
السلاح الاستراتيجي الذي سيغيّر مصير شعوبنا
وما هي الطريقة لصناعته
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب على طريق بناء المجتمع التقدّمي
قال الإمام الخميني(قده): "لو اجتمع المسلمون وألقى كلُّ واحدٍ منهم سطلًا من الماء على إسرائيل لجرفتها السيول".
إليكم هذه الحقيقة التي يُنكرها البعض ويجهلها الكثيرون: "مجتمعات المقاومة الرافضة للاستكبار الأمريكي لا تستخدم في مقاومتها لمشروعه أكثر من واحد بالمئة من طاقاتها (1%)". وقد استخدمت هذا الرقم لتقريب المسألة إلى الأذهان انطلاقًا من مراقبتي المستديمة وتجاربي العديدة على مدى أكثر من أربعين سنة (لا يوجد آليات مُتاحة لاكتشاف النسبة الواقعية حتى الآن).
أمّا ما نُشاهده في الحروب والمواجهات الكبرى ـ وهي قليلة الحدوث ومحدودة الزَّمن ـ فإنّه وإن كان يُظهر جهدًا وجهادًا عظيمًا تقوم به ثلّة مضحية متفانية، وتكون قلوب الجماهير الباقية لاهجة بالدعاء وهي ترجو نصر الله القريب، لكنّه يبقى جهد نسبةٍ قليلة من الطاقات الموجودة عند الجماهير والأمّة والمجتمع الرافض والمقاوم.
فجهاد الأمّة حين المحن الكبرى والحروب الوجودية لم يكن يستقطب من طاقات أبنائها المؤيّدين للمقاومة سوى نسبة ضئيلة جدًّا، كما شاهدنا ونشاهد (هذا رَغم مشاهدتنا للاستعداد والاندفاع والرغبة العارمة عند الأكثرية للبذل والعطاء الكامل أثناء الحروب). ولكن المجتمع لن يقدر على تسخير كل طاقاته في أزمنة الحرب ما لم يكن قد أعد العدة اللازمة لذلك في أزمنة السلم والرخاء. يشبه هذا حال أي مجتمع أو فرد يريد أن يهيئ المؤن اللازمة لأوقات القحط والأزمات. فما لم يكن قد استفاد من الربيع للزراعة، فلن يحصد ما يكفيه للشتاء في الصيف.
المجتمع المقاوم هو الذي يكون جميع أفراده في أزمنة الرخاء والهدنة متوجهين بالكامل إلى وقت المواجهة الكبرى مع العدو المتربص والمحتل، حيث يعمل الجميع (أو الأكثرية) على الإعداد والاستعداد لهذه الأيام بكل ما يمكنهم من طاقة وجهد؛ فإن لم يحصل مثل هذا التوجه، فهذا المجتمع لن يكون مجتمعًا مقاومًا بالحقيقة، وسوف يقع كل الجهد والعناء على فئة قليلة منه حين اشتعال الحروب.
يجب البحث عن أسباب عدم التوجه العام في فترات الرخاء والهدنة، إن كنّا نريد لهذا المجتمع أن ينخرط بكله وقت الاستحقاق الكبير.
المجتمع الذي لا يعد العدة اللازمة للمواجهات الكبرى والحروب الوجودية سيعجز عن ذلك في حال اندلاعها ونشوبها، فيتحول قسمٌ كبير من أبنائه وطاقاتهم أيضًا إلى ما يُشبه العبء على المقاتلين (ليس فقط من ناحية المستلزمات الحساسة للصمود والبقاء، بل فيما يتعلق بالحفاظ على الروح المعنوية اللازمة لبقاء إرادة القتال). وهكذا، وبدل أن يسخّر طاقاته الأساسية للمعركة والحرب، تتعرض طاقاته هذه إلى تلقي أكبر الضربات والخسائر، الأمر الذي يزيد من الوهن والضعف.
بعض المجتمعات قد تهيئ وتعدّ جزءًا بسيطًا من طاقاتها لهذه المواجهة، ثم إذا ما وقعت هذه المواجهة المباشرة، نجد ما تبقّى من أجزاء يلعب دورًا في إضعاف الباقين. ولطالما اكتشفت مثل هذه المجتمعات هذا الخطأ الفادح، ولكن بعد فوات الأوان. إنّها المجتمعات التي لا تعمل ذهنيتها إلا بالتجربة ولا تتلقى دروس الحياة إلا بالتجارب؛ ومثل هذه المجتمعات قد لا تجد بعد ذلك فرصة لإصلاح خطئها.
إن أردنا أن نحدد أهم أسباب عجز هذه المجتمعات عن توجيه جلّ طاقاتها بهذا الاتجاه أو ذاك، فهذا يرجع بالدرجة الأولى إلى عدم وجود توافق وإجماع على هذا الاستحقاق بين أفراد الطبقة الحاكمة والمسؤولة عن إدارة شؤون المجتمع. لن تجد مجتمعًا يعيش مثل هذا التذبذب في الأولويات والتوجهات إلا نتيجة الانقسام والاختلاف بين مسؤوليه ومدرائه. وهذا ما ينقلنا إلى ضرورة البحث عن الطريقة التي يمكن أن تحقق لنا مثل هذا الإجماع، إجماع لا يكون ذا أهمية كبرى وقت الحرب. فإذا تحقق فعلينا أن نتوقع حصول تعبئة عامة لا مثيل لها للطاقات التي ستصنع انتصارات يعقبها انتقال المجتمع من حالة الدفاع إلى الهجوم.
السؤال الأكبر الذي يدور حول ماهية هذه الطريقة يفتح الباب لنا أمام اكتشاف السلاح الاستراتيجي الأول في أي مجتمع يريد أن يحقق المجد والازدهار.
فما هي الطريقة التي يمكن أن تحقق لنا هذا الإجماع في الرأي بين النخبة والخواص والمسؤولين والكوادر؟
