
ما العمل لجعل مذهب التشيّع متفوقًا
السيد عباس نورالدين يكمل الحديث عن مستقبل التشيع كمذهب عالمي
أن تكون عالميًّا لا يعني بالضرورة أن تكون على هدى أو أن تمتلك الحقيقة؛ فقد تعرض مذهبك أو مدرستك ضمن الأطر والقوالب الفطرية، فيُقبل الناس عليها أفواجًا أفواجا، ليكتشفوا فيما بعد خواء ما هو خاوٍ منها أو كذب ما كان مناقضًا للادّعاء. فالدعاية هي فن تجميل القبيح، وهي صناعة كبرى تنفق فيها مئات مليارات العملة الصعبة سنويًّا؛ لكن أن تكون على حق وأن تكون مؤمنًا وتابعًا لمذهبٍ جامعٍ للكثير من الأمور التي يحتاج إليها الناس بحسب فطرتهم، يوجب عليك انطلاقًا من إنسانيتك أن توصل لهم هذه البضاعة الجميلة التي تعرفت إليها وخبرتها؛ ولكي تفعل ذلك تحتاج إلى عرضها بطريقة جذابة وسلسة وعالمية.
والمقصود من "العالمية" هو البيان الذي يفهمه الجميع مع اختلاف ثقافاتهم. ونحن نعتقد بوجود مثل هذا البيان اليوم. وأفضل إثبات عليه هو هذا الإعلام الهوليوودي الذي أصبح لغة عالمية يحتذي بها الجميع أينما كانوا، حين يريدون إيصال نتاجاتهم وأفكارهم وتقاليدهم إلى العالم كله.
إنّ الأصول والإمكانات المعرفية والروحية الموجودة عند الشيعة ليست بعيدة عن اللغة العالمية بتاتًا؛ بل إنّنا نعتقد بأنّها ستتحول ذات يوم إلى لغة عالمية بحدّ ذاتها. وما علينا اليوم إلا أن نخاطب الناس بلغتهم ونذهب إليهم حتى يفهموا لغتنا ويأتوا إلينا.
يحتاج الناس إلى رؤية كونية شاملة وعميقة وعقلانية تجيبهم عن الأسئلة المصيرية، التي قلما يجدون لها إجابات واضحة ومفهومة. وهذا ما يتوافر عليه المذهب الشيعي الشديد التوغل في العقليات والمتصل بوحي السماء ـ من خلال مؤسسيه الذين تمتعوا بخاصية هذا الاتّصال المباشر.
إنّ ما نحتاج إليه هنا هو العمل على بلورة هذه الرؤية الكونية بالطريقة التي تسمح لها بالانتشار الواسع على مستوى العالم كله؛ وذلك بعرضها في قوالب وأساليب الأعمال الأدبية والفنية، التي هي أفضل وسيلة لتحقيق ذلك. وهنا تقع المسؤولية الكبرى على المفكّرين الشيعة الكبار الذين لهم إحاطة مهمة بهذا التراث، وينقصهم مهارات هذه اللغة والوسيلة العالمية وإتقانها.
كما يحتاج العالم للتعرّف إلى روحانية عميقة تتصل بعمق أزماته وحاجاته ومعاناته، التي تزداد يومًا بعد يوم نتيجة غلبة تيار العبثية والهذيان وبسبب صخب ضجيج الروحانيات السطحية وهيمنة أسواق البضائع المعنوية المزيفة.
ويمتلك الشيعة مجموعة من المصادر العظيمة في هذا المجال، يمكن أن تشكّل القوة الدافعة الكبرى لروحانيتهم المتفوقة العظيمة الشاملة؛ منها، بالإضافة إلى القرآن الكريم، كتاب الصحيفة السجادية الذي لا يوجد له نظير في هذا المجال في أي مكان أو مذهب في العالم كلّه.
وممّا يؤسف له هو أنّ الشيعة أنفسهم لم يقدموا لحدّ الآن على طباعة ونشر هذا الكتاب البهي في أوساطهم، بالصورة التي تليق بشأنه رغم وجود كل الإمكانات اللازمة لذلك؛ هذا، فضلًا عن هشاشة معظم الأعمال المرتبطة به. فترى نوعية حضوره سببًا لجعل الناس يزهدون به ويستخفون بأمره.
ويحتاج الناس إلى رؤية حجم النتاج الفكري الذي يجري على قدم وساق داخل البيئة الشيعية الناشطة وعلى يد عشرات المؤلفين والمفكرين والباحثين،الذين يعيش معظمهم في واحات شبه معزولة فرضها واقع عدم وجود مؤسسات تُعنى بهذا النتاج المهم وتتعاطى معه من موقع الأبوة والمسؤولية. فلو وُجدت مؤسسة واحدة تهدف إلى الترويج للفكر الشيعي في العالم، لسرعان ما ظهر الحجم الكبير لهذا النتاج ولذهل القريب والبعيد من روعته (رغم وجود عشرات الملاحظات التي يمكن توجيهها هنا)؛ والأهم من ذلك كله، هو ما سيؤدي إليه هذا النوع من الأعمال المؤسساتية على مستوى دفع هذه الحركة الفكرية والارتقاء بها إلى مديات غير مسبوقة.
المؤسسات الأبوية تتعامل مع المفكرين كأبناء لا كمنافسين، تسعى لتهميشهم من خلال إيجاد وترويج البدائل، عبر الاستفادة من الإمكانات المالية الضخمة. فأن تكون أبًا يعني أن تسمح بهامش من الخطأ والاختلاف، لأجل تربية وإعداد وتطوير أبنائك بدل عزلهم والقضاء عليهم.
