
درجات التفاعل مع فاجعة كربلاء؟
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب لماذا استشهد الحسين سبط الرسول
حين تجتمع عناصر النهضة الحسينية في خطاب القارئ أو ذهن المخاطَب، من الطبيعي أن يتفجّر التفاعل النفسي حزنًا وبكاءً وأفعالًا. أي نقص في هذه العناصر قد يترك المستمع لحظّه ونصيبه مما يُقدَّم له على الصعيد النفسي من ألحان الحزن والمأساة. كثيرون من الذين يشاركون في محافل عاشوراء تتراكم لديهم معارف وتجارب روحية تجعلهم في منتهى الاستعداد للتفاعل عند أدنى إشارة. هذا ما لا يدركه غيرهم، بل يبقي هذا الغير في عجب وحيرة.
حين يرتفع صوت القارئ المعزّي باسم الحسين أو زينب، فإن هذه الكلمة وحدها تحمل في قلوب المشاركين وأذهانهم مئات المعاني التي تكون قبل الإعلان كهدوء العاصفة فقط. ولا شك بأن الهدف الأكبر للإمام الحسين (عليه السلام) في نهضته كان رسم خط الإباء وتثبيت نهج رفض الذلة الذي يُفترض أن يتفجر ثورات في وجه الظالمين والطغاة أينما وُجدوا. في غير هذه الوضع، نقول إنّ المحافل المقدسة لم تؤدِ دورها المطلوب ولم تؤتِ أكلها كما أراد سبط النبي الأكرم صلى الله عليه وآله.
من يتبع خطوات هذا الإمام، بل من يتتبع كل مقدمات النهضة الحسينية التي بدأت منذ أيام الإسلام الأولى، يعلم جيدًا أن الإمام (عليه السلام) كان بصدد تثبيت مبادئ أساسية في المجتمع المسلم على مدى التاريخ. وعلى رأس هذه المبادئ كان ما يرتبط بدور الإمام وخليفة النبي وقائد المسلمين. فمن كان يظن أن الثورات ينبغي أن تندلع كيفما كان ولمجرد مواجهة الظلم فقد ابتعد عن المبدأ الأول، لأنّ الإمام عليه السلام لم يكن يريد ثورة انفعالية اعتباطية تتحرك فيها الجماهير خبط عشواء معلنةً رفضها للفساد.. إنّ وجود الإمام المعصوم أو من يمثله على رأس الثورة والنهضة هو أول ما نتعلمه من النهضة الحسينية العظيمة. في كل مقطع منها هناك حضور لهذه القضية التي ترتبط بشرعية التحرك وببعده الإلهي. وهكذا، فإن تلك التحركات الثورية والنهضات الساخطة التي كانت تنبعث من المجالس العاشورائية، رغم أهميتها، إلا إنّها لم تكن مهتدية بالمبدأ الأول، فكانت وبالًا على أصحابها. للأسف، اختفى هذا المبدأ من ثقافات عاشورائية هنا وهناك.
رغم شناعة الظلم وقبح الفساد الحكومي، يجب على الثوار أن يبحثوا أولًا عن الممثل الواقعي للعدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن يتّبعوه في مسلك التغيير ومسار الإصلاح، حتى إذا قال لهم قوموا قاموا وإذا قال لهم البدوا لبدوا. وبسبب فقدان هذا المبدأ خرج المزايدون على أئمة الحق من بعد الإمام الحسين بثورات لم تؤد إلى شيء، بل أدت إلى إخفاء نور الأئمة الواقعيين وحجب موقعهم المحوري.
عاشوراء هي ثورة استرجاع الحكومة الإسلامية الأصيلة قبل أن تكون ثورة على الطاغية الباغي الجائر المفسد. فلا يكفي اقتلاع الفساد، بل يجب ترسيخ أركان حكومة العدل وإلا عاد الفساد بثوب جديد. وحين يتوجه المتفاعلون إلى هذا المبدأ ويصبح محور كل المجالس والمحافل، فإن تفاعلهم العاطفي سيتخذ وجهة صحيحة، وسيتحقق ما أراده الإمام الحسين عليه السلام.
بالطبع، لا ننكر قيمة التفاعل العاطفي بأدنى درجاته، بل حتى قيمة المشاركة والحضور لمجرد الحضور، لكنّ ثقافة عاشوراء أكبر بكثير من البكاء والمشاركة. هذا الفعل الحسيني الذي مثّل رائعة المعصومين حيث أُتيح لإمام منهم أن يجسّد كل الإمامة في حركة واحدة، ليس بالأمر اليسير. تمتلك هذه النهضة تراثًا يغيّر الشعوب. لو تم ترويج مبادئ عاشوراء وثقافتها كما ينبغي لشاهدنا تحولات عميقة في المجتمعات التي تتبناها.
عاشوراء ثقافة تحرّك العواطف بعد ملء العقول، لتتجلى في فعل ثوري حكيم. بل يمكن القول إن الدرجة الأعلى للتفاعل معها يكمن في الحراك الثوري العميق الذي نتعلمه من كربلاء نفسها. لا يوجد ثورة في العالم تم الإعداد والتجهيز لها كما حدث في ثورة الإمام الحسين (عليه السلام). إنّ المطّلعون على بعض أقوال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) والإمام عليّ والحسن والحسين وأفعالهم، يعلمون جيدًا أنهم كانوا يخططون لمثل هذه النهضة قبل عشرات السنين لكي تخرج بأبهى صورة وأكمل مظهر، فيتعلم الثوار منها مبادئ الثورة وأصول التغيير. ولو لم يكن ذلك الإعداد والتمهيد لما كان ليوم العاشر من محرم تلك الآثار التي لا تزيدها السنون إلا تألقًا وتأثيرًا.
للأسف إن درس عاشوراء لم يُعرف في الدول الإسلامية الأخرى كما ينبغي. لكن في بلدنا عُرف. فالشعب في بلدنا كان يعرف الإمام الحسين ويعرف قيامه ونهضته. لهذا حين قال الإمام الخميني إن محرم هو شهر انتصار الدم على السيف لم يتعجب الناس. [الإمام الخامنئي، 2006]
إنّ المتفاعل مع عاشوراء والفاجعة والمتأثر بالمصيبة والملحمة يرتقي في عمق كيانه ومشاعره من مجرد البكاء، إلى الحراك الثوري العميق الهادف الذي لن يعرف الهدوء قبل اقتلاع جذور الفساد وإحلال حكومة العدل الإلهي.
هكذا ترتقي مشاعر الإنسان حين تتفجر وتنبع من قضية بهذا الحجم. فبكاء الجماهير، ما لم يبدأ من الوعي وما لم يمتزج بالبصيرة والمعرفة سيكون عاصفة عابرة؛ هذا إن لم يتم استغلاله من قبل أئمة الضلال لعكس الأهداف الحسينية.

