
كلفة إنتاج القادة في الأزمنة الصعبة
وماذا يعني فقدان القادة
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب القيادة الاستراتيجية
تنتج الأمم قادتها وزعماءها في عمليات معقّدة تختلف أيضًا بحسب نتاجها النهائي وهو نوعية القادة وصفاتهم وخصائصهم وأوضاعهم. فالشعوب التي تمكّنت من تحقيق استقلالها وأضحت حرّةً في اختيار قادتها وفي اتّباعهم، إذا تمكّنت من إرساء الآليات الإدارية الفعّالة التي تضمن مستوًى عاليًا من حرية الرأي والتعبير ستختار قادتها في عملية هادئة وسلميّة، حيث يتم تداول السلطة وفق معايير الثقافة التي تتبنّاها هذه الشعوب ولا تُفرض عليها. أمّا الشعوب التي تسعى للانبعاث والنهوض من تحت الاحتلالات والسيطرات والتدخُّلات الأجنبية، فمن المتوقَّع أن تمر معها عملية اصطفاء القادة بتعقيدات كبيرة، نظرًا لوقوع القادة في مرمى الاستهداف المباشر من قبل الأعداء المتربصين الذين يجدون فيهم أكبر خطر. مثل هذه الشعوب ستتعرّف إلى قائدها في ظروفٍ صعبة للغاية حيث يطغى الهمّ الأمني لحمايته والحفاظ عليه على العديد من الآليات الطبيعية المتعارفة.
هكذا يصبح الهدف الأول لهذا الشعب الضعيف المُستضعف الذي يرزح تحت ثقل التدخُّلات والضغوط العدوانية، أن يحمي قادته الذين يمثّلون ثقافته وطموحاته ويسيرون به نحو الحرية والعزّة والاستقلال. ولأجل ذلك، يجب أن يعمل هذا الشعب على رفع مستوى القدرة ليردع العدوّ من النيل من قائده. وهكذا تتداخل عملية التحرُّر مع عمليّة إنتاج القادة، ويصبح بقاء القائد رمزًا للاقتدار ومقياسًا له. فإذا تمكّن العدوّ من اغتياله فهذا مؤشّرٌ ودليل على الضعف الذي يُفترض أن يُجبَر بسرعة، وإلا استمرّ هذا المسار نحو الهزيمة والزوال.
إنّ سقوط القادة ليس أمرًا طبيعيًّا أو متوقَّعًا في عملية بناء القدرة. وإذا كان الشعب بصدد الوصول إلى الردع والانتصار ثم قُتل قائده، فهذا دليلٌ على وجود خللٍ حقيقي في هذه العملية. والاحتجاج بأنّ رسول الله قد جُرح في معركة أُحُد لأجل الإيحاء بأنّ تعرُّض القادة لمثل هذه الحالات هو أمرٌ طبيعي وحتمي في مسار بناء القدرة، غير صحيح البتة؛ أولًا: لأنّ رسول الله (ص) لم يُقتل؛ وثانيًا: لأنّ الله صرّح بأنّ ما حدث في أُحُد قد نشأ من خللٍ وخطأٍ بُنيوي يرجع إلى النفوس وضعف التزكية وتسلُّط الشيطان لا إلى خطأٍ تكتيكي كوجود عميل أو اختراق تقني. وكذلك الأمر بشأن إصابة الإمام علي في معارك أخرى، فضلًا عن أنّه لم يكن في موقع القيادة. وحين استُشهد عليه السلام، كان لنا أن نحكم بضرسٍ قاطع أنّ قتله قد نشأ من وجود أزمة حقيقية وأخطاء كبرى كانت مُسيطرة على ما نسمّيه بمجتمع الكوفة في ذلك الزمان، والأمر بعدها يصبح أكثر وضوحًا بشأن الإمام الحسن (عليه السلام) والإمام الحسين (عليه السلام) وصولًا إلى الإمام العسكري عليه السلام.
يجب الإقرار بوجود خللٍ جوهري في عملية بناء القدرة التي يُفترض أن تكون عامل حماية وحفظ القادة. لا يُفترض بالقادة أن يُقتلوا بل يُفترض أن يقودوا، وفي المقابل يجب تأمين كل مستلزمات حمايتهم مهما بلغت التضحيات.. إنّ استسهال مقتل القادة إن لم يكن في سياق الكيد الإعلامي ورفع المعنويات، فهو أمرٌ يدل على عدم إدراك واحدة من أهم سُنن الاقتدار وقوانينه.
