
أسرار الإخفاق الأمريكي الدائم
فيلتمان وجوقته اللبنانية نموذجًا
السيد عباس نورالدين
تحت عنوان "الحراك وفيلتمان وشيعة لبنان"، كتب هادي قبيسي في جريدة الأخبار محللًا، بل ومتوغلًا في كيفية مقاربة الأمريكي للواقع اللبناني وأدائه تجاه طوائفه وقواه ومنهم الشيعة وجمهور المقاومة على وجه الخصوص.
في هذا المقال نقترب أكثر نحو التعرف إلى حقبة مهمة من تاريخ السياسات الأمريكية تجاه لبنان، وكيفية عمل مؤسساتها وصناعة القرارات فيها. ففيلتمان، السفير السابق في لبنان، قد تحول إلى كيسنجر الإدارة الأمريكية لهذا البلد (على ما يبدو)، نظرًا لمهاراته المتعددة وعلاقاته الوطيدة بقوى وازنة في لبنان، والتي تجذرت أبان الأزمات الكبرى. هذا الرجل قد يبدو تلبية لحاجة أمريكية قديمة متجددة.
ورغم إخفاقاته المتواصلة وفشله في تحجيم المقاومة، الأمر الذي كان ينبغي أن يضيفه إلى سجل المكتئبين، يبدو فيلتمان متماسكًا وواثقًا ممّا يفعل.. وباعتقادي أنّ ذلك يرجع إلى أمرين أساسيين:
الأول: وجود صفقات مالية ضخمة هنا، يعمل فيلتمان نفسه على إدارتها عبر مجموعة كبيرة من المشاريع. ولا شك بأنّه سيكون رابحًا ومنتفعًا (التفسير الأول لعدم انهيار هذا الرجل وسط كل هذا الفشل المتراكم).
والثاني: عجز فيلتمان والأمريكي بشكل عام عن فهم الشيعة وثقافة المقاومة.
إنّ الآليات البحثية التي يعتمدها صنّاع القرارات في الولايات المتحدة، بل في الغرب عمومًا، تستند إلى حدٍّ كبير إلى مرتكزات فكرية وأيديولوجية تفسر دوافع البشر أينما كانوا على أسس مادية بحتة. باعتقاد ماسلو ـ الذي يهيمن تفسيره للدوافع البشرية على هذه الساحة ـ هناك هرم للدوافع الإنسانية التي تقف وراء جميع السلوكيات والمواقف التي يتّخذونها:
ففي المرتبة الأولى التي تشكل قاعدة الهرم، تمثّل الحاجات الأساسية (كالطعام والشراب) والسعي لتأمينها الدافع الأول؛ تليها الحاجة إلى الأمن والاستقرار؛ ثم تحقيق الانتماء أو المقبولية الاجتماعية ثم التقدير الذاتي، ثم تحقيق الذات. والشيعة في لبنان، بحسب هذا التفسير لن يكونوا استثناءً من البشر.
المقاربة الأمريكية المستديمة لقضايا مجتمعاتنا تعتمد على مبدإ الضغط المستمر على الحاجات الأساسية، من أجل إكراه الناس للتنازل عن المقاومة والعزة والكرامة؛ هذه الأمور التي يمكن اعتبارها بحسب الهرم الماسلوي أمورًا تأتي لاحقًا وتعبّر عن تقدير الذات والرغبة لتحقيقها.
إنّ ماسلو يرى أنّ السعي لإشباع الحاجات يبدأ من أسفل الهرم. فما لم يكن الناس حاصلين على الحد الأدنى من احتياجاتهم، لن يتحركوا باتّجاه المستوى الأعلى، ثمّ الأعلى وهكذا.. أي أنهم إذا لم يؤمّنوا احتياجاتهم الفيزيولوجية الجسمانية، لن يسعوا أو يناضلوا من أجل تلبية حاجتهم للأمن والاستقرار أو التقدير والمقبولية. فالشعوب قد تسلّم للغزاة ـ أي تسلط وهيمنة الأجنبي ـ إن تهدد أمنها الغذائي ومعاشها. وهكذا تكون الحاجات المادية الأساسية وحاجات الأمن والاستقرار أمورًا مفروغًا منها لبعض فئات المجتمع المستقرة معيشيًّا، بينما لا تكون كذلك بالنسبة للفئات الفقيرة والكادحة. لكن إذا تعرض أفراد الفئة الأولى لما يهدد مواقعهم وحياتهم، فإنّ تلك الحاجات تصبح غاية في الأهمية بحيث تتناقص أهمية الحاجات العليا بالنسبة لهم.
