
كيف تصبح غنيًّا.. وتعيش سعيدًا
السيد عباس نورالدين
الغنى عزٌّ، والله تعالى يريد العزّة لعباده المؤمنين. والفقر ذلٌّ وسواد الوجه في الدارين، والله لا يريد إذلال أوليائه وتحقيرهم.. الغنى خيار، وليس مجرّد قضاء وقدر ينزل على الإنسان لمجرّد الابتلاء. فكلّ إنسانٍ باستطاعته أن يصبح غنيًّا! وإذا كان من أولياء الله من اختار الفقر، فذلك لسببٍ خاصّ وموضعيّ يرتبط بطبيعة دوره في المجتمع.
للغنى طُرُق وأسباب يمكن استعمالها، وللفقر عوامل ومقدّمات يختارها الإنسان بمحض إرادته، أو يتنازل لها ويستسلم. وقد حفلت أدعيتنا الشّريفة بطلب الغنى من الله تعالى؛ ولو لم يكن مطلوبًا وممدوحًا وميسّرًا لما ذُكر بهذا القدر.
لكن قبل أن نتحدّث عن أسباب الغنى، لا بدّ أن نعرف ما هو الغنى. لأنّ الكثير من النّاس يخلطون بينه وبين الثّراء بحسب المصطلح الرائج، فيظنّون أنّ الغني هو الذي يمتلك أموالًا كثيرة. بينما الغنى الواقعيّ هو عبارة عن حالة من الاكتفاء، التي لا يحتاج معها الإنسان إلى مدّ يده للناس في تأمين حاجاته الأساسيّة؛ وبهذا يتمكّن من الانصراف إلى أعمال وأنشطة أخرى غير طلب الرزق.. فكان الغنى الواقعيّ مرادفًا للاستغناء عن النّاس، حيث يعيش صاحبه بعزّة ووقار.
لهذا، فالعامل الأوّل للغنى، هو الذي ينشأ من نظرتنا الصحيحة للحياة والاحتياجات. فمن طمع بما فوق الحاجة اللازمة، صار فقيرًا؛ وإن كان يمتلك الكثير من المال. وقد ورد في بعض الأحاديث الشّريفة أنّ الله تعالى سيجعل الفقر نصب عيني الطمّاع، ويصبح مرتهنًا للمال وخادمًا له وحارسًا، بل عبدًا ذليلًا يعمل ليل نهار من أجل المحافظة عليه. وليس فوق ذلك ذلّ. وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: "الطَّمَعُ رِقٌّ مُؤَبَّد".[1]
إنّ عالمنا اليوم هو عالم اصطناع واختلاق الحاجات. ويمهر المنتجون في جعلنا نشعر بالاحتياج إلى سلعهم ومنتجاتهم، التي لا يرتبط معظمها بالحاجات الواقعيّة للحياة.
هناك أشخاص ومؤسّسات لا همّ لهم سوى أن يروّجوا لمأكولات ومشروبات، باعتبار أنّها تمنحنا الطاقة والحيويّة والصحّة والعافية، رغم أنّنا نمتلك البديل الأيسر والأسهل والأقل ثمنًا بكثير. إنّهم صانعو الاحتياجات الوهميّة والمصطادون لأموال الأغنياء والطبقات الوسطى، بل حتى أنّهم لا يرحمون الطبقات الفقيرة.
وهناك دعائيّون محنّكون يدرسون أحوالنا النفسيّة ويلعبون على طمعنا ورغبتنا الشديدة بالغنى، لأجل أن يعرفوا كيف يقنعوننا بشراء ما يجعلنا نشعر بالغنى، وإن كان وهميًّا. وما لم نحرّر عقولنا ونسمح لها بقيادة حياتنا، من خلال عملها الرائع في التمييز الدقيق بين الضار والنافع والحسن والقبح، فسنصبح أسرى تلك الأوهام التي تملأ الإعلام.
لطالما شعر الزهّاد بفائضٍ من الطّاقة والإمكانيّات، نتيجة تنزّههم عن الكثير من الأمور الزائدة؛ وهذا ما نحتاج إليه على طريق التحرّر المادّي والمعنويّ من أسر هذه الدنيا للوصول إلى الغنى الحقيقيّ.
الغنيّ الواقعيّ هو الذي يغنيه الله تعالى، فيشعر بحضور الله في حياته ومعيشته، ويثق تمامًا بأنّ الله يرزقه ويسدّ حاجاته، ويعينه ولا يمكن أن يتركه. فإن افتقر يومًا فذلك لمصلحةٍ حقيقيّة. لكنّه تعالى قد تكفّل بشؤون عبده، وهو لا يريد له سوى العزة والمنعة والوقار بين الناس. وهذا ما ينبغي أن نؤكّد عليه في علاقتنا بالناس والرزق والمعيشة. فإذا اعتبرنا أنّ التذلّل للناس ـ مهما كانوا ـ خطٌّ أحمر، فسرعان ما سنجد أثر ذلك على صعيد الغنى. حتّى قيل من استغنى أغناه الله.[2](وهو حديث شريف مرويّ عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله).
لهذا يكمن الغنى الحقيقيّ في مستوى إدراكنا وشعورنا وإيماننا بتولّي الله شؤوننا، فنكل نتائج سعينا إليه، وينصرف اهتمامنا وهمّنا نحو العمل المطلوب؛ وبذلك ندرك السعادة المنشودة، التي لا تحصل إلّا في ظلّ طاعة الله وتحصيل رضاه.
ومن أسباب الرّزق والغنى: السّعي في طلب الرزق الحلال الذي يفتح الله تعالى أبوابه، ويكون مقابلًا للكسل والخمول. فمن اختار القعود عن طلب الرزق الذي يفتح الله له بابه، سيُبتلى بالفقر. وهذا الفتح هو إشارة من الله تعالى لعبده ليسلك هذا الطريق الذي جعل الله فيه خيرًا ونفعًا ومصلحة. والدخول من هذا الباب الإلهيّ دليل على الرجاء والثقة وحسن الظن بالله تعالى. لأنّ العبد يعلم أنّ الله تعالى قد فتح هذا الباب الصحيح، الذي لا يتنافى مع تكاليفه ووظائفه الأخرى؛ مثل أن يكون بيد هذا العبد شيء، ثمّ يأتيه شخص ويطلب منه أن يبيعه إيّاه وفيه ربح له، فمن الحماقة هنا أن لا يبيع. أو أن يكون لهذا العبد قطعة أرض يمكنه أن يزرعها وتدرّ عليه بعض الثمر، لكنّه لا يفعل ذلك، فهذا سدّ لباب الرزق.
