
كيف تكون الأرض مشروعًا تعليميًّا أساسيًّا
بدل التشرذم، تتضافر العلوم والمناهج
السيد عباس نورالدين
منذ أن حصل الطلاق بين العلوم التجريبية والفلسفة، والأرض تئن تحت وطأة التفلت العجيب في استخدام عناصرها ومكوّناتها بطريقة تنذر بكارثة وجودية.
حين أصبح ما يُسمى اليوم بالعلم (أو الساينس) يمارَس لأجل "العلم" كما يُقال، فقد العمل البحثي في كل ما يتعلق بالأرض أي نوع من التوجه الهادف والمسؤول تجاه هذا الكوكب الذي يبدو أنّه الوحيد الحاضن للحياة.
كان يُفترض بالفلسفة أن تبقي الحركة العلمية المرتبطة بالأرض (الفيزياء والكيمياء والأحياء..) تحت جناحها وتحلق بها نحو آفاق التقدم والازدهار والسعادة والرقي.
كان يُفترض بالفلسفة أن توجّه الجهود العلمية نحو الأهداف الكبرى التي وُجد الإنسان على هذه الأرض من أجلها.
ولكي تقوم الفلسفة بهذا الدور، كان عليها أن تنجح هي نفسها في الإجابة عن الأسئلة المصيرية؛ إلا إنّ إخفاق الفلسفة الغربية في هذه المهمة من جهة، والطلاق الذي حصل بينها وبين تلك العلوم من جهة أخرى، أطلق العنان للبحث والاكتشاف غير المنظّم وغير الهادف؛ فكيف إذا أضفنا العامل المحوري الذي يقف وراء هذه الكارثة والذي تمثل في فساد الحكومات والقوى المهيمنة وانهيارها الأخلاقي. لأجل ذلك، ينبغي تأسيس البحث العلمي حول الأرض بكل مكوناتها على قاعدة فلسفية متينة تجيب عن أسئلة ضرورية مثل:
ما هي الأرض؟
ولماذا خلقها الله؟
وإلى أين يمكن أن تصل؟
وما هو دور الإنسان المستخلف فيها؟
وما هو دور عناصرها وكائناتها على صعيد تحقيق ذلك الهدف؟
ومن شأن الإجابات المحكمة عن هذه الأسئلة بناء قاعدة متينة للبحث عن أجوبة الأسئلة الأكثر تفصيلًا، حتى نصل إلى البحث عن فائدة وجود الضفادع ودورنا تجاه هذه المخلوقات، مما يوجّه البحث العلمي نحو آفاق لا تُطرح اليوم وسط هذا النوع من العلوم وميادينها المختلفة.
ينبغي أن يكون التعليم متوجهًا إلى هذا التراث العلمي المرتبط بالعلوم الطبيعية (التي تدرس الأرض وجميع عناصرها وما يحيط بها) بعين النقد، بحيث يمتلك الطالب القدرة على مساءلته ومحاسبته ومناقشة نتائجه، لا الاكتفاء بالإحاطة به. ويجب الحث على استكشاف طرق أخرى للتعامل مع الأرض انطلاقًا من تلك الفلسفة، وعدم الاكتفاء بما تقدّمه تلك العلوم والبناء عليه.
فالطالب بحاجة إلى معرفة أربعة أمور أساسية تكون بمثابة المنطلقات التي يبدأ منها للنظر والتأمل في معطيات تلك العلوم وأي معطى قد يصل إليه بأي طريقة أخرى. وهي:
- فهم الأرض وجوديًّا (فلسفة وجودها باعتبار أنّها محل ومركبة العروج إلى السماوات)
- معنى تكامل الأرض وتسافلها (وإدراك مظاهر ذلك في نظامها وكائناتها)
- دور الإنسان في التكامل والتسافل ومسؤولياته الإلهية وعواقب ذلك (وما هو دور الإنسان الكامل والخليفة الحقيقي).
- التعرف إلى الأرض ضمن البحث عن نظامها الشامل وإمكاناتها وثرواتها المرتبطة بفلسفة وجودها (وعلاقة أجزائها وعناصرها فيما بينها).
فمادة الجغرافيا ينبغي أن تكون فرصة للتعرف إلى ثروات هذه الأرض وإمكاناتها باعتبار أنّها أمانة إلهية بيد البشر قبل أي شيء؛ وباعتبارها مجالًا لدراسة وتحليل العوامل والأسباب التي أوصلتها إلى ما وصلت إليه على مستوى المناخ والتصحر والتلوث والعمران والاقتصاد.
ومادة الكيمياء ينبغي أن تكون فرصة للتعرف إلى الإمكانات التي تختزنها عناصر الأرض (والكون) انطلاقًا من الرؤية المتقدمة، ووسيلة مساعدة لتحليل ما قام به الإنسان وهو يعمل على تسخير ما اكتشفه من تلك الإمكانات وما أدّى إليه هذا التسخير من أبشع عمليات الإفساد والتلويث؛ وذلك لأجل فتح آفاق إبداع الحلول لمثل هذه الأزمات الكارثية داخل هذا العلم وخارجه.
وهكذا يجب أن تتضمن المناهج الحديثة بعدًا أساسيًّا يشجع على مناقشة الطرق والزوايا والأساليب التي اعتمدها الفيزيائيون وعلماء الأحياء في دراسة مكوّنات هذا العالم، لكي لا تتحدد آفاق الطالب مسبقًا، فيجد نفسه وقد انخرط بصورة تلقائية في المشاريع العلمية والبحثية التي تكون ثمارها ونتائجها بيد من يتسبب بالكثير من المشاكل والأزمات الكونية.