لقد أسّس أصحاب الإمكانات مؤسسات كانت أبعد ما يكون عن هذه الرعاية والعناية، فأصبحت سببًا لتعطيل وإبطاء الإنتاج الفكري من خلال إشعار الناس بالشبع الوهمي. وهي تصدر كل سنة عددًا كبيرًا من الأعمال والكتب والمنشورات التي لا تنطلق من روح البحث العلمي ومستلزمات نجاحه وارتقائه.
ينكل العديد من أصحاب الفكر عن تقديم الجديد والمتطور والنافع، لأنّهم لا يرون مجالًا لنشر أفكارهم وترويجها؛ والأسوأ من ذلك أنّهم لا يشاهدون ترددات أصداء أفكارهم في أي ناد أو مجال، إلا إذا خالفوا ليُعرفوا أو جاؤوا بشيءٍ عجيب.
لقد ابتُليت المجتمعات الشيعية بهذا الصمم والجمود، الذي قلّ نظيره في المجتمعات الأخرى، وخصوصًا على مستوى القرار والتخطيط. وهذه نقط عيب كبرى، نحمّلها أكبر المسؤولية عن كل هذا الكبت وقلة الإنتاج والسطحية.
لطالما أشرنا إلى أنّ نقطة الانطلاق الأولى تكمن في القيادة التي ينبغي أن ترعى مثل هذه الحركة الفكرية وتوجهها وتأخذ بيدها وتدعمها وتنشرها وتروج لها؛ وكل هذا ليس بالأمر الصعب، لأنّ ما يحتاج إليه المفكّرون من أهل القلم هو أن يتعرّف الناس إلى نتاجاتهم في بيئة إيجابية مفعمة بالاهتمام. فلو أقام المعنيون من أصحاب الإمكانات جوائز سنوية حقيقية لأفضل الأعمال الفكرية السابقة والحالية، لتحقق ذلك كله.
وما لم تولِ القيادات الحالية هذه المسألة المحورية الاهتمام اللازم، فسوف يأتي الله بقيادات أخرى في المستقبل، تؤمن بالناس وهم العامة، كما تؤمن بالنخب وهم الخاصة؛ قيادات قوية ثورية لا تعيش صراع أولويات في تقديم فئة على أخرى.
إنّ التوجه إلى العالمين، ومع توفر كل هذه الوسائل والوسائط التكنولوجية، أصبح ممكنًا جدًّا؛ ولكن هذه الوسائل لا تصبح ميسرة للأفراد إلا بعد تكييفها على يد المبرمجين الذين يجب وضعهم في إطار مؤسساتي تدعمه جهات مقتدرة ويعمل على المدى البعيد. فكما كان الكاتب في العصر الفائت يحتاج الى دور النشر التي تمتلك موارد إضافية لنشر أعماله، فهو اليوم بحاجة إلى مجالات الشبكة العالمية المختلفة لترويج نتاجه على مستوى العالم.
إنّ إيجاد هذه المجالات يتطلّب إنفاقات كبيرة، أضحت تفوق إمكانات دور النشر التقليدية بكثير. فإذا أردنا أن نطوّع وسائط تواصل اجتماعية لتكون في خدمة المفكرين والدعاة والمبلغين والمرشدين الإسلاميين، فإنّنا بحاجة إلى تشكيل قواعد تكنولوجية وبرمجية تتطلّب دعمًا على مستوى الدول والوزارات.
وهذا ما ينطبق أيضًا على السينما الإسلامية التي لا يمكن أن ترتقي إلى مستوى المنافسة العالمية إن بقيت بهذه الصورة المبعثرة؛ التي تنتظر شركاتها، المتناظرة والمتشابهة إلا بالأسماء، فتات أنواع الدعم أو التمويل. فالسينما صناعة كبيرة تقوم على وجود العديد من المؤسسات المتضافرة لا المتناظرة، التي تتخصّص كل واحدة منها في مجال يرتبط بمستلزمات هذه الصناعة.
فنحن بحاجة إلى مؤسسات تُعنى بتطوير وتفعيل وتعميق الكتابة السينمائية من حيث المضمون أولًا، وقبل أي شيء من حيث التقنيات والآليات.
كما أنّنا بحاجة إلى مؤسسات تعنى بالموسيقى التصويرية وكل أشكال فنون الصوتيات وتقنياته التي هي غاية في الأهمية لهذه الصناعة.
ونحن بحاجة إلى مؤسسات تتخصص في المؤثرات البصرية التي تتفرع إلى عشرات الشؤون والمجالات. وهكذا، سوف نجد أنفسنا أمام صناعة عظيمة متشابكة ومعقدة، لكنّها ستؤدي في حال اكتمالها إلى تقديم سينما إسلامية عالمية، لا أظن أنّ هناك من يقدر على تصور آثارها ونتائجها المعنوية والفكرية.
هل يعجز القادة عن تصور مستلزمات هذه الصناعة؟
ومن الذي يمكن أن يقدم لهم هذا المشروع بصورته الشاملة وإطاره الإداري التخطيطي الواعي، ليتجاوز إشكالية احتياطهم في إنفاق المال حين يأتي دور الأعمال الثقافية، كما تجاوزوها في صناعة الصواريخ المدمرة، التي سيكون معظم نتاجها بلا استعمال؟!
هذا غيض من فيض القضية. وقديمًا قال الإمام علي عليه السلام: "ولكن لا رأي لمن لا يطاع"؛ فحين يجد المفكّر نفسه معزولًا عن دوائر القرار المشغولة بالجزئيات واليوميات، لن يجد في نفسه دافعًا لكي يبالغ في النصيحة، بل يكتفي بالإشارات التي قد يلتقطها أهلها يومًا ما.

