
هل يصح تدريس العلوم الطبيعية بمناهجها الحالية؟
وما هي الشروط التربوية لنجاح هذا التعليم
السيد عباس نورالدين
تعمد الأطروحة الجديدة للمدرسة النموذجية إلى إعادة النظر بشأن تعليم العلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء والأحياء وكذلك الرياضيات، وذلك بما يتناسب مع الرؤية المرتبطة بدور العلم في الحياة البشرية. لقد تم التركيز على هذه العلوم في المناهج الغربية باعتبار الموقعية المركزية لعالم المادة والطبيعة في الحياة البشرية. ففي الفكر الغربي المادي يُعد تسخير الطبيعة وعناصرها أساس السعادة البشرية، وذلك باعتبار أنّ المنشأ الأساسي للقدرة هو المادة. وبحسب هذا الفكر، بالقدرة يتمكن البشر من الوصول إلى السعادة أو حلّ المشكلات المختلفة.
وقد نتج عن هذا التغليب والتركيز شيئان أساسيان:
الأول،انحسار القدرة وتمركزها في سعي البشرية للسيطرة على عناصر الطبيعة.
والثاني، وهو الأخطر، توهّم انحصار القدرة في السيطرة على عناصر الطبيعة.
في حين أنّه بحسب الرؤية الكونية الدينية، فإنّ القدرة الأساسية (أي قدرة التغيير والتأثير) إنّما تتجلى في إرادة البشر. وهذه الإرادة لا تظهر فقط بالسيطرة على عناصر الطبيعة، وإنّما تظهر في سلوكياتهم وتعاملهم فيما بينهم في الاجتماع والسياسة. كما أنّ مستوى القدرة يتحدد وفق طبيعة استخدام عناصر الطبيعة وآلياتها وبرامجها؛ ممّا يعني أنّ هذه القدرة الناشئة من تسخير مواد الطبيعة إنّما تتبع أهداف البشر ونواياهم وكيفية استعمالهم لهذه المواد، لا مجرد تسخيرها كيفما كان.
لأجل ذلك، فإنّ الخطأ الأكبر في المناهج التعليمية الغربية ـ التي نقوم بتقليدها في بلادنا المسلمة بطريقة عمياء ـ يكمن في توجيه المتعلمين نحو عناصر القدرة الوهمية، ممّا يعميهم عن رؤية العوامل الحقيقية والرئيسية، فيقعون تحت وهم غلبة المنهاج الغربي المادي في تسخير الطبيعة وصناعة القدرة.
بالنسبة لهؤلاء الدارسين، ستكون التكنولوجيا الناجمة عن هذا التسخير الحاصل من إتقان الفيزياء والكيمياء والأحياء عنصرًا أساسيًّا في أي تغيير اجتماعي أو غيره.
لأجل ذلك، يجب قبل أي شيء العمل على بناء الرؤية السليمة المرتبطة بدور الانسان في تسخير عالم المادة، ومدى تأثير ذلك على سعادة البشرية أو شقائها، وتعريف المتعلم إلى كل عناصر القدرة التي يمكن أن يحقق من خلالها سعادته وسعادة مجتمعه.
الأمر الآخر هو أنّ المناهج الحالية، المعتمدة في تدريس هذه العلوم، تتطلب صرف الكثير من الوقت الذي لا يحتاج إليه الطالب إن أراد الاستفادة من هذه العلوم للتخصص المستقبلي، ما يدل على أنّ دور تدريس هذه المناهج يفوق الحاجة الفعلية ويشي بنوع من الإسقاط الفلسفي غير المباشر؛ أضف إلى ذلك ما يمكن أن يحدثه هذا النوع من الانشغال على مستوى توجيه الاهتمامات والرغبات. إنّ نظرة منهاجية دقيقة لهذه العلوم تؤكد قدرة الطالب على إتقان هذه المواد الدراسية في مدة وجيزة لا تتجاوز الستة أشهر لكل مادة، إن كان الهدف من ذلك هو التخصص فيها؛ علمًا أنّ الكثير من الطلاب لا يحتاجون إلى إتقان هذه المواد في الكثير من الاختصاصات الجامعية؛ لذلك، ما إن تمر سنة أو سنتين في الدراسة الجامعية حتى ينسون القسم الأعظم مما تعلموه منها ودرسوه في المدرسة.
فطلاب الإنسانيات أو المتخصصون في الفنون الجميلة لن يحتاجوا إلى هذه المواد ولن يستذكروا منها ـ بعد مضي سنتين أو ثلاث ـ إلّا النذر اليسير، بعد أن يكونوا قد بذلوا الكثير الكثير من الجهد والعناء والوقت في السعي لإتقانها. كل ذلك لأنّ المناهج الحالية تعرض هذه المواد وتعلمها بالطريقة التي تؤهل الطالب ليكون كالآلة الحاسبة في تخصصه؛ فعليه أن يجيد إجراء الحسابات المرتبطة بمسائلها وتمريناتها بسرعة فائقة كشرط للنجاح؛ وغالبًا ما يجري ذلك بصورة ببغائية تجعله عاجزًا عن إدراك الصورة الكلية وكل ما يمكن أن يزيد عن حل التمارين والمعادلات. ومع ذلك، فإنّ الأكثرية الساحقة من الذين سيتقنون حلّ هذه التمارين لن يتمكنوا من التفكير خارج هذا الصندوق الذي وُضعوا فيه. إنّ هذا المنهاج الذي عفى عنه الزمن لا يصنع سوى الببغاءات التي تحاكي وتقلد أي آلة حسابية.