المدرسة النموذجية
إنّ القوّة الأساسيّة للمدرسة النموذجيّة تكمن في برامجها ومناهجها التي تتميّز بقدرتها على تقديم المعارف والمهارات بأحدث الطرق وأسهلها، وتعتصر كل التراث العظيم للبشريّة وتتّصل بكامل التّراث الاسلامي وتقدّمه لطلّابها عبر السنوات الدراسيّة كأحد أعظم الكنوز المعرفيّة. وهكذا يتخرّج طلّابنا وهم متّصلون بهذا البحر العظيم لكلّ الإنجازات الحضاريّة في العالم كلّه ويمتلكون القدرة التحليليّة اللازمة لتمييز الخير من الشرّ في جميع أنحائه. المدرسة النموذجيّة الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 140 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

روح التربية
الإنسان لا يأتي إلى الدنيا فاسدًا. في البداية يأتي إلى الدنيا بفطرة جيّدة وهي الفطرة الإلهية "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَة"، وهذه هي الفطرة الإنسانية فطرة الصراط المستقيم والإسلام والتوحيد. أنواع التربية هي التي تفتح هذه الفطرة أو تسد الطريق على الفطرة. التربية هي التي يمكن أن توصل المجتمع إلى كماله المنشود، وهي التي تجعل البلاد إنسانية نموذجية كما يريدها الإسلام روح التربية الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 192 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

المدرسة الإسلامية
يعرض لأخطر المشاكل وأهم القضايا حول أوضاع المدارس الحالية، التي تبنت المناهج الغربية، وذلك بالطبع بحثًا عن المدرسة المطلوبة التي تنسجم مع حاجات المجتمع وثقافته. كل ذلك من أجل بعث حركة فكرية جادة بين المهتمين بالتعليم عن طريق بناء الرؤية الشاملة للتربية التعليمية في الإسلام. المدرسة الإسلاميّة الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 232 صفحةالطبعة الأولى، 2014مالسعر: 10$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

ثورة التربية والتعليم
يتطرّق الكتاب الرابع في سلسلة الأطروحة التربوية التعليمية التي يقدمها السيد عباس نورالدين إلى أهم القضايا التي تواجه أي ثورة حقيقية تريد إعادة إنتاج التربية التعليمية وفق استحقاقات العصر ومتطلّبات الزمان وبما يتناسب مع التحدّيات التي يعيشها مجتمعنا.الثورة التي يدعو إليها الكاتب تطال جميع مفاصل التربية التعليمية من رؤى ومناهج وقيم وحتى تلك التفاصيل التي تعني كل عامل أو مهتم بهذا المجال المصيري. ثورة التربية والتعليم الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 216 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-033-0 السعر: 12$

كيف نجعل المدرسة مرحلة إعدادية للحياة؟ تعديل أنظمة التقويم أولًا
يُقال إنّ أفضل وضعية للمدرسة في بيئتها ومناهجها وطرق تعليمها وحتى الموضوعات التي تطرحها هي أن تكون إعدادًا للحياة الواقعية أي نموذجًا مصغَّرًا عنها، هكذا نعدّ أبناءنا في المدرسة للتعامل مع الحياة بحكمة ومهارة وقدرة. إلا إن الحياة الواقعية، مليئة بالفرص وتمنح الإنسان إمكانية الإصلاح دائمًا ولا تضع حدًّا لتكامل الإنسان وعطائه وارتقائه، وهذا ما ينبغي أن يعيشه التلميذ في المدرسة