وبناءً عليه، فإنّ هذه السياسة الأمريكية لا ترى في الواقع الشيعي، وحتى في جمهور المقاومة، أي استثناء لهذا التفسير المرتبط بالدوافع التي تقف وراء أي تحرك اجتماعي سياسي.. اضغط على الواقع المعيشي للناس، ثمّ حمّل قادة المقاومة مسؤولية المعاناة والشقاء، وعندها سيتخلى الجميع عن إيمانهم وثقتهم بهم.
الالتزام بهذا التفسير العلمي الذي قدمه ماسلو هو أفضل بكثير من إعلان العجز عن فهم ما يجري بالنسبة لهؤلاء، الذين يرون في وظائفهم ومناصبهم ومشاريعهم أفضل طريقة لتأمين العيش (وإن كان على نمط الحياة المترفة). وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم بقوله تعالى: {وأضله الله على علم}.[1] فوفق التدبير الإلهي لا بد أن يبقى الكافر عدوًّا للمؤمن، يمارس عليه كل أشكال الضغوط، حتى ينهض هذا المؤمن من غفلته أو يخرج من تقصيره، ويكتشف الطاقات الكثيرة المودعة فيه؛ هناك، سيظهر عن تفوقه النوعي، فيكون نموذجًا حضاريًّا لما تصبو إليه البشرية.
إنّ فيلتمان هو مصداقٌ واضح لتلك الذهنية التي لا يمكن أن تتصور وجود حيوية فكرية عند الآخر، خاصة إذا كان عدوًّا مسلمًا؛ فترى في كل معارضة أو اختلاف في الرأي (داخل الساحة الشيعية أو جمهور المقاومة) بذور التمرد والانشقاق. وهنا يأتي الخطأ التالي الناشئ من الثقة المفرطة بتحليلات مؤسسات big data التي جمعت معطياتها الهائلة من وسائط التواصل بشأن النقاش والجدل الدائر في أوساط هذا الجمهور تجاه الفساد والدولة.
تنبع حماقة العدوّ من إصراره على سلوك طريق الضلالة الذي يقوم بشكل أساسي على الاستكبار. فالأمريكي، ومن معه من كل الجوقة التي ذكر قبيسي بعضهم في مقالته، هم الذين يناقشون ويدرسون ويبحثون ويدلون بآرائهم بمنتهى الوضوح والصراحة، حيث تتناقلها وسائل الإعلام وتبثها للجميع كنموذج للجدال الديمقراطي البناء، الذي يمكّنهم من التوصّل إلى أفضل القرارات. أمّا الآخر عندهم، فليس سوى سلطة مستبدة تهيمن على جمهورها من خلال عمليات غسل الأدمغة وقمع الرأي المخالف.
لقد شكلت الأحداث الأخيرة فرصة مهمة لكي ينتقل جمهور المقاومة إلى مرحلة جديدة من التعبير الحر الذي سيكون بذاته أفضل أرضية للاتّحاد والتماسك والتطور. فلا شيء يعطي القوة لأي شعب مثل وجود هذا الفضاء الواسع للتعبير، مهما تشابكت الآراء وتعارضت. وقد قرأ الأمريكي وأزلامه هذا المشهد، وكعادتهم، بطريقة خاطئة؛ وهذا هو سر فشلهم الأكبر.
[1]. سورة الجاثية، الآية 23.

