
كيف يكون المعصوم قدوة؟
إذا كان وليّ الله معصومًا منذ طفولته ومؤيّدًا منذ صغره، فكيف يمكن أن نتّخذه قدوةً لنا؟
السيّد عبّاس نورالدين
تثبت الأدلّة العقليّة والنقليّة أنّ الأنبياء والرّسل هم أشخاص معصومون عن الخطأ ولا يمكن أن يرتكبوا أي معصية في سلوكهم وفي تلقّيهم للوحي وفي تبليغهم للرسالة. وهم مؤيّدون بروح القدس الذي بفضله تنكشف لهم قبائح المعاصي وبشاعة الذّنوب إلى الحدّ الذي تكون في مذاقهم كالسمّ الزّعاف والجيفة النتنة. فهل رأيتم من يُقبل على تناول السمّ بإرادته أو أكل الجيفة برغبته؟
ومن جانبٍ آخر، هناك دورٌ أساسيّ لهؤلاء المعصومين يتمثّل في تربية النّاس ودعوتهم بالعمل والتّجسيد الأخلاقيّ ليسلكوا سبيلهم الذي هو سبيل الوصول إلى الله. والله أمرنا بذلك كما في قوله تعالى: {لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ والْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثيرا}.[1]
بل إنّ أحد أهم أسباب بعث الأنبياء من بين البشر هو تمثّل هذه القدوة والأسوة للنّاس؛ ولو بعث الله ملائكته إلى البشر لما استفادوا منهم إلّا القليل ولقالوا إنّهم ملائكة لا يشعرون بما نشعر، ولا يعانون ممّا نعاني، ولا يواجهون تحدّيات الشّهوة والغضب والجوع والمرض. فينتفي الغرض من وراء وجود الأنبياء والأوصياء الإلهيّين الذين يُفترض أن يُقنعوا النّاس بسلوكهم وحياتهم وصبرهم وتحمّلهم.
وقد شاهد معاصرو الأنبياء هذه النّماذج الرّائعة للصبر والتضحية والكدح بأعلى صورها، ونفذت هذه المشاهد إلى أعماق قلوبهم، وإن اختلفوا في مستوى التأسّي والاقتداء. لكن، لم يتطرّق إلى أذهانهم يومًا ما يمكن أن نعبّر عنه باستحالة المضيّ على هذا الطّريق أو القيام بهذه الأعمال الحسنة والشريفة.
لقد نفذت تأثيرات هذه النّماذج إلى القلوب قبل أن يتطرّق إلى الأذهان أيّ اشتباهٍ أو تساؤل حول مدى جدوائيّتها وضرورتها وحُسنها. فقد كانت سيرة هؤلاء الرّجال الإلهيّين بمستوًى من التّأثير إلى الحدّ الذي لا يترك معه أي مجال للتّساؤل حول عظمتها وأهميتها.
وهكذا اختطّ أولياء الله المعصومون طريقًا ميسّرًا نحو الفضيلة والكمال، مع علم الناس بما لهم من منزلة ومقام رفيع عند الله. ومع علم البعض بأنّهم متّصلون بالوحي ويستمدّون من عصمة الله ويجتنبون كلّ قبيح.
ثمّ انقطع النّاس عن نهج النبوّة والرّسالة وهجروا أولياء الله، وبدأوا بدراسة سيرتهم من بعيد وأرادوا أن يفهموا حقائق النبوّة والإمامة بحدود عقولهم، فاعترضتهم الشّبهات وزلّت بهم الأوهام. كلّ ذلك لابتعادهم عن حضور المعصوم ومعايشته. ولذلك تجد البعض منهم يرفع هذا المعصوم إلى مستوًى ينفي معه إمكانيّة الاقتداء، ويسعى لتمجيده ولو على حساب دوره المحوريّ في هداية البشريّة. ثمّ تجد البعض الآخر يُنزل هذا المعصوم إلى مستوًى يسلبه أدنى درجات العقل فيصرّ على جهالته، كما في القصّة المشهورة المختلقة حول خطأ النبيّ في قضية تأبير النخيل وما جرى بعدها من هلاك الموسم. فنسبوا إلى هذا النبيّ العظيم ما لا يقوم به أدنى الحكماء. لأنّ الحكمة ليست في المعرفة فحسب، بل في الاعتراف بالجهل حين يكون، وعدم المضيّ في الجهالة.