ولأنّ الأمر مرتبطٌ بعالم الذهن والفكر والعقيدة والإيمان، فإنّ هذه الطريقة ينبغي أن تقوم على تأمين أعلى قدرة في الإقناع. إنّ أمرنا هذا يرتبط بهذا النوع من القضايا الشديدة التعقيد، حيث يكون تأمين إجماع عليها غاية في الصعوبة، صعوبة تأتي على رأس المشاكل التي يواجهها القادة الكبار.
إنّ توجيه طاقات المسؤولين نحو عملية التعبئة الشاملة للطاقات العامة من أجل المواجهة الكبرى ليس بالأمر الهين في أزمنة السلام. بعض هؤلاء المسؤولين لا يكون مقتنعًا من الأساس بأنّ هذا عدوٌّ متربص، بل تراه يعمل ويأمل ألّا يكون هناك عدوٌّ من خلال تجاهل ذكره والإشارة إليه! وقسمٌ آخر من هؤلاء المسؤولين قد لا يرغب بأن يأتي ذلك اليوم الذي يضطر فيه إلى مواجهة مثل هذا الاستحقاق الوجودي؛ ولذلك فقد يجتنب أي نوع من التخطيط والبحث بشأنه. وهناك من يأنف من ذكر الحروب ومتطلباتها ومخاطرها وآثارها لأنه مزعجٌ للناس وهو لا يحب إزعاج من يمكن أن يصوت له في الانتخابات. أما القسم المتبقي من هؤلاء فإنّه وإن اقتنع بأهمية الإعداد والاستعداد للحروب والمواجهات المصيرية، فقد لا يمتلك أي فكرة عن كيفية القيام بذلك. وهكذا يضع أمر التخطيط لهذه المهمّة على عاتق مجموعة محدودة جدًّا من المسؤولين في غمرة انشغالاتهم المرتبطة بتخصصاتهم العسكرية والأمنية.
كان الإمام الخميني يدعو ويحث على إنشاء جيش العشرين مليون جندي؛ وها نحن وبعد مرور أكثر من أربعة عقود على دعوته هذه، نتساءل: أين أصبح هذا المشروع؟ رغم أنّ معظم هذه الفترة التي انقضت كانت فترة رخاء وسلام.
مع وجود مثل هذا الاختلاف بين مسؤولي مجتمعات المقاومة، إلا إنّ إقناعهم لا يُعد أمرًا مستحيلًا. وهذا ما يُعيدنا مرّةً أخرى إلى البحث عن طريقة تحقيق هذا الإقناع.
إذا ما استطاعت مجتمعاتنا أن تبذل عشرين بالمئة من طاقتها في حروب المواجهات الكبرى، ربما لن تحتاج إلى حروب من الأساس. وقد تكون العشرة بالمئة كفيلة بتحقيق انتصار ساحق. لا أتصور مسؤولًا واحدًا لا يوافق على هذه الفكرة.
وهنا سوف أطرح حلًّا وطريقة قد تبدو للوهلة الأولى غاية في السذاجة؛ لكنّني اعتقد أنّ من يفكر معي بتأنٍّ وبعمق سيجد أنّه طريقتنا الوحيدة لتحقيق هذا الإجماع والانسجام، حتى مع الإقرار بوجود صعوبة بالغة في تأمينها. الصعوبة تصبح سهولة بعد الاتفاق والإجماع على الطريقة نفسها! (الإجماع على الحل يجعل الصعب سهلًا).
لقد تمكّن بعض الناس في عالمنا اليوم من تطوير وسائل إقناع لم تعرف البشرية مثيلًا لها من قبل؛ وهي الوسيلة التي نعرفها اليوم تحت عنوان الدراما (أفلام ومسلسلات تعرض قصصًا ذات حبكات ترتبط بواقع البشر وحياتهم وشؤونهم). وإنّ من يشاهد بعض الأعمال الدرامية الناجحة التي تتعرض لقضايا ذات أهمية بالغة، يُدرك تمامًا مدى قدرة الدراما على الإقناع بأي فكرة مهما كانت معقّدة وعميقة.. أجل، إنّ التأثير المستديم ونفي المؤثرات المضادة هو جزءٌ مهم من الأعمال الدرامية أيضًا. لكنّ الدراما هي الوسيلة الأكثر فعالية لعرض الأفكار المعقّدة العميقة المتشعبة نظرًا لقدرتها على تقريبها إلى الأذهان والمشاعر من خلال تجسيدها في الواقع الإنساني الافتراضي. وهذا ما لا يحققه الكتاب الفكري النظري رغم أهميته، وإن كان الكتاب بحد ذاته مقدمة ضرورية لصناعة الدراما.
إنّ الكشف عن هذا الاختلاف والتراخي والغفلة التي تكون سارية في الطبقة المسؤولة والمديرة في أي مجتمع، من شأنه أن يخلق عناصر ضغط هائلة على هذه الطبقة من جميع الجهات، وذلك نظرًا لما يُحدثه الوعي بهذا الاختلاف والغفلة من تأثيرٍ كبير في ضمائر الجماهير والمسؤولين معًا. ومثل هذا الكشف لعله لا يتيسر إلا في الأعمال الدرامية. كما إنّ الكشف عن الأخطاء والقصور وقلة الانتباه وسوء الإدارة عند هذه الطبقة يعين أفرادها على رؤية أنفسهم بمرآة لا يمكن لأحد أن يصنعها لهم إلا بواسطة الدراما.
وإن الكشف عن تساهل معظم أبناء المجتمع تجاه عملية تحقيق المجتمع المقاوم وغفلتهم عن هذه القضية المصيرية يمكن أن يتم من خلال الأعمال الدرامية أيضًا؛ هذا، مع ما سيحدثه هذا الوعي من هزات عميقة في وجدان الناس وما ينجم عنه من تحول نوعي في توجهاتهم.
ولكن لما كانت مثل هذه الدراما غائبة إلى حدٍّ كبير عن ساحاتنا، فهي أمرٌ يُعد غاية في الصعوبة، كما إنّ مقدماتها غير متوفرة في الوقت الحالي.. لكن في حال آمن أصحاب القرار والمال بهذا الأمر فإنّ تأمين مثل هذا السلاح الاستراتيجي يصبح مسألة وقت فقط. فانظروا يا أعزائي وابحثوا عن مراحل الوصول إليه وصناعته حتى تعرفوا كيفية تحقيقه.