كيف أحيا مسلمًا وأعيش سعيدًا
في عالم اليوم حيث تتلاقى الحضارات وتتصادم الثقافات، تبرز الأديان كمحور أساسي في كل هذا التفاعل. وما أحوجنا إلى تقديم ثقافتنا الأصيلة في بعدها العملي المعاش الذي يطلق عليه عنوان نمط العيش.وفي هذا الكتاب سعى المؤلف إلى عرض القيم الإسلامية المحورية في قالب الأسلوب والنمط الذي يميز حياة المسلم الواقعي الذي ينطلق من عمق إيمانه والتزامه بمبادئ الإسلام وقيمه السامية. كيف أحيا مسلمًا وأعيش سعيدًا الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 288 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-037-8 السعر: 12$

هل اقترب الوعد الحق؟
هل نعيش العصر الذي سيشهد ظهور المنجي والمخلّص النهائي للبشرية والذي سيملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت ظلمًا وجورًا؟ما هي الأوضاع التي يفترض أن تسبق هذا الحدث العظيم؟ وهل بإمكاننا أن نسرّع فيه؟ما هي أهم الموانع التي تجعل مثل هذا الوعد الإلهي بعيد المنال؟لماذا يجب أن نعمّق الثقافة المهدوية كشرط لهذا الظهور المبارك؟هذه الأسئلة وغيرها من القضايا الكبرى يتعرّض لها هذا الكتاب. هل اقترب الوعد الحقّ؟ الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 216 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-035-4 السعر: 12$

مختصر معادلة التكامل
هذه الطبعة المختصرة لكتاب "معادلة التكامل الكبرى" الذي يبيّن مدى سعة الإسلام وشمول رؤيته ومنهجه لكلّ شيء في الوجود. كيف لا؟ والله عزّ وجل هو المبدأ والمنتهى.. نقدّمها لقرّائنا الذين يودّون أن يحصلوا على معرفة أوّليّة بتلك المعادلة الكبرى، أو للذين لا يجدون الوقت الكافي لمطالعة الكتب الكبيرة. مختصر معادلة التكامل الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 200 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