الخميني القائد
البحث عن السيرة القيادية للإمام التي ظهرت في كل أفعاله ومواقفه، وكانت العامل المحوري لجميع إنجازاته ومفاخره. فشكلت أعظم الدروس القيادية التي يمكن تشييد مدرسة كاملة عليها. ما هي أهداف الإمام الخميني وما هي أهم انجازاته وكيف حقق ذلك على مدى عمره وكيف أسس لأعظم انجاز حضاري عرفته البشرية في العصر الحديث.. الخميني القائد الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 448 صفحةالطبعة الأولى، 2012م يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقعي: النيل والفرات: https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0وموقع جملون:https://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=مركز+باء

كيف أكون ناشطًا سياسيًا؟
الحياة هي النشاط والتفاعل والشعور والتكامل واللذة والحركة والاندفاع. وللحياة مراتب ودرجات، وحين تكتمل بمراتبها يصبح الإنسان مستعدًا للحياة الجميلة الأبدية. وفي هذا الكتاب نتحدّث عن الحياة الاجتماعية، الذي يمثّل النشاط السياسيّ أحد أبرز وجوهها وأركانها وأكثرها تأثيرًا، فما لم يبلغ الإنسان مثل هذا النشاط، فإنّ الدرجات الأعلى لن تكون من نصيبه، لأنّ كل درجة حياة موقوفة على سابقتها؛ فإذا اختلّت أو ضعُفت الحياة الأدنى، لم يتسنَّ للإنسان التمتّع بالحياة الأعلى. كيف أكون ناشطًا سياسيًّا؟ الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 120 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

كيف نستفيد من التاريخ؟
لقد كشفت كل الشواهد التاريخيّة عن حقيقة كبيرة وهي أنّ جميع الشعوب التي عانت من البؤس والحرمان والعبودية والذل والفقر، إنّما عانت من ذلك لأنّها لم تتّخذ الموقف المناسب في الوقت المناسب. ولا يمكن لأي إنسان أو أي شعب أن يعرف الموقف المناسب للوقت إلّا بمعرفة مساره الزمنيّ وكيف تطوّر على مرّ الزمان، وهذا ما توفّره لنا دراسة التاريخ. كيف نستفيد من التاريخ؟ الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 128 صفحةالطبعة الأولى، 2018مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

كيف أجعل مجتمعي قويًا؟
في ظل هذا المجتمع المنيع يتمكن الشاب المسلم من الحفاظ على قيم دينه الذي أنزله الله ليكون أعظم هدية لكل مجتمعات العالم وشعوبه التي تتوق إلى الانعتاق من قيود الظلم والضياع. فما هي مكونات المجتمع القوي، وكيف يمكن للشباب أن يجهّزوا أنفسهم ليشاركوا في أجمل الأعمال وأكثرها تشويقًا. كيف أجعل مجتمعي قويًّا؟ الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 112 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

أسس النهضة الاجتماعية
أطروحة تسعى لتقديم المعالم الرئيسية للنهضة الاجتماعية وأسسها ومقومات بنائها. وفي طيات ذلك يعرض لأهم العوامل التي أدت لتخلف المجتمعات المسلمة وسبل الخروج منها. وفي الكتاب عرض لمشروع شامل لتأمين مستلزمات هذه النهضة ويحدد المسؤوليات الكبرى الملقاة على عاتق الطبقة المتعلمة وقادتها. أسس النهضة الاجتماعيّة الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21 غلاف ورقي: 112 صفحة الطبعة الأولى، 2010مالسعر: 8$

ما هو الموقف الأصح تجاه الحراك الحالي في لبنان؟
هل الوقوف مع المظاهرات والتظاهر شيء جيد مع العلم أنها ليست في سبيل الله (كل ما خلا الله باطل). هل يمكننا تفسير ذلك؟ هل معارضتها والسكوت على الفساد هو الخيار الأصح، أم يكون الصمت هو الخيار الأفضل في الوضع الحالي؟