أما ما نحتاج إليه بالدرجة الأولى فهو توسعة آفاق المتعلم في مجال معرفة هذه الطبيعة من الناحية التصورية والفلسفية، قبل الانتقال إلى مهارات حل التمارين عبر الحسابات الرياضية. فعلى سبيل المثال، ينبغي أن يتعرف الطالب إلى الجاذبية وأن يتصورها ويفكر في دورها وفلسفة وجودها، قبل إتقان مهارة حل التمارين المرتبطة بسقوط جرم معين من علوٍّ محدد وتحديد القوة الحاصلة من السقوط.
والمطلوب أولًا أن يتمكن الطالب من البحث والتفكير في الاختلافات الموجودة بين عناصر الطبيعة، وخصائص هذه العناصر، ودورها في التوازن البيئي، وفرص استخداماتها وتاريخ هذا الاستخدام وأبعاده، قبل أن يتمكن من حلّ المعادلات الكيميائية وإتقان حساب الخصائص الذرية في معادلة ما.
والأمر كذلك بالنسبة لعلم الأحياء، فعلى الطالب أن يبحث مليًّا ويتفكر في أسرار هذا التنوع الكبير الموجود في عالم الحياة، وأن يكتشف دوره وأهدافه وكيفية حصول التوازن فيه، قبل أن يتمكن من حل التمارين المرتبطة بتركيبات الوراثة أو تسمية الجزيئات البسيطة في الخلايا وغيرها.
لأجل ذلك، ينبغي التركيز على الجانب التصوري والفلسفي الذي يتم إغفاله وإهماله تمامًا في هذه المناهج لحساب الجانب الرياضي المرتبط بالمعادلات والقوانين الموجودة في هذا العالم، التي يُراد منها أن تصنع عاملًا مطيعًا في المختبرات الحديثة. فلا ننسى، أنّ هذه المعادلات ليست في الواقع سوى إحدى الطرق للنظر إلى هذا الوجود وتسخيره والاستفادة منه. ومن الخطأ الزعم بأنّ الطريقة الوحيدة لتسخير عالم الطبيعة تكمن في اكتشاف هذه المعادلات وحلّها أو إتقان التطبيقات المرتبطة بها.
إنّ الكثير ممّا يجري اليوم في المدرسة على صعيد التعلم، له أكبر الأثر في تشكيل نظرة المتعلم تجاه نفسه وتجاه نظرته إلى العلم ودوره في حياته. حين يتم التركيز على بعض العلوم التي لا يجد المتعلم فيها نفسه، فلا يستطيع أن يتفاعل معها ويعطيها من توجهه ورغبته ونشاطه وتطلعاته؛ ثم نجد أنّ هذا التركيز بات يُعد معيارًا أساسيًّا للتقويم وتحديد مستويات الأهلية والنجاح والتفوق، فالمتوقع أن يتسلل الشعور بالدونية وانعدام الثقة بالنفس إلى هذا المتعلم.
لأجل ذلك، ينبغي تعريف المتعلمين إلى حجم هذه العلوم نسبة إلى كل العلوم البشرية المتاحة، لكي نبقي على هامش واسع من التوجهات والاهتمامات العلمية عند المتعلم؛ فلا يسقط بعدها في فخ اليأس من قدراته العلمية، نتيجة عدم انسجامه مع مناهج بعض العلوم التي أضحت مناهجها وطريقة تعليمها معقدة ومتشعبة إلى درجة لا تسمح في أغلب الحالات لأي طالب مقصر باللحاق.. كما ينبغي تعريف كل متعلم إلى أنّ طريقة التعامل مع عناصر الطبيعة وفق هذه المناهج الحالية ليست سوى إحدى الطرق التي يمكن أن يوجد غيرها.
غالبًا ما يُنظر إلى التفوق المدرسي بلحاظ التفوق في هذه العلوم، حيث يتم الاستخفاف بالتفوق والابداع في المواد الدراسية الأخرى. فقد تم ربط هذه العلوم في القرون الأخيرة بقيم معينة لا علاقة لها بها في الواقع، وهنا تكمن خطورة الجانب التربوي النفسي في هذا النوع من المناهج.
كما أنّ هذه المناهج الحديثة المرتبطة بالعلوم الطبيعية والتطبيقية لا تعطي المجال الصحيح للحاق؛ فإذا تخلّف الطالب عنها في المرحلة الابتدائية، يصعب عليه اللحاق في المرحلة المتوسطة؛ وإذا تخلف في المرحلة المتوسطة، يزداد الأمر صعوبة. فإن أردنا أن نحل هذه المشكلة، علينا أن نعيد صياغة طرق تعليم هذه المواد بحيث يتمكّن أي طالب من اللحاق حتى لو كان في المرحلة الثانوية العليا.
الأمر الآخر يكمن في ضرورة بناء السياقات التي سلكتها هذه العلوم، منذ بداية تشكلها وإلى يومنا هذا، من أجل استشراف مستقبلها؛ لأنّ انتزاع هذه العلوم من سياقاتها التاريخية ومراحل نشوئها وتطورها وما وصلت إليه اليوم، يؤدي إلى عدم فهم دورها الواقعي في الحياة البشرية.
كما يجب أن يتعرف المتعلم إلى الدور الواقعي الفعلي لهذه العلوم على مستوى سعادة البشرية وشقائها. فلا نعزل تعليم هذه العلوم عن فهم مستوى تأثيرها السلبي والإيجابي على صعيد الحياة البشرية. فما الذي قدمته الكيمياء وأنجزه الكيميائيون فيما يرتبط بحال الأرض والبيئة؟ وما الذي يمكن أن يفعلوه إذا أردنا أن نقف بوجه كل هذا التلوث الذي ينذر بكارثة لم تعرفها البشرية من قبل؟