روح المجتمع
كتابٌ يُعدّ موسوعة شاملة ومرجعًا مهمًّا جدًّا يمتاز بالعمق والأصالة لكلّ من يحمل همّ تغيير المجتمع والسير به قدمًا نحو التكامل، يحدد للقارئ الأطر والأهداف والسياسات والمسؤوليات والأولويّات والغايات المرحليّة والنهائيّة في كلّ مجال من المجالات التي يمكن أن تشكّل عنصرًا فعّالًا في حركة التغيير، على ضوء كلمات قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم روح المجتمع الكاتب: الإمام الخامنئي/ السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*25غلاف كرتوني: 932 صفحةالطبعة الأولى، 2017م ISBN: 978-614-474-020-0 سعر النسخة الملوّنة: 100$سعر النسخة (أبيض وأسود): 34$ للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراءه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

إصلاح المجتمع الإسلامي
إصلاح المجتمع الإسلامي من خلال فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إصلاح المجتمع الإسلامي إعداد: مركز البحوث الإسلامية في قم المقدسةترجمة: الشيخ ماجد سليمانتحرير ومراجعة ونشر: مركز بقيّة الله الأعظم (مركز باء للدراسات)حجم الكتاب: 14.5*21.5غلاف ورقي: 160 صفحةالطبعة الأولى، 1999محالة الكتاب: نافد

على طريق بناء المجتمع التقدمي
المجتمع التقدّمي هو المجتمع الذي يتحرّك أبناؤه نحو قمم المجد والفضيلة والكمال.المجتمع التقدمي هو التعبير الأمثل عن استجابة الناس لدعوة الأنبياء الذين أرادوا أن يخرجوا البشرية من مستنقع الرذيلة والحيوانية والعبثية لإيصالها إلى أعلى مراتب الإنسانية والنور..فما هي سبل إقامة هذا المجتمع؟وما هي العقبات التي تقف في طريق تحقّقه؟ على طريق بناء المجتمع التقدّمي الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14.5*21عدد الصفحات: 376الطبعة الأولى، 2019Isbn: 978-614-474-081-1السعر: 14$

معادلة التكامل الكبرى
يقدّم رؤية منهجيّة تربط بين جميع عناصر الحياة والكون وفق معادلة واحدة. ولهذا، فإنّك سوف تلاحظ عملية بناء مستمرّة من بداية الكتاب إلى آخره، تشرع بتأسيس مقدّمات ضروريّة لفهم القضية ومنطلقاتها، ثمّ تمرّ على ذكر العناصر الأساسية للحياة، لتقوم بعدها بالجمع بينها والتركيب، لتخرج في النهاية بمعادلة شاملة لا تترك من مهمّات الحياة شيئًا. معادلة التكامل الكبرى الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 21.5*28غلاف ورقي: 336 صفحةالطبعة الأولى، 2016مالسعر: 15$ تعرّف إلى الكتاب من خلال الكاتب للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم أن تطلبوه عبر موقع جملون على الرابط التالي:

حول أسلمة العلوم الطبيعية أو التطبيقية.. مبادئ أساسية لبناء المناهج
لا ينظر المؤمنون بالإسلام وقيمه إلى الحركة العلمية الغربية بارتياح عمومًا، ومنها ما يرتبط بالعلوم التي تمحورت حول دراسة الكون والطبيعة والإنسان؛ هذه العلوم التي عبّرت عن نفسها بمجموعة من الاختصاصات والفروع، وظهرت بنتاج هائل استوعب جهدًا كبيرًا للبشرية، فأصبح بسبب ضخامته وحضوره مدرسة عامة يتبنّاها العالم كلّه. فالمنهج الغربيّ في التعامل مع الطبيعة والكون والإنسان هو المنهج المعتمد اليوم في كل بلاد العالم دون استثناء. إلا إنّ المؤمنين بالإسلام متوجّسون من حركة الغرب عمومًا، لا سيّما حين ينظرون إلى نتائج هذه العلوم على مستوى علاقة الإنسان بربّه. لقد أضحت هذه العلوم علمانية بالكامل، ليس أنّها لا ترتبط باكتشاف مظاهر حضور الله وعظمته وتدبيره وربوبيته فحسب، بل أصبحت سببًا لحصول قطيعة بين الإنسان وخالقه؛ في حين أنّ هذه العلاقة هي أساس سعادة الإنسان وكماله. أضف إلى ذلك، الآثار الهدّامة المشهودة لهذه العلوم على مستوى التطبيق والتكنولوجيا.من هنا، فإنّنا ندعو إلى إعادة النظر في هذه المقاربة، والعمل على تأسيس مقاربة أدق وأوسع وأشمل تجاه الكون والإنسان والوجود تنطلق من فهم فلسفة الوجود وغايته، فتكون عاملًا مساعدًا لتحقيق الأهداف الكبرى.