أجل، لو كان في طريقٍ ما، مزاحمة ومعارضة لأعمالٍ ضروريّة يقوم بها، فإنّ سلوكه يُعدّ عاملًا للفقر، وإن نال منه رزقًا أو مالًا وفيرًا. ولهذا قال أمير المؤمنين عليه السلام: "لَا يَتْرُكُ النَّاسُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ لِاسْتِصْلَاحِ دُنْيَاهُمْ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُوَ أَضَرُّ مِنْه".[3]
فالدين والواجب والتكليف الشرعيّ هي أساس المساعي الأوّليّة، التي لا ينبغي التضحية بها مهما كان الأمر. والله تعالى قد يجعل لعبده هنا رزقًا خاصًّا يأتيه رغدًا، أو يفتح له بعض أبواب المكاسب التي لا تضر ولا تزاحم واجباته الدينيّة.
ومن أسباب الغنى حسن تدبير المعيشة، لأنّ الله تعالى أراد للمؤمنين وللمجتمع المسلم أن يكون نموذجًا واضحًا للبشريّة. ولا يمكن أن يتحقّق هذا النموذج من دون أن يكون قائمًا على أسس عقليّة سليمة. وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: "لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِير".[4]فالله تعالى يريد للناس أن يدركوا قيمة العقل في حياتهم، ليعرفوا بذلك سبل الحكمة والقوانين الجميلة، التي جعلها الله في هذه الحياة. وبذلك يتعرّفون إلى نظام العالم الجميل، الذي هو ظلّ الجميل المطلق سبحانه.
يجب أن نعلم أنّ الرزق، وإن كان أمرًا غيبيًّا، لكن له أسباب عقلانيّة واضحة. وهذه هي الأسباب الأولى. أمّا تلك العوامل التي نجهلها ونطلق عليها عنوان الغيب، فهي لا تشكّل في حياتنا المعيشية إلّا نسبة ضئيلة من أسباب الرزق. وحسن التدبير والإدارة الجيّدة للموارد، هي التي تمنحنا الغنى والوفرة والازدهار كلّما اعتمدناها؛ ويستحيل أن يفتقر بلد أو مجتمع أو شخص وهو يحسن تدبير الإمكانات التي يوفّرها الله له. وقد سمعنا جميعًا ذلك الحديث الرائع عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والذي يصلح أن يكون عنوان الحياة الاقتصادية كلها: "مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْفَقْرَ وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْهِمْ سُوءَ التَّدْبِيرِ".[5]
للتدبير الحسن شروطٌ وقواعد تعتمد بالدرجة الأولى على قدرتنا وشعورنا المرهف بالنّعم الإلهية والمحافظة عليها، وهذا هو روح الشكر. وقد وعد الله الشاكرين بالزيادة: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزيدَنَّكُمْ}.[6]
ومن أسباب الغنى التّظاهر بالغنى؛ لأنّ الله تعالى يحبّ أن تظهر نعمته في عباده فيرجوه ويحبّوه ويأملوا به. والذي يساهم في ترويج هذه الثقافة المعنويّة، لهو جدير بحسن تدبير الله له وعنايته الخاصّة. فلا يمكن أن يبقى بعد هذا التّظاهر فقيرًا.
وللتّظاهر بالغنى أحوالٌ ومظاهر، كالتعطّر الدائم، والنظافة في البدن، والهندام والبيت ومحيط البيت (فناء الدار)، وهي أمور عرفيّة يمكن للإنسان أن يبتكر فيها.
ومن أسباب الغنى، الإنفاق والتصدّق على الفقراء والمستحقّين وأهل العلم والعمل والمشاريع الاجتماعيّة والثقافيّة التي يكون عائدها عامًّا. وكلّما كانت الصدقة عامّة، كان مردودها على صاحبها أسرع وأكبر. فهي تساهم في تقوية وتسريع الدورة الاقتصاديّة في المجتمع، مهما كانت بنظرنا قليلة. وقد جاء في العديد من الأحاديث حث على الصدقة في حال الافتقار، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: "إِذَا أَمْلَقْتُمْ فَتَاجِرُوا اللَّهَ بِالصَّدَقة".[7]
ومن أسباب الغنى، ولا شك، الإقلاع عن الذنوب بالتأكيد على الاستغفار والاعتصام بالله من تبعاتها. وكم من الذنوب ما يكون سببًا للفقر، وذلك لما يؤدّي إليه من تضييع الجهود وإهدار الطّاقات والتفريط بالنعم. وقد قال الله تعالى: {وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْرارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمين}.[8]
عُصارة من كتاب "كيف تصبح غنيًّا وتعيش سعيدًا" للكاتب السيّد عبّاس نورالدين (يصدر قريبًا).
[1]. نهج البلاغة، ص 501.
[2]. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): مَنْ سَأَلَنَا أَعْطَيْنَاهُ وَمَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللَّهُ. [الكافي، ج2، ص 138].
[3]. نهج البلاغة، ص 487.
[4]. نهج البلاغة، ص 488.
[5]. عوالي اللئالي، ج4، ص 39.
[6]. سورة ابراهيم، الآية 7.
[7]. نهج البلاغة، ص 51.
[8]. سورة هود، الآية 52.

