
عن الحب وتمييزه عن النزوة
لماذا تفشل الزيجات التي تبدأ بالحب؟
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب الزواج في مدرسة الإيمان
وكتاب شركاء الحياة
{وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}[1]
أليس ملفتًا أنّه مع شدّة الاهتمام بالحب كشرطٍ للزواج ما زال معدل الطلاق يرتفع باضطراد؟ المجتمعات التي تؤكّد ثقافتها على أنّ انبعاث الحب بين الطرفين شرطٌ للزواج الناجح أو الإقدام على مثل هذه الخطوة المصيرية، وأنّ الحب هو أهم علامة على وجود الانسجام، هذه المجتمعات ما زالت تسجل كل يوم أعلى معدلات في الطلاق؛ أليس في الأمر غرابة؟
حسنًا، سيكون الأمر غريبًا إن لم نفهم حقيقة الحب وموقعه في الحياة الزوجية. لكن ما يهمنا هو ألّا تستمر هذه المعاناة بسبب الجهل بحقيقة ما يجري. فالحب أو المودة التي جعلها الله من أهم ثمار تلاقي المرأة والرجل في رباط الزوجية تُعد أمرًا رائعًا قد لا يمكن تحمُّل مسؤوليات الزواج وأعبائه من دونها.
بالمودة تستحكم أواصر العلاقة ويتمكن الزوجان من اجتناب الكثير من التعقيدات الناشئة عن اختلاف الطبائع والنفوس. وبالحب تصبح الحياة ذات معنى، ويتمكن الأزواج من خوض غمارها بقوة وحيوية واندفاع. لكن، ألا يجب أن نسأل أنفسنا عما هو الحب، خصوصًا إذا عرفنا أنّ هناك شيئًا يشبهه تمامًا لكنه أبعد ما يكون عن الحب؟! وبالطبع حزرتم الجواب. إنّه الميل الجنسي والشهوة والنزوة؛ أمور تشبه الحب في لهيبها ولكنّها محض أنانية وتعلُّق.
إذا كان للحب من تعريفٍ يقرّبه إلى الأذهان، فهو عبارة عن ذلك الاستعداد للتضحية من أجل سعادة المحبوب. هنا تختفي كل أشكال الشهوة والاحتياج والتعلُّق وراء النظر للمحبوب بدل النظر للأنا. هنا تصبح راحة المحبوب ومتعته ونجاحه وإسعاده أهم من كل شيء. ومن هذا الحب تتفرع كل الأمور والشروط والخصائص التي تمنح الزواج كل ما يحتاجه ليكون متينًا ثابتًا لا تزلزله عواصف الاختلافات والتناقضات. وبهذا الحب يعبر الزوجان كل عوائق الحياة ليوصلا حبهما إلى الله ويحشر كلٌّ منهما مع المتحابين في الله الذين يغبطهم النبيون والصدّيقون!
الخطأ إذاً لا يقع على عاتق الحب، بل على جهلنا به وعدم تمييزه عن نقيضه الذي يشبهه ببعض الآثار والعلامات.
دقات القلب المتسارعة ليست بالضرورة حبًّا، بل قد تكون نتيجة اندفاع الدم في الأوردة جرّاء الاحتياج المُبرم، أو المفاجأة أو الصدمة. ولا شك بأنّ الحب يحرك كل الدورة الدموية بسرعة تؤدي إلى التخلص من الكثير من السموم والدهون المتجمعة في الشرايين (ولهذا فإنه من أهم عوامل الشفاء). لكن من الذي يمكنه أن يُميّز بينهما؟