الجامعة في فكر الإمام الخامنئي
الكتاب حصيلة بحث أعدّه جانب السيّد عبّاس نورالدين مستفيدًا ومستلهمًا من كلمات وتوجيهات الإمام القائد الخامنئي (دام ظلّه)، والتي صدرت في الأولى لانتصار الثورة الإسلاميّة، لا سيما حين كان رئيسًا للجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، وفي المرحلة الثانية حين تصدّيه لولاية أمر المسلمين. إنّ معظم هذه الكلمات مأخوذة من خطبه التي ألقاها في اللقاءات العديدة مع مدراء وأساتذة الجامعات وطلّابها. تنطلق هذه الدراسة من ملاحظة عن قرب لواقع العمل الإسلامي في جامعتنا. الجامعة في فكر الإمام الخامنئي الكاتب: الإمام الخامنئيإعداد: السيّد عبّاس نورالدينالناشر: مركز باء للدراساتحجم الكتاب: 14.5*21.5غلاف ورقي: 88 صفحةالطبعة الثانية، 2002م ISBN 9953-22-065حالة الكتاب: نافد

المدرسة النموذجية
إنّ القوّة الأساسيّة للمدرسة النموذجيّة تكمن في برامجها ومناهجها التي تتميّز بقدرتها على تقديم المعارف والمهارات بأحدث الطرق وأسهلها، وتعتصر كل التراث العظيم للبشريّة وتتّصل بكامل التّراث الاسلامي وتقدّمه لطلّابها عبر السنوات الدراسيّة كأحد أعظم الكنوز المعرفيّة. وهكذا يتخرّج طلّابنا وهم متّصلون بهذا البحر العظيم لكلّ الإنجازات الحضاريّة في العالم كلّه ويمتلكون القدرة التحليليّة اللازمة لتمييز الخير من الشرّ في جميع أنحائه. المدرسة النموذجيّة الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 140 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

المدرسة الإسلامية
يعرض لأخطر المشاكل وأهم القضايا حول أوضاع المدارس الحالية، التي تبنت المناهج الغربية، وذلك بالطبع بحثًا عن المدرسة المطلوبة التي تنسجم مع حاجات المجتمع وثقافته. كل ذلك من أجل بعث حركة فكرية جادة بين المهتمين بالتعليم عن طريق بناء الرؤية الشاملة للتربية التعليمية في الإسلام. المدرسة الإسلاميّة الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 232 صفحةالطبعة الأولى، 2014مالسعر: 10$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