كيف ندعو للاستقلال ونحن تابعون لإيران؟
شاب يشكل أنّه كيف نحن ندعو لاستقلال لبنان ونحن تابعون لإيران؟ ألا يُعد هذا نوع من التناقض بين هذه الدعوة والتطبيق؟

فرصة الأحداث الكبرى المميزة.. لماذا يجب إنتاج الخطاب؟
غالبًا ما تكون الأحداث الكبرى ـ خصوصًا ذات الطابع التهديدي ـ فرصة مهمة للتعرف إلى عنصرٍ محوري في حركة المجتمعات والنهضات، وهو أمر قلما يُشار إليه في ساحاتنا الثقافية، يمكن أن نطلق عليه إنتاج الخطاب. ولعل المقصود من هذا المصطلح هو تلك الأدبيات والأفكار التي تظهر أبعاد قضيةٍ ما في الواقع المعاش، خصوصًا إذا كانت مرتبطة بالقيم والمبادئ الأساسية لأي جماعة بشرية. لكن تحول هذه الأدبيات إلى مستوى الخطاب يتطلب شيوعًا يظهر على الألسن والأذهان والشعارات.

المقاومة من أجل الحضارة.. لماذا يجب أن نصرّ على هذه الأطروحة؟
إذ كنت مهتمًّا بمستقبل مجتمعك وشعبك، فأنت بحاجة إلى التفكير بموقعيّته الحضارية في عالم الغد؛ فلا شيء يحدّد مستقبل أي شعب مثل إدراك ما سيكون عليه على المستوى الحضاريّ في الزّمن الآتي.

هل يمكن أن تقوم ثورة في لبنان؟
ربما لا يوجد لبناني واحد يشك بأنّ النظام الطائفي هو أسوأ نظام سياسي شهدته البشرية؛ لكن قد يختلف اللبنانيون فيما بينهم أشد الاختلاف في مقاربة التغيير وأساليبه، وقد آن الأوان لتعميق البحث بشأن هذا المطلب الحساس، عسى أن نضع بعض القواعد الثابتة للتلاقي والائتلاف.

لماذا الانتصار في الداخل أصعب!
هل يمكن لقوة معينة أن تنتصر على عدوٍّ خارجي ولكنّها تُهزم في الداخل؟ هل يمكن لحزب أو جبهة مقاومة أن تمتلك ألف ميغا طن قدرة حين تواجه عدوًّا غازيًا مدججًا بأحدث الأسلحة المتطورة، لكنّها تصبح بقوة عشرة ميغا طن حين تتعامل مع تحديات داخل وطنها؟ هل يختلف إعمال القوة حين تقاوم عن إعمالها حين تخاصم؟

الثورة لكي تنتصر
أجل، كل الأنظمة السياسية تحتاج إلى ثورات شعبية حتى تتبدل. والثورة الشعبية تعني رفض الأغلبية الساحقة لا الأكثرية الديمقراطية (خمسون زائد واحد) للنظام القديم؛ لأنّ تغيير النظام سيطال كل شؤون الحياة، وليس فقط الاقتصاد والمعاش. لكن ما الذي يمكن أن يجمع هذه النسبة الكبيرة على مثل هذا التغيير؟ أهو مجرد السخط على الأوضاع؟ أم امتلاكهم رؤية واضحة موحدة للبديل؟ وكيف يعبّر الشعب بعد اجتماعه عن مطالبه؟ وكيف يطبقها بعد انتصاره؟

عن النفوذ الإيراني في لبنان
الحديث عن النفوذ الإيراني في لبنان وإن كان مادة للمهاترات السياسية وممارسة الضغوط المكشوفة على المستوى المحلي، إلا أنّه لم ينفك يومًا عن لعبة الصراع العالمي الذي تتزعم أمريكا أحد أقطابه. ولأنّ هذا الحديث يمثل فرصة مهمة للتعمق الفكري والسياسي، فمن المهم أن تناقشه عقول الأذكياء وتعمل على بلورته إعلاميات النبهاء.

