
ما هي أهم أسباب الرزق؟
وأيّها نعتمد؟
السيد عباس نورالدين
هل يمكن للإنسان أن يسلك طريقًا واضحًا لتأمين رزقه فلا يخيب؟ أم أنّ الرزق أمرٌ غيبيّ بيد الله وحده، لا يمكن للإنسان أن يتعرّف إلى أسبابه مهما فعل؟
في الحديث الشريف: "أَبَى اللَّهُ أَنْ يُجْرِيَ الْأَشْيَاءَ إِلَّا بِأَسْبَاب"؛[1] ما يعني أنّ لكلّ شيء في هذا العالم أسبابًا وعللًا توجده وتحقّقه، وإن كان كل شيء يرجع إلى الله في الأصل.. فقد اقتضت مشيئة الله أن يجري هذا العالم ويتحرّك بكل مكوّناته وجزئيّاته وفق نظام العلل والمعلولات؛ وسر ذلك هو تيسير الوصول إلى إدراك الحكمة فيه؛ فالحكمة والنظام تدلّان على صفات خالق العالم وموجده. وخلافًا لما يمكن أن يتصوّره السذّج، فإنّ العالم لو خلا من النظام، وأصبح كل شيء فيه نتيجة فعل غيبيّ غير ممكن التصوّر والإدراك، لما كان لله الخالق ذلك الشأن والعظمة في نفوسنا. فعظمة الله وحكمته وقدرته إنّما تظهر لنا وتتجلّى عبر مشاهدة النظام المحكم، الذي نستطيع معه أن نتعرّف إلى أسباب الظواهر المختلفة التي نواجهها فيه، مهما كانت صغيرة أو حقيرة.. وباختصار، ما من شيء يحدث أو يوجد أو يتحرّك إلا وفق سببٍ محدّد قابل للإدراك والمعرفة. والله هو مسبّب الأسباب وإليه يرجع الأمر كلّه، وعبر معرفة الأسباب نعرفه.
والرزق هو أحد الظواهر الكبرى في هذه الحياة، لأنّ به قوامنا واستمرارنا وعيشنا. فلو انقطع رزق الله عنّا لانعدمنا من هذه الدنيا. وهذا قانون عام يجعلنا مضطرّين للارتزاق ومجبرين على الاستعانة بالرزق، ولو عبر مد اليد إلى الطعام والشراب أو القبول بإطعامنا وتغذيتنا أو الاهتمام بذلك.
والحديث هنا يدور حول الكيفية أو الطريقة التي يوصل الله تعالى عبرها ما نحتاج إليه لنحيا حياة إنسانية كريمة تليق بموقعيتنا في دائرة الوجود؛ ومنها يتفرّع الحديث عن مسؤوليتنا تجاه هذه الأسباب والطرق. وهذا ما يحتّم علينا أن نتعرّف إلى أسباب الرزق ونتفكّر فيها؛ حتى إذا عرفنا السبب الخاص لرزقنا، نسلكه ونعتمده، وإلا صار لزامًا علينا أن نجرّب كل سبب محتمل.
ولا شك بأنّ الله تعالى لم يحصر الأسباب في الحرام والظلم والعدوان. وحين نتصوّر أنّه لا سبيل إلى الرزق وتأمين العيش إلا بواسطة عمل محرّم، فهذا دليل على أنّ الشيطان قد استحوذ علينا وأعمى أبصارنا عن الأسباب الطيّبة والطرق الحلال؛ وإنّما يحصل ذلك حين نضيّق على أنفسنا ولا نوسّع دائرة النظر في أسباب الرزق الحلال. فالله تعالى يخاطب الذين قالوا إنّنا قد اضطُررنا لخدمة الظالمين والعمل لهم لكي لا نموت جوعًا: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فيها}..[2] ويقول مبشّرًا: {وَمَنْ يُهاجِرْ في سَبيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَمًا كَثيرًا وَسَعَةً}.[3]
وعلى العكس تمامًا، فإنّ من ضاقت به الدنيا ولم يجد أمامه سوى سبيل الحرام والمشاركة في الظلم للارتزاق، يجب أن يعلم أنّ الفرج حينئذٍ سيكون أقرب إليه من أيّ وقتٍ مضى، إن هو أعرض عن الحرام والظلم واجتنبه، بشرط أن يسعى ويخطو خطوة إيجابية ثانية.
لهذا، يدور رزقنا الكريم بين الأسباب الطيبة فقط؛ وما علينا إلا أن نطلب من الله تعالى ونسأله هدايتنا إلى سبيل رزقنا، حتى لا نشتغل بما نضيّع معه فرصة العمر التي جعلها الله لأجل الوصول إلى الكمال، كما ورد في الصحيفة السجادية عن الإمام زين العابدين(ع): "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَاكْفِنِي مَا يَشْغَلُنِي الاهْتِمَامُ بِهِ، وَاسْتَعْمِلْنِي بِمَا تَسْأَلُنِي غَدًا عَنْهُ، وَاسْتَفْرِغْ أَيَّامِي فِيمَا خَلَقْتَنِي لَهُ، وَأَغْنِنِي وَأَوْسِعْ عَلَيَّ فِي رِزْقِكَ".
إنّ القاعدة الأولى للرزق الطيب الواسع الكافي تقتضي أن نبحث عنه ونطلبه داخل دائرة خاصّة وهي دائرة التكليف الواجب علينا تجاه الدين والمجتمع وهو طريقنا الحقيقيّ الذي خُلقنا من أجل سلوكه. وفي ظلّ هذا الالتزام بالتكليف يحصل التكامل المعنويّ والارتقاء الروحيّ.. لهذا يستحيل أن يتعارض طريق الرزق مع طريق التكامل. ولأنّ دائرة التكامل أوسع وأشمل، فينبغي أن نبدأ منها وبها. فإذا استطعنا أن نحدّد تكليفنا وسبيل تكاملنا الحقيقيّ وعملنا عليه واشتغلنا به وسلكناه، فهذا يعني أنّ رزقنا لن يخرج من دائرته وسيكون سببًا داخلًا فيه؛ فلا تعارض بين الرزق المعنويّ والرزق الماديّ أبدًا.