لماذا استشهد الحسين سبط الرسول؟
حقائق مذهلة حول عاشوراء..ما الذي ميّز نهضة الإمام الحسين(ع) عن غيره من الأئمة(ع) رغم أنّ هدفهم واحد وقضيّتهم واحدة؟لماذا كل هذا التأكيد على زيارة الإمام الحسين(ع) في جميع المناسبات، وهذا الثواب العظيم للبكاء عليه؟ماذا يعني شعار: "كل يوم عاشوراء، كلّ أرضٍ كربلاء"؟ وكيف يمكن أن نطبّق هذا الشعار في حياتنا، فنتصل بعاشوراء ونكون حسينيّين؟ما الجديد الذي يقدّمه لنا هذا الكتاب؟ لماذا استشهد الحسين(ع) سبط الرسول(ص)؟ الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 136 صفحةالطبعة الأولى، 2018م السعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي: القرّاء ككل شيء جميل يمضي تاركًا فينا أثرًا، كان هذا الكتاب..ترددت قبل قرأتي لهذا الكتاب فعلى غلافه الخلفي دُوّن أنه "للشباب من 14 إلى 18 "ولكل من فاتته فرصة الشباب"، فقلت في نفسي أصبح عمري 23 عامًا لقد أصبحت كبيرا على هذا الكتاب، ولكنّي قرأته بعد تشجيع أحد الأصدقاء وأدركت حينها أنّي ممن فاتته فرصة الشباب، وأدركت أني لا أعرف شيئا عن جوهر عاشوراء ومعانيها العميقة. ولعل أكثر فكرة رسخت في عقلي هي المقطع الأخير عن إتخاذ الموقف المناسب في الوقت المناسب وضرورة عدم الإبتعاد عن قضايا الحياة الكبرى وعدم التلكؤ أو التقاعس. ع. مكّي

