
وجدت الإسلام في أوروبا!
هل يُطبق الدين الاجتماعي في أوروبا والفردي في بلادنا؟
السيد عباس نورالدين
محمد عبده مفكر إسلامي مصري من رواد النهضة العربية الذين واجهوا الغزو الثقافي الأجنبي وسعوا لتحقيق الإستقلال، نُسب إليه مقولة "وجدت الإسلام في أوروبا ووجدت المسلمين في بلادنا"، وقد شاعت هذه المقولة ونسبها كثيرون إلى شخصيات نافذة مختلفة، حتى صارت كالأحاديث الشريفة، تحدد عند العديد من المسلمين موقفهم من الحضارة الغربية.. فالإنسان الأوروبي بحسب هذه المقولة قد طبق الإسلام في حياته العمرانية والمدنية، وإن لم يفعل ذلك على مستواه الشخصي.
في حين أنّ أهل بلادنا لم يطبقوا من الإسلام سوى ما يرتبط بحياتهم الفردية.. فنحن نظيفون في بيوتنا وقذرون في شوارعنا، بعكس الأوروبي أو الغربي. وهم صادقون في معاملاتهم التجارية والاقتصادية، ونحن نكذب وننكث ونخلف الوعود؛ وهم يخططون لعمرانهم ومدنهم وشوارعهم لمئة عام وأكثر، ولكنّنا نعتدي على كل ما يتعلق بالأملاك العامة والشأن المدني كل يوم؛ وهكذا..
وقد فسّر بعض أهل الفكر ما وصل إليه الأوروبيون هنا على أنّه نابع من التزام بالإسلام في بعده الحضاري؛ فكل هذه العلوم والتطورات والمؤسسات والازدهار، مردها إلى تطبيق ما دعا إليه الإسلام على صعيد المجتمع والعلاقات والحياة المدنية. في حين أنّنا عجزنا كمسلمين عن اكتشاف الإسلام الاجتماعي، وما زال الأمر إلى يومنا هذا.
فإلى أي مدى يمكن أن يكون هذا الكلام صحيحًا؟ وما الذي تنطوي عليه مثل هذه المقولات؟
ينبغي أن نعترف أولًا بوجود فارق نوعي بين عمران المسلمين وعمران الأوروبيين. فلا حاجة لتقديم الأدلة والشواهد على ما يشاهده المرء للوهلة الأولى، كلما زار تلك البلاد وتنقل في أرجائها. حتى إنّ اللحاق بهم في هذا المجال يكاد يبدو أمرًا مستحيلًا، خصوصًا مع الفوارق المناخية والطبيعية والمائية.. فكيف لبلد مثل إيران ـ تشغل الصحراء ثمانين بالمئة من مساحته وتعصف به رياح الغبار على مدار السنة ـ أن يصبح خضرًا نضرًا، في الوقت الذي نجد الأمطار تتساقط على مدار السنة في بلاد كألمانيا وبريطانيا وهولندا وتركيا؟! وكيف إذا أضفنا عنصر الثروة القومية، حيث نسمع أن بلدًا صغيرًا كهولندا يمتلك منها ما يفوق ما تمتلكه بلاد العرب مجتمعة؛ هذا وإن كان معظم هذا الثراء قد تأتّى بفعل الاستعمار ونهب البلاد الأخرى. فالمخزون المالي والمادي عند الدول الأوروبية هو من الحجم بحيث يجعلها قادرة على المحافظة على عمرانها وتفوقها لمئات السنين، في حين أنّ معظم البلاد المسلمة تكابد من أجل البقاء على حافة الانهيار.
فوراء كل عمران، كما يُقال، ثروة قومية تتجلى في المشاريع العمرانية الكبرى التي تنقل البلاد من التخلّف إلى التطور. لقد خرجت أوروبا في أقل من عشر سنوات من الدمار الشامل الذي خلفته الحرب العالمية الثانية، في حين أنّنا نشاهد معظم القرى والأرياف في إيران، وبعد أكثر من ثلاثة عقود على انتهاء الحرب التي فُرضت عليها، ما زالت مظهرًا للبؤس والتخلف؛ والسبب كما يُقال، عدم وجود ثروة قومية تسمح بالقيام بالمشاريع العمرانية الكبرى، كالتي تحصل اليوم في الصين مثلًا، حيث تتشكل عشرات المدن الحديثة في غضون سنوات قليلة!
ما أحاول التوجيه إليه في هذه المقالة هو أنّ دراسة وتحليل عوامل الازدهار والتمدن ليست بالأمر البسيط، حيث ينبغي الالتفات إلى العديد من الأبعاد؛ لكن ما يهمنا هنا هو البعد الثقافي في القضية؛ فهل حقًا قامت المدنية الغربية الحديثة على تطبيق تعاليم الإسلام المرتبطة بهذا المجال، حتى لو لم يكن ذلك عن وعي وشعور؟
فالإسلام كما نعلم، عنوان كبير جامع لكل القيم الإنسانية والعقلائية؛ وميزته الكبرى تتجلى في أبعاده وقيمه الإلهية الإضافية، والتي فقدتها البشرية، وجاء خاتم النبيين من أجلها، كما قال (صلى الله عليه وآله): "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".[1]
ولأجل فهم هذه القضية كما ينبغي، لا بد أن نتعرف إلى الأبعاد الأساسية للقيم الحضارية والتي تشكل ركائز انبعاث القيم ورسوخها في المجتمع؛ وبذلك يمكننا تفسير حقيقة ما جرى في أوروبا والغرب عمومًا. والأهم من ذلك كله، هو أن نتعرف إلى مستقبل هذه الطفرة العمرانية والحضارية، وما ستؤول إليه بعد ذلك من كوارث لا نظير لها. فكل عمران لا يُقاس بزمانه، وإنّما بما يقدّمه للبشرية والأرض التي تعيش عليها من قيمة مضافة.