وهذا ما يعكس جوهر الإيمان وحسن الظن بالله والثقة بوعده؛ وقبل ذلك: الوعي العميق بفلسفة الحياة وحكمة الخلق وسر الوجود. فكيف يعقل أن يهبطنا الله إلى الأرض للتكامل المعنويّ الروحيّ والعود إليه، وهو يعلم أنّنا سنحتاج فيها إلى الطعام والشراب واللباس والمسكن وغيرها من الحاجات الأساسية، ثمّ يجعل تأمين هذا كلّه متعارضًا مع أصل القضية وهدف الخلق! فلا يفعل مثل هذا إلا العابث الجاهل؛ تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا! بل اقتضت حكمة الربّ الخبير جعل اشتغالنا بالرزق المادّي أحد محرّكات سيرنا المعنويّ. فلو تصوّرنا أنّ سيرنا التكامليّ يتطلّب مركبة ذات محرّكات متعدّدة، فلا شك بأنّ أحد محرّكاتها الكبرى سيكون عبارة عن الاشتغال الصحيح بشؤون الدنيا؛ قال الله تعالى: {وَلا تَنْسَ نَصيبَكَ مِنَ الدُّنْيا}؛[4] لكن العاقل النبيه هو الذي يكتشف هذه المركبة أوّلًا، وبذلك يتعرّف إلى محرّكاتها المختلفة؛ ومنها ما يرتبط بمحرّك عجلة الحياة الدنيا وشؤونها الطيبة.
إنّ جميع الأسباب التي ترتبط برزق أي واحد منّا لن تخرج عن دائرة الاهتمامات والتكاليف المعنويّة المرتبطة بتكاملنا. والتكامل (الذي يحصل في ظلّ التقرّب إلى الله) هو المؤشّر الأوحد على صحّة اكتشافنا للتكاليف المعنويّة والمسؤوليات الروحية. فحين نجعل حياتنا رحلة تكاملية مستمرّة، فهذا يعني أنّنا اكتشفنا تلك الدائرة الأوسع؛ وما علينا بعدها إلا أن نمعن النظر مرّة أخرى، لنتعرّف إلى أسباب رزقنا فيها.
لنفترض أنّ تكاملي المعنوي يتحقّق في الالتزام بالدفاع عن شعبي أو ديني أو وطني، ولنفترض أنّ هذا الدفاع يتطلّب منّي صرف كلّ الجهد والطاقة فيه، فلا يبقى لي مجال لأي شغل أو مهنة أخرى. ففي هذه الحالة هناك شيءٌ واحد وهو أنّ رزقي وكفافي سيتحقّق في ظلّ هذا الالتزام.. فإذا واجهت ضائقة ما أثناء ذلك، فيجب قبل أي شيء أن أنظر جيّدًا فيما إذا كنت مقصّرًا ـ لا سمح الله ـ في أداء تكليفي الدفاعيّ هذا وتحمّل مسؤولياته. فمن أعطى كلّه لله كان الله كلّه له.
وقد يكون سبب رزقي حينئذ في حسن الهيئة وتنظيف المنزل والاعتناء بالحديقة وقت الفراغ القليل؛ أو في ترك السكنى في الضواحي المنكوبة والانتقال إلى الريف. فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة أعين.
صحيح أنّ هذه الأمور ليست أعمالًا، لكنّها تندرج ضمن الأسباب. فأسباب الرزق لا تنحصر في الأعمال والمهن المعروفة. وقد نقل لي أحد الأقارب قصّة أحد معارفه الذي هاجر إلى البرازيل قبل عدّة سنوات. لم يكن هذا الشخص غنيًّا ولا يعمل في مجال يدرّ عليه المال الوفير؛ لكنّه أصبح بعد مدّة وجيزة فاحش الثراء؛ وكان سبب ذلك ما ورثه من جارته اليهوديّة دون تدبير منه أو تخطيط أو حتى توقّع أو تصوّر. فقد كان هذا الشخص يسكن بجوار هذه المرأة العجوز؛ وصادف ذات يوم أن طلبت منه أن يجلب لها شيئًا من السوق، فقبل بذلك عن طيب خاطر، وحين اشترى لها غرضها وأراد أن يوصله إلى بيتها لم يجد سوى امرأة عجوز تسكن لوحدها وليس لها من يهتم بها. فلم يقبل أن يأخذ ثمن ما اشتراه شفقةً عليها؛ بل قرّر أن يمرّ عليها كلّ يوم ليسألها ما تحتاج إليه، بعد أن علم أنّ جميع أبنائها لا يسألون عنها ولا يكترثون. ولم يمضِ وقتٌ طويل على هذا الاهتمام بالجارة العجوز حتى توفّاها الله. ولم تمضِ سوى أيام، وإذ برجلٍ يأتي إليه ويقول له بأنّه محامي هذه السيدة العجوز ويبلغه بأنّها قد أوصت له بكل ممتلكاتها وأموالها التي كانت تناهز بضعة ملايين من الدولارات؛ ومن ضمنها مجموعة محلّات فاخرة وسط المدينة.
هذه قصّة من مئات القصص التي سمعناها في حياتنا القصيرة عن أُناسٍ فتح الله عليهم أبواب الغنى والرزق، التي ما كانوا ليتصوّروا يومًا أن تكون وسيلة رزقهم وغناهم. والمهم هنا أن نعتبر، ونعلم أنّ الخطوة الأولى الصحيحة الحكيمة تكون في تحديد مسؤوليتنا تجاه رزقنا الذي يكمن في تشخيص التكليف المرتبط بخدمة الدين والمجتمع.
فالرزق المادّي الحلال يتبع العمل الذي سنُسأل عنه يوم القيامة دومًا. وقد جاء في الأحاديث أنّ كل إنسان يسعى وراء المال إلا طالب العلم فالمال يسعى وراءه؛ وإنّما كان الأمر كذلك لأنّ طلب العلم أوجب الواجبات، لما ينتج عنه من خدمات جليلة للمجتمع والدين. ويمكن لنا أن نوسّع موضوع طلب العلم هذا، ليشمل كل أنواع الخدمات اللازمة لتحقيق تقدّم المجتمع وازدهاره، خصوصًا تلك التي ترسّخ قواعده وتحكم أركانه وتزيد من منعته واقتداره، كالأعمال والمشاريع الثقافية التي تزيد من تمسّك الناس بدينهم وقيمه الإنسانية الرفيعة.
[1]. الكافي، ج1، ص 183.
[2]. سورة النساء، الآية 97.
[3]. سورة النساء، الآية 100.
[4]. سورة القصص، الآية 77.

