هناك مجموعة من المبادىء الأساسية التي نعرفها في ليلة القدر، أحدها هي أنّ هذه الليلة ذات شأن عظيم عند الله وفي الدين والوجود، والآخر هو استحباب أكيد لإحيائها والاستعداد لها استعدادً جيدًا.
الأمر الآخر أنّ لهذه الليلة حقائق وجودية، وأنّ السعي لإدراك هذه الحقائق مطلوب أيضًا وأنّ إدراك هذه الحقائق له تأثير كبير على وجود الإنسان. وهنا يتوسّل الإنسان المؤمن بكل طريقٍ ممكن ومستحب للوصول إلى هذه الحقائق.
إنّ التأمل في الحوادث الكبرى التي تجري في ليلة القدر يمنحنا الفرصة لمعرفة أسرارها أو حقائقها. . وإنّ فقدان التوجه إلى هذه الحقائق يقلّل كثيرًا من تأثير عملية الاعداد والاستعداد.
ومن هذا الحقائق تنزّل القرآن الكريم والروح والملائكة؟ إلى ماذا يشير هذا التنزّل؟ وما هي نتيجته؟

من حسّن خلقه في هذا الشهر..
عن رسول الله (ص) في خطبته المشهورة في استقبال شهر رمضان أنه قال: "ومن حسّن في هذا الشهر الشريف خلقه، كان له على الله أن يثبّت قدميه حين تزل الأقدام". إنّ لتحسين الخلق في هذا الشهر آثار، لعلّها من أروع وأهم الآثار لصيام شهر رمضان، بل يمكن القول أنّ هدف الكثير من الأحكام المتعلقة بهذا الشهر هوإيصالنا إلى مقام حسن الخلق.

كيف نحيي ليلة القدر؟
قال الله في كتابه العزيز: {ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر}السعي لإحياء هذه الليلة المباركة هو سعيٌ لإدراك حقيقتها، لأن الآيات الشريفة تحثّنا على التفكر مثل قوله تعالى: {وما أدراك ما ليلة القدر}، إنّها ليست حقيقة ممنوعة على الخلق، لكنّها حقيقة محتجبة ومستورة ولعلّه لأجل ذلك عُبّر عنها بليلة القدر.إذًا ليلة القدر ليست زمانًا معيّنًا، وإن كان للزمان فيها مدخلية، لكنها حقيقة كونية تشير إلى وقائع عظيمة جدًّا تفوق الزمان الذي نتصوّره، وتريدنا أن نعبر زماننا بقوله تعالى: {خيرٌ من ألف شهر} لنتوجّه إلى المعاني الكامنة فيها، وذلك حين يقول الله سبحانه وتعالى: {تنزّل الملائكة والروح فيها}.

أهداف الصوم 8.. الولاية
لقد علمنا أن شهر رمضان له حرمة خاصة بمعزل عن عبادة الصيام الجليلة. إنّ لهذا الشهر منزلة وأفضلية وأوجب فيه الصيام. ويقع فيه مناسبة مهمة وهي بشارة العالم بولادة حفيد المصطفى (ص). هذا الإمام الذي افتخر به رسول الله أمام الجميع، وقال ابني هذا سيصلح به أمّتي. وهذا يدلّ على أنّ ما قام به الإمام الحسن عليه السلام في حياته يمثّل عاملًا استراتيجيا على مستوى حياة الأمة الإسلامية...فسلام الله على الإمام الحسن بن علي، سلام الله على هذا الإمام الصابر المحتسب عند الله، الذي يشعرنا في هذا الشهر المبارك أننا في ضيافة أهل البيت عليهم السلام وأننا ينبغي أن نفهم هذه العبادة الشريفة من منطلق الولاية. والحمد لله في هذه الأيام نجد أن الوعي تجاه العلاقة بين العبادات والولاية يزداد، وهذا من البركات الكبرى لهذا الشهر المبارك الفضيل، أنّ الناس بدؤوا يتفكرون بالعلاقة بين الولاية والصوم ونرجو أن يستمر ذلك على مستوى الحج وغيرها من العبادات حتى يصل على الصلاة حيث يمكن عندئذٍ أن ندرك مدى أهمية صلاتنا في تحقيق هذه الولاية والرابطة الحقيقية بين صلاتنا وولاية أولياء الله

الصوم الهادف6.. شهر رمضان ربيع القرآن
{شَهْرُ رَمَضانَ الَّذي أُنْزِلَ فيهِ الْقُرْآن} عظمة شهر رمضان وحرمته ليست بالزمان الخاص فيه، هو زمان متنقل عبر أيّام السنة. إنّ عظمته تكمن في نزول القرآن فيه.لنزول القرآن أسرار. بعض الناس يتصوّرون أنّ نزول القرآن كنزول أيّة رسالة من السماء، لكن في الواقع إنّ نزول القرآن لم يكن ليتحقّق لولا العروج المحمدي الأحمدي (ص) إلى قمّة وأوج مقام القرب. ولذلك لا ينبغي أن ننسى أيضًا أنّ هذا الشهر هو شهر رسول الله وشهر الولاية، لأنّ هذا النزول وهذا التنزّل مستمرٌّ دائمٌ ما دامت ليلة القدر.