مختصر معادلة التكامل
هذه الطبعة المختصرة لكتاب "معادلة التكامل الكبرى" الذي يبيّن مدى سعة الإسلام وشمول رؤيته ومنهجه لكلّ شيء في الوجود. كيف لا؟ والله عزّ وجل هو المبدأ والمنتهى.. نقدّمها لقرّائنا الذين يودّون أن يحصلوا على معرفة أوّليّة بتلك المعادلة الكبرى، أو للذين لا يجدون الوقت الكافي لمطالعة الكتب الكبيرة. مختصر معادلة التكامل الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 200 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

القيادة القيمية
يتابع السيد عباس نورالدين مشروعه في بناء ثقافة إسلامية عميقة في فن القيادة وأصولها؛ وفي هذا الكتاب يعرض لقيادة المجتمع من زاوية القيم الإنسانية والإلهية؛ حيث يكشف عن وجود منظومة رائعة تتشكل فيها أربع مراحل أساسية لا بد أن يمر بها أي مجتمع في مسيرته التقدمية حتي يبلغ أعلى مراتب الازدهار والعزة والكمال. فما هو دور القائد هنا وما هي الموانع التي يمكن أن يواجهها في هذا الطريق، وكيف يمكن تذليها وتجاوزها. القيادة القيمية الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 320 صفحةالطبعة الأولى، 2014م يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقعي:1- لنيل والفرات: https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=02- وموقع جملون:https://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=مركز+باء