معادلة التكامل الكبرى
يقدّم رؤية منهجيّة تربط بين جميع عناصر الحياة والكون وفق معادلة واحدة. ولهذا، فإنّك سوف تلاحظ عملية بناء مستمرّة من بداية الكتاب إلى آخره، تشرع بتأسيس مقدّمات ضروريّة لفهم القضية ومنطلقاتها، ثمّ تمرّ على ذكر العناصر الأساسية للحياة، لتقوم بعدها بالجمع بينها والتركيب، لتخرج في النهاية بمعادلة شاملة لا تترك من مهمّات الحياة شيئًا. معادلة التكامل الكبرى الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 21.5*28غلاف ورقي: 336 صفحةالطبعة الأولى، 2016مالسعر: 15$ تعرّف إلى الكتاب من خلال الكاتب للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم أن تطلبوه عبر موقع جملون على الرابط التالي:

روح المجتمع
كتابٌ يُعدّ موسوعة شاملة ومرجعًا مهمًّا جدًّا يمتاز بالعمق والأصالة لكلّ من يحمل همّ تغيير المجتمع والسير به قدمًا نحو التكامل، يحدد للقارئ الأطر والأهداف والسياسات والمسؤوليات والأولويّات والغايات المرحليّة والنهائيّة في كلّ مجال من المجالات التي يمكن أن تشكّل عنصرًا فعّالًا في حركة التغيير، على ضوء كلمات قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم روح المجتمع الكاتب: الإمام الخامنئي/ السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*25غلاف كرتوني: 932 صفحةالطبعة الأولى، 2017م ISBN: 978-614-474-020-0 سعر النسخة الملوّنة: 100$سعر النسخة (أبيض وأسود): 34$ للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراءه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