عن قوة لبنان في ضعفه... كيف نرى الضعف اللبناني؟
إنّ الانشطار الثقافي بين الطوائف اللبنانية مبني بالدرجة الأولى على صراع المكتسبات لا الحوار أو الصدام الثقافي. فلا يوجد أي نوع من الحوار الثقافي الجاد بين اللبنانيين، الذي يُفترض أن يبحث عن المشتركات (وما أكثرها) ويبني عليها الهوية الوطنية التي هي أساس قوة لبنان وتماسكه.

أكبر مخاطر الثورات الحديثة
في العصور البائدة كانت الثورات الشعبية تمتلك فرص النجاح أكثر من زماننا هذا، وذلك لسببين أساسيين: الأول: يتمثل في صعوبة تدخل القوى الخارجية فيها؛ والثاني: يعود لانحصار فئة المنتفعين من النظام الحاكم بمجموعة قليلة من الناس.أما في عصرنا هذا، فإنّ ما تمتلكه القوى الأجنبية من تأثير على الداخل ـ وذلك عبر النفوذ الثقافي الذي حققته في مجتمعنا ـ يتمثل بهذا العدد الكبير من الكادر السياسي وغير السياسي المتواجد في الكثير من مفاصل المجتمع ودوائره ومؤسساته؛ وهو الكادر الذي يتبنى نمط عيش تلك القوى ورؤيتها للحياة والإدارة والسياسة والاقتصاد وطرق التفكير.

عن نقص العقلانية في مجتمعنا... ابحث عن الخراب والفقر في المكان الصحيح
يعاني مجتمعنا من نقصٍ حاد في العقلانية، حتى في درجتها الدنيا التي ترتبط بالسيرة العقلائية. فأدنى درجات العقل أن يدرك الإنسان المصالح والمفاسد ويبني على أساسهما في قراراته المختلفة في الحياة؛ في حين أنّنا نجد تغليبًا واضحًا للقوة الشهوية والغضبية على حساب هذا العقل في مختلف زوايا وقضايا مجتمعنا.

إنّها معركة الإعلام يا ذكي! في الإعلام المواجهة الحقيقية بين القيم
اكتشف لبنانيون أنّ كل تلك الشتائم والسباب الموجه لشخصيات لبنانية يعتزون بها ـ والتي تعمدت محطات إعلامية بثها وتضخيمها ـ كانت تهدف إلى تصوير الحراك بعيدًا عن تيار المقاومة التقليدي المعروف. وقد نجح هذا الإعلام فعلًا في جعل مؤيدي المقاومة ينظرون بتوجس وشيء من الاشمئزاز إلى كل من يشارك في هذا الحراك. فلا شيء عند هؤلاء يمكن أن يبرر كيل الشتائم سوى أنّها في سياق أجندة معادية، حيث كل أصابع الاتّهام كانت موجهة إلى أمريكا طبعًا. والمضحك في ذلك الإعلام أنّه، ولكي يستهزئ بهذه المقولة، عمد إلى جعلها شعارًا وحيدًا للمتوجسين، وهو القول بأنّ الناشطين "الثوار" يقبضون من السفارة الأمريكية.

هل العلمانية حل للطائفية؟
هناك شريحة معينة من الشباب اللبناني يتيح لنفسه التفكر العميق في الأحداث التي تجري في بلاده، وهناك من يتعاطى مع هذه الأحداث بنحو اعتباطي، وهناك من يندفع بدافع السخط على الأوضاع ويرى أن رد الفعل الوحيد على هذا الظلم يكون برفع الصرخة، ولكن كما نعلم أنّ أحداث العالم ووقائع الشعوب والدول لا تكون وليدة التحركات العفوية والاعتباطية، هناك الكثير من الأوضاع التي يتوصل إليها الناس إنما يصلون إليها نتيجة التخطيط الدقيق والنظرة الاستراتيجية والعمل الدؤوب، ولبنان ليس استثناءً من هذه القوانين الكونية... إذا كنا نريد تغيير بلدنا نحو الأحسن والقضاء على الفساد بالإضافة إلى رفع الصوت عاليًا، لا بد أن يكون هناك رؤية بعيدة المدى وعقلانية حكيمة لبناء هذا المجتمع بصورة افضل.