معادلة التكامل الكبرى
يقدّم رؤية منهجيّة تربط بين جميع عناصر الحياة والكون وفق معادلة واحدة. ولهذا، فإنّك سوف تلاحظ عملية بناء مستمرّة من بداية الكتاب إلى آخره، تشرع بتأسيس مقدّمات ضروريّة لفهم القضية ومنطلقاتها، ثمّ تمرّ على ذكر العناصر الأساسية للحياة، لتقوم بعدها بالجمع بينها والتركيب، لتخرج في النهاية بمعادلة شاملة لا تترك من مهمّات الحياة شيئًا. معادلة التكامل الكبرى الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 21.5*28غلاف ورقي: 336 صفحةالطبعة الأولى، 2016مالسعر: 15$ تعرّف إلى الكتاب من خلال الكاتب للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم أن تطلبوه عبر موقع جملون على الرابط التالي:

روح المجتمع
كتابٌ يُعدّ موسوعة شاملة ومرجعًا مهمًّا جدًّا يمتاز بالعمق والأصالة لكلّ من يحمل همّ تغيير المجتمع والسير به قدمًا نحو التكامل، يحدد للقارئ الأطر والأهداف والسياسات والمسؤوليات والأولويّات والغايات المرحليّة والنهائيّة في كلّ مجال من المجالات التي يمكن أن تشكّل عنصرًا فعّالًا في حركة التغيير، على ضوء كلمات قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم روح المجتمع الكاتب: الإمام الخامنئي/ السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*25غلاف كرتوني: 932 صفحةالطبعة الأولى، 2017م ISBN: 978-614-474-020-0 سعر النسخة الملوّنة: 100$سعر النسخة (أبيض وأسود): 34$ للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراءه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

فن تدبير المعيشة (١)
تدبير المعاش يتطلب مهارات عديدة. ولكن ينبغي أولا أن نتعرف إلى هدف العيش في هذه الدنيا وابعاده. لأن المعاش الصحيح ينطلق من مبادئ صحيحة. وبعد ذلك يصبح مهارة وفنا يحتاج إلى الحكمة والممارسة السليمة. فما هي هذه المبادئ وكيف نطبقها تطبيقًا صحيحًا؟

6 أصول للغنى والكفاف في المعيشة
لقد استضافنا الله في هذه الأرض لا ليحرمنا ويجعل عيشنا كدًّا كدًّا، بل أراد لنا أن نسعى فيها نحو الآخرة. وقد صرّح النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) بهذه الضمانة حين قال: "أيُّهَا النَّاسُ أَقْبِلُوا عَلَى مَا كُلِّفْتُمُوهُ مِنْ إِصْلَاحِ آخِرَتِكُمْ وَأَعْرِضُوا عَمَّا ضُمِنَ لَكُمْ مِنْ دُنْيَاكُم".

الطريق الصحيح لتأمين المعيشة : كيف نتجنب فتنةً لا تصيب الذين ظلموا خاصّة؟
تحفل النّصوص الدّينيّة بالتّصريحات والإشارات الهادية إلى حياة الكفاف والغنى والنّجاة من الحرمان والفقر. وأوّل دلالات هذه النّصوص (من آيات وأحاديث وأدعية) هي أنّ الله تعالى لا يريدنا أن نعيش في حالٍ من العوز والهمّ المانع من تحصيل الفضائل والسّعي نحو الكمال وبلوغ المقصد الأعلى في ظلّ عبادة الله.وباختصار، لا يمكن مع كلّ هذه الشّواهد أن يظنّ المسلم أنّ الفقر أمرٌ جيّد أو مقبول في الدّين والرّؤية الإسلاميّة، حتّى أنّه قد ورد في بعض الأحاديث "كاد الفقر أن يكون كفرًا".