مختصر معادلة التكامل
هذه الطبعة المختصرة لكتاب "معادلة التكامل الكبرى" الذي يبيّن مدى سعة الإسلام وشمول رؤيته ومنهجه لكلّ شيء في الوجود. كيف لا؟ والله عزّ وجل هو المبدأ والمنتهى.. نقدّمها لقرّائنا الذين يودّون أن يحصلوا على معرفة أوّليّة بتلك المعادلة الكبرى، أو للذين لا يجدون الوقت الكافي لمطالعة الكتب الكبيرة. مختصر معادلة التكامل الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 200 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

خطة الإسلام 2
إذا كان الاسلام هو خطة الله للعالم وللبشرية والمصير.. فكيف كانت هذه الخطة تطبق على يد الأنبياء منذ بداية عصور الرسالة، وإلى أين وصلت مع مجيء خاتم الأنبياء وبعثته. وماذا حل بهذه الخطة بعد وفاته وإلى يومنا هذا.. هذا ما يجيب عنه هذا الكتاب ويضعنا أمام سياق تاريخي مفعم بالأمل. خطة الإسلام 2 الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*13 غلاف ورقي: 144 صفحة الطبعة الأولى، 2011م يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقعي: النيل والفرات: https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0وموقع جملون:https://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=مركز+باء

خطة الإسلام 3
إذا كان الاسلام هو خطة الله للعالم، فما هي مبادئ هذه الخطة وأصولها؟ وكيف يمكن لنا أن نكتشف التفاصيل المهمة التي ترتبط بتطبيقها في زماننا وفي كل زمان.. كتاب يعمّق الوعي بشأن أعظم قضية في الحياة. خطة الإسلام 3 الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*13 غلاف ورقي: 208 صفحات الطبعة الأولى، 2014م يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقعي: النيل والفرات: https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0وموقع جملون:https://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=مركز+باء