الفكر الإسلامي: نحو آفاق غير مسبوقة
هناك قدرة عظيمة عند الفكر الإسلامي، خصوصًا في نسخته النابعة من مدرسة أهل البيت (ع)، على ملء الفراغ الفكريّ الذي يعيشه العالم وعلى تقديم الكثير من الحكمة التي تحتاجها البشرية.يوجد أعمال فكرية رائعة في وسطنا، ومع ذلك هي مجهولة حتى في هذا الوسط، فضلًا عن الأوساط المسلمة الأخرى وبقية بلاد العالم. ورغم المحاولات العديدة لإيصال هذا الفكر للآخر، والمحاولات الحثيثة لنشره وسط بيئة تتقبّله بحكم الانتماء؛ إلا أنّه وبعد مرور عدّة عقود لا يبدو أنّ هناك أثرًا واضحًا لهذه المحاولات. بل نجد أنّ هذا الفكر في انحسار، ومع انحساره يفقد أهله الاندفاع المطلوب لإكمال مشروع بناء تلك المنظومة الفكرية وإظهار الفكر الإسلاميفي كل العالم. فمن الذي يتحمّل المسؤولية في هذا المجال؟والأهم كيف يمكن أن نحلّ هذه المشكلة حتى نحقّق هذه البيئة الناشطة الفاعلة التي تتفاعل فيها الأفكار الأصيلة العميقة الملهمة والمهتمة مع الواقع البشري بقضاياه المختلفة؟

العامل الأول لانطلاق مسيرة التقدم في المجتمع
ورد عن الإمام الصادق (ع): "ثَلَاثَةٌ تَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ: مُكَافَأَةُ الْمُحْسِنِ بِالْإِحْسَانِ لِيَزْدَادُوا رَغْبَةً فِيهِ، وَتَغَمُّدُ ذُنُوبِ الْمُسِيءِ لِيَتُوبَ وَيَرْجِعَ عَنْ غَيِّهِ، وَتَأَلُّفُهُمْ جَمِيعًا بِالْإِحْسَانِ وَالْإِنْصَاف". لا يمكن لأي مجتمع أن يتجه نحو الفضيلة، بمعنى أن ينشأ فيه توجّه عام وتيّار عمومي نحو الفضائل والكمالات والأعمال الصالحة والتقدّمية، من دون وجود مثل هذه القيادة على رأسه، ترعى وتقود وتنشّط هذه الحركة العامة... وهنا يأتي الإمام الصادق (ع) ليُرشد السلطات أو الحكومة أو القيادة في هذا المجتمع إلى أنّهم إن قاموا بهذه الواجبات الثلاثة، فإنّها ستكون عاملًا أساسيًّا في تنشيط هذه الحركة ودفع تلك العجلة الأساسية للتقدّم على مستوى المجتمع.

متى يخطئ الفقيه في تشخيص التكليف؟
نسمع عن المرجع أو العالم أو الفقيه الفلاني أنّه شخّص تكليفه لأن يقوم بفعلٍ ما أو ينهض بأمرٍ ما؛ لقد سمعنا مثلًا أنّ الإمام الخميني(قده)، أيام المواجهة والنضال ضدّ الحاكم المستبد في إيران قبل الثورة الإسلامية، كان يقول: إنّ تكليفي هو أن أُسقط هذه الحكومة. وفي الوقت نفسه كنا نسمع عن مراجع أو فضلاء من أهل العلم أنّهم كانوا يقولون: إنّ تكليفنا هو أن نسكت عن الشاه أو عن هذه الحكومة حتى لو كانت جائرة. فمن أين استنبط هؤلاء تكليفهم؟ وهل يحق للإنسان العادي أن يشخّص تكليفه المرتبط ببعض قضايا الزمان أو الحوادث الواقعة؟

كيف سيجمع الإمام المهدي كلمة شيعته ومواليه؟ مقدّمات وحدة صف الموالين المصلحين
لا تنحصر معاناة الموالين والمحبّين لأهل البيت (عليهم السلام) في استضعاف أعدائهم لهم والتنكيل بهم ومحاصرتهم ومحاربتهم وقمعهم؛ فهناك معاناة، لعلّها أشد وأنكى، وهي ما يحصل فيما بينهم من عداوات ونزاعات في شتّى المجالات، وخصوصًا المجال الدينيّ والفكريّ.