هذا ما نحتاج إليه لكيلا يصبح زواجنا سببًا لمحنتنا، والأسوأ من هذا لكفرنا بما هو جميل، بل أجمل ما في الحياة. انكسار القلب بسبب الحب قد يبعدنا أميالًا عن الحب. يميل المنكسرة قلوبهم في العادة إلى أن يصبحوا أكثر أنانية، لأنّهم اعتبروا أنّهم أحبوا بصدق، لكنّهم لم يلقوا سوى الخيانة من المحبوب، وأنّ الحب لا يستحق كل تلك التضحية التي قدموها.
هذا لأنكم لم تعرفوا الحب في المقام الأول. لو كان حبكم صادقًا لهداكم، ولم يسمح لمثل هذه الظنون أن تعصف بكم. الحب يجعلنا نتخلى عن المحبوب حين نعلم أنّ سعادته تكمن في هذا التخلي. لا يمكن لمن أحب أن يُصاب بانكسار القلب أبدًا. مبدأ أنّه أحب يومًا أو عاش تجربة الحب مرة واحدة قد يشبع قلبه لسنوات.
الحب الحقيقي نعمة لا تحتاج إلى مبادلتنا به من الطرف الآخر، وإن كان تمني ذلك ليس بالخطأ.
حين نحب، فهذا يعني أنّنا نجرب أجمل ما في الإنسانية التي نعيش معها طوال حياتنا. وبهذه الطريقة نتمكن من العطاء بلا حدود؛ وغالبًا ما يؤدي هذا العطاء إلى جلب الكثير من الرضا والتحوُّل والحميمية عند الطرف الآخر.
لا يندم المحبون على حبهم الصادق أبدًا، ولا يعتبرون أنّهم قدموا قلوبهم للمحبوب، لأنّ القلوب لله وبيد الله، فهو صاحبها والمتصرف بها: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِه}،[2] وما كان حب هؤلاء لغيرهم سوى نفحة من جانب الرحيم هبت على قلوبهم لتنعكس على الآخر، عسى أن يتبدل ويتغير أو يتنعم ويتدلل. حبنا للآخرين لا ينبع من ذواتنا؛ لو تُركنا وذواتنا لما نجم عنها سوى الشح والأنانية، كما قال تعالى: {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبيرًا}.[3]
فحين نحب، فهذا يعني أنّ الله بث فينا من روحه ومن محبته. وحين نكتشف أنّ زواجنا يعاني بسبب أنانيتنا فمن السهل جدًّا أن نجد الحل طالما عرفنا السبب. المشكلة تكمن في أنّنا نصر على شيء غير صحيح ونمعن في التنكُّر لحقيقة جلية واضحة. هل كل ذلك لأنّنا لم نعرف كيف نميز بين الحب والنزوة؟!
قلت نزوة، لأنّها شعور عابر؛ وإذا استمرت لوقت طويل، فهذا لأنّنا كنا طوال هذه المدة نتنكر لأصدق أحاسيسنا التي كانت تُخبرنا عن وجود خلل ما في مشاعرنا. بعض الناس يعيشون مثل هذا التنكُّر ربما لسنوات، لكنّهم لو نظروا قليلًا إلى قلوبهم لأخبرتهم الحقيقة.
في الزواج يوجد كل يوم اختبار للحب لتمييزه عن النزوة، في الوقت الذي يمكن أن يحصل إشباع للشهوة. ذلك لأنّ الزواج ليس مجرد تمتُّع جنسي دائم؛ إنها مشاركة وتواصل وسعي للتشاكل الروحي؛ وفي هذا الاشتباك تأتي تحديات الحياة لكي تساعدنا على تحقيق هذه المشاكلة والالتحام أو تكشف لنا عن عدم لياقتنا لمثل هذه التجربة الرائعة.
[1]. سورة الروم، الآية 21.
[2]. سورة الأنفال، الآية 24.
[3]. سورة النساء، الآية 128.