أطفالنا وعاشوراء
طفلتي عمرها سنتين و ٤ أشهر، احببت ان اهيئها لأجواء عاشوراء فسردت لها بعض الاحداث باسلوب مبسط يناسب عمرها، لكن أظنني اخفقت في ايصال المفهوم.. هل هناك اسلوب مبسط يناسب عمرها يساعدني على شرح مفهوم قضية كربلاء لها ولماذا نرتدي السواد ؟

لماذا لم يبايع الناس الإمام السجاد بعد عاشوراء رغم اتضاح جبهة الحق من الباطل؟
مثلت عاشوراء الفاروق بين جبهة الحق وجبهة الباطل في أنصع صوره، فإذا كان الأمر كذلك، لماذا لم تبايع الناس الإمام السجاد ع من بعد الإمام الحسين ع ولم يستقم أمر الأمة؟

رسالة عاشوراء الكبرى
يفتح التأمل في واقعة عاشوراء أبوابًا عديدة تطل على قضايا الإنسانية في جميع أحوالها. ففي هذه الواقعة الكبرى، أخرج الإنسان كل ما فيه من خير وشر، فكان معسكر الإمام الحسين مظهر الخير المطلق في الإنسان، وكان معسكر يزيد بن معاوية مظهر الشر المطلق فيه. شاء الله تعالى أن يباهي ملائكته بعظمة الإنسانية وسموّها واستحقاقها لمقام الخلافة العظمى، وأراد إبليس أن يثبت انحطاط الإنسان وبشاعته وفساده لكي يؤكد مقولة: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء}؟ ومنذ ذلك الزمن والصراع مستمر بين النموذجين: نموذج يستلهم من الحسين وأصحابه، فيقدّم أروع صور الإنسانية في بطولتها. ونموذج يستمر على نهج يزيد، فيقدّم أبشع صور الشر والانحطاط. وإذا أردنا لعاشوراء أن تنتصر، ينبغي أن نعمل على أن ينتصر الخير في الإنسان، وذلك إنّما يتحقّق حين تصبح أمة النبي المصطفى خير أمة أُخرجت للناس، تستلهم من نهضة الحسين وشهادته لتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. إنّ التأمّل في واقع الأكثرية الساحقة من هذه الأمة اليوم يبين أنّ هذه الأمة الأفضل لم تتحقق بعد؛ ولأجل ذلك فما زال أمام عاشوراء الكثير الكثير ممّا تقوله.

عاشوراء رسخت قيمة الجهاد في سبيل الله، ماذا عن القيم الأخرى؟
رغم أنّ عاشوراء جسدت الكثير من القيم، ولكن نلاحظ أنّ القيمة الأبرز التي ترسخت في أوساط وأذهان الناس هي قيمة الجهاد في سبيل الله، فلماذا لا نلاحظ حضور وترسخ باقي القيم بنفس المستوى؟ فمثلا في الزيارات والمسيرات المليونية التي تجمع الناس من مختلف الأقطار والجنسيات كلها تهتف بعشق الحسين وتبكيه، لكن لا نلاحظ هذه اللحمة والتعاطف والتحاب بين هؤلاء فيما بينهم؟

