
ما الذي ينقصنا في عصر المعرفة؟
تصوّر لو أنّ ابنك فهم الحكمة المتعالية في سنّ العاشرة!
السيد عباس نورالدين
إنّ التطوّرات الهائلة على صعيد وسائط التّواصل تعدنا بتطوّرٍ معرفيّ كبير، ليس على صعيد المعارف العامّة فحسب، وإنّما على صعيد المعارف الدينيّة أيضًا.
إنّ ما يتلقّاه أبناء الخامسة عشر اليوم من معلومات يفوق بعشرات الأضعاف ما كان يتلقّاه أقرانهم قبل ثورة الإنترنت ووسائطها.
تشجّع هذه الوسائط الكثير من أصحاب العلم على عرض المعلومات بصورة ميسّرة، ممّا يساهم في إثراء المعارف العامّة بصورة مذهلة. ولن يطول الزّمن حتى نجد أبناء العاشرة وقد تفوّقوا على أبناء الخامسة عشر من جيل زماننا هذا على صعيد كم المعلومات وحجمها.
الثورة المعرفيّة لا ترتبط بسهولة الوصول والتّواصل فحسب، وإنّما فيما تتيحه من برامج قادرة على عرض المعلومات بصورة أسهل وأيسر. ممّا يعني أنّنا أمام ثورة ترتبط بالكيف المعرفيّ وليس بالكم العلميّ فحسب.
إنّ سرعة هذا التطوّر أكبر ممّا نتصوّر. وما سنشهده في المدى القريب هو دخول هذه التطوّرات إلى مجال الفكر الدّينيّ الذي ما زال اليوم في موضعٍ متأخّر جدًّا عن مجالات الفكر الأخرى. وحينها سوف نشهد ثورة علميّة ومعنويّة لم تكن تخطر على بال.
تصوّر أنّ أبناءك سيتمكّنون من هضم واستيعاب تراث الحكمة المتعالية للملّا صدرا وهم في سنّ العاشرة. هذا في حين أنّ هذه الحكمة العميقة ـ المتأثّرة بمعارف الدين ـ لا يزال فهمها إلى زماننا هذا حكرًا على عددٍ ضئيل جدًّا من الأشخاص. هؤلاء الذين يحتاجون إلى سنوات مديدة من الدّراسة المتواصلة!
الكثير من المعارف الدينيّة المستودعة في أبحاث فلسفيّة وعرفانيّة عميقة أو معقّدة ستكون عمّا قريب متاحة للجميع وعبر وسائط تواصل عامّة تعتمد البساطة في العرض والبيان.
لن تكون الطرائف المضحكة ولا المعلومات الطبيعيّة والجغرافيّة والفنيّة المهيمن الوحيد على هذه الوسائط. ولن يكون الغنى الكمّي في هذه المجالات ما سيميّز إنسان الغد، وإنّما ما سيعرفه عن الوجود والدين وحكمة الحياة. فهناك العديد من أهل الفكر الدينيّ ممّن سيكتشفون القوّة الكامنة في تلك الوسائط عمّا قريب؛ ولن يهاب الكثير منهم عرض ما اكتسبوه وفهموه على العموم.
باختصار، سنكون على موعدٍ مع نهضة معرفيّة دينية تتجاوز بمسافات ضوئيّة ما هو موجود أو معروض اليوم.
والأهم من ذلك أنّنا سنكون على موعدٍ مع طفرة كبيرة في مجال إنتاج الفكر.. فإذا كانت مسيرة إنتاج الفكر المتفاعل والمُستوحى من تراث الدّين ونصوص علمائه تمشي بسرعة عشرين ميلًا في السّاعة في زمننا هذا، فسوف نكون عاجلًا ضمن مسيرة تتحرّك بسرعة مئات الأميال في الساعة. كل ذلك لما ستتوافر عليه هذه النّهضة الكمّيّة والنّوعيّة من مجال للتبادل والتّفاعل المعنويّ والتأثّر الروحيّ، وذلك طبعًا في وسائط حرّة بعيدة عن تعقيدات الوجاهة والاستغلال البشع.
لقد تمّ كتمان الكثير من هذه المعارف عبر التاريخ لسببٍ جوهريّ، وهو منع استغلالها من قبل أشخاص يرون المناخ الاجتماعيّ مهيّئًا لهم لتحقيق مآرب بشعة. فمع الجهل الكبير عند العامّة من جهة، وندرة الوصول إلى تلك الحقائق من جهة ثانية، كانت حيازة مثل هذه المعارف كفيلة بإغراء البعض لاستغلالها من أجل البروز والظهور وجذب قلوب الناس والتحكّم بهم.
كل هذا سيزول نتيجة تبخّر ذلك المناخ البدائيّ. وبحسب تعبير العارف الكبير ابن تركه صاحب كتاب "تمهيد القواعد"، "فإنّ ما كان من المعارف سببًا لإهدار الدماء أصبح لعبة بأيدي الصبيان". ففي عصور مرّت على المجتمعات الإسلاميّة كان مجرّد التفوّه ببعض الحقائق العرفانيّة العميقة سببًا لتكفير قائلها وهدر دمه؛ وها نحن بتنا في وضع يتحادث الصبية الصغار في مثل تلك القضايا.
المقلق هنا هو أن تنتشر هذه الحقائق والمعارف ضمن بيئة لا تسمح لآثارها الطيّبة بالبروز، فينقلب السحر على الساحر. فبحسب ما نعرفه إنّ الحقائق الدينية العميقة لا تثمر إلّا في القلوب الطاهرة والنفوس التائقة لعالم القدس. ومثل هذه الاستعدادات الروحيّة تحتاج إلى أمرٍ آخر غير الفهم والعلم.
فهل يمكن لهذه الوسائط أن تشارك أيضًا في ثورة روحيّة تؤدّي إلى تخصيب أراضي الاستعدادات للتنوّر بأنوار تلك الحقائق الكبرى؟
أين هي تلك الإمكانات المستودعة في وسائط التواصل الحديثة والتي تخاطب الروح والعقل والذهن معًا، وتحث جميع القوى الإنسانية للتفاعل المتوازن مع معطياتها ونتاجاتها؟
هذا ما ننتظره من الذين يكتشفون ما تحمله أدوات المعرفة الحديثة من قدرات معنويّة تعمل على صياغة شخصيّة الإنسان صياغةً تسلك به طريق التكامل اللامتناهي.