ثورات تُدار من بُعد
يوجد شيء معروف في حياة البشر يرتبط بقوة التلقين وتأثيره على الإنسان. حين ينظر الإنسان إلى الموضوع السياسي، الإنسان في ظل السخط والغضب وكل هذا الفساد والإحباط الموجود لانعدام الفرص والبطالة، يصبح مستعدًا لتصديق الكثير من الأشياء.الإنسان الساخط يكون لديه استعداد ورغبة لتصديق أي شيء عن عدوه.يوجد قضية ينبغي أن نبدأ نعيها أكثر فأكثر، عبر التاريخ وفي العصر الحديث وهي أنّ التحكم بالشعوب وبالأكثرية وبالعوام، كان جزءًا أساسيًّا من أجندات وأعمال الأجهزة المخابرتية، لكنه أصبح اليوم أكثر خفاءً لأنّه يتعامل مع الإنسان من دون أن يشعر بأنّ هناك من يتواصل معه بشكل مباشر، وبالتالي فإنّه يحافظ على شعوره بأنّه حر وصاحب قرار وأنّه بكامل اختياره ينزل إلى هذه المظاهرات ويُطلق هذه الشعارات.أتمنى أن تضعوا هذا الأمر ببالكم وأن تتأملوا فيه لا من أجل اتهام هذا الحراك أو ذاك وإنّما أعتقد أنّ الأهم من كل ذلك هو النظر كيف نستطيع الخروج من هذه السيطرة وأن نستعيد حريتنا وإرادتنا بحيث إذا أردنا المشاركة في أي حراك أو نشاط سياسي أن نكون ملتفتين بأنّنا لسنا مدفوعين بتأثيرات خارجية غير مشهودة.

تهديد ينبعث من الحراك
ما يحصل في لبنان هو تهديد جديد لجبهة المقاومة، من أهدافه تفريغ هذه الجبهة من عناصر قوتها المختلفة ومنها الشعبية. هناك من يسعى ليجعل المقاومة داعمة للفساد وتحميلها مسؤولية الفساد في هذا البلد.نحن إذًا أمام هذا النوع من التحديات والتهديداتكيف يستطيع أهل الحق الاستفادة من هذا التهديد وتحويله إلى فرصة؟

لبنان على طريق الإفلاس
كيف تُصنع القرارات الأساسية في الإدارة الأمريكية؟يوجد مؤسسات راكبة بطريقة حين يُتخذ القرار بمستويات عالية نتيجة اللوبيات سيتنفذ ويصبح قرارات مستمرة ومنها قضية المال والحصار الاقتصادي.استطاع الأمريكان إنشاء نظام مالي عالمي يتحكمون من خلاله ببننوك العالم؛ بعدها كانوا قادرين على السيطرة على أي بلد من خلال بنوكه ومصارفه من خلال سياسة الإقراض المعروفة. فأنت حين تقترض المال ستكون مضطرًا لدفع الفوائد، وإذا لم يكن لديك قدرة على دفع الفوائد، ستصل إلى مرحلة غير قادر على تسديد الديون فتعلن إفلاسك، هل من الصعب معرفة هذه السألة في هذا الزمن؟لذلك لبنان ليس بعيدًا عن الإفلاس.كيف نغيب مثل هذا الأمر عن أنظارنا وهو يحصل ويُنفذ؟!

