
بين القيادة التجريبية والقيادة العقلانية
السيد عباس نورالدين
القيادة التي تُعنى بتوجيه الطاقات والإمكانات هي ميدان مهم لاختبار القدرات الإدراكية للقائد. وكلّما كان المعني بهداية الموارد البشرية والمادية قوي الإدراك، كان أقدر على القيام بعمله على أفضل وجه.
لا ينحصر دور القائد بأخذ القرارات واتخاذ المواقف في اللحظة المناسبة، بل يتعدّاه لما هو أهم وأخطر وهو التفكير الاستراتيجي، أو لنقل "بناء القرارات الموضعية" على أسس الرؤية البعيدة المدى والنظرة العميقة والمستقبلية للأمور.
تنشأ القوى الإدراكية وتنمو في البيئة التي نضعها فيها ونؤسّسها عليها. وتتشكّل هذه البيئة من خلال التفاعل مع الرؤية الكونية التي سيتبنّاها هذا الإنسان ويلتزم بها.. ولهذا ارتبط المنهج التجريبي بالرؤية الكونية المادية على مدى التاريخ، في حين تأثّر المنهج العقلي كثيرًا بالرؤية الكونية التوحيدية التي تؤمن بخالق واحد ومدبّر أحدي لهذا الوجود.
ترعرع المنهج الحسي التجريبي وسط الاعتقاد بأنّه لا وجود لما هو وراء الحسّ، وأنّ كل ما يرتبط بالحقيقة أو يمكن إدراكه فهو المحسوس الملموس. وليست التجربة سوى وسيلة للاطمئنان والتثبّت من وجود هذا المحسوس.. أما المنهج العقلي الذي يؤمن بقدرة التجريد الذهني على إدراك الحقائق، فغالبًا ما ينمو ويتشكّل في ظلّ الاعتقاد والبحث عن الحقائق الماورائية (وهي حقائق تفوق قدرة الحسّ على نيلها والتثبّت منها).
فعلى سبيل المثال، يثبت المنهج العقلي وجود الحياة للإنسان بعد الموت، وإن لم يكن هناك أيّ تجربة مشهودة أمامه، في حين لا يمكن للمنهج التجريبي إلّا أن يستمد من التجارب والوقائع السابقة.
ولا غرو بأنّ للالتزام بالمنهج العقلي واستعماله لا يكفي مجرّد الاعتقاد بتلك الرؤية الكونية، بل يحتاج الأمر إلى مهارات خاصة تنمو بواسطة الاستعمال والتطبيق.
لهذا، قد نجد العديد من المعتقدين بالرؤية الكونية التوحيدية تجريبيّين وحسّيّين أثناء تعاملهم مع الكثير من قضايا الحياة. وبسبب ذلك قد يسقط بعض القادة وأصحاب القرار ضحية المعطيات الحسية والميدانية التي يتم إمطارهم بها يوميًّا بواسطة الأجهزة المختلفة؛ وما هي إلّا مدة وجيزة حتى تنحرف أذهانهم وطرق تحليلهم للأمور، لتصبح أذهانًا تجريبيّة تفكّر وتستنتج من خلال المعطيات الحسية فقط.
ما زلت أتذكّر سخرية الكاتب الروائي المشهور مارك توين حين قال: "هناك ثلاثة أنواع من الأكاذيب: أكاذيب، وأكاذيب لعينة، وإحصاءات".
ولا شكّ بأنّ الإحصاءات والتقارير تكشف عن جانب من الواقع؛ لكن المصيبة تكمن في تحوّلها إلى المصدر الأساسي للتحليل واتخاذ القرارات. لأنّ ما لا تقدر عليه الإحصاءات هو بيان البعد المستقبلي للأمور، أو إن صحّ التعبير بيان حقيقة الأشياء على مدى الزمان. وذلك لأنّ حقائق الأشياء لا تظهر في مقاطع الزمان، وإنّما في سياقاتها الزمانية الممتدة من الماضي إلى الحاضر والمستقبل (الغاية).