فالمنظومة القيمية التي يمكن استنباطها من تعاليم الإسلام مبنية على أربع ركائز أساسية، تتشكل معًا لتقدم بناءً متناسقًا شديد الإحكام، وقد أشرت إلى ذلك مفصلًا في كتاب "القيادة القيمية". حيث إنّ الركيزة الأولى هي عبارة عن ذلك البعد الغريزي في الإنسان، والذي يتجلى في رفض الظلم والسعي للحرية والاستقلال والوحدة الاجتماعية.
ثمّ تقوم على هذه الركيزة ركيزة أخرى هي ذلك البعد العقلائي الذي يتجلى في احترام النظام العام والبناء على التجارب والاستفادة منها وتحقيق الاقتدار الذاتي. وفوق هذه الركيزة يأتي البعد العقلي الذي ينبغي أن يتجلى في اتّباع نتائج المنطق العقلي المجرد والانطلاق في كل مشاريع الحياة والمواقف من التوحيد في الربوبية وترسيخ العدالة والحفاظ على البيئة وتطويرها؛ إلى أن يصل الأمر إلى الركيزة الرابعة التي يمكن التعبير عنها بالبعد الروحي، والذي يتجلى في النظافة بكل أبعادها والجمال والتكامل المعنوي والسير على طريق الفضائل وحب الإنسان وتقدير الحياة.
ومن الطبيعي أن تكون كل ركيزة مقدمة لما يليها، لأنّها بمثابة القاعدة اللازمة التي تقوم عليها؛ فإذا فُقد البعد العقلائي لم يقم للعقلانية صرح ولا قائمة؛ كما أنّه لا يمكن للبشرية أن تنعم بالحياة الروحية السامية وهي تنبذ العقل والعقلائية.
إن ترسّخ أي ركيزة وثباتها في المجتمع يعني أن تصبح منطلقًا أساسيًّا للقرارات العامة والمشاريع الكبرى والإدارة والقيادة التي تحكم البلاد. فسياسة المجتمع، إن كانت مستقلة غير خاضعة لإملاءات القوى الخارجية، ستكون أفضل تعبير عن التوجه العام للمجتمع؛ ولهذا، فهي أفضل مظهر لثقافته والقيم التي يتبناها. فحين تعجز الحكومات عن منع الكحول، رغم ما يتسبب به من أضرار فادحة على مستوى البيئة والطبيعة والصحة والسلامة والنفوس والممتلكات والأرواح (يكاد يندى لها جبين الحروب الكارثية)، فهذا يدل على أحد أمرين، إمّا أنّ هذه الحكومات غير مستقلة، وإما أنّ مجتمعاتها غير عقلائية.
لو قمنا بتحليل ظاهرة شرب الخمور كثقافة وصناعة ونمط عيش في الغرب، لوجدناها أبعد ما تكون عن الحد الأدنى من العقلائية التي تحترم نتائج التجارب وتستفيد منها. ولهذا، فإنّ الغرب في حضارته يدفع أثمانًا باهظة لا نظير لها بسبب انتشار الخمرة في نمط عيشه واقتصاده وبيئته. إنّ وجود هذه الظاهرة يكاد يتخطى في كارثيته الحروب والكوارث الطبيعية مجتمعة؛ وما علينا سوى أن ننظر في إحصاءات الجريمة والحوادث وتفكك الأسر وضياع الجهود والأزمات النفسية الحادة والعبثية التي هي نتاج لتلك الظاهرة.
فأي عقلائية تحكم أوروبا إن كانت عاجزة عن مجرد الاعتراف بخطورة وحماقة تعاطي الكحول؟! وماذا عن ظاهرة المخدرات والقمار والملاهي (حتى ما يندرج منها تحت عنوان الرياضة) والغناء والرقص والإباحية التي تدمر الأسر وتبيد الأغلبية الساحقة من الجهود والطاقات الإنسانية التي تحتاج إليها المجتمعات للعمران والإدارة؟!
وماذا عن الإنفاقات الهائلة في الأمن والعسكر والسلاح التي تذهب كلها أو معظمها سدًى، ولا تعود بأي فائدة على تقدم الأوطان والبلدان؟
وماذا عن الإنتاج الفكري والثقافي وحتى العلمي الذي لا أثر إيجابيًّا له على مستوى سعادة الإنسان وارتقائه وهنائه؛ وماذا؟ وماذا؟..
قد نغفر لمن يزور أوروبا لعدة أيام أو يتواجد ضمن بعثاتها العلمية ومتاحفها، لكنّنا لا يمكن أن نغفر لمن يقدر على مطالعة أحوالها الاجتماعية والنفسية والصحية والبيئية ويقدر على استشراف مستقبلها ويحلل عمل اقتصاداتها.
وقد نغفر لمن يقارن مصر بأوروبا، فيخلص إلى تلك المقولة؛ لكن من الصعب أن نتجاوز عمن يقارن إيران اليوم بأوروبا، ولا يقدر على ملاحظة الفوارق النوعية في نمط العيش (رغم أنّ إيران ما زالت تحبو على صعيد القيم الحضارية).
إن كان لا بد من المقارنة بين المجتمعات على مستوى تطبيق تعاليم الإسلام، فلنلجأ إلى منظومة قيمية ثابتة، تمنحنا المعايير الدقيقة التي يمكن من خلالها أن نضع سلّمًا للرقي والانحطاط الحضاري. وأغلب الظن أنّ فقدان الرؤية السليمة بشأن تلك المنظومة هو الذي يوصل أي مفكر، مهما كان عبقريًّا، إلى تلك الأخطاء القاتلة.
آن الأوان لندرك أنّ معظم العمران الذي ظهر في الحضارة الغربية لم يكن وليد قيم إنسانية أو إسلامية، وإنّما كان بفعل تراكم الثروات الهائلة العجيبة المنهوبة من أفريقيا وأمريكا وآسيا، والتي جعلت تنفيذ المشاريع الكبرى أمرًا حتميًّا.
[1]. مستدرك الوسائل، ج11، ص 187.