على طريق بناء المجتمع التقدمي
المجتمع التقدّمي هو المجتمع الذي يتحرّك أبناؤه نحو قمم المجد والفضيلة والكمال.المجتمع التقدمي هو التعبير الأمثل عن استجابة الناس لدعوة الأنبياء الذين أرادوا أن يخرجوا البشرية من مستنقع الرذيلة والحيوانية والعبثية لإيصالها إلى أعلى مراتب الإنسانية والنور..فما هي سبل إقامة هذا المجتمع؟وما هي العقبات التي تقف في طريق تحقّقه؟ على طريق بناء المجتمع التقدّمي الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14.5*21عدد الصفحات: 376الطبعة الأولى، 2019Isbn: 978-614-474-081-1السعر: 14$

كيف أصبح كاتبًا ناجحًا؟
حين تفكّر أن تكون كاتبًا استحضر في ذهنك أنّك قد تشارك في أعظم مهمّة لصناعة المجتمع، وتقدُّمه وتغيير النفوس وتطوير الحياة. فالكلمة هي مصنع الإنسانية.وبالكلمة بلغت كل هذه الآفاق.ومهمّة هذا الكتاب، بالإضافة إلى تشجيعك على سلوك هذا الدّرب الجميل، هي تعريفك على أسرار الكتابة النّاجحة. كيف أصبح كاتبًا ناحجًا؟ الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 144 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