تعالوا نرتقي بهمومنا
لما كان الهمّ نابعًا من الاهتمام الممتزج بالقلق، ولمّا كان الهمّ أمرًا طبيعيًا في سنّة الكون ونظام الحياة الدنيا، فسوف يكون عنصرًا مفيدًا إن ارتبط بالنظام الكوني الأعلى.

المونديال وضياع العمر... كيف يتعارض الاهتمام بالمونديال مع أهم القيم الدينية؟
إنّ للرياضة البدنيّة أهمّيّة فائقة في سلامة الأجساد وقوّتها. وكل نشاط بدني منظّم ومنسجم مع التكوين الطبيعيّ للجسم هو عامل مساعد في الحفاظ عليه وصيانته وتمتّعه بالحياة الطيّبة.ويندر أن نجد من يعارض ممارسة الرياضة أو يتحدّث عن ضرورة التخلّي عنها لمصلحة الإنسان. ولكن هل يصح اعتبار كل نشاط رياضيّ مفيدًا لجسم الإنسان؟ وهل يمكن أن يكون لبعض الرياضات آثار سلبيّة على صحّة القوى الأخرى، كالعقل والرّوح؟

معيشتنا تحدّد مصيرنا
أجل، معيشتنا تحدّد مصيرنا الأبديّ. فقليل من التأمّل في تحدّيات العيش في الدنيا يجعلنا ندرك كم هي عميقة هذه القضيّة وكم هي مرتبطة بقضايا الكون الكبرى.

ذلك الرجل الخمسيني البائس... ماذا لو أصبحت عاطلًا عن العمل وأنت في الخمسين؟
من المشاهد المؤلمة التي لا أنساها ما حييت حين كنت أرى رجلًا خمسينيًّا لم يهرم ولم يفقد قواه ونشاطه، لكنّه فقد وظيفته، وهو مع ذلك لا يجد عملًا يؤمّن لعائلته قوت يومها وحاجاتها الأساسية؛ كنت أراه مضطربًا حائرًا وقد انطفأت شعلة الحياة من عينيه رغم أنّه ما زال في منتصف العمر.

تعالوا إلى بساطة العيش. كيف تكون الحياة البسيطة وسيلة لتكامل الإنسان؟
كثيرًا ما نسمع في أوساطنا مدحًا وتمجيدًا لبساطة العيش. ولطالما ذُكرت هذه المزيّة كإحدى أهم خصائص العالِم الزاهد. وما أكثر ما تُطلق الدّعوات الموجّهة لطلّاب العلوم الدينيّة ليختاروا بساطة العيش.

الحياة الغنيّة للمؤمن
قال أمير المؤمنين عليه السلام في صفة المؤمن: "الْمُؤْمِنُ... بَعِيدٌ هَمُّهُ، كَثِيرٌ صَمْتُهُ، مَشْغُولٌ وَقْتُه".[1] تتميّز حياة المؤمن الواقعيّ بغنًى واسعٍ يثري نفسه بأعمق المشاعر وأجملها. وليس هذا بعجيب لمن أدرك سعة الفرص التي جعلها الله تعالى في هذا الكون. فلو نظرنا إلى العالم المحيط بنا لرأينا الكثير الكثير ممّا يمكن أن نقوم به في الليل والنهار، ويعود علينا بالنفع والفائدة.

الحياة الجميلة للإنسان المؤمن... كيف نملأ حياتنا بالفرح والبهجة؟
لكلّ إنسان آمن بسعة رحمة الله، حياة صاخبة مذهلة. فهو يعتقد بأنّ الله تعالى قد أعدّ له كل خير وكمال، وهو يفيضه على كلّ الكائنات دون حظرٍ أو انقطاع. فالحياة بالنسبة إليه مليئة بالفرص، ولا شيء يجعلها بهيجة مفرحة مثل اغتنام هذه الفرص والاستحواذ عليها.