القيادة القيمية
يتابع السيد عباس نورالدين مشروعه في بناء ثقافة إسلامية عميقة في فن القيادة وأصولها؛ وفي هذا الكتاب يعرض لقيادة المجتمع من زاوية القيم الإنسانية والإلهية؛ حيث يكشف عن وجود منظومة رائعة تتشكل فيها أربع مراحل أساسية لا بد أن يمر بها أي مجتمع في مسيرته التقدمية حتي يبلغ أعلى مراتب الازدهار والعزة والكمال. فما هو دور القائد هنا وما هي الموانع التي يمكن أن يواجهها في هذا الطريق، وكيف يمكن تذليها وتجاوزها. القيادة القيمية الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 320 صفحةالطبعة الأولى، 2014م يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقعي:1- لنيل والفرات: https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=02- وموقع جملون:https://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=مركز+باء

معادلة التكامل الكبرى
يقدّم رؤية منهجيّة تربط بين جميع عناصر الحياة والكون وفق معادلة واحدة. ولهذا، فإنّك سوف تلاحظ عملية بناء مستمرّة من بداية الكتاب إلى آخره، تشرع بتأسيس مقدّمات ضروريّة لفهم القضية ومنطلقاتها، ثمّ تمرّ على ذكر العناصر الأساسية للحياة، لتقوم بعدها بالجمع بينها والتركيب، لتخرج في النهاية بمعادلة شاملة لا تترك من مهمّات الحياة شيئًا. معادلة التكامل الكبرى الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 21.5*28غلاف ورقي: 336 صفحةالطبعة الأولى، 2016مالسعر: 15$ تعرّف إلى الكتاب من خلال الكاتب للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم أن تطلبوه عبر موقع جملون على الرابط التالي:

على طريق بناء المجتمع التقدمي
المجتمع التقدّمي هو المجتمع الذي يتحرّك أبناؤه نحو قمم المجد والفضيلة والكمال.المجتمع التقدمي هو التعبير الأمثل عن استجابة الناس لدعوة الأنبياء الذين أرادوا أن يخرجوا البشرية من مستنقع الرذيلة والحيوانية والعبثية لإيصالها إلى أعلى مراتب الإنسانية والنور..فما هي سبل إقامة هذا المجتمع؟وما هي العقبات التي تقف في طريق تحقّقه؟ على طريق بناء المجتمع التقدّمي الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14.5*21عدد الصفحات: 376الطبعة الأولى، 2019Isbn: 978-614-474-081-1السعر: 14$

مختصر معادلة التكامل
هذه الطبعة المختصرة لكتاب "معادلة التكامل الكبرى" الذي يبيّن مدى سعة الإسلام وشمول رؤيته ومنهجه لكلّ شيء في الوجود. كيف لا؟ والله عزّ وجل هو المبدأ والمنتهى.. نقدّمها لقرّائنا الذين يودّون أن يحصلوا على معرفة أوّليّة بتلك المعادلة الكبرى، أو للذين لا يجدون الوقت الكافي لمطالعة الكتب الكبيرة. مختصر معادلة التكامل الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 200 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

إصلاح المجتمع الإسلامي
إصلاح المجتمع الإسلامي من خلال فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إصلاح المجتمع الإسلامي إعداد: مركز البحوث الإسلامية في قم المقدسةترجمة: الشيخ ماجد سليمانتحرير ومراجعة ونشر: مركز بقيّة الله الأعظم (مركز باء للدراسات)حجم الكتاب: 14.5*21.5غلاف ورقي: 160 صفحةالطبعة الأولى، 1999محالة الكتاب: نافد

روح المجتمع
كتابٌ يُعدّ موسوعة شاملة ومرجعًا مهمًّا جدًّا يمتاز بالعمق والأصالة لكلّ من يحمل همّ تغيير المجتمع والسير به قدمًا نحو التكامل، يحدد للقارئ الأطر والأهداف والسياسات والمسؤوليات والأولويّات والغايات المرحليّة والنهائيّة في كلّ مجال من المجالات التي يمكن أن تشكّل عنصرًا فعّالًا في حركة التغيير، على ضوء كلمات قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم روح المجتمع الكاتب: الإمام الخامنئي/ السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*25غلاف كرتوني: 932 صفحةالطبعة الأولى، 2017م ISBN: 978-614-474-020-0 سعر النسخة الملوّنة: 100$سعر النسخة (أبيض وأسود): 34$ للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراءه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

الدور الأساسي للجامعة في المجتمع
لو أرادت الجامعة أن تؤدي دورها المطلوب على مستوى النهوض بالمجتمع، ينبغي لها أن تكون محلًّا لانطلاق المشاريع وبناء الخطط، شرط أن يكون ذلك قائمًا على أساسين: الأساس الأول: الارتباط الحقيقي بكل الطاقات العلمية المتاحة. والأساس الثاني: تفعيل هذا الارتباط ضمن البيئة الجامعية.