ثورة التربية والتعليم
يتطرّق الكتاب الرابع في سلسلة الأطروحة التربوية التعليمية التي يقدمها السيد عباس نورالدين إلى أهم القضايا التي تواجه أي ثورة حقيقية تريد إعادة إنتاج التربية التعليمية وفق استحقاقات العصر ومتطلّبات الزمان وبما يتناسب مع التحدّيات التي يعيشها مجتمعنا.الثورة التي يدعو إليها الكاتب تطال جميع مفاصل التربية التعليمية من رؤى ومناهج وقيم وحتى تلك التفاصيل التي تعني كل عامل أو مهتم بهذا المجال المصيري. ثورة التربية والتعليم الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 216 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-033-0 السعر: 12$

روح التربية
الإنسان لا يأتي إلى الدنيا فاسدًا. في البداية يأتي إلى الدنيا بفطرة جيّدة وهي الفطرة الإلهية "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَة"، وهذه هي الفطرة الإنسانية فطرة الصراط المستقيم والإسلام والتوحيد. أنواع التربية هي التي تفتح هذه الفطرة أو تسد الطريق على الفطرة. التربية هي التي يمكن أن توصل المجتمع إلى كماله المنشود، وهي التي تجعل البلاد إنسانية نموذجية كما يريدها الإسلام روح التربية الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 192 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

روح المجتمع
كتابٌ يُعدّ موسوعة شاملة ومرجعًا مهمًّا جدًّا يمتاز بالعمق والأصالة لكلّ من يحمل همّ تغيير المجتمع والسير به قدمًا نحو التكامل، يحدد للقارئ الأطر والأهداف والسياسات والمسؤوليات والأولويّات والغايات المرحليّة والنهائيّة في كلّ مجال من المجالات التي يمكن أن تشكّل عنصرًا فعّالًا في حركة التغيير، على ضوء كلمات قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم روح المجتمع الكاتب: الإمام الخامنئي/ السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*25غلاف كرتوني: 932 صفحةالطبعة الأولى، 2017م ISBN: 978-614-474-020-0 سعر النسخة الملوّنة: 100$سعر النسخة (أبيض وأسود): 34$ للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراءه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

حول أسلمة العلوم الطبيعية أو التطبيقية.. مبادئ أساسية لبناء المناهج
لا ينظر المؤمنون بالإسلام وقيمه إلى الحركة العلمية الغربية بارتياح عمومًا، ومنها ما يرتبط بالعلوم التي تمحورت حول دراسة الكون والطبيعة والإنسان؛ هذه العلوم التي عبّرت عن نفسها بمجموعة من الاختصاصات والفروع، وظهرت بنتاج هائل استوعب جهدًا كبيرًا للبشرية، فأصبح بسبب ضخامته وحضوره مدرسة عامة يتبنّاها العالم كلّه. فالمنهج الغربيّ في التعامل مع الطبيعة والكون والإنسان هو المنهج المعتمد اليوم في كل بلاد العالم دون استثناء. إلا إنّ المؤمنين بالإسلام متوجّسون من حركة الغرب عمومًا، لا سيّما حين ينظرون إلى نتائج هذه العلوم على مستوى علاقة الإنسان بربّه. لقد أضحت هذه العلوم علمانية بالكامل، ليس أنّها لا ترتبط باكتشاف مظاهر حضور الله وعظمته وتدبيره وربوبيته فحسب، بل أصبحت سببًا لحصول قطيعة بين الإنسان وخالقه؛ في حين أنّ هذه العلاقة هي أساس سعادة الإنسان وكماله. أضف إلى ذلك، الآثار الهدّامة المشهودة لهذه العلوم على مستوى التطبيق والتكنولوجيا.من هنا، فإنّنا ندعو إلى إعادة النظر في هذه المقاربة، والعمل على تأسيس مقاربة أدق وأوسع وأشمل تجاه الكون والإنسان والوجود تنطلق من فهم فلسفة الوجود وغايته، فتكون عاملًا مساعدًا لتحقيق الأهداف الكبرى.