فرق كبير بين النظام الديني والطائفي
ما معنى أن النظام في لبنان هو نظام طائفي؟ هل النظام الموجود هو نظام طائفي أو علماني وقبلي؟ هل أن الذين يصلون إلى السلطة يعملون وفق ما تمليه عليه طوائفهم وينطلقون من رؤيتهم الدينية للحياة وقيم الدين أم من مصالحهم الخاصة؟ هل يوجد دين في لبنان يدعو أتباعه للظلم والاعتداء وسرقة أموال الناس؟ ماذا تعني العلمانية؟ هل يمكن أن تكون العلمانية حلًّا؟ هل التغيير ممكن من دون مراقبة الحكام والتغيير في عقليتهم؟ كيف تعمل السياسة في لبنان؟

كيف منعمل استقلال للبنان؟
تشكل لبنان بعقلية أن يكون هناك نفوذ دائم للقوى الكبرى، إقليمية أو عالمية...يعيش لبنان مشهد أن القوى العالمية غير قادرة على تحديد ماذا تريد من لبنان، حيث يوجد نوع من التعارض بين القوى يجعل كل منها تنتظر ماذا تفعل. هذه فرصة كبيرة للبنانيين لتحقيق الإنجازات. لكن الإنجاز الأكبر يكون بتحرير لبنان من تدخل القوى الخارجية أي إيصاله إلى مرحلة الاستقلالية السياسية التامة، غير ذلك لا يمكن أن نحلم بأن يكون لدينا نظام سياسي حقيقي يعمل على مصلحة اللبنانيين أولًا، ويستطيع أن يقول للقوى الخارجية أن لا تتدخل به ثانيًا. هذا هو الإنجاز الأكبر لأي مجتمع أو شعب.. هل هذا الإنجاز ممكنًا؟ وما هي مستلزمات تحققه؟ هل يمكن تحقيق النظام السياسي المستقل من دون تحقيق النظام الاقتصادي المستقل؟ ما معنى أن يسقط حكم المصرف أو الحاكم المصرفي الفلاني؟ إذا كان اقتصاد لبنان قائمًا على المال، فما هي الرؤية البديلة؟ هل يوجد لدينا رؤية بديلة تحررنا من التبعية الاقتصادية والارتهان للخارج؟

طيب كيف منعمل نظام اقتصادي سليم؟
لا بد للنظام السياسي المستقل أن يقوم على اقتصاد مستقل.بينما نتجه نحو الاقتصاد المستقل ينبغي أن نعلم أنّ نمط العيش الذي نتبعه في حياتنا سيكون له أكبر الأثر على نشاطنا الاقتصادي، الذي يحدد كم وكيف ننفق في حياتنا، وهل أننا سنحتاج إلى أكثر من إمكاناتنا الداخلية الذاتية أم لا؟بمجرد أن نعيش بطريقة تتطلب إنفاقات أكبر من اقتصاد البلد، من الطبيعي أن ندخل في دهاليز وحالات سلبية جدًا ونفشل في نهاية المطاف على المستوى الاقتصادي.إذًا يوجد علاقة وطيدة بين نمط العيش والاقتصاد.فلنفكر من الآن بهذه القضية ونعمل معًا على توعية هذا الجيل الذي سيستلم هذا البلد، المتوقع أنّ يكون على مستوى مهم من النظافة الاقتصادية، لكن ستواجهنا مشكلة أنّنا غير مهيئين للعيش بالمستوى الاقتصادي المرتبط بهذا البلد، لذا نحتاج لأن نؤسس كيف يستطيع الإنسان أن يعيش بحيث لا يجعل اقتصاد بلده تابعًا للاقتصادات الخارجية وبالتالي مرتهنًا سياسيًّا لغيره.لذا إذا أردنا أن نذهب بالاتجاه الصحيح نحتاج لأن نفكر كيف يمكن أن يكون نمط العيش على مستوى العلم والطبابة والترفيه والأكل والشرب والتنقل وكل المسائل التي نستخدمها في يومياتنا وكيف نتجنب الإسراف.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...