العامل الأول لانطلاق مسيرة التقدم في المجتمع
ورد عن الإمام الصادق (ع): "ثَلَاثَةٌ تَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ: مُكَافَأَةُ الْمُحْسِنِ بِالْإِحْسَانِ لِيَزْدَادُوا رَغْبَةً فِيهِ، وَتَغَمُّدُ ذُنُوبِ الْمُسِيءِ لِيَتُوبَ وَيَرْجِعَ عَنْ غَيِّهِ، وَتَأَلُّفُهُمْ جَمِيعًا بِالْإِحْسَانِ وَالْإِنْصَاف". لا يمكن لأي مجتمع أن يتجه نحو الفضيلة، بمعنى أن ينشأ فيه توجّه عام وتيّار عمومي نحو الفضائل والكمالات والأعمال الصالحة والتقدّمية، من دون وجود مثل هذه القيادة على رأسه، ترعى وتقود وتنشّط هذه الحركة العامة... وهنا يأتي الإمام الصادق (ع) ليُرشد السلطات أو الحكومة أو القيادة في هذا المجتمع إلى أنّهم إن قاموا بهذه الواجبات الثلاثة، فإنّها ستكون عاملًا أساسيًّا في تنشيط هذه الحركة ودفع تلك العجلة الأساسية للتقدّم على مستوى المجتمع.

كيف ننتصر على القوى الطاغوتية العالمية؟
ما نحتاج إليه وبالدرجة الأساسية هو بناء ذلك الفرد الذي يستطيع اقتحام المجتمعات الأخرى ومخاطبتها ونقل معتقداته وأفكاره الجميلة إلى شعوبها وإشعارهم بأنه إنسان حقيقي وإظهار ما تقوم به حكوماتهم من جرائم بحق الشعوب الأخرى التي يصورونها على أنها شعوب وحشية تستحق الموت

أعظم طريقة لنشر القيم
يحفل تاريخنا الإسلاميّ بشخصيّات عظيمة تجسد تعاليم الإسلام وقيمه وأطروحته الكاملة. وحين نتأمّل في أفضل الطّرق والبرامج المؤثّرة في مجال نشر هذه القيم وترسيخها وتحقيق تلك الأهداف والوصول إليها، لن نجد ما هو أفضل من الشخصيّات المجسّدة لها.

العنصر الجوهري في القيادة.. هل سمعتم عن القيمة المضافة؟
سواء كنت قائدًا حقيقيًّا أو في موقع القيادة، فإنّ الشيء الأكثر أهمية بالنسبة لك سيكون فيما تمتلكه ولا يمتلكه غيرك؛ لأنّ القيادة كلها تتمحور حول هذا العنصر الجوهري

الدور الأساسي للجامعة في المجتمع
لو أرادت الجامعة أن تؤدي دورها المطلوب على مستوى النهوض بالمجتمع، ينبغي لها أن تكون محلًّا لانطلاق المشاريع وبناء الخطط، شرط أن يكون ذلك قائمًا على أساسين: الأساس الأول: الارتباط الحقيقي بكل الطاقات العلمية المتاحة. والأساس الثاني: تفعيل هذا الارتباط ضمن البيئة الجامعية.

لماذا لم نتمكن من مأسسة أهم أنشطتنا؟ أين تكمن مشكلة العمل الثقافي في مجتمعاتنا
إنّ المتأمل من بعيد قد يظن أنّ المشكة كامنة في العقلية الإدارية المتخلفة التي تسيطر على أغلب مؤسساتنا الثقافية (جامعات ـ معاهد ـ قنوات إعلامية..)؛ لكن هذا الجانب، وإن كان بعمومه صحيحًا، لكنّه لا يمثّل سوى جزء من المشكلة، إن لم نقل إنّه كان أثرًا من آثارها.كل مؤسسة تكون في ماهيتها وهويتها ساحة للإبداع، (وهذا هو معنى المؤسسة الثقافية)، ثم تعجز عن الانسجام مع هويتها، فسوف تصبح محلًا للعاطلين والفاشلين، وسرعان ما ستطرد المبدعين، وتتحول إلى بؤرة للإدراة المتخلفة يتوارثها رؤساء لا يجيدون سوى المحافظة على الوضع القائم، جيلًا بعد جيل. فالمشكلة في أساسها ترجع إلى الأصول والقواعد التي قامت عليها تلك المؤسسات، وما نجم عنها من تشخيص للكفاءات اللازمة لإدارتها.

من لا تاريخ له لا مستقبل له.. كيف تساهم الأعمال التأريخية بتقوية المجتمع؟
يكمن السر الأكبر الذي يقف وراء وحدة أي جماعة بشرية في وجود وعي مشترك عند أغلبية أفرادها تجاه هوية محدّدة. وغالبًا ما تُعرّف الهوية داخل المجتمعات نسبةً إلى الهويات الأخرى وبالنظر إلى الموقعية والمكانة على خارطة الأمم. في هذا المجال، سنجد أنّ لوعي هذه الجماعة التاريخيّ، ونظرة أبنائها إلى تشكّلهم كجماعة أو أمّة واحدة، والمسار الذي طووه على مدى الزمن، الدور الأكبر في تحديد أهم أبعاد هويتهم وخصائصها المميزة.