هل الدراسة بمفردنا أفضل، أم ضمن مؤسسة كالمدرسة أو الجامعة؟
كيف يمكننا التمييز بين إن كانت الدراسة بشكل منفرد ضمن برنامج محدد (علوم تطبيقية أو إسلامية) أفضل، أم الدراسة ضمن برامج المدرسة أو الجامعة، التي هي في الوقت الحاضر لا تعطي الطالب العلم المطلوب وخاصة في فهم الحياة والمجتمع؟ ألا يعد تعلم الأشياء الغير مطلوبة ضمن هذه البرامج تضييعًا للوقت والعمر؟

حول أسلمة العلوم الطبيعية أو التطبيقية.. مبادئ أساسية لبناء المناهج
لا ينظر المؤمنون بالإسلام وقيمه إلى الحركة العلمية الغربية بارتياح عمومًا، ومنها ما يرتبط بالعلوم التي تمحورت حول دراسة الكون والطبيعة والإنسان؛ هذه العلوم التي عبّرت عن نفسها بمجموعة من الاختصاصات والفروع، وظهرت بنتاج هائل استوعب جهدًا كبيرًا للبشرية، فأصبح بسبب ضخامته وحضوره مدرسة عامة يتبنّاها العالم كلّه. فالمنهج الغربيّ في التعامل مع الطبيعة والكون والإنسان هو المنهج المعتمد اليوم في كل بلاد العالم دون استثناء. إلا إنّ المؤمنين بالإسلام متوجّسون من حركة الغرب عمومًا، لا سيّما حين ينظرون إلى نتائج هذه العلوم على مستوى علاقة الإنسان بربّه. لقد أضحت هذه العلوم علمانية بالكامل، ليس أنّها لا ترتبط باكتشاف مظاهر حضور الله وعظمته وتدبيره وربوبيته فحسب، بل أصبحت سببًا لحصول قطيعة بين الإنسان وخالقه؛ في حين أنّ هذه العلاقة هي أساس سعادة الإنسان وكماله. أضف إلى ذلك، الآثار الهدّامة المشهودة لهذه العلوم على مستوى التطبيق والتكنولوجيا.من هنا، فإنّنا ندعو إلى إعادة النظر في هذه المقاربة، والعمل على تأسيس مقاربة أدق وأوسع وأشمل تجاه الكون والإنسان والوجود تنطلق من فهم فلسفة الوجود وغايته، فتكون عاملًا مساعدًا لتحقيق الأهداف الكبرى.

كيف تصنع المناهج هم تهذيب النفس؟ إطلالة معمقة على دور المدرسة في التربية
يمكن للتعليم المدرسي أن يساهم مساهمة كبرى في توجيه المتعلم نحو أحد أكبر قضايا الحياة وأهمها وأكثرها تأثيرًا على حياته ومصيره، ألا وهي قضية تهذيب النفس والسير التكاملي إلى الله. ولا نقصد من التعليم المدرسي تلك البيئة الفيزيائية المتعارفة، التي يمكن أن تكون معارضة تمامًا لهذا النوع من التربية والتأثير، وإنّما المقصود هو المناهج التعليمية التي يمكن صياغتها وتطويرها بحيث تصبح قادرة على جعل قضية التكامل المعنوي الجوهري همًّا واهتمامًا أساسيًّا، يعيشه المتعلم ويمارسه في هذه المرحلة العمرية الحساسة.

المدرسة الواقعية.. كيف ستكون مدرسة المستقبل
حين يكون المجتمع حرًّا ويمتلك أبناؤه الوعي الكافي لتقرير مصيرهم، هكذا ستكون المدرسة.إنّ أفضل إطار تنظيمي للمدرسة يتمثل في الأبعاد القيمية التي تضمن نموًّا حقيقيًّا وسريعًا للشخصية؛ وذلك بأن تكون المدرسة نموذجًا مثاليًّا للعالم الذي يُفترض أن يعيش فيه الإنسان لكي يتكامل ويحقق أفضل وأعلى مستوى من التفاعل مع عناصره ومكوّناته.