لكلّ شعبٍ تجربته في بناء القدرة. بعض الشعوب تُخفق وبعضها يتعلّم من التجارب المرّة؛ وهناك شعوب تتمتع بمستوًى من العقلانية يمكّنها من ملاحظة الخلل والنقص والخطأ في هذه العملية قبل حصول الكارثة. يجب اعتبار خسارة القادة بمثابة الإنذار بوجود خطأٍ كبير، ومن ثم العمل على دراسة العوامل التي أدّت إلى هذا الأمر؛ لا من أجل المحاسبة فحسب، بل من أجل اكتشاف طرق أفضل وأمثل لبناء القدرة.
عودٌ إلى تجربة النبي الأكرم (ص) في القيادة. يتبيّن لنا من ملاحظة التاريخ والشواهد والآيات أنّ الله تعالى كان قد تكفّل بعصمته من الناس. وهو التعبير عن حفظه من القتل إلى أجلٍ مسمى. وقد كانت أكبر مخاوف الرسول الأكرم (ص) من قومه أن يرتدوا وينقلبوا عليه فيما لو صرّح لهم بالخليفة من بعده وأوصى به بصورة مؤكدة، وهي القضية التي نزلت فيها الآية التي ذكرت العصمة من الناس، {يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس}.[1] لم يكن رسول الله(ص) يخاف على نفسه من القتل إلا لما سيأتي على الناس من بعده فيما لو قُتل. وهكذا كان كل إمام من بعده، فقد كان من مسؤولياتهم الكبرى حفظ أنفسهم حتى لا ينتقلوا من هذا العالم إلّا بالطريقة التي تخدم أهداف الرسالة. ومن أهداف الرسالة حفظ الأتباع من الضياع ومن الضلالة والاضمحلال والسقوط في الفتنة.
لقد كان لحياة النبي وبقائه، طيلة مرحلة الجهاد من أجل تثبيت القرآن بعد تنزيله، معادلة إلهية خاصة، بحيث إنّ حِفظ حياته طيلة هذه المدة قد امتزج كليًّا بالمشروع الذي كان يعمل عليه. وكأن المعادلة كانت تقول: إنّ بقاءك مقرونٌ بتحقيق هذا الهدف؛ وهذا الهدف كان نابعًا بشكل مطلق من إرادة الله ومشيئته الخاصة.
بمعنًى آخر أضحت حياة النبي بأسرها منسجمةً تمامًا مع ما يريده الله. أراد الله تعالى لشخصٍ أن يحقّق هدفًا ما، ثم جاء شخصٌ وعاهد الله أن يحقق له هذا الهدف، فكتب الله له العمر والبقاء حتى تحقق هذا الهدف. ولعل قوله صلى الله عليه وآله حين نزلت سورة "إذا جاء نصر الله والفتح": "نُعيت إليّ نفسي"،[2] إشارة إلى هذه المعادلة.
الأمم التي تتمكّن من اكتشاف هذا العهد (المهمة المطلوبة من شخص يتّصف بصفات ومشروع مُحدَّد) وتطبّق هذا العهد وتفي به، سوف يُكتب لقائدها الحفظ والبقاء حتى تحقيق الهدف، ما دام هذا القائد ملتزمًا بهذا العهد. هذه هي المعاهدة الإلهية أو الوصفة السرية لحفظ القادة، والتي يقع مهمّة إنجازها على عاتق الشعب أو الجماعة التي تتحرّك نحو الأهداف الإلهية.
خسارة القادة ليست صدفة غير قابلة للتفسير وليست أمرًا عابرًا أو عبثيًّا، بل تندرج ضمن حسابات إلهيّة عميقة ترتبط بمسيرة الأتباع على طريق الاقتدار الذي يحقّق العزّة والكرامة في ظل الإسلام وقيمه.
تحتاج هذه الشعوب إلى إعادة اكتشاف العملية الصحيحة والدقيقة لبناء القدرة، ومقتل القادة تحذيرٌ كبير ودعوة قاسية لفعل ذلك.
[1]. سورة المائدة، الآية 67.
[2]. إقبال الأعمال، ج1، ص454.