الصوم الهادف 7.. الصبر والعزم
إنّ الفيوضات الإلهية التي تتنزّل في شهر ضيافة الله هي أعظم من أي فيض يمكن أن يتصوّره إنسان، وكفى بذلك أنّ ليلة القدر التي تتنزل فيها الملائكة والروح فيها هي في هذا الشهر، بمعنى أن كل خيرات وبركات وكمالات العوالم العليا تتنزل في هذه الليلة وفي هذا الشهر... فشهر رمضان شهر الاستمداد من الله تعالى ويحصل الاستمداد بواسطة الانقطاع إلى الله؛ حيث إنّ الشهر يمثل بروحه حالة الانقطاع إلى الله حين تصبح أنفاسنا فيه تسبيحاً حين ونومنا فيه عبادة فهذا يعني أنّه يمكننا أن نعيش طيلة 30 يومًا في حالة عبادية مستمرة.ومن أهم الأمور التي ينبغي أن نطلبها في هذا الشهر هو العزم، لأنّه في كثير من الأحيان نتوقع ونرجو ونرغب ونحلم لكننا لا نجد العزم الكافي للسير نحو ما نرجوه ونتمنّاه.ونحن نعلم أن الصيام فيه مشاق عدة ويتطلب تحمّلًا، لكنّه أيضًا من أنواع التربية الإلهية التي تعزّز فينا حالة الصبر فنعتاد بعدها على تحمّل المشقات في شؤون الحياة المختلفة، وبفضل هذا التحمل تقوى النفس ويمكن أن تتشكل فيها حالة العزم الأكيد على القيام بالأعمال الكبيرة والعظيمة التي خلقنا لأجلها.

لماذا تكون الشياطين مغلولة في شهر رمضان؟ وكيف نستفيد من هذه الفرصة العظيمة؟
ربما لا يوجد أي مبالغة إذا قيل بأنّ الشياطين هي السّبب الأساسيّ في صدور المعاصي من البشر. لقد أشار الإمام زين العابدين (عليه السلام) إلى هذه الحقيقة العجيبة حين قال في دعائه: "فَلَولاَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَخْتَدِعُهُمْ عَنْ طَاعَتِكَ مَا عَصَاكَ عَاصٍ، ولَولاَ أَنَّهُ صَورَ لَهُمُ الْبَاطِلَ فِي مِثَالِ الْحَقِّ مَا ضَلَّ عَنْ طَرِيقِكَ ضَالٌّ".[1]فلولا هذه الكائنات الخبيثة لما ظهرت مكامن النّفوس وما تخفيه من سوء!

في شهر رمضان نتعلّم التمهيد... كيف يساهم صومنا في تعجيل الفرج؟
التأمّل العميق في معاني وأسرار هذه ليلة يكشف لنا عن كونها ليلة استفاضة خليفة الله من علم الله. إنّها الليلة التي يتعرّف فيها ولّي الله الموكل بقيادة رسالة الله إلى ما ينبغي أن يقوم به في العام القابل. إنّها ليلة تلقّي ورقة المهمّات المرتبطة بدوره الكبير في هداية العالم.

الصوم الهادف 3.. شهود القدرة الإلهيّة
في قوله تعالى {واستعينوا بالصبر والصلاة} يقول الإمام الصادق (ع) عن الصبر بأنّه الصوم.شهر الصيام إذن هو شهر الصبر الذي من خلاله نزداد إيمانًا ويقينًا بحضور القدرة الإلهية في حياتنا.إنّ التحمّل الذي يحدث عند الإنسان الصائم بهذه الانضباتية العالية مهما كانت الظروف المناخية يولّد عنده قدرة إضافية، هذه القدرة هي القدرة المعنوية التي هي أعلى بكثير من القدرة المادية وبواسطة هذه القدرة سيتمكن الإنسان من شهود قدرة الله سبحانه وتعالى لأنّ الله أنعم علينا بكل هذه الوسائل لأجل أن نصل إلى قدرته، أن ندرك حضوره لا أن نحتجب بالأسباب عنه سبحانه وتعالى.

الصوم الهادف 1.. كيف نستعد لشهر الله؟
بعض الناس يصومون فقط لأنّه واجبٌ عليهم، وشيئًا فشيئًا حتى هذا الوجوب يختفي من أذهانهم ومن قلوبهم ويتحوّل إلى نوع من العمل دون الالتفات إلى الآثار والثمار. لذلك فإنّ توجه القلب إلى أهداف الصيام قد يكون عاملًا مهمًّا جدًّا في تفعيل دور الصيام في حياتنا المعنويّة. فما الذي يمكن أن نستفيده من منازل الوحي فيما يتعلّق بأهداف الصيام؟ولماذا كان شهر رمضان معظمًا عند الله سبحانه وتعالى؟ما سرّ عظمة ليلة القدر؟ وكيف نستعدّ لها؟

الصوم الهادف 4.. تحقيق الإخلاص
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز:{وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين، ألا لله الدين الخالص}.الإخلاص لله سبحانه وتعالى هو شرطٌ أساسي لقبول الأعمال وللقرب منه تعالى، فلا يُتقرّب إلى الله إلا بالاخلاص له، قال الله عز وجل في حديثٍ قدسي: "لا أقبل إلا ما كان لي خالصًا".وقد ورد في الحديث: "الصوم لي". بالتأكيد، كل العبادات هي لله سبحانه وتعالى، لكن كأن هذا الحديث يريد أن يقول لنا أنّنا بالصيام نستطيع بسهولة أن نستشعر حضور الله عز وجل والتوجه إليه وطلبه. فكيف ذلك؟

الصوم الهادف 2... كيف يحقّق الصيام حالة التقوى في النفس؟
أحد الأهداف القريبة للصيام هو الذي عُبّر عنه بالتقوى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} يُستفاد من هذا التعبير الجميل أنّ احتمال حصول التقوى من خلال الصيام هو هدفٌ مهمٌّ جدًّا وأساسي.كيف يحقّق الصيام حالة التقوى في النفس؟