أعظم أسرار السعادة.. كيف تضمن لحياتك الاجتماعية سعادة دائمة؟
جعل الله تعالى السعادة في الطمأنينة والروح، وجعل الكون كلّه في خدمة هذه السعادة. فمن أدرك قوانين العالم، وعمل بها ضمن لنفسه هذه السعادة الأبدية.

أعظم امتحانات الحياة
يخطئ من يظن أنّ الأمور في هذا العالم تدور حول الإنسان. إنّه الخطأ الأوّل الذي يرتكبه الإنسان حين يجهل أنّ كل هذا الوجود والكون إنّما يدور حول الله تعالى.لسنا نحن البشر رغم أهمّية دورنا وموقعيّتنا محور هذا الوجود، بل هو الله تعالى وتقدّس. ومن عرف معنى الألوهيّة يفهم تمامًا، وبالمنطق البشريّ المعروف، أنّ من كان علّة الكون سيكون غايته، لأنّ الغاية هي الرّجوع إلى المبدأ.

أصول مكافحة الفساد
الإصلاح في الأرض هو أحد أهم مهمّات الأنبياء والأولياء. ولهذا الإصلاح برنامجه الإلهيّ الذي يهدف إلى جعل الأرض وسيلة لعروج النّاس وسلوكهم طرق السّماوات. لقد وقف الإمام عليّ عليه السّلام كثيرًا وهو يدعو النّاس إلى علمه، وهو يقول لهم "سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، فَواللَّهِ إِنِّي بِطُرُقِ السَّمَاءِ أَعْلَمُ مِنِّي بِطُرُقِ الْأَرْضِ".

أفضل سبل مكافحة البطالة... لماذا يجب أن نعيد النظر بشأن العمل؟
إنّ عدد سكّان الأرض قد ناهز المليارات السبعة، والقوّة العاملة فيهم تبلغ عدّة مليارات؛ لكن المتتبّع لأسواق العمالة والبطالة يلاحظ أنّ نسبة ملفتة من تلك القوّة العاملة لا تجد العمل المناسب لمعيشتها، وأنّ نسبة أخرى قد تبلغ حوالي العشرة في المئة من المجموع العام لا تجد عملًا من الأساس!

همومك تحكي من أنت
الهموم والهواجس وما يصاحبها من حيرة وقلق أمور تنشأ من طبيعة تواجدنا في هذا العالم المتحوّل والمتبدّل. جهلنا بالمستقبل وصعوبة إدراك الغيب تولّد فينا الهمّ والاهتمام. فكل قضايانا وشؤون حياتنا قابلة للتحوّل والتغير، مهما كانت الضمانات التي حصلنا عليها بشأنها. فلا أحد يمكنه أن يجزم بأنّ أوضاعه المالية ستبقى هكذا إلى نهاية العمر.

الاقتصاد الحقيقيّ: من منّا لا يحلم باقتصادٍ مزدهر يحقّق أعلى درجات الرّفاهية!
تصوّر أنّك تعيش في بلدٍ لا يهمّك فيه تحديث سيّارتك ولا تلفازك ولا هاتفك ولا أجهزتك الإلكترونيّة!وتصوّر أنّك لا تعيش همّ كلفة الطّاقة التي تحتاج إليها لاستعمال سيّارتك وأجهزة التدفئة والتبريد وما لا يحصى من الآلات والوسائل!

الذكاء الاجتماعيّ بين التكيّف والنجاح... ما هي أهم قواعد الحياة الاجتماعيّة السليمة؟
للحياة الاجتماعية تأثيرات مهمّة على حياة الإنسان؛ فقد تجلب له الكثير من الفرح والسعادة أو تتسبّب له بالكثير من الآلام والعذابات. وبحسب الرؤية الإسلاميّة للوجود، فإنّ للاختيار البشريّ الدور الأكبر في تحديد النتائج والآثار. لهذا، يمكن البحث عن عوامل السعادة الاجتماعية في التعاليم الإسلاميّة واكتشاف الكثير من الحكم الرّائعة في هذا المجال.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...