
من يصنع الرأي العام العالمي
حول مسؤولياتنا الإعلامية حيال ما يجري
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب أي مجتمع نريد
لا شك بأنّ شعوب العالم إذا عرفت حقيقة ما يجري في فلسطين فسوف يواجه الكيان الغاصب مأزقًا. لقد قام هذا الكيان على إحدى أكبر الخدع في التاريخ وأقنع الغرب بمسيحيّيه وملاحدته بأنّ وجوده يمثّل مصلحة كبرى لهم. فالحكومات والأنظمة الأوروبية والأمريكية ترى في وجود إسرائيل أداةً مهمة لمنع قيام المسلمين وتشكُّل الأمّة الإسلامية الواحدة.
وقد أثبتت العقود الماضية وجود هذه القناعة على نطاقٍ واسع في جميع الأنظمة والتيارات، حيث بات هذا الكيان يمثل ركنًا أساسيًّا للحفاظ على نظام سايكس بيكو الذي قسّم المنطقة إلى دويلات لا تجد القوة سوى في التبعية للقوى العظمى. لذلك طالما أنّ الشعوب الأوروبية الأمريكية ترى في الإسلام خطرًا على نمط عيشها الذي يقوم على نهب الشعوب وسرقة ثرواتها واستعمارها، فإنّها ستقف بقوة داعمة للكيان الصهيوني.
بيد أنّنا نجد تيّارًا عامًّا في الغرب لا يؤيد العنصرية والمجازر والاحتلال والقمع، في الوقت الذي لا يربط دومًا بين الإسلام وما قيل لهم عن تهديده لحضارتهم؛ وقد نتمكن من التأثير على هذا التيار ليصبح قوة ضغط على الحكومات والأنظمة.
إنّ حساسية الإسرائيلي تجاه نشاط هذا التيار بارزة جدًّا لأي مراقب، فتراه مستعدًّا لإرسال موساده لقتل اليهود في أي منطقة في العالم، مستخدمًا هذا العمل الإرهابي لإحراج هذا التيار وحشره في الزاوية، مثلما حصل في فرنسا في حادثة قتل بعض اليهود عام 1980 في شارع كوبرنيك، حيث اكتشفت المخابرات الفرنسية فاعليها آنذاك وأعلن وزير داخليتها مسؤولية دولة قريبة من قبرص عن هذه الحادثة ولكن دون تسميتها، أو حادثة محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن التي اتُخذت ذريعة لاجتياح لبنان، أو حوادث الاعتداء على مقابر اليهود في بعض الدول الأوروبية أو إغراق سفن مهاجرين يهود يتجهون إلى فلسطين.
يبذل الإسرائيليون الكثير من الأموال والجهود لحماية تلك الخدعة التي تؤمّن لهم تغطية مثالية لارتكاب كل أنواع جرائم الحرب؛ وتتعاضد معهم معظم وسائل الإعلام العالمية والمحلية في الغرب. التفوق الإعلامي هائل ووفق حسابات القوة والانتشار يكون الفوز مستحيلًا. لا مجال لتغيير الرأي العام في الغرب مهما كانت الحقيقة واضحة بالنسبة لنا!
في المقابل يندفع إعلاميونا وحتى شعوبنا لمخاطبة هذا الغرب والعالم كلما أُتيحت لهم الفرصة لذلك، من أجل أن يطلعوا على ما يجري ويدركوا الحقيقة. يوجد شعور قوي يدفعنا لنوجه الكلام إلى شعوب العالم وحكوماته. نتصور أن تغيير رأيهم العام يمكن أن يتحقق يومًا. هذا أمرٌ جيد بالنسبة لأي إعلامي حتى يكون خطابه عالميًّا وتغطيته مفهومة وواضحة لأكبر عدد ممكن من سكان الكرة الأرضية؛ لكن هل يمكن التفوُّق على القدرة الإعلامية للكيان والغرب، خصوصًا مع وجود كل تلك التعبئة النفسية والفكرية ضد المسلمين والتي ترجع إلى أكثر من ألف سنة؟
لن نتحدث هنا عن الخُطط والأساليب التي يُفترض اعتمادها من أجل إيصال رسالتنا إلى الآخر الغربي، بل نريد أن نُشير إلى خطورة التشبُّث بشيء اسمه شعوب غربية أو رأي عام عالمي والاعتقاد بأنّ ذلك الرأي العام سيكون حاسمًا في معركتنا الكبرى هذه.
إنّ فكرة الشعوب هنا ليست سوى وهم، والكثرة في العدد والعدّة ليست سوى اختبار. كل هذه الشعوب وإمكاناتها وعديدها ووسائلها وأبواقها لا تقدر على فعل شيء في جوهر الصراع ومآلاته. نحن الذين كنا وسنبقى من يحدد مصيره بيدنا. لم يستعمرنا الغرب لأنّه قوي بل لأننا كنا ضعفاء وممزقين، ولا يستمر الغرب بانتهاك حرماتنا وسحل جرحانا وأسر أطفالنا ونسائنا إلا لأننا مشتتين ضائعين. وحين ينهض المسلمون ويتجهون نحو الأمة الواحدة ستبدأ المعادلات بالتبدل وسيلقى الغرب بكل قدراته الإعلامية الهائلة أكبر نكبة عرفها في تاريخه وسيتجلى معنى قوله تعالى: {إنّ الباطل كان زهوقا}.[1]
رغم أهمية وضرورة التخطيط الإعلامي والتوجُّه إلى الآخر وبذل كل جهد لإيصال المظلومية وفضح الأكاذيب وكشف الجرائم، إلا إنّ الذي سيحسم الصراع الإعلامي ويُتم الكلمة هو الله تعالى. وحين نحصر الأمر بالله، فذلك لأجل أن نقول إنّ هذا الانتصار سيكون خارج جميع الحسابات والمعادلات التي نعرفها ونعتمدها، وإلا فإن كل ما يجري هو ضمن مشيئته.
حين نقول إنّ الله تعالى سيُبدل الرأي العام، فهذا يعني أنّ هذا التبدُّل سيكون وفق السُّنن الإلهية التي منها {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ}.[2] فوصول كلمتنا ومظلوميتنا وقضيتنا إلى شعوب العالم لن يتحقق إلا بعد أن ننجح كأمة واحدة، وهذا ما يستلزم أن تكون أولوية إعلامنا حول هذا الأمر.
[1]. سورة الإسراء، الآية 86.
[2]. سورة الرعد، الآية 11.