الدور المصيري للمدرسة كيف نعدّ أبناءنا للتعامل مع قضايا الحياة الكبرى؟
كل إنسان بحاجة إلى الحكمة للتعامل مع قضايا حياته المختلفة، فالحكمة ترشدنا إلى قوانين النجاح والفشل، والحكيم هو الذي يتّخذ المواقف المناسبة انطلاقًا من فهمه وإدراكه لهذه القوانين.

المدرسة المثاليّة ... وأهم مخرجاتها
هناك عدّة أمور تحتّم علينا تطوير مدارسنا، بدءًا من الشكل والبناء، وانتهاءً بالمناهج، مرورًا بالبيئة والأساليب والإدارة. وأحد أهم هذه الأمور هي التحدّيات المفروضة علينا، والتي لم نبدأ يومًا بمواكبتها ومواجهتها بواسطة التعليم العام وفي جبهة البيئة المدرسيّة.

هل يصح تدريس العلوم الطبيعية بمناهجها الحالية؟ وما هي الشروط التربوية لنجاح هذا التعليم؟
تعمد الأطروحة الجديدة للمدرسة النموذجية إلى إعادة النظر بشأن تعليم العلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء والأحياء وكذلك الرياضيات، وذلك بما يتناسب مع الرؤية المرتبطة بدور العلم في الحياة البشرية. لقد تم التركيز على هذه العلوم في المناهج الغربية باعتبار الموقعية المركزية لعالم المادة والطبيعة في الحياة البشرية. ففي الفكر الغربي المادي يُعد تسخير الطبيعة وعناصرها أساس السعادة البشرية، وذلك باعتبار أنّ المنشأ الأساسي للقدرة هو المادة. وبحسب هذا الفكر، بالقدرة يتمكن البشر من الوصول إلى السعادة أو حلّ المشكلات المختلفة... في حين أنّه بحسب الرؤية الكونية الدينية، فإنّ القدرة الأساسية (أي قدرة التغيير والتأثير) إنّما تتجلى في إرادة البشر. وهذه الإرادة لا تظهر فقط بالسيطرة على عناصر الطبيعة، وإنّما تظهر في سلوكياتهم وتعاملهم فيما بينهم في الاجتماع والسياسة. كما أنّ مستوى القدرة يتحدد وفق طبيعة استخدام عناصر الطبيعة وآلياتها وبرامجها؛ ممّا يعني أنّ هذه القدرة الناشئة من تسخير مواد الطبيعة إنّما تتبع أهداف البشر ونواياهم وكيفية استعمالهم لهذه المواد، لا مجرد تسخيرها كيفما كان.لذا يجب قبل أي شيء العمل على بناء الرؤية السليمة المرتبطة بدور الانسان في تسخير عالم المادة، ومدى تأثير ذلك على سعادة البشرية أو شقائها، وتعريف المتعلم إلى كل عناصر القدرة التي يمكن أن يحقق من خلالها سعادته وسعادة مجتمعه.

التعليم لأجل صناعة أبناء الآخرة.. أين هي القضية الأولى في المناهج؟
إن أردنا أن ننسجم مع رؤيتنا الكونية للوجود والمصير، ينبغي أن يكون للحياة الآخرة حضور أقوى في المناهج المدرسية، يتناسب إلى حدٍّ ما مع محوريتها وأولويتها. فكيف يمكن أن نعد الطالب المدرسي ليكون من أبناء الآخرة بدل أن يكون من أبناء الدنيا امتثالًا لقول أمير المؤمنين عليه السلام؟ المبدأ الأول الذي ينبغي أن تُبنى عليه مناهج التعليم هو ضرورة إعداد المتعلّم للتعامل مع قضايا الحياة الأساسية بما يتناسب مع أهميتها وتأثيرها ودورها في حياته. ولا شك بأنّ الحياة الآخرة هي القضية الأولى

دور المدرسة في تقوية الفطرة
لكي يتحرّك الإنسان على طريق الكمال، يحتاج إلى عاملين أساسيين؛ الأول تشخيص الكمال الواقعي، والثاني الاندفاع نحوه. وقد تكفّل الله تعالى بتأمين هذين العاملين حين نفخ في الإنسان من روحه. فتشعّب هذا الروح إلى هاتين القوتين المسمّاتين بالعقل والفطرة.