الحق الأعلى في الجمال.. أين هي مكامن القصة الساحرة؟
إنّ الاهتداء إلى الحق والجمال الواقعي غير ممكن إلا بمعرفة الباطل والقبح. "إنما تُعرف الأشياء بأضدادها"، مقولة دقيقة تبقى إلى أبد الدهر.

هل ستزول هوليوود عمّا قريب.. فلنغتنم هذه الفرصة قبل فوات الأوان
الشاشة هي المصدر الأول للأفكار التي تصل إلى عقول البشر. والدراما هي الأسلوب الأقوى تأثيرًا في عالم الشاشة. وحيث إنّ هوليوود كانت وما زالت تستحوذ على النسبة الأكبر من الإنتاج الدرامي العالمي، فقد كان لمنطقها وثقافتها الهيمنة والغلبة على عالم الأفكار والتوجُّهات.

إبطال سحر هوليوود، ممكن أم مستحيل؟
إنّ قوّة هوليوود ليست في هذه المؤثرات والإنتاجات الضخمة، بل في الأفكار الكامنة فيها. لذا، فلو أردنا أن نبطل سحر هوليوود، فإنّنا لا نحتاج إلى هذا الكم وهذا النوع من الإنتاج، بل نحتاج إلى ذلك الإنتاج النوعي المرتبط بالمضمون والفكرة. كيف يمكننا تحقيق ذلك؟

لماذا يجب التركيز على الدراما.. نحو امتلاك أهم قوة تأثير في العالم
يتفاعل البشر كثيرًا مع الأفكار والأطروحات وأي حديث يرتبط بواقعهم، والسبب يكمن في الأسرار والألغاز التي لا تزال تشغل هذا الواقع وتنبعث منه.. يريد كل واحد منّا أن يفهم واقعه لكي يتحكم به؛ فلا شيء يُقلق الإنسان مثل أن يكون ريشة في مهب رياح حوادث الحياة.

فكر جيدًا كيف تجذبهم؟ الدرس الرابع من الدورة الأولى في أسرار الكتابة الناجحة
بما أنّ عنصر التشويق هو عنصرٌ أساسي في الأعمال الأدبية وخصوصًا في القصص والروايات، فلا بد للكاتب أن يراعي هذا الشرط دائمًا ويعمل على تحقيقه.

أيّها الكاتب إليك هذا السؤال.. الدرس السادس من الدورة الأولى في أسرار الكتابة الناجحة
من القضايا التي تجذب الناس كثيرًا بسبب بحثهم عن قوانينها والحكمة فيها وأسرارها هي قضية الحب.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...