على طريق بناء المجتمع التقدمي
المجتمع التقدّمي هو المجتمع الذي يتحرّك أبناؤه نحو قمم المجد والفضيلة والكمال.المجتمع التقدمي هو التعبير الأمثل عن استجابة الناس لدعوة الأنبياء الذين أرادوا أن يخرجوا البشرية من مستنقع الرذيلة والحيوانية والعبثية لإيصالها إلى أعلى مراتب الإنسانية والنور..فما هي سبل إقامة هذا المجتمع؟وما هي العقبات التي تقف في طريق تحقّقه؟ على طريق بناء المجتمع التقدّمي الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14.5*21عدد الصفحات: 376الطبعة الأولى، 2019Isbn: 978-614-474-081-1السعر: 14$

الدور الأكبر للإعلام الملتزم.. نحو تأسيس أصول الإعلام الذكي
إن مزجنا كل وسائل الإعلام في العالم وأخذنا عصارتها، فسوف تكون عبارة عن بث اليأس والإحباط في نفوس مخاطبيها أينما كانوا. حتى تلك الوسائل التي تضع بث الأمل في صلب برامجها، إن لم تتمكن من تفسير الواقع تفسيرًا صحيحًا، واعتمدت على بث الأمل الخيالي، فلن تحقق أهدافها تلك. الأمل الحقيقي ينبع من المزج بين الواقع والخيال، حيث ننطلق من فهم الواقع الحاضر لرسم معالم الواقع المنشود.

إنّها معركة الإعلام يا ذكي! في الإعلام المواجهة الحقيقية بين القيم
اكتشف لبنانيون أنّ كل تلك الشتائم والسباب الموجه لشخصيات لبنانية يعتزون بها ـ والتي تعمدت محطات إعلامية بثها وتضخيمها ـ كانت تهدف إلى تصوير الحراك بعيدًا عن تيار المقاومة التقليدي المعروف. وقد نجح هذا الإعلام فعلًا في جعل مؤيدي المقاومة ينظرون بتوجس وشيء من الاشمئزاز إلى كل من يشارك في هذا الحراك. فلا شيء عند هؤلاء يمكن أن يبرر كيل الشتائم سوى أنّها في سياق أجندة معادية، حيث كل أصابع الاتّهام كانت موجهة إلى أمريكا طبعًا. والمضحك في ذلك الإعلام أنّه، ولكي يستهزئ بهذه المقولة، عمد إلى جعلها شعارًا وحيدًا للمتوجسين، وهو القول بأنّ الناشطين "الثوار" يقبضون من السفارة الأمريكية.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...