المشروع الحضاري للتعليم العام.. كيف ننزل هذا المشروع في قالب المناهج المدرسية
السؤال الأساسي هنا هو أنّه كيف يمكن أن نجعل من المشروع الحضاري الكبير الذي نؤمن به منهاجًا دراسيًّا، بل محورًا أساسيًّا في التعليم العام، بحيث يمكن الوصول بالمتعلم إلى مستوى من الفهم والإيمان والتبني والمسؤولية تجاهه، حتى ينتقل إلى الحياة التخصصية والمهنية وقد جعل ذلك كله قائمًا عليه ومتوجهًا إليه.حين يتمكن المتعلم من رؤية الحياة كما هي في الحقيقة، لن ينخدع بعدها بهذه الظواهر: ناطحات السحاب، التكنولوجيا، الطائرات، العدد الكبير لسكان دولة، الدخل القومي الكبير.. فكل هذه المدنية وهذا العمران وهذه الآلات والأدوات لن تكون عاملًا يصرف ذهن هذا المتعلم عن حقيقة ما يجري، وسوف يجد نفسه منخرطًا بسهولة في المكان والموقف الحق الذي يعمل بصدق ووفاء على تحقيق صلاح البشرية والأرض.

كيف تتغلب المدرسة على العقبة الأولى أمام بناء المجتمع؟ لماذا تعزز مناهج اليوم النزعات الفردية وفرار الأدمغة
بالنسبة لأي مجتمع في العالم، لا يوجد ما هو أسوأ من تضييع الطاقات الشابة الخلاقة والفعالة التي يحتاج إليها للتقدم والازدهار وحتى البقاء.. شباب اليوم هم مدراء البلد والمسؤولون عن تقرير مصيره، والفارق الزمني الذي يفصل بينهما لا شيء مقارنة بعمر الأوطان؛ لهذا، فإنّ أي مجتمع سرعان ما سيلحظ الخسارة الكبرى من تضييع الطاقات الشابة.

حول أسلمة العلوم التطبيقية والطبيعية... مبادئ أساسية لإعداد المناهج
لا ينظر المؤمنون بالإسلام وقيمه إلى الحركة العلمية الغربية بارتياح عمومًا، ومنها ما يرتبط بالعلوم التي تمحورت حول دراسة الكون والطبيعة والإنسان؛ هذه العلوم التي عبّرت عن نفسها بمجموعة من الاختصاصات والفروع، وظهرت بنتاج هائل استوعب جهدًا كبيرًا للبشرية، فأصبح بسبب ضخامته وحضوره مدرسة عامة يتبنّاها العالم كلّه. فالمنهج الغربيّ في التعامل مع الطبيعة والكون والإنسان هو المنهج المعتمد اليوم في كل بلاد العالم دون استثناء. إلا إنّ المؤمنين بالإسلام متوجّسون من حركة الغرب عمومًا، لا سيّما حين ينظرون إلى نتائج هذه العلوم على مستوى علاقة الإنسان بربّه. لقد أضحت هذه العلوم علمانية بالكامل، ليس أنّها لا ترتبط باكتشاف مظاهر حضور الله وعظمته وتدبيره وربوبيته فحسب، بل أصبحت سببًا لحصول قطيعة بين الإنسان وخالقه؛ في حين أنّ هذه العلاقة هي أساس سعادة الإنسان وكماله. أضف إلى ذلك، الآثار الهدّامة المشهودة لهذه العلوم على مستوى التطبيق والتكنولوجيا.من هنا، فإنّنا ندعو إلى إعادة النظر في هذه المقاربة، والعمل على تأسيس مقاربة أدق وأوسع وأشمل تجاه الكون والإنسان والوجود تنطلق من فهم فلسفة الوجود وغايته، فتكون عاملًا مساعدًا لتحقيق الأهداف الكبرى.

المدرسة النموذجية: كيف ستكون المدرسة في المستقبل
إنّ القوّة الأساسيّة للمدرسة النموذجيّة تكمن في برامجها ومناهجها التي تتميّز بقدرتها على تقديم المعارف والمهارات بأحدث الطرق وأسهلها، وتعتصر كل التراث العظيم للبشريّة وتتّصل بكامل التّراث الاسلامي وتقدّمه لطلّابها عبر السنوات الدراسيّة كأحد أعظم الكنوز المعرفيّة. وهكذا يتخرّج طلّابنا وهم متّصلون بهذا البحر العظيم لكلّ الإنجازات الحضاريّة في العالم كلّه ويمتلكون القدرة التحليليّة اللازمة لتمييز الخير من الشرّ في جميع أنحائه.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...