إنّ استشراف مستقبل الأشياء ليس من مهمّات التجربة ولا يقع ضمن إمكاناتها؛ بل يتطلّب شيئًا خاصًّا هو عبارة عن الاستمداد من تلك الرؤية الكونية التي تكشف عن حقائق الأشياء.. فقضية الاقتصاد وقضية البيئة مثلًا، وإن كانتا من الأمور التي تتناولها الإحصاءات، لكنّهما قضايا لا يمكن إدراكها ومعرفة لوازمها وآثارها إلّا في ظلّ الرؤية الكونية التوحيديّة. وذلك لأنّ الاقتصاد ليس مجرّد أرقام مالية، بل هو نمط عيش ورؤية وتفاعل مع الكون والطبيعة. ولأنّ البيئة قضية الأرض ومحور وجود الإنسان ومسرح الاستخلاف الذي عجزت الملائكة عن إدراكه.. ولهذا، حين يعجز القادة عن تصوّر مستقبل الاقتصاد يتّخذون قراراتٍ، غالبًا ما تؤدي إلى عواقب وخيمة على مستوى المجتمع، كما تشهد على ذلك تجربة الرأسمالية الحديثة والكوارث الكبرى التي تسبّبت بها ولا تزال.. وهكذا بالنسبة للبيئة التي يتمّ إهمالها من قبل أغلب قادة المجتمع لعجزهم عن تصوّر ما ستؤول إليه بعد عشر سنوات أو عشرين سنة. وإنّما يحصل ذلك بالدرجة الأولى بسبب غضّ النظر عن موقع البيئة في الرؤية الكونية.
حين تمّ تلزيم الاقتصاد لمن كان يعمل وفق أجندة البنك الدولي ونظرية صبيان شيكاغو ونصائح الاقتصادي الشهير ميلتون فريدمان، ما كان يدور بخلد من قايض هذه القضية بالأمن، أنّه سيأتي اليوم الذي تكون أهم أسباب تقويض أمن المجتمع وكيانه.. وها نحن اليوم نكرّر الخطأ ذاته، حين يتمّ التعامل مع قضية البيئة بمثل هذا التساهل، تحت عنوان وجود تحدّيات وتهديدات خارجية أخطر؛ فلا يتصوّر المسؤولون الذين وثق الناس بهم وبايعوهم على السمع والطاعة أنّ خراب البيئة والأرض سيكون له تبعات أخطر بكثير من الاحتلال الأجنبي.
فمثل هذه القيادة لا تفكّر ولا ترى الأمور إلّا بواسطة التجربة؛ ولأّن التجربة والنظر إلى الماضي لا يمكن أن يمدّها بالمعطيات اللازمة لفهم قضية البيئة، فإنّها تقف عاجزة عن التعامل مع مثل هذه القضية الحساسة بمسؤولية.
ذات يوم وجدنا المنهج التجريبي الحسّي يتسبّب في اتخاذ قرار على أعلى مستوى بشأن الحدّ من النسل. وما هي إلّا سنوات قليلة حتى تبيّن أنّ هذا القرار كان بمنزلة الكارثة القومية التي ما زالت آثارها ماثلة للأعين، وسوف تبقى لمدة طويلة من الزمن.
لم يتمكّن العالقون في هذا المنهج ـ أي منهج الإحصاءات والأرقام ـ من رؤية المستقبل بعد عشر سنوات أو خمس عشرة سنة. فقاموا بوضع سياسات وقوانين، جعلت التراجع عنها فيما بعد صعبًا جدًّا ومكلفًا للغاية. وحين تزدهر سوق الإحصاءات والدراسات وتصبح الوسيلة الوحيدة لأخذ القرارات، يصاب المسؤولون بنهم مفرط للاستماع إلى المعطيات التي تقدّمها الإنترنت والداتا الكبرى (data big)، والتي تعدّ أكبر ساحة للتحريف والتشويش المتعمّد وغير المتعمّد. بل تصبح فقاعات الإنترنت هي المحرّك الوحيد لأخذ القرارات. فما لم تكن القضية ذات بال وانتشار على الإنترنت فهي ليست جديرة بالمتابعة.
القيادة التجريبيّة تصبح أسيرة للأرقام من حيث لا تشعر؛ فيغيب عن بالها أهم القضايا وأكثرها حساسية؛ لأنّ القضايا الكبرى غير قابلة للإدراك بواسطة الإحصاءات والمعطيات الرقمية.