6 أصول للغنى والكفاف في المعيشة
لقد استضافنا الله في هذه الأرض لا ليحرمنا ويجعل عيشنا كدًّا كدًّا، بل أراد لنا أن نسعى فيها نحو الآخرة. وقد صرّح النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) بهذه الضمانة حين قال: "أيُّهَا النَّاسُ أَقْبِلُوا عَلَى مَا كُلِّفْتُمُوهُ مِنْ إِصْلَاحِ آخِرَتِكُمْ وَأَعْرِضُوا عَمَّا ضُمِنَ لَكُمْ مِنْ دُنْيَاكُم".

الطريق الصحيح لتأمين المعيشة : كيف نتجنب فتنةً لا تصيب الذين ظلموا خاصّة؟
تحفل النّصوص الدّينيّة بالتّصريحات والإشارات الهادية إلى حياة الكفاف والغنى والنّجاة من الحرمان والفقر. وأوّل دلالات هذه النّصوص (من آيات وأحاديث وأدعية) هي أنّ الله تعالى لا يريدنا أن نعيش في حالٍ من العوز والهمّ المانع من تحصيل الفضائل والسّعي نحو الكمال وبلوغ المقصد الأعلى في ظلّ عبادة الله.وباختصار، لا يمكن مع كلّ هذه الشّواهد أن يظنّ المسلم أنّ الفقر أمرٌ جيّد أو مقبول في الدّين والرّؤية الإسلاميّة، حتّى أنّه قد ورد في بعض الأحاديث "كاد الفقر أن يكون كفرًا".

همومك تحكي من أنت
الهموم والهواجس وما يصاحبها من حيرة وقلق أمور تنشأ من طبيعة تواجدنا في هذا العالم المتحوّل والمتبدّل. جهلنا بالمستقبل وصعوبة إدراك الغيب تولّد فينا الهمّ والاهتمام. فكل قضايانا وشؤون حياتنا قابلة للتحوّل والتغير، مهما كانت الضمانات التي حصلنا عليها بشأنها. فلا أحد يمكنه أن يجزم بأنّ أوضاعه المالية ستبقى هكذا إلى نهاية العمر.

تعالوا إلى بساطة العيش. كيف تكون الحياة البسيطة وسيلة لتكامل الإنسان؟
كثيرًا ما نسمع في أوساطنا مدحًا وتمجيدًا لبساطة العيش. ولطالما ذُكرت هذه المزيّة كإحدى أهم خصائص العالِم الزاهد. وما أكثر ما تُطلق الدّعوات الموجّهة لطلّاب العلوم الدينيّة ليختاروا بساطة العيش.

كيف تصبح غنيًّا.. وتعيش سعيدًا
الغنى عزٌّ، والله تعالى يريد العزّة لعباده المؤمنين. والفقر ذلٌّ وسواد الوجه في الدارين، والله لا يريد إذلال أوليائه وتحقيرهم.. الغنى خيار، وليس مجرّد قضاء وقدر ينزل على الإنسان لمجرّد الابتلاء. فكلّ إنسانٍ باستطاعته أن يصبح غنيًّا! وإذا كان من أولياء الله من اختار الفقر، فذلك لسببٍ خاصّ وموضعيّ يرتبط بطبيعة دوره في المجتمع.

نحو اقتصاد عائلي ذكي
العنوان الأبرز في الدين هو أنه دين يحقق للبشرية سعادة الدنيا والآخرة. ولا سعادة في الدنيا مع الفقر والعوز والحرمان. فكيف نفسّر فقر عدد كبير من المسلمين وما هي الأصول الدينية الأساسية التي تحقق للمسلم رفاهيته وسعادته في الدنيا إن هو إلتزم بها؟. ما هي الاجراءات المهمة التي ينبغي ان نعمل عليها من أجل بناء حياة معيشية سليمة تضمن لنا تحقيق سعادة الدنيا والآخرة. وما هي الاخطاء القاتلة التي يمكن ان نرتكبها على صعيد الاقتصاد، فتؤدي إلى تعاستنا في الدنيا والآخرة.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...