ثورة العلم الحقيقية.. الطريق الأقصر لإصلاح المجتمع
إنّ الطريق الوحيد لنشر الفضائل في أي مجتمع، والحد من مخاطر الرذيلة وانتشار المعاصي، يكمن في أمرٍ واحد وهو: رواج روحية طلب العلم؛ فالعلم هو الخير الفريد الذي يمكن أن يشبع روح الإنسان إلى الدرجة التي لن يشعر معها بالرغبة في طلب الدنيا ومتاعها الزائل؛ ومتى ما انعدمت هذه الرغبة الدنيئة وزالت دوافعها المنحطة انقطع معها أصل الخبائث واستؤصل جذر الرذائل.

أعظم القيم في المهدويّة... كيف تساهم العقيدة المهدويّة في نشر القيم العظيمة؟
القيم هي أعمدة أي مجتمع وأصول بنائه. يمكننا أن نحدّد ماهيّة المجتمعات البشريّة وهوّيّتها الحقيقيّة من خلال النظر إلى القيم السائدة فيها. وكلّ تغيير مُرتجى ينبغي أن يبدأ من القيم وينطلق منها. أمّا الأحداث الكبرى والوقائع المصيريّة، فإنّها ليست سوى عامل مساعد لكل من يعمل على ترسيخ القيم؛ فإن لم يكن من عاملٍ جادّ يتمتّع بالحكمة، فلن تكون تلك الأحداث سوى ذكريات عابرة في تاريخه.

تغيير المجتمع يتحقّق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. ولكن الشيطان يكمن في التفاصيل
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضتان إلهيتان من أعظم الفرائض، حيث جاء في أحاديث أهل الذكر أنّ جميع أعمال البر إنّما هي كنفثة في بحرٍ لجّي إذا ما قورنت بهاتين الفريضتين العظيمتين، وأنّه بهما تُقام الفرائض.

نشر وترسيخ المعنويات في المجتمع... خطوات ذكية وحلول استراتيجية
تُعدّ الصلاة روح العبادة ومركز ثقل المعنويّات في دين الإسلام وبرنامجه؛ ذلك لأنّها الوسيلة الأولى للارتباط بمنبع الروحانية والاتّصال بجوهرها ومعدنها. فالصلاة في الإسلام هي تلك الحركة الواعية التي تنطلق من إدراكنا لحقيقة الألوهية في هذا العالم وطبيعة حضورها في حياتنا وفي تحديد مصيرنا. ولهذا، فإنّ أي سعي لأجل نشر المعنويات القوية وترسيخ الروحانية العميقة في المجتمع ينبغي أن يتمحور حول الصلاة.

وسيلتان أساسيتان لتغيير المجتمع
يتغيّر المجتمع فيسلك طريق التقدّم بتغيّر نفوس أبنائه وميلهم الشديد نحو الازدهار والتقدم؛ وتتغير النفوس حين يحدث التحوّل الباطني من خلال طلب القيم السامية والتقدمية والتوجّه إليها. التوجه العام نحو قيمةٍ ما يتحقق بواسطة تبني هذه القيمة وتعظيمها في النفوس، ويتجلى ذلك في العمل انطلاقًا منها وبدافعها.. فالقيم هي المحركات الأساسية للمجتمعات البشرية، سواء كانت سلبية أو إيجابية، قليلة أو كثيرة. وهنا يأتي السؤال حول الوسائل التي يمكن اعتمادها من أجل إحداث هذا التغيير القيمي.