حلّ معضلة تعليم الرياضيات والحساب
لعل الذي أطلق مصطلح الرياضيات على هذا العلم كان يرى أنه يحتاج إلى الكثير من التمرين. فهو ليس مجرد رياضة واحدة بل رياضيات! لكن ماذا عن المناهج المدرسية التي يُفترض أن تهيئ الطالب للتخصّص الجامعي؟ هل يجب أن تعاني الأغلبية الساحقة من تلامذة المدرسة من هذه الرياضات الذهنية الشاقة لكي يتمكن عدد قليل منهم من الدخول إلى بعض الاختصاصات الجامعية؟

أفضل مناهج دراسة الطبيعة، لماذا يجب أن نعيد النظر في تعليم هذه المواد؟
عرفت البشرية طوال تاريخها المديد منهجين أساسيين لدراسة الطبيعة. وقد انتصر ثم هيمن أحد هذين المنهجين بعد صراع لم يدم طويلًا. كان الأول يعتمد على فلسفة البحث من خلال طرح الأسئلة المرتبطة بالموقعية الوجودية لأي كائن أو عنصر طبيعي والبحث عن سر وجوده وعلاقته بغيره.

المشروع الحضاري للتعليم العام.. كيف ننزل هذا المشروع في قالب المناهج المدرسية
السؤال الأساسي هنا هو أنّه كيف يمكن أن نجعل من المشروع الحضاري الكبير الذي نؤمن به منهاجًا دراسيًّا، بل محورًا أساسيًّا في التعليم العام، بحيث يمكن الوصول بالمتعلم إلى مستوى من الفهم والإيمان والتبني والمسؤولية تجاهه، حتى ينتقل إلى الحياة التخصصية والمهنية وقد جعل ذلك كله قائمًا عليه ومتوجهًا إليه.حين يتمكن المتعلم من رؤية الحياة كما هي في الحقيقة، لن ينخدع بعدها بهذه الظواهر: ناطحات السحاب، التكنولوجيا، الطائرات، العدد الكبير لسكان دولة، الدخل القومي الكبير.. فكل هذه المدنية وهذا العمران وهذه الآلات والأدوات لن تكون عاملًا يصرف ذهن هذا المتعلم عن حقيقة ما يجري، وسوف يجد نفسه منخرطًا بسهولة في المكان والموقف الحق الذي يعمل بصدق ووفاء على تحقيق صلاح البشرية والأرض.

حول أسلمة العلوم التطبيقية والطبيعية... مبادئ أساسية لإعداد المناهج
لا ينظر المؤمنون بالإسلام وقيمه إلى الحركة العلمية الغربية بارتياح عمومًا، ومنها ما يرتبط بالعلوم التي تمحورت حول دراسة الكون والطبيعة والإنسان؛ هذه العلوم التي عبّرت عن نفسها بمجموعة من الاختصاصات والفروع، وظهرت بنتاج هائل استوعب جهدًا كبيرًا للبشرية، فأصبح بسبب ضخامته وحضوره مدرسة عامة يتبنّاها العالم كلّه. فالمنهج الغربيّ في التعامل مع الطبيعة والكون والإنسان هو المنهج المعتمد اليوم في كل بلاد العالم دون استثناء. إلا إنّ المؤمنين بالإسلام متوجّسون من حركة الغرب عمومًا، لا سيّما حين ينظرون إلى نتائج هذه العلوم على مستوى علاقة الإنسان بربّه. لقد أضحت هذه العلوم علمانية بالكامل، ليس أنّها لا ترتبط باكتشاف مظاهر حضور الله وعظمته وتدبيره وربوبيته فحسب، بل أصبحت سببًا لحصول قطيعة بين الإنسان وخالقه؛ في حين أنّ هذه العلاقة هي أساس سعادة الإنسان وكماله. أضف إلى ذلك، الآثار الهدّامة المشهودة لهذه العلوم على مستوى التطبيق والتكنولوجيا.من هنا، فإنّنا ندعو إلى إعادة النظر في هذه المقاربة، والعمل على تأسيس مقاربة أدق وأوسع وأشمل تجاه الكون والإنسان والوجود تنطلق من فهم فلسفة الوجود وغايته، فتكون عاملًا مساعدًا لتحقيق الأهداف الكبرى.

تعرّف إلى: مؤلّفاتنا في التربية والتعليم
المدرسة النموذجيّة، المدرسة الإسلامية، التربية الروحيّة

المحور الأوّل للنّظام التعليميّ السّليم
من أهم القضايا التي تشغل بال أهل التربية والتعليم هي قضيّة العلم. لذا من أراد أن ينبي رؤية واضحة في التربية والتعليم يحتاج إلى تحديد موقفه من العلم.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...