الزواج في مدرسة الإيمان
ما هو الحب؟ وما هو الزواج؟ وهل الحب شرط لنجاح الزواج؟ هذا ما يجيب عنه هذا الكتاب بالإضافة إلى العديد من الأسئلة الأخرى التي تفرضها الحياة في عصر الإنترنت. فلننظر إلى الزواج قبل اشتعال نيران العشق وقبل انطفاء شعلة الحب. الزواج في مدرسة الإيمان الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب:17*17غلاف ورقي: 264 صفحةالطبعة الأولى، 2016مللحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

شركاء الحياة
شركاء الحياةالحياة سفر والسفر يحتاج إلى صحبةولا معين في الحياة كالزواجفيه تتأسس شراكة فريدة لا مثيل لهايتحد معها الزوجان في كل شيءلأجل النجاح الأكبرحيث الوصول إلى مرضاة الله ونعيمه الأبديفكيف نكون خير شركاء في أجمل رحلة الكتاب: شركاء الحياةالكاتب: السيد عباس نورالدينالطبعة الأولى، 2023بيت الكاتب للطباعة والنشر الحجم: 17*17عدد الصفحات: 346ISBN: 978-614-474-102-3 سعر الكتاب: 15$ بعد الحسم 60%: 6$ يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقع النيل والفرات https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0

كيف نفسر الحب من طرف واحد؟
في الحديث أنّ رَجُلًا يَسْأَلُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) فَقَالَ: "الرَّجُلُ يَقُولُ أَوَدُّكَ، فَكَيْفَ أَعْلَمُ أَنَّهُ يَوَدُّنِي؟ فَقَالَ: امْتَحِنْ قَلْبَكَ فَإِنْ كُنْتَ تَوَدُّهُ فَإِنَّهُ يَوَدُّكَ". ولكن كيف نفسر الحب من طرف واحد؟

التجربة تبين أن الإيمان والتوافق لا يولد الحب، فما الحل؟
المؤمن عندما يقدم على الزواج فإن خياره يكون وفق معايير ايمانية، ولكن بالتجربة قد تبين أنّ الايمان والتوافق بين الزوجين قد لا يولد حبًا متبادلًا، وفي هذه الحالة قد يكون الحب من طرف واحد، أو جفاف عاطفي من الطرفين.السؤال: كيف يمكن العلاج في مثل هذه الحالة، بأن يدرك أحد الزوجين او كلاهما أن حياته الزوجية مستقرة وناجحة لكن ينقصها الحب، سواء كان الجفاف العاطفي من الطرفين ام كان الطرف الآخر يحبه ويغدق عليه بالعطف والحنان والود، الا انه لا يتأثر بهذه المشاعر بل قد ينزعج منها احيانا؟

لماذا يموت الحب في الشيخوخة؟
يقترن الحب في أذهاننا بالشباب والنضارة، ونستبعد أن يتمكن المسنون من الحب، بل إننا قد نشمئز ونستهجن اهتمامهم وإقبالهم على الحب إن فعلوا. هل لأنّ الحب في نظرنا عبارة عن أمواج الصحة وذبذبات الشهوة؟

عن محنة الحب الحتمية
نسأل مرة أخرى: لماذا يعاني أكثر العشاق أو كلهم؟ هل لا بد من معاناة في الحب، أو يمكن بسهولة تجنُّب محنة الحب هذه إن عرفنا السبيل؟

حين يتعارض الحب والزواج
تخلط المرأة بين علاقة الحب وحاجتها إلى العاطفة والزواج والاستقرار.. فتندفع وراء قلبها وحاجتها العاطفية وتجري عقدًا مع من تحب، رغم أنّه لا يكون قد وعدها بالزواج منذ البداية وكان صريحًا معها بهذا الشأن.. لكنّها لا تلبث أن تتحوّل قضية الزواج إلى القضية الأولى في علاقتها به..

عن الحب الثلاثي والرباعي.. ما هي الحقيقة الخافية؟
تحفل أدبيات العصر بالرومانسية. حتى روايات الإثارة والعنف وأفلامها يجب أن تتمحور حول قصة حب. اكتشف صانعو المحتوى في العصر الحديث موقعية الحب في الحياة البشرية أكثر من أي وقت مضى.. أفلام الحركة والإثارة لا تترك أي أثر في النفس إذا خلت من قصة حب.

كيف نصل إلى الحب الحقيقي؟
ما هي المقدمات للوصول إلى الحب الحقيقي؟ ثلاث خطوات يشرحها السيد عباس نورالدين

لماذا يحب أن نتدرّج في الحب؟
ما هي الحقيقة التي تختفي وراء هذه النصيحة ؟هل شعرت أنها اتّضحت من وراء كلام السيد عباس نورالدين؟
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...