أجل، لقد كان هذا كلّه حين حلّ الجدل محل الوجدان الصّافي، فاختفى العديد من مشاهد ومصاديق القدوة، وحُرمنا من أعظم مدارس التربية.
والآن فلنتوقّف قليلًا عند مقامات المعصومين ونتفكّر في معنى قدوتهم لنا وما يمكن أن نستفيده في هذا المجال.
لا شك أنّ لهؤلاء نحو اتّصال بالسّماء يؤهّلهم لإدراك أعمق ما في الوحي الإلهيّ والتأكّد من تمثيله لإرادة الله تعالى. فكلّ واحدٍ منّا يسمع الوحي الربّاني، لأنّ الله معنا أينما كنّا، لكن الأغلبية السّاحقة لا تفهم منه شيئًا بسبب الغفلة والإعراض. والقليل من النّاس من يأخذ من هذا الوحي ما يدلّه على الخير (مثل موارد الوجدان والتمييز بين الفجور والتقوى)، كما قال تعالى: {فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها}؛[2] أي يتمكّن من تفسير هذا الوحي في هذا المستوى من إدراك ما يريده الله تعالى. أمّا الأنبياء ومن ورثهم فهم قادرون على ترجمة الوحي بكلّ تفاصيله التي تصل إلى حدّ إدراك التكليف والإرادة الإلهيّة في الصلاة والصوم والحج وغيرها من دقائق الأعمال.
وسرّ ذلك يرجع بالدّرجة الأولى إلى مستوى الطّهارة الذي يتمتّع به أنبياء الله وأوليائه بفضل تمسّكهم الشّديد بعصمة الله تعالى التي يفيض بها على جميع البشر. وحين علم الله تعالى منهم الأمانة في التّبليغ بعثهم إلى الناس رسلًا مبشّرين ومنذرين.
فالعلاقة بين الطّهارة والأمانة من جهة، وبين المهمّة الخاصّة من جهة أخرى، هي التي ترسم لنا معادلة النبوّة والرّسالة والإمامة الإلهية. وبذلك تتجلّى لنا القدوة في أوضح مصاديقها. ولا يوجد أيّ إبهامٍ أو غموض في هذه المعادلة، وإن كانت الأسرار والحقائق الخفيّة من نتائجها.
لهذا، يعلم كلّ مؤمنٍ واعٍ أنّ السّير في طريق الطّهارة واجتناب المعصية بقدر الوسع والاستطاعة هو الذي يسلك به طريق الكمال والقرب. وليس مطلوبًا تحديد أي مستوى يمكن أن يبلغه وليس الكمال في مهمّة دون مهمة، بل في السّعي الحثيث لأداء التكليف بعد تشخيصه.
فعند الله تعالى، الشّرف والفضيلة يكمنان في مثل هذا السّعي والمجاهدة الدائبة للتخلّص من كلّ أسباب المعصية والقذارة المعنويّة.
وقد استطاع الأنبياء أن يرسّخوا هذه القدوة في أذهان ونفوس أتباعهم، وعلم هؤلاء أنّهم يستطيعون أن يتحرّكوا على طريق الأنبياء، الذي يهدف إلى إصلاح الأرض والمجتمع (ليكونوا بذلك من الصالحين)، وفهموا معادلة التّوفيق في هذا السبيل، ولم يتطرّق إلى نفوسهم شبهات المتكلّمين وأوهام المجادلين.
فالنهج واضح، والسبيل معبّد، والمسؤولية محدّدة، والقدرة متوفّرة. وما علينا إلّا أن ننظر سيرة هؤلاء المعصومين ونستلهم منهم دروس الصّبر والعمل والفضيلة والسّعي والوعي والبصيرة؛ وهل يوجد ما هو أهم من هذه الدروس؟!
[1]. سورة الأحزاب، الآية ٢١.
[2]. سورة الشمس، الآية ٨.