لماذا أتعلم؟
ما يهدف إليه هذا الكتاب هو تعميق نظرتك إلى العلم ودوره وأهميّته في حياتك، حتى تقبل عليه بكل وجودك، لأنّه أعظم خير يصيبه الإنسان في هذا العالم. وحين تقدّر أهمية العلم وموقعيته تصبح مستعدًّا للبحث حول هدفه وغايته وكيفية تحصيله. كن عالمًا حقيقيًا تهتدي إلى العمل المطلوب. لماذا أتعلّم؟ الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 136 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

الدليل المرشد إلى الأعمال العظيمة
أكثر من 30 عملًا يمكن أن يحدثوا فارقًا كبيرًا ليس في حياتك ومستقبلك فحسب، بل في مجتمعك الذي ينتظر منك أن تكون من القادة الذين يلهمون الآخرين ليشاركوا في صناعة مستقبل العزة والكرامة والجمال. الدليل المرشد إلى الأعمال العظيمة الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 176 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

كيف نبني برنامجنا العلميّ الصحيح (2)
امتلاك الرؤية الصحيحة للعلم هي أساس الاهتداء العملي. ما لم نحمل في أذهاننا رؤية واضحة عن ماهية العلم ودوره في حياتنا وكيف نحصل عليه، فإنّ حركتنا العلمية مهما كانت نشطة لن تكون مهتدية.

كيف نبني برنامجنا العلميّ الصحيح (1)
إذا أردت أن تختبر علاقتك بالله، فابحث عن مدى رغبتك في طلب العلم.

حين يصبح العلم كلّ شيء: ما هو دور المدرسة في تزكية النّفوس؟
حين يُطرح موضوع تزكية النّفس وتهذيبها، فلا شك أنّنا سنكون أمام قضيّة عمليّة. فالتزكية فعل والتّهذيب عمل، ولهذا قيل أنّ تهذيب النّفس لا يمكن أن يتحقّق من دون مجاهدة وسلوك.

معضلة العلم الكبرى
كل من يتأمّل قليلًا في أحوال المجتمعات الاقتصاديّة والأمنيّة والمناخيّة والبيئيّة، يدرك أنّ هناك مشاكل كبرى يصل بعضها إلى حدّ التّهديد بالفناء والكارثة العظمى. هذا، بالرّغم ممّا يُقال عن بلوغ البشريّة شأوًا عظيمًا في العلم والمعرفة. وقد أطلق بعض المفكّرين على هذا العصر عصر العلم، باعتبار أنّ المجتمعات البشريّة باتت تلجأ إلى العلم والعلماء لحلّ مشاكلها أو تحقيق مآربها المختلفة.

هل الفلسفة هي الطريق الوحيد للمعرفة؟
اشتهر بين المسلمين ثلاثة طرق للمعرفة، وهي الطريق الذي يعتمد المنهج الكلامي؛ والطريق الذي يعتمد المنهج الفلسفي؛ أما الطريق الثالث فهو الذي يعتمد طريقة تهذيب الباطن وتصفية النفس عبر مراحل السّير والسّلوك، وهو الطريق العرفاني. ولم يكن علماء المسلمين رافضين للمنهج التجريبي، لكنّهم اعتبروه محدودًا في إطار المحسوسات والمادّيّات. فقد تكشّفت النصوص الدينيّة كالقرآن الكريم والسنّة المطهّرة عن غنًى ملحوظ في مجال القضايا والمجالات التي تناولتها، وتمّ عرض وبيان الكثير من الأمور المرتبطة بحياة هي أوسع وأعمق بكثير من هذه الحياة الدنيا. فجذبت هذه القضايا الجديدة الفكر الإسلامي وأشغلته طوال القرون التي أعقبت ظهور الإسلام.

البنى التحتية للثّورة الثقافيّة
المقصود من الثورة الثقافية هو تلك التحوّلات الجوهرية التي تحدث في طريقة تفكير الناس ونظرتهم إلى الوجود، والتي تتجلّى في تبنّي مجموعة من القيم التقدّمية وشيوعها. ونحن نؤمن بأنّ المعرفة هي المقدّمة الأولى والأساسية لتحقّق تلك التحوّلات، وأنّ الجهل هو المانع الأكبر من انبعاثها وانطلاقها.

صناعة عالم الدين في المدرسة
بإمكان المدرسة أن تحقّق المعاجز ضمن الإمكانات المتاحةيدرك المتخصّصون في مجال العلوم الدينية أنّ تحصيل مستويات عالية من المعرفة والتخصّص والمهارات التعليمية أمرٌ ممكنٌ بسنواتٍ قليلة، وحتى دون شرط إنهاء المرحلة الثانوية. وفي الوقت نفسه لا يشك خبير متضلّع بما في هذه المعارف من تأثيرٍ عميق على مستوى صقل الشخصية وتقويتها وتوازنها؛ الأمر الذي نفتقد إليه كثيرًا في مدارس اليوم حيث العجز والانفكاك بين العلوم والتربية.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...