محمد القائد
تبين أروع تجربة قيادية عرفتها البشرية، لم ولن يكون لها نظيرٌ، ما وُجد إنسان على وجه البسيطة؛ ذلك لأنّها تجربة أعظم إنسان ظهر في عالم الوجود، وتحقّق على يديه أعظم الإنجازات التي يمكن أن تحلم بها البشرية، وسوف يتحقّق أيضا ببركة قيادته ما هو أعظم حين يظهره الله ذات يوم على الدين كلّه. سيتبيّن لنا أنّ هذه التجربة بدأت لكنّها لم تنته لحدّ الآن؛ بل ما زلنا نعيشها وإن كنا لا نشعر، وأنّ ما يجري في أيامنا إنّا هو بفضلها وبفضل إنجازاتها. محمد القائد الكاتب:السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 248 صفحة الطبعة الأولى، 2012مالسعر: 10$

الخامنئي القائد
في هذا الكتاب، تتمثّل لنا تجربة عالمٍ فقيه وهو يقود مشروعًا حضاريًّا كبيرًا فنسعى للبحث في طيّات كلماته ومواقفه عن معالم هذا المشروع ومراحله، وما هي العقبات التي تواجهه والإنجازات التي تحقّقت بفضل الجهاد الكبير. وفي هذا المعترك الواسع، نشاهد هذا القائد وهو يعمل ليل نهار من أجل المحافظة على إنجاز سلفه، الذي تمثّل بإحضار الناس إلى الميادين الاجتماعية، وإقناعهم بأنّهم أصحاب الدولة الواقعيون، وأنّهم قادرون على إنجاز المستحيل. الخامنئي القائد الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 400 صفحةالطبعة الأولى، 2012م يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقعي: النيل والفرات: https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0وموقع جملون:https://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=مركز+باء

عهد أمير المؤمنين إلى القادة والمسؤولين
يعيد الكاتب تبويب هذا العهد المشهور الذي يعد أول وأجمع وثيقة في ادارة المجتمع المسلم وقيادته، ويشرح أفكاره بأسلوب عصري يتناسب مع التحديات والمسائل التي يواجهها المسؤولون في مختلف جوانب الادارة والقيادة. عهد أمير المؤمنين(ع) إلى القادة والمسؤولين الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 184 صفحةالطبعة الثانية، 2008م يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقعي: النيل والفرات: https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0وموقع جملون:https://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=مركز+باء

كيف يصنع القادة المميزون
الهدف الأساسي لهذا الكتاب هو تمكين أي إنسان للبدء من النقطة الصحيحة في عملية بناء نفسه، ليكون قائدًا ناجحًا؛ مهما اختلفت ساحات العمل التي يخوض فيها. كيف يُصنع القادة المميّزون الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 264 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 8$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

الخميني القائد
البحث عن السيرة القيادية للإمام التي ظهرت في كل أفعاله ومواقفه، وكانت العامل المحوري لجميع إنجازاته ومفاخره. فشكلت أعظم الدروس القيادية التي يمكن تشييد مدرسة كاملة عليها. ما هي أهداف الإمام الخميني وما هي أهم انجازاته وكيف حقق ذلك على مدى عمره وكيف أسس لأعظم انجاز حضاري عرفته البشرية في العصر الحديث.. الخميني القائد الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 448 صفحةالطبعة الأولى، 2012م يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقعي: النيل والفرات: https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0وموقع جملون:https://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=مركز+باء

