. ظلمات بعضها فوق بعض إن أخرج يده لم يكد يراها.
هدفنا من هذا الكلام التشجيع على التفكُّر الحر في واحدة من أهم قضايا الحياة. المرأة الحرة هي عماد هذا المجتمع. ولكي تكون حرة يجب أن تفكر بحرية بعيدًا عن كل مهاترات هذا العصر التسطيحي.
[1]. وعمّر الله الموضع من آدم الذي خرجت منه حواء بالشهوة إليها، إذ لا يبقى في الوجود خلاء، فلما عمره بالهواء حنّ إليها حنينه إلى نفسه لأنّها جزء منه، وحنّت إليه لكونه موطنها الذي نشأت منه، فحب حواء حب الموطن وحب آدم حب نفسه.. [ابن العربي، الفتوحات المكية ج1].
[2]. سورة النساء، الآية 34.

كيف تتعامل مع المرأة الأنثى؟
فِي رِسَالَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) إِلَى الْحَسَنِ (ع): لَا تُمَلِّكِ الْمَرْأَةَ مِنَ الْأَمْرِ مَا يُجَاوِزُ نَفْسَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ أَنْعَمُ لِحَالِهَا وَأَرْخَى لِبَالِهَا وَأَدْوَمُ لِجَمَالِهَا فَإِنَّ الْمَرْأَةَ رَيْحَانَةٌ وَلَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ وَلَا تَعْدُ بِكَرَامَتِهَا نَفْسَهَا وَاغْضُضْ بَصَرَهَا بِسِتْرِكَ وَاكْفُفْهَا بِحِجَابِكَ وَلَا تُطْمِعْهَا أَنْ تَشْفَعَ لِغَيْرِهَا فَيَمِيلَ عَلَيْكَ مَنْ شَفَعَتْ لَهُ عَلَيْكَ مَعَهَا وَاسْتَبْقِ مِنْ نَفْسِكَ بَقِيَّةً فَإِنَّ إِمْسَاكَكَ نَفْسَكَ عَنْهُنَّ وَهُنَّ يَرَيْنَ أَنَّكَ ذُو اقْتِدَارٍ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَرَيْنَ مِنْكَ حَالًا عَلَى انْكِسَار. الكافي ج: 5 ص: 510 ❓❓هل تكرمتم بشرح هذا الحديث وتبيان أمثلة تطبيقية عليه؟

إذا رأت المرأة كمالها في غير زوجها، فهل هذا يعيق تكاملها؟
إذا وجدت المرأة المتزوجة في رجل آخر سبيلًا لتكاملها، هل أنّ كونها متزوجة من غيره يعيق كمالها؟

أليس جهاد المرأة أصعب من جهاد الرجل؟
أليس جهاد المرأة أصعب من جهاد الرجل؟ حيث نجد الرجال يقصدون الجبهة بكل لهفة وشوق وحب وتمني للشهادة، بينما تكون المراة في بيتها ومع زوجها واولادها في عناء وتعب مصاحب للمكاره الذي يفقدها الروحية المبهجة؟

كيف تستطيع المرأة التنفيس، إذا كانت لا تستطيع الهروب والابتعاد كما الرجل؟
الرجل غالبا لا يكون مضطرًا للإساءة إلى زوجته لأنه يستطيع أن يهرب أو يبتعد كما قلتم، فما هي حلول المرأة للتنفيس حيث لا يمكنها أن تهرب وتبتعد؟

بحثًا عن الزواج الأعلى.. حين تتلاقى الأنوثة والذكورة في أعلى مراتبهما
كما تبحث الأرواح عن أصلها ومنشئها، فإن الطبيعة البشرية تبحث عن نصفها الآخر. لا تهنأ روح البشر ولا تستقر إلا بعد اتصالها بالجوهر والأصل الذي تنزلت منه. أي شيء يحجبها عنه يؤدي إلى عذابها وتألمها. يوجد سر عميق هنا يرتبط بحقيقة الروح.

كيف نحفظ الأنوثة من الآفات
بالرغم من أنّ الأنوثة تتعرّض اليوم أكثر من أيّ وقتٍ مضى إلى عمليات تشويه ومسخ وانتقاص، إلا إنّ الطبيعة ما زالت تقدّم نماذج للأنوثة تجعلنا ندرك مدى جمالها وروعتها وأهميتها.

تجنيس المرأة أو تنجيسها؟ أي فاجعة يرتكبها الغرب بحق الأنوثة
تحت عنوان تمكين المرأة وتقويتها، يشهد عصرنا أوسع عمليات تفعيل القوة الجنسية للمرأة، مستغلًّا الاحتياج الشديد لهذه السلعة من قبل الرجال؛ وهذه العملية، كغيرها من المساعي الغربية الطائشة، كانت وستتحول إلى أهم سبب لإضعاف المرأة واستعبادها واستغلالها، بصورة لم يسبق لها مثيل. وكل من تأمل في أي مجتمع جعل الجنس محورًا والمرأة مصدره، علم أنّ هذا لن يؤدي إلا إلى إضعاف الأمرين معاً!
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...