العامل الأول لانطلاق مسيرة التقدّم في المجتمع
ورد عن الإمام الصادق (ع): "ثَلَاثَةٌ تَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ: مُكَافَأَةُ الْمُحْسِنِ بِالْإِحْسَانِ لِيَزْدَادُوا رَغْبَةً فِيهِ، وَتَغَمُّدُ ذُنُوبِ الْمُسِيءِ لِيَتُوبَ وَيَرْجِعَ عَنْ غَيِّهِ، وَتَأَلُّفُهُمْ جَمِيعًا بِالْإِحْسَانِ وَالْإِنْصَاف". لا يمكن لأي مجتمع أن يتجه نحو الفضيلة، بمعنى أن ينشأ فيه توجّه عام وتيّار عمومي نحو الفضائل والكمالات والأعمال الصالحة والتقدّمية، من دون وجود مثل هذه القيادة على رأسه، ترعى وتقود وتنشّط هذه الحركة العامة... وهنا يأتي الإمام الصادق (ع) ليُرشد السلطات أو الحكومة أو القيادة في هذا المجتمع إلى أنّهم إن قاموا بهذه الواجبات الثلاثة، فإنّها ستكون عاملًا أساسيًّا في تنشيط هذه الحركة ودفع تلك العجلة الأساسية للتقدّم على مستوى المجتمع.

عالمنا العالق ببحر المآسي.. كيف ننقذ مجتمعاتنا من أهوال الحروب؟
إنّ ما نشهده اليوم من مواجهة مستمرّة بين المسلمين والغربيين، يرجع إلى زمنٍ مديد يمتد إلى الحقبة الرومية الاستعمارية الإمبريالية.

لماذا يجب تعميق الفكر الإسلامي في مجتمعنا؟
إنّ وجود عمق فكري للمعارف الدينية أمرٌ ملحوظ عند كل من كان له توفيق التوغل في هذه المعارف مطالعةً ودراسةً وتفحّصًا. ولا حاجة للإتيان بأدلّة من السنّة أو القرآن على هذا الأمر المشهود بالتجربة؛ أمّا من يطالب بالدليل، فما علينا سوى أن نقدّمه له بواسطة عرض الشواهد الكثيرة التي لا تُحصى. وأغلب الظن أنّ الذين ينكرون وجود هذه الظاهرة العجيبة، كانوا يتسترون ويخفون جهلهم، أو أنّهم كانوا يحملون معنًى مغايرًا لما هو مُراد من العمق.

3. أركان المجتمع العلمي، دور المفكّر في بنائه
لكي يتحقق المجتمع العلمي لا بد من تشكّل سلسلة من الحلقات تبدأ من المنبع الحقيقي لتصل إلى الإبداع والفن فما هي هذه الحلقات وكيف تتصل وتتواصل؟

1. على طريق بناء القدرة والازدهار
ما هو المجتمع العلمي؟ وهل يمكن أن يتحقق مثل هذا المجتمع؟ ولماذا لا يمكن أن نطلق على المجتمعات التكنولوجية اليوم عنوان المجتمع العلمي؟

2. من أين ننطلق لنصنع المجتمع العلميّ؟
هل تعلم أنّ المجتمعات البشرية تعاني كثيرًا من الجهل؟ المجتمعات الإسلامية اليوم لا تمتلك الكثير من المعارف والعلوم التي تحتاج إالها في إدارة شؤونها وتحقيق التقدم والازدهار.. هل تعلم أنّ القرآن الكريم يتضمن كل ما تحتاج إليه البشرية من معارف وإنّه المصدر االوحيد للعلم فكيف نصل إلى معارف القرآن؟

6.لا طبقيّة في المجتمع العلمي
إن تقسيم المجتمع الى طبقتين عالمة وعامية له جذوره في الرؤية التي سادت في أوساط أهل العلم طيلة قرون من الزمن، باعتبار أن العلم الذي ينبغي الوصول إليه حكر على عدد قليل من الذين يتمتعون بالمقدرة العلمية والذهنية، وعلى باقي الناس أن يعملوا وفق ما تقوله هذه الفئة القليلة. لكن الرؤية الصحيحة للعلم تبيّن أنّ العلم متاح للجميع ويمكن لهم أن يصلوا إليه بسهولة فتنتفي الطبقية العلمية التي هي أحد أسوأ أنواع الطبقيات في تجارب التاريخ.

5. ضرورة الإنتاج الفكري في المجتمع العلمي
يحتاج المجتمع العلمي إلى المفكرين لأنّهم يقومون بتطبيق مبادئ الإسلام والاجتهاد وأصول الشريعة على الواقع المُعاش والقضايا الزمانية، ففي كل عصر وزمان هناك مقتضيات تنشأ من التطوّر والتحوّل الاجتماعي والسياسي والتكنولوجي، وكل هذه تؤدي إلى نشوء قضايا تحتاج إلى عملٍ فكريٍ أصيل.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...