كيف أصبح قائدًا صالحًا؟
لكل قائدٍ ناجح سلوكيات أساسية يقوم بها. لكن هذه السلوكيات القيادية تنبع من صفات وملكات نفسية ومعنوية محددة. وكل هذه الصفات تنشأ من روح الإيمان بالله تعالى. وعلى صفحات هذا الكتاب نتعرف إلى السلوكيات ونغوص مع الكاتب في رحلة البحث عن تلك الصفات النفسية والأخلاقية التي تنتج تلك المهارات العملية. كيف أصبح قائدًا صالحًا؟ الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 104 صفحاتالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

أحد أعظم أسرار القيادة الإلهية... ماذا تعرف عن إدارة القادة الإلهيّين؟
إنّ أحد أبعاد القيادة الإلهية ومميّزاتها يكمن في القدرة العجيبة على متابعة شؤون الناس التفصيلية ومواكبة قضاياهم المختلفة دون التفريط بأي صغير بحجّة الاهتمام بالكبير؛ وهذا ما يوصي به أمير المؤمنين (عليه السلام) مالك الأشتر حين ولاّه مصرا: "ولا تدع تفقّد لطيف أمورهم اتّكالًا على جسيمها، فإنّ لليسير من لطفك موضعًا ينتفعون به، وللجسيم موقعًا لا يستغنون عنه".[1]

الولاية الخائفة وسبيل الخروج منها
الولاة والقادة العظام يتميّزون بشجاعة عالية تجعلهم يستسهلون الموت في سبيل المبادئ الكبرى التي يعملون لها. فلا يمكن أن يخافوا من القتل أو يجبنوا عن التّضحية بأنفسهم. لكنّهم مع ذلك قد يعيشون نوعًا من الخوف؛ وهو الخوف على المسيرة التي يقودونها وعلى الناس الذين يتبعونهم.

ما هي القاعدة الذهبية للنجاح الإداري؟
النجاح والتوفيق وتحقيق الأهداف الرائعة هي الدوافع الأوّليّة وراء أي عمل إداري. والمقصود بالإدارة تلك الأفعال العقلائية المرتبطة بالإمكانات المادية والبشرية لتحقيق المبتغيات والمقاصد الصحيحة. وسواء كنت تدير مؤسسة خاصة، لا يزيد العاملون فيها عنك، أو تعمل في مؤسسة عامة، يبلغ تعداد العاملين فيها عشرات الآلاف، فإنّ هناك مجموعة من القواعد العقلائية، التي يمكن لأي إنسان أن يكتشفها فيما إذا حافظ على الدافع السليم والتزم به.

بين الولاية الشعبيّة والولاية العسكريّة
لا شيء يضاهي وجود ولاية شرعية في حياة الإنسان المؤمن، ففي ظلّ هذه الولاية تصبح أهم قضايا حياته مهتدية أو تأخذ صبغة القبول والعفو عند الله تعالى. وهذا ما يُسمّى ببراءة الذمة. فما نفع صلاتنا وصيامنا وعباداتنا إن كانت قضايانا الكبرى خارجة عن شريعة الله وأحكام دينه؟!

القاعدة الأولى لإعداد القادة... وما هو الخطأ الشائع في هذا المجال؟
يتعاظم الشعور بالحاجة إلى القادة الحقيقيّين في المنظّمات والحكومات والمؤسّسات في جميع أنحاء العالم.. هناك من يؤمن بأنّ القائد الواقعيّ لا يمكن صناعته، لأنّ القيادة موهبة تخلق مع الإنسان منذ الولادة.

بين القيادة الانفعالية والقيادة الاستراتيجية.. كيف يعمل الأعداء على تشكيل القيادات
منذ زمن بعيد وأنا أدأب على التفكير في كل ما يرتبط بواحدة من أهم قضايا المجتمع وأكثرها خطرًا، وهي قضية القيادة. ووجدت أنّ أكثر ما كان يخشاه المستعمرون ـ الذين غيّروا ألبستهم وبقوا على مخططاتهم ـ وما زالوا هو تبلور قيادة حقيقية في المجتمعات التي يهيمنون عليها؛ قيادة تستطيع توجيه طاقات المجتمع نحو الأهداف الكبرى، تقلب الطاولة عليهم وتبدّل المعادلات الدولية التي تعمل لمصلحتهم.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...