سفر إلى الملكوت
المبادئ الأساسيّة لبناء حياة معنويّة رائعة.كتاب يتحدّى تفكيرنا ويحثّنا على إعادة النظر بما كنا نعتبره من المسلّمات أو الأمور التي لا تحتاج إلى تعمّق وتدبّر. سفر إلى الملكوت الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 406 صفحاتالطبعة الرابعة، 2017مالسعر: 10$ تعرّف أكثر إلى الكتاب من خلال الكاتب يمكنكم شراء الكتاب عبر موقع جملون على الرابط التالي:

الإسلام كما عرفته وآمنت به
هذا الكتاب مساهمة في ترسيخ حوار القيم والمشتركات في زمن يبحث فيه الجميع عن التلاقي. ولا شيء أفضل في هذا المجال من إظهار بعض جمال ما نؤمن به ونعتنقه. الإسلام كما عرفته وآمنت به الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 198 صفحةالطبعة الأولى، 2017مللحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

عشر قواعد لحياة روحية عظيمة
عشر قواعد أساسيّة تدلّنا على كيفية الوصول إلى حياة روحانية صاخبة فوّارة طيّبة مفعمة بالنشاط والاندفاع. 10 قواعد لحياة روحية عظيمة الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 160 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 7.5$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

كيف يكون المعصوم مظهرًا لغفارية الله إذا كان لا يذنب؟
إذا كان الله خلق الإنسان ليظهر لذاته بصفات العفو والمغفرة وغيرها من الصفات.. وإذا كان الإنسان الكامل أعظم مخلوقاته، فكيف نفسر كونه الأقل عصيانًا والأقل حاجة لإظهار الله لصفة العفو والمغفرة معه؟

هل يقين المعصوم مكتسب؟
ورد في زيارة الامام الحسين عليه السلام عبارة "حتى اتاك اليقين". أليس اليقين صفة غير منفصلة عن الوجود المقدس للمعصوم وبالتالي فهي غير مكتسبة؟

هل مقام الإمام أعلى من النبي؟
سمعت من أحد العلماء أنّ النبي إبراهيم (ع) كان نبيًّا ثم قال الله له {إني جاعلك للناس إمامًا}. فهل الإمام أعلى رتبة من النبي؟ لماذا النبي محمد (ص) لم يكن إمامًا؟ هل الأئمة أفضل من الأنبياء ولماذا؟

إذا كان النبي معصومًا، فكيف لا يكون صاحب عزم؟
يُقسم الأنبياء إلى أولي عزم وغير أولي عزم ما المقصود بذلك؟وإذا كان النبي معصومًا فكيف ينسى ولا يكون صاحب عزم، كما تقول الآية عن النبي آدم (ع) لقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما

هل جسم المعصوم كباقي أجسام البشر؟
هل جسم المعصوم كباقي أجسام البشر؟

هل المعصوم يجاهد نفسه ؟
هل المعصوم يجاهد نفسه؟

لماذا لا يعرف التكليف إلا الإمام؟
هناك من يقول أن الشخص الوحيد الذي يعرف تكليفه هو الإمام المهدي (عج)، أما نحن فعلينا أن نعمل بما يُطابق العقل السليم وما طلبه منّا أئمتنا، وإذا أخطأنا يُسددنا الإمام. إلى أي مدى يُعدّ هذا الكلام دقيقًا؟

إذا لم نشهد زمن المعصوم، هل يؤثر ذلك على تكاملنا؟
هل نحن مسؤولون عن عدم ولادتنا في زمن الرسول الأكرم(ص) مثلًا أو غيره من الأئمة المعصومين(ع). وفي حال متنا قبل مشاهدة صاحب العصر والزمان ولم تُكتب لنا الرجعة، فماذا يمكن أن يكون السبب لحرماننا من ذلك؟ ألن يؤثر ذلك على تكاملنا؟ وهل يمكن للإنسان أن يبلغ درجات عالية من التكامل من دون أن يرى معصومًا في الدنيا؟

لماذا ينبغي أن يكون النبي معصومًا؟
ألا تنافي العصمة كونه أسوة للناس؟

ذاك الشاب المغمور قدوتي! كيف يتحوّل شخص ضعيف بائس إلى قدوة لآلاف الشباب؟
يرسم بعض النّاس لنا صورة القدوة ويجسّدونها من خلال التحوّل العميق الذي يحدث في شخصيّتهم. هذا التحوّل الذي يظهر بارتقائهم من أسفل سافلين إلى أعلى عليّين في زمنٍ محدود، يعبّر عنه بعض أهل العرفان والرّوحانية بعبور ألف شهر في ليلة واحدة. يدهشنا كيف أنّ شابًّا بائسًا عديم الجدوى يمكن أن يصنع مثل هذه المعجزة دون أن يبذل جهدًا كبيرًا أو يستغرق زمنًا طويلًا.