لماذا سيصبح التشيع مذهبًا عالميًا؟ 10 أسباب وراء مستقبل التشيع الباهر
لماذا نعتبر بأنّ التشيّع سيكون مذهبًا عالميًّا، تتبناه أكثرية البشرية كأفضل نمط للعيش، وأسهل أسلوب للتعامل مع مشكلات الحياة وأرقى منهج لصناعة المستقبل؟إنّ أي مدرسة فكرية أو دين أو مذهب، إذا كان لا بدّ له أن يستقر ويثبت على مستوى أتباعه أو ينتشر ويسود على مستوى العالم، لا بدّ أن يتمتع بمجموعة من المواصفات والخصائص العالمية، والتي هي في الواقع تلك الخصائص المشتركة التي تحدد ما هي الإنسانية والتي نعبر عنها بالمميزات الفطرية. ولا يعني هذا أنّ تمتع أي مذهب بمجموع هذه الخصائص الفطرية كاف لتحقيق هذا النجاح والانتشار؛ فيبقى على أتباع هذا المذهب أن يعملوا بصدق على إظهار مذهبهم وعرضه على الناس وفق هذه الخصائص الفطرية، مثلما أن عليهم تجاوز تلك العقبات والموانع التي تنشأ بشكل أساسي في عصرنا الحالي، من الاحتكار الإعلامي والهيمنة المفروضة من قبل الأمبراطوريات الإعلامية التي تقع تحت الدعم والحماية غير المباشرة للقوى الكبرى، وكذلك تجاوز الحدود والقيود التي تفرضها بعض الحكومات على حرية شعوبها وأنواع حرية التعبير والتواصل الفكري.

مذهب في طور التشكّل... لماذا يجب أن ننظر إلى التشيّع بنظرة خاصّة؟
يثبت العديد من علماء الشيعة أنّ مذهبهم قد تشكّل منذ الأيام الأولى لصدر الإسلام حين كان النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) يركّز في بعض المناسبات على موقعية عليّ بن أبي طالب ومكانته السامية في الإسلام، ومن ثم يشير إلى شيعته من هذا الاعتبار؛ كما أشارت بعض الأحاديث إلى أنّ عليّ وشيعته على منابر من نور أو أنّ علي وشيعته في الجنة، وغيرها من الأحاديث التي تقارب هذا المعنى. وأخال أنّه من الطبيعي جدًّا أن ينجذب عشّاق الفضيلة إلى شخصية هذا الإمام بمجرد أن يتعرفوا إليه، وبمعزل عن موقعيته السياسية وأحقيته بالخلافة. فقد كانت الخصائص الأخلاقية والمعنوية والعلمية والسلوكية، لهذا الشاب الذي تربى في حضن النبيّ الأكرم بارزة جدًّا، وكذلك إنجازاته المميزة على صعيد نصرة النبيّ والإسلام ومواقفه البطولية المجيدة، التي قلّما ظهر نظير لها على يد أحد الصحابة الأجلّاء؛ ولكن هل هذا يعني أنّه يُفترض بهؤلاء الشيعة المتابعين العاشقين الموالين لهذا الإمام أن يشكّلوا مذهبًا خاصًّا جنبًا إلى جنب المذاهب الأخرى؟ أم كان يُفترض لهذه القضيّة أن تبقى محض عُلقة عاطفية ومعنوية، قد تصل في بعض الحالات إلى مستوى الموالاة والطاعة حين يكون هذا الإمام في موقع السلطة والقيادة؟

كيف يتطوّر التشيّع في عصر الغيبة
نشأ التشيّع كمذهبٍ سياسيّ وعقائديّ وفقهيّ من رحم قضية الإمامة الإلهية؛ وما زال لحدّ اليوم يتفاعل مع هذا المبدأ ويتطوّر ويتشكّل بحسب مستوى هذا التفاعل ودرجاته.. كان الهدف الأوّل من وراء إنشاء هذا المذهب هو ترسيخ تيّارٍ إصلاحيّ داخل الأمّة الإسلامية، يحفظها من الانحراف عن الإسلام، ويتم الحجّة على المسلمين على مدى الزمان، ويحقّق في نهاية المطاف غايات الدين السامية وأهدافه العليا.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...