كيف يصنع القادة المميزون
الهدف الأساسي لهذا الكتاب هو تمكين أي إنسان للبدء من النقطة الصحيحة في عملية بناء نفسه، ليكون قائدًا ناجحًا؛ مهما اختلفت ساحات العمل التي يخوض فيها. كيف يُصنع القادة المميّزون الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 264 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 8$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

عهد أمير المؤمنين إلى القادة والمسؤولين
يعيد الكاتب تبويب هذا العهد المشهور الذي يعد أول وأجمع وثيقة في ادارة المجتمع المسلم وقيادته، ويشرح أفكاره بأسلوب عصري يتناسب مع التحديات والمسائل التي يواجهها المسؤولون في مختلف جوانب الادارة والقيادة. عهد أمير المؤمنين(ع) إلى القادة والمسؤولين الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 184 صفحةالطبعة الثانية، 2008م يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقعي: النيل والفرات: https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0وموقع جملون:https://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=مركز+باء

إصلاح المجتمع الإسلامي
إصلاح المجتمع الإسلامي من خلال فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إصلاح المجتمع الإسلامي إعداد: مركز البحوث الإسلامية في قم المقدسةترجمة: الشيخ ماجد سليمانتحرير ومراجعة ونشر: مركز بقيّة الله الأعظم (مركز باء للدراسات)حجم الكتاب: 14.5*21.5غلاف ورقي: 160 صفحةالطبعة الأولى، 1999محالة الكتاب: نافد

القيادة الإيمانية
برسوم توضيحية يعرض الكتاب لأهم خصائص القيادة الناجحة والمؤهلات التي يتميز بها القادة الحقيقيون. ويذكر باختصار منشأ كل صفة وكيف يمكن اكتسابها، وما هي السلوكيات الأساسية والأعمال الرئيسية التي يقوم بها كل قائد ناجح. القيادة الإيمانية الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 15*15غلاف كرتوني: 64 صفحةالطبعة الأولى، 2010م يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقعي: النيل والفرات: https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0وموقع جملون:https://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=مركز+باء

القيادة القيمية
يتابع السيد عباس نورالدين مشروعه في بناء ثقافة إسلامية عميقة في فن القيادة وأصولها؛ وفي هذا الكتاب يعرض لقيادة المجتمع من زاوية القيم الإنسانية والإلهية؛ حيث يكشف عن وجود منظومة رائعة تتشكل فيها أربع مراحل أساسية لا بد أن يمر بها أي مجتمع في مسيرته التقدمية حتي يبلغ أعلى مراتب الازدهار والعزة والكمال. فما هو دور القائد هنا وما هي الموانع التي يمكن أن يواجهها في هذا الطريق، وكيف يمكن تذليها وتجاوزها. القيادة القيمية الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 320 صفحةالطبعة الأولى، 2014م يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقعي:1- لنيل والفرات: https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=02- وموقع جملون:https://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=مركز+باء

على طريق بناء المجتمع التقدمي
المجتمع التقدّمي هو المجتمع الذي يتحرّك أبناؤه نحو قمم المجد والفضيلة والكمال.المجتمع التقدمي هو التعبير الأمثل عن استجابة الناس لدعوة الأنبياء الذين أرادوا أن يخرجوا البشرية من مستنقع الرذيلة والحيوانية والعبثية لإيصالها إلى أعلى مراتب الإنسانية والنور..فما هي سبل إقامة هذا المجتمع؟وما هي العقبات التي تقف في طريق تحقّقه؟ على طريق بناء المجتمع التقدّمي الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14.5*21عدد الصفحات: 376الطبعة الأولى، 2019Isbn: 978-614-474-081-1السعر: 14$

القيادة الاستراتيجية
نحو استكشاف غوامض القيادة وأبعادها الدقيقة

أي مجتمع نريد؟
ما هي أهمية البحث عن المدينة الفاضلة؟ وكيف نرتقي بوعينا ومسؤوليتنا الاجتماعية؟ ما هي القضايا التي لا بد من دراستها وفهمها لرسم معالم الطريق الموصل إلى المجتمع الأمثل. وما هي العوائق الكبرى على هذا الطريق.

بين غياب المثل وضياع النقد.. فقدنا القدرة على إعداد القادة
تتجاذب المسلمين ثقافتان متعارضتان أشد التعارض فيما يتعلق بطبيعة القيادة وخصائصها. طائفة ترى أن على الذي يقود المجتمع أن يكون معصومًا عن كل خطإٍ مهما كان صغيرًا، وأخرى ترى عدم البأس في أن يكون فاسقًا فاجرًا هاتكًا لحرمات الله...

ماذا يعني قتل القادة؟
تدفع الشعوب ثمنًا باهظًا جراء تصفية قادتها، لكن بعض هذه الشعوب لا تتغير إلا بعد تجربة هذا النوع من المحن. يكون استشهاد القادة أحد عوامل التغيير الكبير. لا يُهزم شعب التزم بنهج قادته الشهداء.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...