القدوة أعظم مؤثّر
لا يتحرك الناس بمجرد حصول القناعة والفهم، فالمحبة والرغبة والإنجذاب إلى الشيء هو الذي يشكل الدافع الأكبر نحوه. إذا قمنا بتحليل الدوافع الأساسية في أي تحرك أو نشاط يقوم به الإنسان، لوجدنا أن تمثّل النتيجة والأثر في صورة خياله، وما تعطيه من لذة أو مصلحة متصورة عنده، هي التي تدفعه نحو ذلك الشيء...

10 عوامل تعجّل ظهور الإمام
الإمام المهدي هو الإنسان الذي جمع أعظم القيم الإنسانية والمعنوية في شخصيته. لهذا فإنّ انتظاره هو انتظار لتحقّق هذه القيم في الحياة الاجتماعية. وحين يدرك المسلمون أهمية هذه القيم في حياتهم ويبدأون بالمطالبة بها، فهذا يعني أنّهم قد حقّقوا الشرط الأوّل للتغيير وهو تغيير ما بالنفوس، وحينها سيحصلون على الجزاء وهو تغيير الله ما بهم.

التربية العقائدية أو صناعة الإيمان
إنّ التربية العقائدية مهمّة مصيرية ومحورية، ولا يجوز الاستنكاف عنها بأي شكل من الأشكال؛ ولأجل ذلك ينبغي إيلاؤها كل ما تتطلّبه من مهارات ومعارف، لأنّها أساس انبعاث الشخصية القويمة القوية المتكاملة.والعمل على بناء التصوّرات الصحيحة للموضوعات المرتبطة بالعقيدة هو أساس هذه العملية.

صناعة المثل الأعلى
إذا نظرنا إلى حياتنا وأردنا أن نكتشف قيمتها وأهمّيتها ودورنا فيها، فلا شيء يمكن أن يعيننا على ذلك مثل الأحداث الكبرى التي تقع فيها. إنّها الحوادث التي تخرج عن سياق الرّتابة والسّطحيّة والاهتمامات المادّيّة، وتجعلنا نعيد النّظر بأهم الأمور ونعمّق الفكر حول الوجود كلّه وحول الحياة والمصير ومن نحن، وأين وكيف سنكون.

بحث: المنهاج العقائدي في فكر الشهيد المطهّري
يزخر فكر الشّهيد المطهّري بالمعارف المتعلّقة بالرؤية الكونيّة. وهو يصلح لأنّ يشكّل مدرسة فيها العديد من جوانب التّكامل والشّموليّة والأصالة والعمق والسّلاسة والتدّرج. فهذا العلّامة كان قد أخذ على عاتقه مهمّة نشر المعارف الإسلاميّة التي تقدّم للإنسانيّة رؤية واضحة حول سرّ الوجود وغايته، فتجيب بالتالي عن أهم أسئلتها وقضاياها.

هل تحرمني الذنوب من التكامل والوصول إلى المراتب العليا؟
أسئلة حساسة تدور في أذهان الكثير من الباحثين والشباب وهم يتطلعون إلى الإسلام ليقدّم لهم أجوبة شافية تنطلق من أصوله ومبادئه. أسئلة عميقة وأجوبة ميسّرة.

9- التربية أعظم أدوار الإمام
الإمامة ظاهرة إلهية ذات دلالات عظيمة أقل ما يمكن أن يقال عنها أنّها باب معرفة الله والدين وعنوان قيادة المشروع والخطة الإلهية. وهي ظاهرة تحتوي على حقائق كبرى، فماذا نعرف عن هذه الحقائق؟
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...