رسالة عاشوراء الكبرى
يفتح التأمل في واقعة عاشوراء أبوابًا عديدة تطل على قضايا الإنسانية في جميع أحوالها. ففي هذه الواقعة الكبرى، أخرج الإنسان كل ما فيه من خير وشر، فكان معسكر الإمام الحسين مظهر الخير المطلق في الإنسان، وكان معسكر يزيد بن معاوية مظهر الشر المطلق فيه.شاء الله تعالى أن يباهي ملائكته بعظمة الإنسانية وسموّها واستحقاقها لمقام الخلافة العظمى، وأراد إبليس أن يثبت انحطاط الإنسان وبشاعته وفساده لكي يؤكد مقولة: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء}؟ومنذ ذلك الزمن والصراع مستمر بين النموذجين:نموذج يستلهم من الحسين وأصحابه، فيقدّم أروع صور الإنسانية في بطولتها.ونموذج يستمر على نهج يزيد، فيقدّم أبشع صور الشر والانحطاط.وإذا أردنا لعاشوراء أن تنتصر، ينبغي أن نعمل على أن ينتصر الخير في الإنسان، وذلك إنّما يتحقّق حين تصبح أمة النبي المصطفى خير أمة أُخرجت للناس، تستلهم من نهضة الحسين وشهادته لتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.إنّ التأمّل في واقع الأكثرية الساحقة من هذه الأمة اليوم يبين أنّ هذه الأمة الأفضل لم تتحقق بعد؛ ولأجل ذلك فما زال أمام عاشوراء الكثير الكثير ممّا تقوله.

لا تلوموا من لا يبكي في عاشوراء... حتى؟
ما من إنسان في العالم عرف موقعية الإمام الحسين عليه السلام في دائرة الوجود ثم يسمع ما جرى عليه في كربلاء، إلا وسوف يلف قلبه حزن كبير لا مثيل له في أحزان العالم؛ تنهمر له الدموع حسرات، وتفيض له العيون ألمًا

لماذا غفل الناس عن الآثار العجيبة لعاشوراء
من شأن عاشوراء أن تصنع المجتمع المثالي الذي يتوق إليه كل العالم فكيف تعاملنا مع نتائجها؟ للكاتب والمفكر السيد عباس نورالدين مؤلف كتاب خطة الإسلام2

أهم صفوف مدرسة عاشوراء
إنّ تحرّك الإمام الحسين (ع) منذ البداية وحتى النهاية، وما نجم عن نهضته إنّما كان يعبّر عن إرادة الله عزّ وجلّ، من هذا العالم والوجود والبشرية، وكان أعظم ترجمانٍ لهذه الإرادة الربانية. فمن أراد أن يتعرّف على مراد الله، وهو ما يهتم بها كل إنسان مؤمن، وما شكّل قضية الأنبياء والرسل والأولياء عبر التاريخ.إنّ هذه المدرسة الإلهية العظيمة يمكن أن تمثل له أفضل فرصة، لماذا؟ لأنّها اختصرت بأيّامٍ أو بزمنٍ قليل جدًّا ما يريده الله عزّ وجل، وهذه هي المدخلية أو البوابة الكبرى إلى مدرسة عاشوراء.

عاشوراء تحيي الأمم وتنقذ المجتمعات
إنّّ قيمة وقدرة كل مجتمع في هذا العالم تكمن بالدرجة الأساسية فيما يختزنه من قيمٍ ايجابية. وإحدى أهم هذه القيم التي يحتاج إليها المجتمع في حركته التقدميّة هي قيمة الاصلاح، أي أن يكون الناس مندفعين لإصلاح ما فسد، سواء على مستوى البيئة أو الطبيعة أو الحياة الاجتماعية أو الاقتصادية أو.. فقيمة الإصلاح في الحياة الاجتماعية، هي الجهاز المناعي الأول لأي مجتمع، إذا عرض عليه أي شيء من الخارج أو من الداخل فإنّ أبناءه يسرعون إلى الإصلاح والمواجهة والتغيير والتبديل. حين نقف عند ثورة الإمام الحسين (ع) سنجد أنّ هذا الشعار الذي أطلقه الإمام قائلًا:"إنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي رسول الله" هو في الواقع قد حقّق العنصر الأساسي في حياة الأمة، لذا، اذا عزلنا الإمام الحسين (ع) والثورة الكربلائية عن متن حياة المسلمين سنجد أنّ هذه الأمة ستفقد أهم عنصر في جهازها المناعي.

عاشوراء تغير كل شيء في العالم
ما الذي قدمته النهضة الحسينية أو ثورة عاشوراء للبشرية أو للإسلام؟ وما الذي يمكن أن تقدمه هذه الثورة أيضًا في عصرنا الحالي وفي المستقبل لكل الأجيال؟ هذا سؤال مهم جدًا، ويمكن أن يشكّل فارقًا في فهمنا بما جرى ولما يجري.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...